سوالف من أيام زمان
عن العلاقة بين الكاتب والمتلقي
ميثاق على مقاس شرف النصاب
عن العرض والطلب في ميدان الكتابة
حول جمعيات المخابرات الصدامية في الدول الاسكندنافية
حول جمعيات المغتربين العراقيين...أيها العراقيون انتبهوا
الأنذال و..القراءة المختلفة للنص الواحد
المثقف والضمير

سوالف من أيام زمان *

في ربيع عام 1990 وكنت يوم ذاك والعباس أبو فاضل, في قمة الحماس الثوري, وبعدني في ريعان الصبا والشباب (   43 سنة!)  قررت التوقف عن مواصلة العمل الصحفي احتجاجا! يمكن هاي على وزن الموت حبا! ليش ولماذا اتخذت هذا القرار المو ثوري, لم أعد أذكر التفاصيل, ولكن بالتأكيد لابد وحتما, كان هناك ثمة سبب قوي , وإلا ليس من المعقول والمنطقي, أن العبد لله وبعد عشرين عاما من  العمل في مهنة البحث عن المصايب, يقرر هكذا  وفجأة, جرب, ترك العمل في المهنة الوحيدة التي يجيدها!

لماذا وليش لم يعد كل ذلك مهما اليوم, المهم, وهذا هو الأساس, طوال ما يزيد على السبعة أعوام التزمت, بكل معنى الكلمة بهذا القرار, قرار ترك العمل الصحفي, منصرفا الى عالم الثقافة والأدب! خاصة بعد أن ورطني, أو بصراحة قشمرني, واحد مثقف جدا ( شيوعي سابقا ملكي دستوري لاحقا ومن جماعة ماما أمريكا حاليا!) أن أجمع ما كنت أكتبه ومن سنوات عديدة, من سوالف وقصص....الخ, على أساس أن كتاباتي, ما كو منها, وأسلوبي متميز مو شلون ما جان, في كتابة القصص قصيرة...الخ !

ولا أدري لماذا اتقشمرت بسرعة!  ربما لان هذا المثقف جدا, كان يوم ذاك, علم من أعلام القصة, أو لان العبد لله, قشمر بالأساس ,ومن السهولة بالتالي, لمن شاء أن ياكل بعقلي, مو بس حلاوة  وإنما دولمة, صدقت السالفة ووافقت بعد قليل من التردد, على إصدار قصصي من خلال دار النشر لصاحبها صاحبي , اقصد جان صاحبي!

وصدرت ( اللاحوس) عام  1995وكنت أتوقع أن الجوائز التقديرية عربيا وعالميا, راح تنهال على يافوخي من كل حدب وصوب, وأكيد وحتما قصص اللاحوس, سوف تترجم الى جميع لغات المعمورة, وبحيث داعيكم راح بالتأكيد وبدون مناقشة يصير مشهور حتى أكثر من ...من خللي نكول...من ملعون الذكر : سلمان رشدي....ولكن؟!

كفيلكم الواحد الأحد,  لا انهالت على يافوخي الجوائز, ولا جرى ترجمة قصصي, ولا حتى   صرت بشهرة واحد حشه كدركم من وزن أحمد عدوية, وعلى العكس وجدت نفسي, طامس بالديون, بعد أن ضرب صاحبي عكرب بفلوس الدعم, من دائرة الثقافة السويدية!

ولم يتملكني هذا اللي يسموه اليأس! وقررت هذه المرة, لفرط غبائي بالتأكيد طبع مجموعتي الجديدة من القصص باللغة بالسويدية! بعد أن قشمرتني هذه المرة كاتبة روائية سويدية, أن أسلوبي الساخر في كتابة القصة باللغة السويدية, متميز ومطلوب للغاية, نظرا للفقر الذي يعانيه الأدب السويدي على هذا الصعيد, الكتابة الساخرة, وبصراحة لم أتقشمر بدون وعي هذه المرة! وإنما قررت أن أمارس دور الغشيم عامدا متعمدا, بهدف واحد ووحيد, بلكت رب العباد يرحم بحالي, وبحيث أستطيع أن اجمع جم فلس, للتخلص من ديون طبع اللاحوس وفلوس الكومبيوتر الذي اشتريته بالأقساط من صاحب صاحبي !

وصدرت (هذا الخشم السويدي) عام 1997,  وتوقعت أن داعيكم هذه المرة, راح بالتأكيد وعلى الأقل, وبدون مناقشة يفوز بجائزة نوبل, خاصة وأن أسلوبي متميز ...الخ وفقا للأخت الروائية وأكيد أن ذلك سيكون حتما وقطعا, موضع اهتمام الجهة المشرفة, على توزيع هذه الجائزة, أكاديمية العلوم السويدية!

- كولي هاي شنو سالفة هذا الخشم السويدي, اللي جنابك الزفر امصدرها , سليمه اللي أطمك , وموت اللي كرفك يا.. اغبر!*

هذا النقد الموضوعي والبناء للغاية, جاءني على شكل رسالة مسجلة عبر التلفون, ولان داعيكم أنسان – عفوا أقصد واحد!- مثقف طول بعرض مع صلعه ونظارة, توجهت للشرطة بشريط التسجيل, وأسم الناقد الموضوعي, بعد أن تم تشخيص صوت الافندي من قبل العديد من معارفه, مع ذكر عنوانه ( وكان يعمل بالمناسبة في عربانة لبيع النقانق مقابل بناية مركز الشرطة!) طالبا ليس التحقيق مع الأخ, بتهمة التهديد أو حتى الإزعاج ...وإنما معرفة ما يقصده بالتحديد من حكاية (موت اللي يكرفك... يا اغبر) !

- والعباس أبو فاضل, هذا مو صوتي! ظل الناقد ( الجبان) أقصد الرعديد, يردد وهو يكاد يبكي على روحه ( هاي جديدة يبكي على روحه مو؟! )! 

- شكرا مع السلامة, عقبت الشرطية الحلوة, وانتهى الموضوع, على صعيد قانون الحلوين , ولم يكن هناك مفر من اللجوء الى حكم القضاء الشعبي العادل!

و..ما أطولها عليكم! حصرت الناقد ذات ليلة جوه الدرج! وأقسم بكل الكائنات, أن أبن أبو البقلاوة, وما أن شاهدني حتى بال على روحه, ويمكن سوه تلك الجبيره هي الأخرى, وأعترف مسرعا على من حرضه, حتى فبل أن اجفته راجدي, أو انطيه دفره على تلك الممنوع ذكرها, حرصا على الزوق العام, هذا في حال أن هذا الزلمة, كان عنده من هاي الممنوع ذكرها حرصا على الذوق العام!         

اكتشفت أن من حرض أبو بوله, واحد يمارس تعهير الكتابة بين الحين والأخر, مستغلا التشابه بين اسمه واسم كاتب فلسطيني معروف, مات من الغم بعد أن علم بحكاية تشابه الأسماء, والأخر يتمنى الجميع أن يمد الله بعمره في العلن, وفي السر أشياء أخرى!  والزوج ( يعني الاثنان أو الاثنين) تربطهما صلة وثيقة جدا (وكلش ومو شلون ما جان) مع أبو البقابيق سيد تحالف باقر الزفر المووووووووووووو سوي!

خلاصة ما أريد قوله من كل هاي الجنجلوتيه ,هذا الذي حدث ,حدث حتى قبل عودتي من جديد الى لعنة العمل الصحفي في عام 1997 , وبالتالي هذا الحقد الدفين على مصيبة الله سمير سالم داود, من قبل جرابيع صدام من جماعة الدفاع عن الوطن, لا يتعلق صدقوني, بما صار كل من هب ودب, يسميه أسلوبي الحاد في الكتابة....الخ ما أدري شنو, وإنما الأمر يعود الى حقد مخلوط بالكراهية يعود لسنوات بعيدة , وحتى قبل تلك الأيام المجيدة التي رافقت طرد ماجد عبد الرضا النذل, وصاحبه سيد تحالف الزفر, بالجلاليق من صفوف الحزب الشيوعي العراقي, قبل ما يزيد على 17 عاما.

ليش ولماذا كل هذا الحقد المخلوط بالكراهية ضد واحد حباب ووديع مثل العبد لله؟!

لمن عنده خلك, يمكن أن ينتظر لمعرفة الجواب, واللي ما عنده خلك , يمكنه مواصلة نضاله الثوري والصمود, بثبات أمام قناة الجزيرة !

سمير سالم داود

www.alhakeka.org

* في سياق البحث, عن ما يناسب إعادة نشره من موادي القديمة, في إطار نافذة الجديد من الدفاتر العتيكة, عثرت على هذا التعليق والعديد من المواد الأخرى, التي لا أدري لماذا لم تأخذ طريقها للنشر أساسا, وبالتالي خطيه ( هذه المواد) من حقها المشروع ( كتابيا!) أن تطل بدورها على القارئ بعد سنوات عديدة من الانتظار!

** من أجل الضحك والتسلية قبل النوم, سوف أعمل على ضمان, توفير الفرصة, أمام من يشاء, سماع هذا النقد البناء والموضوعي بصوت هذا الناقد أبو بولة, والذي كنت صدقا, أجهل تماما منوا جنابه الزفر, قبل هذه الواقعة التاريخية!



Go back to TOP

عن العلاقة بين الكاتب والمتلقي

حين يخوض المرء غمار الكتابة السياسية ( السياسية تحديد وليس الكتابة بشكل عام) يفترض , وهذا  واجب وليس مستحب! أن يعرف المرء سلفا الجواب على العديد من التساؤلات, المهمة للغاية : لماذا يكتب؟ وعن ماذا يكتب ؟ وشلون يكتب؟ ولمن يكتب؟ وأين ينشر ما يكتب؟

لماذا يكتب؟ وعن ماذا يكتب ؟ وشلون يكتب؟ تلك سالفة متروك 100%  تقديرها لوعي الكاتب, وقناعاته الفكرية ومواقفه السياسية, وطريقته الخاصة بالتعبير على صعيد الأسلوب, وقبل هذا وذاك على الدور الذي يمارسه الضمير ( أخلاقيا) في تحديد طبيعة ومدى انحيازه للحقيقة.

ولمن يكتب؟  تلك بدورها قضية تخضع لمستوى وعي الكاتب, ومدى حرصه حقا, على إيصال ما يريد من مواقف, الى المتلقي, باعتبار أن ذلك هو الهدف الأساس للكتابة السياسية, إلا إذا كان الهدف مخاطبة النخبة, وبحيث يكفي الحديث عن شكسبير أو أيراد بعض النصوص الجنجلوتية, لتأكيد ليس فقط على صواب مواقف الكاتب السياسية, وإنما باعتباره واحد تحفه وما كو منه بين الأنس وبين الجان!    

مهمة معرفة الرد وبشكل صحيح على هذه التساؤلات , وتحديدا وخصوصا, ما يتعلق بالعلاقة مع المتلقي, تختلف جذريا بين حثالات وجرابيع صدام وزعاطيط الانترنيت, وبين من اختاروا وعملوا وعن قناعة راسخة ضد كل وساخات وعفن ثقافة العفالقة الهمج, وليس هناك, ونتحدث تحديدا عن الكتابة في الميدان السياسي, ثمة موقف لمن يمكن أن يدعي أو يزعم إمكانية الحياد ...الخ ترهات حلوين الجهامة من جماعة قلوبهم مع علي وسيوفهم مع أبو يزيد!   

دعونا أولا نعاين بمعنى نشوف, شلون وكيف يتعامل جرابيع صدام وصبيان الانترنيت مع المتلقي من زوار المواقع العراقية على شبكة الانترنيت؟!

هولاء الجرابيع وبشكل خاص أمين سر النشر النصاب حسون الزاملي الى جانب مادونا المرادي والحنقباز وهجع وباقر الصراف ونديم علاوي وإيمان السعدان وصباح الموسوي...الخ هولاء الزربان   وعدد غير قليل من صبيان الانترنيت, يتعاملون مع المتلقي باستهانة شديدة أو في الواقع باحتقار شديد أو كما لا يبالون أساسا بوجود قارئ, أو أن القارئ واحد طلي مهمته الوحيدة عند مطالعة كتاباتهم ( الخريط) القفز فرحا والرقص جذلا, وتقديم الشكر لرب العباد الذي أمد بأعمارهم ووفر لهم متعة مطالعة سخافاتهم, التي باتت حقا تفطس من الضحك*

هولاء الجرابيع يتصورون, لفرط غباءهم أن المتلقي, واحد غشيم, بمعنى كلش غبي, وبالتالي  ليس بمقدوره التمييز بين الحقيقة والجذب, ولا يملك ما يكفي من قوة الذاكرة لكي يقارن لعبة تبديل المواقف والقناعات بين يوم وأخر, ولا حتى الدوافع الكامنة خلف ما يسطرونه من سخافات ....الخ والبعض منهم  وتحديدا من يتصورون أنفسهم كتاب وما أدري شنو, يتصور أن حماسه في نشر زواعه على شبكة الانترنيت, كما لو أكان مكرمة من جنابه الزفر, وبالتالي المطلوب من هذا القارئ الطلي أن يبادر وعلى الفور الى كتابة ما يعبر عن الامتنان والشكر لهذه المكرمة الفريدة من نوعها ....الخ

في موقع حسون الزاملي وسائر مواقع العفالقة سواء على شبكة الانترنيت أو الصحف أو فضائيات العهر العلاقة مع المتلقي تقوم وتستند على الخداع, بهدف مصادرة وعي هذا المتلقي, تحويل أتباه هذا المتلقي, تدويخ هذا المتلقي, وكل ما يجعله في النهاية, ودون أن يدري, على استعداد ذهنيا لتلقي المزيد من الجرعات والسموم الدعائية, الى أن يتحول الى مجرد طلي ضمن قطيع من المطايا الذين على استعداد وعلى مدار ساعات الليل والنهار لترديد بالروح بالدم نفديك ....يا جحش ..يا بعد الروح!

باختصار شديد على صعيد معسكر العفالقة الهمج لا توجد هناك علاقة بين الكاتب والمتلقي, العلاقة محصورة بالتالي بين (الكاتب ) الجربوع  (والناشر) النصاب الذي يلعب الدور الأساس على صعيد ضمان نشر وتوزيع خريط الجرابيع والصبيان وزواعهم وأكاذيبهم وأفلامهم وتفاهاتهم ....الخ وبالتالي المتلقي الذي يمتلك القدر المناسب من الوعي,  لا يملك وسيلة للتعبير عن موقفه ورفضه لهذا الخريط, سوى الكف عن مطالعة نتاجات هولاء الجرابيع والسعي الى كتابات تحترم عقله ومع ما ينسجم مع قناعاته ومستوى وعيه في مواقع أخرى بعيدا  عن زوراع وغائط  مادونا والحنقباز وهجع ....الخ جرابيع صدام مصبيان الانترنيت.

كل ما تقدمنا يدفعنا للتساؤل : ما هي طبيعة العلاقة بين الكاتب في الموقع النقيض لمعسكر العفالقة الهمج مع المتلقي؟ وقبل ذلك  كيف يتعامل هذا الكاتب أساسا مع النص والحديث كما أسلفنا يدور بالتحديد عن الكتابة في الميدان السياسي؟

يفترض أن الكاتب في هذا المعسكر يتعامل وبمنتهى الشفافية والاحترام مع المتلقي, لان الكتابة النقيض للعفلقية الهمجية, تخاطب العقل وليس العاطفة أو الموروث من الأفكار السائدة   أو المشاعر والخلفيات العنصرية والطائفية....الخ واحترام وعي المتلقي لاتعني بالمطلق في المقابل مغازلة المتلقي وترديد ما يريد من حلو الكلام وجميل العبارة.....الخ 

من يريد اقتحام ميدان الكتابة السياسية وخوض معمعة الصراع ضد العفالقة الهمج يفترض أن يستوعب ويقتنع أن هذا الصراع الواضح المعالم ضد مرتزقة وجرابيع صدام, لا يحتاج من وجهة نظر المتلقي, الى ما هو أكثر من الوضوح في تحديد الموقف وبدون العبث بالكلمات ما  بين : الصمت والوقوف على التل, تسخيف الصراع وتحويله الى عركة دربونة, المهادنة والدعوة الى وحدة المثقفين وعفا الله عما سلف, ..أو استخدام نعال الكلمات!  

المتلقي لا يريد سوى الوضوح والصدق في تحديد الموقف,  ولا يهمه في بداية مطالعة نص هذا الكاتب أو ذاك, التاريخ الطويل والعريض للكاتب في مضمار العمل الثقافي, ولا عدد ما يملكه من شهادات أو عدد إنجازاته في ميدان إصدار الكتب....الخ كل ذاك يأتي لاحقا, حين يبدأ المتلقي الإدمان على مطالعة نصوص هذا الكاتب أو ذاك, ولكن في البداية, تجذبه صدق العبارة ووضوح التعبير, تلك مسالة لا تحتاج الى كثير من الوعي, ما يصدر ويعبر بصدق ووضوح عن قناعة الكاتب, لابد وأن يمضي دون عناء الى عقل وضمير المتلقي, إلا إذا  المتلقي واحد زراب عفلقي بدون مخ وبلا ضمير!

هذا الصدق والوضوح هو الذي يعزز من مكانة الكاتب لدى المتلقي, وليس اللعب بالكالمات والتعكز على الماضي والتنقل بين المواقع .....الخ وهو الأساس لدوام العلاقة بين الكاتب والمتلقي ,والأمثلة على هذا الذي أريد تأكيده كثيرة ولله الحمد, وكان بودي صدقا ذكر أسماء العديد من الزملاء ممن يشاركون ودون هوادة في مواجهة جرابيع صدام , هولاء الزملاء الذين أحرص مثل الاخرين على متابعة كتاباتهم باستمرار,  ولكن سوف أذكر نموذج واحد, أقتحم ومنذ شهور قليلة فقط , منذ شهور قليلة فقط لاغير, هذا الميدان الصعب, الكتابة في الميدان السياسي, أعني زميلنا الشاب هيفار عبد الله, الذي يتمتع بوضوح مدهش وصدق المشاعر وأتابع مثل الكثيرين باعتزاز كلماته, متمنيا وبصدق, لو أن العديد من الجهابذة ممن امضوا عدة عقود في الكتابة, يمتلكون الحد الأدنى من جراءته ووضحه وصدقه في التعبير عن مواقفه في مواجهة جرابيع وصبيان الانترنيت. 

ذلك باختصار, الجانب الأول من فضاء العلاقة بين الكاتب والمتلقي, الجانب الأخر يتوقف على طبيعة تحديد واختيار الوسيلة المناسبة لضمان وصول نص الكاتب الى المتلقي.  

بالعراقي الفصيح : هل يتعامل الكاتب مع النص باعتباره كائن حي أو مجرد جثة من الكلمات وسط قبور العفالقة الأنجاس ؟!

ذلك ما يحتاج بالتأكيد الى وقفة أخرى, إلا إذا الله, بجاه الواحد الأحد, أخذ أمانته...الليلة!    

 

سمير سالم داود – 6 كانون الأول 03

* من قبيل نشر ما كتبته بربوك من كركوك ) التي راحت لكركوك وأكلت هناك المحمر والمشمر..و..الخيار التعروزي من الصنف الكوردستاني..و..بس!!




Go back to TOP

ميثاق على مقاس شرف النصاب

لماذا ميثاق شرف ؟!

والجواب ,لان هناك على ساحة المواقع العراقية على شبكة الانترنيت: مشكلة يعتقد البعض وخاصة ممن هم على شاكلة العبد لله, أن حلها بسيط للغاية ومو شلون ما جان ,في حين يعتقد البعض, أن هذه المشكلة معقدة جدا, وعويصة جدا, ولا يمكن تجاوزها بالتالي, إلا من خلال التوقيع على ميثاق شرف!

وبغض النظر عن اختلاف الموقف بين جماعة (البسيطة) وجوكة (العويصة) فأن من المطلوب أولا وقبل كل شيء, تحديد هذه المشكلة, معاينتها بالتفصيل, على صعيد الواقع, لتشخيص الخلل وبالتالي السعي, الى إيجاد الحل أو الحلول المناسبة, بالاستفادة من خبرة الماضي...الخ هذه البديهيات المعروفة, حتى لمن عنده نص مخ مثل داعيكم, ولكن ....ولكن ...للأسف بدلا من ذلك يجري العكس تماما, كما أن مجرد إقحام العزيز الغالي ( الشرف) كفيل بحل المشكلة, مشكلة من يفتقرون الى الحد الأدنى من الشرف !

يعني بالعراقي الفصيح, بدلا من تحديد موقع المشكلة, لان هناك المئات من المواقع العراقية على شبكة الانترنيت, وبدلا من مناقشة الأسباب الكامنة وراء تفاقم هذه المشكلة, وبدلا من تحديد من يتحمل المسؤولية عن وجود واستمرار هذه المشكلة, يجري من قبل جوكة (العويصة) القفز ليس على تشخيص موضع المشكل, أو الأسباب والمسؤولية وحسب,  وإنما يجري القفز بالزانة حتى على النتائج, وكل ذلك لسواد عيون الحل, والحل, اللهم صلي على النبي, لا يحتاج الى ما هو أكثر من مجرد التوقيع على ميثاق للشرف و.....بس!   

ولان داعيكم, كما تعرفون جميعا, من حزب لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب, يعني دهري مو شلون ما جان, لابد وحتما أن أتساءل وبمنتهى الفطارة: هي شنو المشكلة؟!

الجواب بالطبع يأتيك بسرعة البرق, العشرات يتطوعون ويتسابقون للعياط : شنو جنابك وين عايش ؟! أو شنو حضرتك (ما قريت) دعوة القاضي زهير عبود قبل أن تضع توقيعك ...صدك أنت واحد أثول!

ولان العبد لله فعلا واحد أثول ( أو حباب ما كو فرق!)  وكثير النسيان, أسرعت وطالعت من جديد دعوة القاضي للحجر على المواقع, ووجدت,  اللهم صلي على النبي, أن كل جاء, في سياق دعوة القاضي, في معرض تناول هذه المشكلة, يحدد موقع كتابات بالذات وبالخصوص, رغم عدم التأشير على ذلك بصريح العبارة,!

ومن يعتقد خلاف ذلك, بمقدوره الرد على سؤال غاية في البساطة والوضوح:

خارج إطار مواقع زربان صدام الكادر المرح وشبكة باقر الصراف ...الخ هذه المواقع التي تجاهر بالولاء لفارس بني العوجة الزفر صدام, ترى من هي المواقع العراقية التي يجري على صفحاتها وبشكل مباشر إثارة النعرات العنصرية والطائفية, والتحريض وتمجيد عمليات القتل والإرهاب في العراق؟! ومن هي المواقع التي تسود صفحاتها  (...شتائم وكلمات بذيئة بحق رجال الحوزة الشريفة والدعوة الى تسفيرهم  وشتم أحزابنا العراقية المناضلة  وشخصيات سياسية تهمتها أنها كانت  تعارض نظام صدام البائد....) الخ ما جاء في دعوة القاضي زهير عبود للحجر على من السفهاء وأصحاب المواقع التي...الخ*

هل هناك مثقف عراقي مناضل حقا ضد العفلقية الهمجية, لا يعرف أن كل هذه الموبقات يجري وبإصرار ممارستها في موقع كتابات الزاملي ؟! هل هناك حقا بين زوار المواقع العراقية, اعني تحديدا, ممن كان حلم حياتهم التخلص من نظام العار الصدامي, ويحذوهم الأمل اليوم لتطهير العراق من مخلفات العفلقية الهمجية, يجهلون أن كل هذه الموبقات يجري وبإصرار ممارستها فقط في موقع كتابات الزاملي ؟!

إذن أساس المشكلة تتمحور في موقع واحد, وليست مواقع, وهذا الموقع معروف للجميع ويدعى كتابات لصاحبه النصاب إياد كامل الزاملي!**

هذه المشكلة, وتحديدا استغلال النصاب الزاملي لحرية التعبير وما يسمى بحق الرأي الاخره  لتمرير كل ما يريده زربان صدام وبكل صفاقة من خلال دكان كتابات, هو الذي دعاني كفيلكم رب العباد, للصياح والصراخ والعياط بالعراقي الفصيح, من أجل لفت الانتباه الى هذه المشكلة الخطيرة قبل أن تتفاقم, وذلك حتى قبل فضيحة نشر البيان العفلقي لعلي العاني, ولكن بدلا من أن يتم الانتباه الى خطورة هذا الدور الذي يلعبه النصاب الزاملي من خلال موقع كتابات, تعرضت يوم ذاك وتالي عمري الى حملة شتائم, في الحقيقة الى حملة تنافس غريبة على الفوز بقصب السبق في شتم العبد لله من خلال استخدام أسوء عبارات الردح, طمعا بنيل استحسان السلطان الزاملي  .....الخ     

وبعد ذلك حدث ما حدث! أكتشف العشرات من الزملاء الذين كانوا ينشرون مساهماتهم بانتظام في موقع النصاب الزاملي, أعني من المعادين للعفلقية الهمجية تحديدا, اكتشفوا فجأة, ودون الإعلان عن ذلك, أن العبد لله كان على حق, عندما حذر من مخاطر العبث وتشويه حرية التعبير في موقع كتابات, وبحيث عمد العشرات من هولاء الزملاء  الى الانسحاب جماعيا بعد فضيحة نشر البيان العفلقي لعلي العاني يوم 17 تموز الأسود في الموقع ( المشكلة) وذلك بمناسبة حلول الذكرى آل 35 لسيطرة عصابة العفالقة على مقدرات العراق وشعب العراق...الخ؟!

كل ما تقدم يؤكد أن أساس المشكلة وبعيدا عن لعبة خلط الأوراق, يتعلق بالتحديد بموقع النصاب إياد الزاملي, وهذا يقود بدوره الى التساؤل :هل تعامل النصاب الزاملي مع هذه التحذيرات بجدية؟! هل تقاعس العديد من الزملاء, بمن فيهم تحديدا كاتب ميثاق الشرف, الزميل النعمان, القيام بما يستطيعون من جهد مخلص وجميل من اجل معالجة الخلل الفاضح في موقع كتابات؟! ولماذا رفض النصاب الزاملي التراجع عن مواصلة هذا العبث ,حتى بعد ترك العديد من المقفيين وفي عدادهم من يحتل مكانة متميزة في الوسط الثقافي العراقي عن إصراره بوضع موقعه لخدمة زربان صدام وزعاطيط الانترنيت؟!

كل هذه المحاولات وغيرها لمعالجة مشكلة موقع ( دنبلة) كتابات , انتهت الى الفشل الذريع,  لماذا انتهت جميع هذه المحاولات الى الفشل ومن هو المسؤول عن هذا الفشل؟! ولماذا يواصل هذا النصاب والجاهل إعلاميا وثقافيا الاستهانة وبكل صفاقة, بجميع نداءات وتوسلات العشرات من خيرة المثقفين العراقيين الداعية الى الارتقاء بعمل المواقع العراقية على شبكة الانترنيت وبشكل يجسد عمليا الدور المتميز للمثقفين والثقافة العراقية في مواجهة كل هذا العهر التعهير القومجي والظلامي السائد اليوم على ساحة الثقافة العربية؟!   

كل ذلك يتم تجاوزه, ولا يجري التوقف عنده بصريح العبارة , كما لو أن المثقف العراقي, المعادي حقا للعفلقية الهمجية, يحتاج تالي عمره الى من يدعوه الى احترام شرف الكلمة  واستيعاب أصول وقواعد النشر ؟!

هل يوجد هناك حقا مثقف عراقي, يملك قليل من الوعي, ومعادي قطعا للعفلقية الهمجية, يتصور أن مادونا المرادي وزربان صدام العديمي الضمير والشرف, سوف يتحولون الى شرفاء جدا فور صدور ميثاق شرف؟! هل يتوقع أحد أن مخ النصاب الزاملي وفور صدور ميثاق الشرف سوف يتعرض لا سامح الله ولا قدر الى تحول نوعي بحيث  يكتشف فجعأة وعلى غفلة أن جنابه كان واحد طلي يوم وضع موقعه تحت تصرف طروحات زربان صدام, وبالتالي سوف يبادر وحال صدور ميثاق الشرف, على منعهم من نشر قذارتهم لان ذلك جان غلط ولا علاقة للأمر كما كان يتصور بحرية التعبير؟!          

لماذا من المطلوب إذن مواصلة تبديد جهود عشرات المقفيين فترة أطول؟! وهل من المنطقي والمعقول وضع المزيد من العراقيل أمام حل هذه المشكلة وتحديدا من خلال خلط الأوراق والحديث عن المشكلة كما لو كانت تتعلق بمواقع وليس بالتحديد وخصوصا بموقع واحد يدعى كتابات؟! ولماذا يواصل العض من الزملاء الذين لا يساورنا أدنى شك في نواياهم النبيلة الدفاع من  وبكل هذا الحماس عن موقع بات موضع خلاف وشبهة, مثل موقع كتابات لصاحبه النصاب الزاملي؟!

وكم من الوقت يجب أن يمضي, وكم من الجهد يجب أن يبذل, قبل أن يقتنع هذا البعض من الزملاء بهذا الذي لا يمكن الخلاف بصدده ,أعني مشكلة موقع كتابات المشبوه وصاحبه النصاب, الذي يواصل وسوف يواصل, رغم كل ما حدث, وسيحدث, وضع موقعه تحت تصرف جرابيع صدام وزعاطيط الانترنيت ,وعلى مدار ساعات الليل والنهار, لان جنابه العبقري يعتقد أن ذلك هو مغزى حرية التعبير؟!

المثقف العراقي المعادي للعفلقية الهمجية , الذي يريد حقا حل مشكلة هذا الطفح الصدامي على شبكة الانترنيت , ويسعى بصدق وتجرد من أجل تنظيف المواقع العراقية من طفح حثالات صدام, لا يحتاج الى ميثاق شرف, يحتاج فقط الى قليل من الجرأة لكي يساهم بوضع حد للتخريب الذي يمارسه مرتزقة صدام من خلال موقع النصاب الزاملي!

ولنا عودة ...إنشاء الله !

سمير سالم داود – 8 كانون الأول 03

 

* والحجر لمن لا يفهم معنى الحجر, لايعني بالمطلق مصادرة حق زربان صدام وزعاطيط الانترنيت من حقهم الديمخراطي والمشروع في التعبير عن الرأي الاخره أو كتابة ما يريدون من تفاهات وحقارات وبمنتهى الحرية, ولكن هناك فقط ! في مزبلة مواقعهم المخابراتية تحت راية الزفر صدام أو عبر مستنقع قدس العطوان وقنوات العهر الفضائية.. !

** أتحمل كامل المسؤولية عن وسم إياد كامل الزاملي بكلمة النصاب بدلالات محاولته خداع المربي الفاضل عبد الإله الصائغ ودعوته الأشراف على أطروحته للدكتوراه رغم كونه (بطرك البكالوريوس) على حد تعبير البرفسور الصائغ وبالحرف الواحد وفي سياق نص أخذ طريقه للنشر على صفحات البرلمان العراقي, علما أن داعيكم يعتقد أن إياد الزاملي أكثر من مجرد نصاب, بدلالات عودته الى العراق ومواصلته الدراسة الجامعية من حيث توقف عند الحكم عليه كما يزعم بالإعدام...الخ, وأن كان من الصعب حتى ألان, معرفة الثمن الذي دفعه بعد سقوطه السياسي عندما هرب من مخيم رفحا الى أحضان النظام الصدامي وذلك بعد تعرضه الى محاولة اغتصاب داخل المخيم لولا إنقاذه من قبل بعض أبناء كربلاء الشرفاء, بالاستناد الى رسالة وصلتني من هولندا, وفيها تفاصيل كثيرة عن الزاملي خلال فترة وجوده في مخيم رفحا وبعد عودته الى بغداد وعلاقته مع المذيعة الفلسطينية الأصل وعمليات النصب التي مارسها تجاه بعض معارفه خلال فترة وجوده في عمان, وطبيعة علاقاته مع بعض الصحفيين العراقيين من مرتزقة المخابرات السورية ( جماعة المرحوم الأنصاري والإستاد أبو صفوان...)....الخ.....الخ  . 

هامش:هذا التعليق يعود الى ما قبل تسعة شهور فقط لاغير, وأعيد نشره من جديد, للتذكير فقط لاغير, بمواقف من يدعون اليوم الى ميثاق شرف...الخ من موقع النصاب بالذات وبالتحديد!    




Go back to TOP

عن العرض والطلب في ميدان الكتابة

ربما لن نأتي بجديد, إذا ما أردنا أن نشارك بالحديث, عن ظاهرة المطبوعات الصحفية, التي صارت تصدر خلال الأعوام الثلاث الأخيرة ( بالكوم), وبحيث بات لا يكاد يمر شهر – دون مبالغة- إلا وصدر مطبوع جديد أو أكثر, الى درجة صار من الصعب معها, حتى لمن كان يعمل في ميدان الصحافة, أن يحدد عدد المجلات التي تصدر أسبوعيا, أو يعرف الأهداف – المعلنة على الأقل- التي صدرت هذه المطبوعات من اجل إيصالها للقارئ العربي.

في الغالب – حتى لا نتهم بالإطلاق- المطبوع الجديد هو الأخر, يستخدم أرقى أشكال أساليب الإخراج الفني, مستعينا لتحقيق ذلك بنوعية الورق الأكثر بياضا! وبألوان الطيف الشمسي التي تتوزع صفحات هذه المطبوعات دون حساب, في وقت ترتفع فيه أسعار الورق وتكاليف الطبع ارتفاعا مذهلا يوما بعد أخر…

وكل ذلك لقاء البيع بثمن لا يكفي لسد ولو ربع التكلفة مهما بلغت أرقام التوزيع, علما أن هذا الحشد من المطبوعات, من الصعب مهما بلغ رخص سعر بيع المطبوع,أن يحقق نجاحات ملحوظة على صعيد التوزيع, نظرا لكثرة المعروض في السوق, ناهيك عن أن غالبية هذه المطبوعات التي تصدر (بفلوس) النفط في لبنان وباريس ولندن, ممنوعة من الدخول حتى الى البلدان التي تمول إصدارها!

هذا إضافة بالطبع, الى أن الموضوعات التي تتناولها هذه المطبوعات تكاد أن تكون – أو هي بالأحرى كذلك فعلا!- متشابهة الى حد بعيد, وربما الاختلاف الوحيد – أقصد الفرق!- يبرز على صعيد المقال الافتتاحي أو بعبارة أخرى وجهة نظر جهة الإصدار, وبالتالي فأن أي حديث عن الوصول الى القارئ والتأثير عليه, باعتبار ذلك أحد أهداف الصحافة أساسا, لا يشغل كثيرا اهتمام الجهات التي تمول هذه المطبوعات, وبحيث يبدو الأمر للوهلة الأولى وكان المسالة تنحصر بمجرد هواية لا إصدار مطبوعات جديدة…..ولكن؟!

الأمر ليس بهذه البساطة أبدا, وقد جرى خلال الآونة الأخيرة تناول هذه الظاهرة مفصلا من خلال الحديث عن الأهداف الكامنة وراء هذا الكم المتزايد لهذا النمط من المطبوعات, وتم بشكل خاص التوقف عند سوق العرض والطلب الذي خلقته (بركات فلوس) النفط في ميدان الصحافة, بعد أن نجحت في (جر) عدد من الصحفيين والأدباء المعروفين – التقدميين أيام زمان- الى هذه السوق ليصبحوا مجرد (بضاعة) يشتريها من يدفع أكثر! مع إغفال الإشارة الى ما هو أكثر خطورة من انزلاق هولاء الكتاب -الكبار جدا!-  وهو مسالة استسهال الكتاب الشباب للنزول الى سوق العرض والطلب, والدخول في لعبة الكتابة لمن يدفع اكثر! بدليل أن هذه المطبوعات النفطية, تجد دائما من يكتب فيها, ويمدها بالموضوعات, ووفقا للمواصفات المطلوبة, ولقاء أسعار تنسجم, وميزان العرض والطلب, في سوق هذا النوع, من صحافة النفط العربية!

 الذي أريد قوله, أن أحد أهداف هذه المطبوعات الشرك, يكمن ليس في إفساد من يمكن إفساده من الصحفيين الكبار وحسب وإنما إفساد أولئك الكتاب الذين يخطون أولى خطواتهم في ميدان الكتابة, وعبر أساليب شيطانية تقود من يرتضي (التورط ) بالكتابة في هذه المطبوعات - دون أن يدري طبعا في البداية- الى الابتعاد عن مواقعه النضالية والاهتمام بتحقيق الشهرة وجمع (المصاري) والانكفاء نحو الذات والتخطيط لتحقيق أحلام وردية تفصله عن كل القيم التي ناضل طويلا من اجلها والتي تحمل في سبيلها مصاعب كثيرة ليس اقلها الاعتقال أو التشرد بعيدا عن الوطن.

أعرف صديقا شابا بدأ ( التعاطي) مع إحدى هذه المطبوعات ( المقصود مطبوعات العسل السعودي) ...كان يعرف أنها تصدر بفضل ( فلوس) النفط ومع ذلك كان يدافع عن عمله بالحديث من أن المجلة لا تفرض عليه ما يجب أن يكتبه, وبالتالي هو حر تماما في أن يكتب ما يريد...و...(تمرير أفكارنا حتى من خلال الصحافة البرجوازية ليس حرام) الى أخر ذلك من التبريرات.

مع مرور الوقت بدأ هذا الصديق ( الصحفي الشاب) يعرف دون حاجة الى إبلاغه بذلك ما تريده المجلة أن يكتب بالتحديد...تعلم كيف أن يكتب عن أي شيء ولكن بدون موقف...مجرد كتابة عمومية قادته بعد أن بات أسير وضع معاشي وروابط اجتماعية راقية(!) الى استسهال الكتابة حتى في اشد مطبوعات دول النقط الخليجية رجعية وتخلفا!

ثمة أمر إيجابي في هذه الظاهرة السلبية وهو أن الفرز يتعمق يوما بعد أخر بين من هو على استعداد للدفاع عن الحقيقة والموت من اجل شرف الكلمة...وبين من هو على استعداد لان يجعل من نفسه مجرد حنفية تدر عليه المزيد ...والمزيد من مصاري العار النفطية!!


سمير سالم داود

مجلة الشبيبة بيروت أيار 1982



Go back to TOP

حول جمعيات المخابرات الصدامية في الدول الاسكندنافية

نطالع في هذا العدد  المزيد من التفاصيل حول النشاط الواسع والمتزايد, الذي تقوم به العناصر الموالية للنظام العراقي في الدول الاسكندنافية, تحت صيغ ووجهات مختلفة تصب في مجملها في الجهود الرامية إعادة تسويق نظام صدام بين أبناء الجالية العراقية والعربية في هذه الدول, وبصورة علنية, وصلت إلى حد الدعوة إلى اجتماع عام في أحد الفنادق الكبيرة في العاصمة الدنمركية تحت غطاء الحوار حول المصالحة الوطنية…الخ

في البدء علينا أن نعترف بأن هذه النقلة من العمل غير المباشر إلى التحرك وبصورة مكشوفة, ليست وليدة الساعة, وإنما هي حصيلة عمل تواصل بصيغ وأشكال مختلفة طوال السنوات الأخيرة, وفي أحيان كثيرة تحت سمع وبصر قوى المعارضة العراقية, التي تجاهلت هذا النشاط التخريبي, أو تعاملت معه بخفة واستهانة, إلى حد تجاهل اللقاء الذي جرى عقده بين مرتزقة النظام في الدول الاسكندنافية مع سعدون حمادي على هامش مؤتمر التنمية الدولية الذي عقد في العاصمة الدنمركية قبل عامين من الزمن, على الرغم من أن هذا اللقاء شكل في واقع الأمر ساعة الصفر, لانتقال هولاء المرتزقة من العمل غير المباشر إلى العمل بصورة علنية وخاصة في كوبنهاكن ومالمو السويدية.

لقد ظلت قوى المعارضة تتعامل مع هذه التحركات المشبوهة, من منطلق أن العراقيين في المنافي القسرية, لديهم من الوعي والتجربة المريرة مع نظام صدام وجرائمه, ما يجعلهم يمتلكون الحصانة الكافية لمواجهة أكاذيب مرتزقته في هذه الدول, والعمل على محاصرة تحركاتهم وعزلهم عن ممارسة أي تأثير في أوساط الرأي العام بين المهاجرين سواء من العراق أو من الدول العربية والإسلامية الأخرى. ولا نذيع سرا إذا ما أشرنا إلى أن العديد من قوى المعارضة - ونعني تحديدا تلك القوى التي لا ترتبط بدوائر المخابرات سواء على النطاق الدولي أو الإقليمي  - مازالت تتعامل مع العراقيين في منافيهم القسرية - أكثر من ثلاثة ملايين - من منطلق الاستفادة من إمكاناتهم المالية ودورهم في التأثير على الرأي العام في مناطق تواجدهم بما يخدم النضال لإقامة البديل الديمقراطي في العراق, دون الأخذ بعين الاعتبار  التغيرات الفكرية الناجمة عن التصادم الثقافي والاجتماعي وانعكاساته السلبية على وعيهم وعلى مدى استعدادهم وحماسهم لمواصلة دعم نضال قوى المعارضة بنفس الجدية والحماس الذي رافق هذه العملية عند بدء الكفاح من اجل تخليص العراق من عار حكم العصابة الصدامية.

 هذا المنطلق تجاهل كذلك للأسف الدور الذي يلعبه مرتزقة النظام في التأثير سلبا على مواقف المهاجرين من خلال نشر روح اليأس لتعميق الشعور بعدم جدوى مواصلة النضال ضد النظام من خلال التركيز على تفكك المعارضة والمبالغة في تصوير قدرات النظام على البقاء رغم الحصار الطويل …الخ إضافة بالطبع إلى اعتماد مختلف الوسائل والأساليب لإشاعة الفرقة بين صفوف المهاجرين من خلال إذكاء روح التعصب القومي والعشائري والطائفي واستغلال حرب العشائر  في كردستأن العراق لنشر روح العداء ضد الكورد وحقوقهم القومية المشروعة.

ومن الصعوبة بمكان تصور قدرة مرتزقة النظام على التحرك وبهذا القدر الحرية في أوساط المهاجرين لولا الدور القذر الذي تلعبه العناصر المرتدة , أعني أولئك الذين تخلوا عن شرف النضال واختاروا الانتقال إلى معسكر نظام صدام للعمل بحماس مثل المطايا كواجهة لنشاط مخابراته في المنافي القسرية ,ولمساعدة مرتزقة المخابرات في التسلل تدريجيا إلى العديد من جمعيات المهاجرين العراقيين سواء كانت نوادي اجتماعية أو دينية أو منظمات لحقوق أنسأن أو جمعيات ثقافية وديمقراطية ..الخ !! هذا بالطبع قبل أن تبادر هذه العناصر إلى الانتقال إلى العمل المكشوف في إطار نواديها وجمعياتها المستقلة وجمعية المغتربين في الدانمارك مجرد نموذج من بين نماذج غير قليلة على هذا الصعيد!

 كيف يمكن مواجهة هذا الذي يحدث بخطوات مدروسة وملموسة على الأرض؟!

 هذا يتطلب بتقديري أولا وقبل كل شيء القيام بحملة سياسية واسعة من قبل قوى المعارضة بهدف تعرية وفضح مرتزقة النظام والكشف عن نشاطاتهم وأساليب عملهم الخبيثة بين أوساط المهاجرين . ومثل هذا النشاط سوف يكتسب بالتأكيد مصداقية وفعالية اكبر إذا ما أقترن بتحرك المهاجرين على المستوى الفردي من خلال تقديم بلاغات إلى السلطات الرسمية في دول اللجوء, للمطالبة بوقف تقديم أي شكل من أشكال الدعم والمساعدات المالية لهولاء المرتزقة وجمعياتهم المخابراتية وتقديم كافة المعلومات الضرورية التي تكشف كيفية استغلال هذه المساعدات المالية لخدمة توجهات النظام الصدامي في أوساط المهاجرين, وللمطالبة في الوقت ذاته ,رصد تحركات عملاء السلطة  للحيلولة دون قيامهم بأي محاولات لتهديد حياة نشطاء المعارضة أو إعاقة عملهم لتعرية النظام الدكتاتوري في أوساط المهاجرين. كما أن الأمر يتطلب وعلى ذات القدر من الأهمية الكشف عن العناصر المرتدة ممن كانت تعمل في إطار أحزاب المعارضة, سواء تلك التي انتقلت بشكل مكشوف إلى مواقع السلطة أو تلك التي تحاول التغطية عن ارتدادها بالصراخ عن معاناة الشعب العراقي وضرورة تناسي الماضي والتعاون مع نظام صدام لتضميد جراح الوطن!

والأكثر أهمية من هذا وذاك هو ضرورة أجراء فرز حقيقي يساعد على الكشف عن العناصر المرتدة التي مازالت تواصل عملها التخريبي في إطار بعض أحزاب المعارضة وخاصة أولئك الذين تسللوا خفية إلى العراق عن طريق الأردن تحت غطاء مزاعم السفر للقاء مع عوائلهم في المناطق المحررة من كردستأن . أن عناء تدقيق المعلومات على هذا الصعيد لا يمكن مقارنتها بالأهمية القصوى الناجمة عن الكشف عن بعض الألغام التي قد - قد - يكون النظام  نجح في زرعها داخل الجسم المعارض. كما أن هذه المهمة, مهمة مواجهة مرتزقة النظام في الخارج, تتطلب أيضا تحجيم الدور الذي تلعبه بعض العناصر التي تتستر بماضيها النضالي ومكانتها الاجتماعية للتغطية عن دورها في خدمة توجهات مرتزقة النظام و بأساليب وأشكال مختلفة ليست خافية لكل من يمتلك حد أدنى من الخبرة في ميدان العمل السياسي.

سمير سالم داود

الحقيقة - العدد السابع تشرين ثاني 1998



Go back to TOP

حول جمعيات المغتربين العراقيين : أيها العراقيون انتبهوا!!

 

لم يعرف عن قاطني وادي الرافدين - منذ أن نشأت فيه الحضارة -التماس الهجرة بحثا عن مأوى جديد للعمل أو للاستزادة في الرزق...برا كأن أم بحرا . وأستمر الحال على هذا المنوال, مع شعب العراق, بعد قيام دولته الحديثة في بدايات هذا القرن. وينطوي عندي معنى الهجرة هنا , أيضا على الاغتراب للأسباب أنفة الذكر .

لذا فأن فسيفساء سكان هذي  الجغرافيا من : آشوريين وكرد وعرب واقليات أخرى, يختلفون في هذا الشأن, ربما, عن سواهم من الجيران بمقدار أو أخر! فهم مقيمون تقريبا, حيث هم على سفوح الجبال والسهول وفي ظهرا ني دجلة والفرات منذ فجر تأريخ الحضارة.

وأذ شئنا الحديث باقتراب زمني أكبر عن خصائص وطبائع المجتمع العراقي, فأن الموضوع سيأخذ حيزا يتجاوز حدود هذا المقال, وعليه فسيقتصر على تلميحات عن أجياله قريبة العهد, ولنشرع بالذين قدموا في عقود الثلاثينيات والأربعينيات وحتى الخمسينيات . هذه الأجيال نشأت في فسحة( سماحة) اجتماعية - إذا جاز التعبير - وترعرعت في لجة القضايا التي عنت المواطن والوطن وما يحيط بهما من عقد وأزمات وأحداث كبرى! ولعلي لا أتجاوز الواقع أن قلت , أن هذه الأجيال نمت في ظلال كم ونوع متميزين وزاخرين من الأساتذة والساسة الرواد الذين ميزوا تلك الأزمنة....بالسقف العالي الذي أنفتح للقامات كي تشب وتطول وتسمو...ناشرة بسماحتها ورعايتها بين صفوف الفتية والشبيبة , المتعلمة أو التي على ضفاف التعلم, ما استوعبته وتمثلته من معارف وعلوم في شتى الميادين الحياتية والمجالات المعرفية.

بعد قيام جمهورية 14 تموز 1958 بشهور قليلة دخلت القوى الوطنية في أزمة تجلت تاليا في تخلف واحتراب ثم..تلفان المشهد السياسي العام, وفي غضون سنوات اندحرت طلائعها الحرة وعم الخراب ولم يتبقى بعد عقد من ذلك

الزمن إلا صدى ذكرى الحركة الوطنية, وبقية من طيفها التي لم تكلف عقولها في البحث عن جدوى الاستمرار أو تسهم في وضع الأسئلة التي تفضي أو تفتش عن أجوبة...فكأن ما كأن!

وعودة إلى اصل الموضوع, اعني الهجرة , فأن البحث عن أساس هذه المشكلة يبدو متاحا من وجهة نظري من خلال القراءة المتأنية لكتابات العلامة الدكتور علي الوردي واستنتاجاته الرائدة فيما يختص بالشخصية المزدوجة للفرد العراقي وخاصة في سلسلة كتابه المضيء: لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث وغيرها من كتاباته القيمة والضرورية لمعرفة جوهر مأزق شخصية الفرد وتأثيرات ذلك على مجمل سلوكه في الحياة.

لقد مرت حوادث وأحداث عاصفة أدت إلى حصول تغيرات بنيوية في لحمة نسيج المجتمع العراقي, كشفت عن شطر من المكونات, بينما بقي شطر أو أكثر مخفي ومستور في ( صالة ) الانتظار! وقدر تعلق الأمر بالجزء الشارد من المجتمع إلى خارج الوطن , يبدو كما لو كأن بحاجة حركة أو محك حقيقي

لكي يتم الكشف عن الجزء المستور من المكونات وبحيث يتحول جمع غير قليل من الفارين من الجور والطغيان , من ضفة الضحايا إلى ضفة أخرى تخدم الجلاد والطاغية! فجاء دوي السقوط مسموعا مع اجتياح ومحاولة ابتلاع الكويت في آب 1990! لقد تصاعدت في حينه هستيريا هذيانية لدى قطاع واسع من ( جمهور الخارج) المأخوذ ب(فعلة) صدام وعصابته, وبدا حينها واضحا أن دواخل الأغلبية من هذا القطاع تحاول التشبه بصدام...تقترب منه للالتقاء وأن أمكن الاتحاد به! لكي يتعرف كل منهم على نفسه المريضة وذاته المخصية في شخصه المسكون في وعيهم الباطني!

فجأة صار صدام (فارس العرب) ورمز النضال ضد الإمبريالية والصهيونية…الخ ولم يكن من الغريب أن يقع ضحية هذه التصورات الوردية الكثير من الناس البسطاء إلى حد السذاجة ( بما في ذلك عدد ممن يعتبرون أنفسهم في خانة المثقفين التقدميين!!) وذلك تجسيدا لحالة الإحباط والإذلال التي تدفعهم للركض وراء سراب البحث عن ( المنقذ) الذي سيحقق جميع أحلامهم برمشة عين!!

هذا الفلم الهندي قابل للمناقشة حين يتعلق الأمر بضحايا هذه التصورات المثيرة للسخرية بين أبناء الدول العربية من المحيط إلى الخليج ولكن أن يقع عراقي ضحية هذه الأوهام فذلك لا يعني سوى الكشف عن المستور من مكونات الشخصية المزدوجة والتي جاءت جريمة اجتياح الكويت لتكون المحك ولتكشف  (المعدن) الحقيقي للكثير ممن كانوا يتظاهرون بما لا يجسد مواقفهم الحقيقية من نظام صدام ! يعني باختصار شديد صار اللعب على المكشوف ! ولم يكن من الغريب أن يسرع على سبيل المثال أحد مهندسي خط آب السيئ الصيت واحد ابرز المدافعين - وحتى النفس الأخير!- عن التحالف مع عصابة البعث, إلى سفارة صدام في موسكو لتقديم فروض الطاعة والولاء للسيد القائد! وكأن من المثير للدهشة أن ينضم إلى هذه الجوقة البعض ممن كانوا  في عداد الذين شخصوا مبكرا مخاطر حكم العصابة في بغداد , هذا في نفس الوقت الذي أسرع فيه بعض ( فرسان القومية) إلى بغداد للانضواء  علنا تحت عباءة صدام المثقوبة! وبطبيعة الحال شمل الأمر أعدادا من المغفلين والمغفلات !

وهكذا انشطرت مكونات اللوحة طوليا, توزع ناس الخارج إلى قسمين : قسم  أشرنا أليه أعلاه وهم موضوع مقالتنا هذه في  حين وقف القسم الآخر في الجهة المضادة,مبدئيا وأخلاقيا بالضرورة ضد فعلة صدام الإجرامية الخطيرة.

أولئك الذين كشفوا عن مكنونا تهم بعد جريمة صدام ضد الكويت , تجمعت طلائعهم وراحت تسعى إلى استقطاب من يشاطرنها الموقف من خلال تشكيل منظومات رديفة لمحطات المخابرات, اتخذت مسميات عديدة ولعل من أبرزها ما يسمى( بجمعيات المغتربين العراقيين ) التي هي بالأساس من بنات أفكار المشرف على عمل مخابرات صدام في الخارج المجرم برزان التكريتي . بدأ الآمر من جنيف حيث يقيم المجرم برزان قبل أن تأخذ بذور هذه الجمعيات بالانتشار السرطاني في العديد من الدول التي توزع فيها العراقيون الهاربين من جحيم السلطة الإرهابية كما هو الحال على سبيل المثال مع ما يسمى ب( جمعية المغتربين العراقيين) في الدانمارك .

عناصر هذه الجمعية - ولكل منهم بطاقة عضوية لها أصول ورقم تسلسل صادر عن المخابرات في بغداد- لا عمل لديهم إلى جانب تقديم المعلومات, سوى السعي للتغرير ببعض السذج واستغفالهم  من خلال اللعب على أوتار مشاعرهم في الحنين إلى الوطن لجرهم إلى زيارة العراق بهدف إسقاطهم سياسيا لضمان جر بعضهم إلى مستنقع التعاون مع أجهزة النظام في الخارج بطرق وأساليب ملتوية في البداية سرعان ما تكون واضحة وجلية مع تقادم الزمن!

هولاء ( المغتربون العراقيون) هم في الحقيقة الموالون والخدم الجدد لعصابة صدام وصراخهم حول الوطن ومعاناة الشعب العراقي ليس سوى ستار لما يقدمونه بطاعة واستخذاء لعناصر المخابرات المزروعين في بلدان اللجوء أو من خلال إقناعهم لبعض السذج بزيارة الأهل حيث يستوجب التوقيع على بيانات وصكوك لا تخفي معانيها ومراميها على الزائر ( المغترب) الكريم!!

هذه الجمعية ( الوكر) التي يفترض أن تكون جميع نشاطاتها وسجلاتها علنية وفقا للأنظمة المعمول فيها في الدانمارك عند تشكيل الجمعيات والنوادي , يشير نظامها الداخلي بالعربية صراحة إلى أن الهيئة الإدارية ( تحتفظ بأرشيف يضم أسماء وعناوين الأعضاء وهي المسؤولة عن سلامة السجلات)!! هل ترانا بحاجة إلى أن نتساءل عما يعنيه ذلك ؟! أو عما يعنيه اختيار هذه الجمعية للنسر الأعجف بالذات شعارا لها تماما كما هو الحال مع ترويسة الأوراق الرسمية المستخدمة من قبل سلطة العصابة الحاكمة في بغداد !

ختاما أود الإشارة إلى أن اختيار هذه الاسم ( جمعية المغتربين العراقيين) يكشف عن طبيعة توجهات هذه الجمعيات ( الأوكار) إذ أن لفظة مغترب  تعني قاموسيا ترك الديار طوعا طلبا للرزق أو الدراسة وهو ما لا ينطبق بأي حال على واقع ما يقرب المليونين من العراقيين الذين تم تهجيرهم عنوة أو اجبروا على الهجرة بعيدا عن الوطن , الأمر ليس إذن مجرد كلمات مختلفة وإنما مدلولات متباينة تماما تنعكس  بالتالي في مواقف مختلفة على ارض الواقع, ولذا لم يكن من الغريب أن تتولى هذه الجمعية الأشراف على تنظيم لقاء لممثلي مرتزقة النظام في الدول الاسكندنافية مع المجرم سعدون حمادي, وذلك على هامش مشاركته في أعمال مؤتمر التنمية الدولية الذي أقيم في العاصمة الدنمركية قبل ما يقرب العامين وذلك بهدف تلقي التوجيهات وتنسيق الجهود  على صعيد العمل بين أفراد الجالية العراقية الكبيرة العدد في هذه الدول, بما يحول دون تحويل هذا الوجود إلى وسيلة فاعلة في فضح وتعرية نظام صدام وجرائمه الهمجية ضد شعبنا العراقي.

لابد أن نتوقف في الختام عند الجهود المحمومة التي يقوم بها مرتزقة هذه الجمعيات في الوقت الحاضر استعدادا لعقد ما يسمى المؤتمر العام ( للمغتربين العراقيين) والذي من المقرر عقده في بغداد في تشرين أول القادم . وقد أشاع مرتزقة الجمعية في الدانمارك أن السفرة ستكون مجانية في خطوة استهدفت على ما يبدو جس نبض الذين لديهم استعداد للدخول إلى مستنقع النظام, حيث تم نفي حكاية السفر ببلاش لاحقا, مع التأكيد في نفس الوقت على إمكانية الحصول  على تأشيرات سفر مجانية, مع ضمان السفر من عمان إلى بغداد بواسطة أسطول النقل البري التابع لعدي, بأجور خاصة للمشاركين في المؤتمر إضافة إلى إمكانية الإعفاء من رسوم المغادرة لمن ما يزال محتفظا خفية بجواز سفره العراقي!

تجدر الإشارة إلى أن وزير خارجية صدام اصدر مؤخرا توجيهاته إلى سفارة النظام (للاهتمام بالمغتربين وشدهم للوطن) وذلك في أعقاب صدور قرار عن ما يسمى مجلس قيادة الثورة والذي نص على تشكيل ( هيئة للمشتغلين في الخارج)  بهدف متابعة وضع المغتربين وتنظيم اشتغالهم لدى القطاع الأجنبي خارج الوطن , هذا في وقت بدأت فيه  إحدى محطات التلفزيون التابعة للنظام إرسال برامجها عبر القناة الفضائية المصرية مقابل مائة ألف دولار يوميا!

وكل ذلك, كل هذه الهجمة على العراقيين في الخارج لابد أن تدفعنا جميعا إلى التفكير الجدي بحقيقة الدوافع الكامنة وراء هذا النشاط المتزايد والمحموم لما يسمى بجمعيات المغتربين لتعرية دورها في خدمة مخططات النظام بما يحول دون استغلال مشاعر الحنين للوطن لدى الكثيرين من أبناء شعبنا في الخارج وجرهم إلى السقوط في مستنقع النظام الذي يتحمل كامل المسؤولية عن كل ما لحق بشعبنا ووطننا من موت ودمار وخراب. أن جميع هذه المؤشرات وغيرها تؤكد أن مرتزقة صدام في الخارج عادوا للأطلال برؤوسهم العفنة من جديد استعدادا لما بعد مرحلة رفع العقوبات..  وذلك يستدعي العمل وأكثر من أي وقت مضى من أجل فرز الصفوف ما بين الطامحين حقا إلى القضاء على نظام القتلة الفاشيين وإقامة عراق ديمقراطي  وما بين المتاجرين بمعاناة الشعب العراقي من شاكلة العاملين في ما يسمى (جمعيات المغتربين العراقيين ) الذين يتاجرون بالوطن ومشاعر الحنين للوطن …و..طالما لديكم كل هذا الحنين الجارف للوطن, ترى لم كل هذا (التطويل) إذن في بلاد المهجر..ألم تحن ساعة العودة إلى وطن(كم) أيها المغتربون العراقيون ؟!!

محمود شكر
الحقيقة - العدد السادس أيلول 1998


Go back to TOP


الأنذال و..القراءة المختلفة للنص الواحد!!!

يبدو والله اعلم نحن بحاجة إلى إصدار ملحق خاص بعد كل عدد جديد من (الحقيقة)! ملحق نكرس صفحاته للشرح والتوضيح والتفسير لما ننشره من مواد وما يتم طرحه من أفكار وموضوعات كما لو أن هذه المواد مكتوبة بلغة مسمارية يصعب على البعض فهم مراميها دون وجود قواميس خاصة لشرح البديهيات!

لو أن ما نكتبه يندرج في إطار النمط السائد من الكتابات التي تتحدث عن كل شيء وحول كل شيء دون أن تقول إي شيء! لكان من المعقول والمقبول وجود هذا التباين الحاد في مستوى فهم المواد المنشورة عبر صفحات (الحقيقة)! ولكننا نكتب بوضوح شديد حول مختلف الأمور بما في ذلك العديد من المسائل والقضايا التي تعد من قبيل المحرمات وعلى نحو يعتبره البعض استفزاز للوعي السائد....إلى أخر الاتهامات على هذا الصعيد!

نحن نتمنى بالتأكيد, لو أن هناك مستوى فهم واحد, لما نريد قوله, ولكن ذلك ضرب من المستحيل, في ظل تباين مستويات وعي القراء, وبالتالي حتمية وجود قراءات مختلفة للنص الواحد,وخاصة إزاء موضوعات حساسة ومثيرة أساسا للجدل, لأن هذه العملية, تخضع أولا وأخيرا لمستوى وعي القارئ, وطبيعة تعامله مع هذه الموضوعات, وبالتالي نحن لا نتحمل المسؤولية, إذا كأن هناك, من يتصور ,أن الحديث عن هذه الظاهرة السلبية أو تلك في الوسط المهاجر, كما لو كانت تعني سين أو صاد من الناس, لأن ذلك يجانب الصواب, ويشكل محاولة للابتعاد عن مناقشة جوهر هذه الظواهر السلبية, ويحول دون العمل على مواجهتها وبصورة ملموسة,كما هو الحال على سبيل المثال مع ردود الفعل المتباينة إلى حد التناقض إزاء المادة التي نشرت في العدد الماضي حول الأنذال ممن يفعلون إي شيء للإثراء السريع!

البعض اتصل هاتفيا, وهو في أعلى تجليات الانفعال, للتعبير عن غضبه الشديد, مهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور! في حين فعل البعض الأخر العكس تماما, مطالبا بالمزيد من الوضوح من خلال نشر قائمة بأسماء هولاء الأنذال مبديا استعداده للمساعدة في إنجاز هذه المهمة!! و....هذا مجرد مثال سريع وأخير, على هذا التباين الحاد, في تقييم وفهم بعض المواد المنشورة, والذي لا نملك للأسف الشديد, عصا سحرية لتجاوزه ...وفي واقع الأمر نحن نطمح إلى ما هو اقل من ذلك بكثير , نحن لا نريد أكثر من إقناع القارئ - أو في الحقيقة نريد توريطه!-  تجريب مغامرة استخدام عقله, لتحديد الموقف إزاء مختلف القضايا المثيرة للجدل. بعبارة أخرى ,نحن لا نريد اكثر من أن يترك القارئ عقله, يقرر وعلى ضوء مخز ونه من الوعي, ما هو صائب من المواقف, حتى لو كان صواب المرء, هو الخطأ بعينه في نظر الآخرين! لقناعتنا بأن استخدام العقل للتفكير هو الخطوة الضرورية الواجب أن نعتمدها جميعا  نحو عالم الصواب.

 المشكلة, أساس المشكلة, أن هناك من لا يزال يرفض استخدام عقله, رغم حرصه على استخدام سائر أجهزته البشرية الأخرى,  وبإفراط يدعو إلى القرف, خاصة قدر تعلق الأمر بالمعدة وما تحت الحزام ...الخ!

هذا البعض لا يكاد يختلف في المحصلة النهائية كثيرا, عن أولئك الذين يفرضون على عقولهم, سياقات محددة من الأفكار والتصورات الجاهزة, على طريقة واحد زائد واحد, وبحيث يتم عمليا, تعطيل العقل, عن القيام بوظيفته الطبيعية, على صعيد المقارنة والاستنتاج, استنادا إلى ما هو قائم على ارض الواقع.

ونعود إلى السؤال الأساسي :كيف يمكن مواجهة تبعات هذا التباين والاختلاف في قراءة موضوعات (الحقيقة)؟! ذلك ما يمكن الكتابة عنه وحوله عدة مجلدات! ولكننا نفعل ما هو أجدى من ذلك, عبر حرصنا على مواصلة اعتماد المزيد من الوضوح,  لقناعتنا بأن الحقائق لا تحتاج إلى اللعب بالكلمات أو الاستعارات, وهو توجه اعتمدناه منذ البداية, وبات يكتسب يوما بعد أخر, المزيد من المصداقية, وبحيث نستطيع القول, دون كثير من الادعاء, أن (الحقيقة) وبعد ما يقرب العامين من الزمن, استطاعت تحقيق بعض النجاح, ورسمت خطوط واضحة المعالم, للأسلوب الذي نتمنى أن يسود صحافة المهاجرين في المنافي.

واتساع دائرة القراء بما في ذلك زوار (الحقيقة) في شبكة الانترنيت, وارتفاع عدد الذين يكتبون إلى هذا المطبوع الفقير! هي بعض المؤشرات, على أن هناك حاجة حقيقة, إلى صحافة بديلة,صحافة غير مرتهنة لأنظمة التخلف والقمع, صحافة ترفض أن تكون, امتداد لقوى تدعي المعارضة والنضال من اجل الديمقراطية, وهي تمارس بأساليب مختلفة, على مستوى التطبيق, ذات القدر من القمع, في مصادرة الرأي الأخر! 

نحن ندرك أن هذا النمط من الصحافة, يكاد أن يكون مقتصرا على عدد قليل للغاية من الصحف الفدائية, إذا جاز التعبير! كما ندرك أن الوضوح الذي نريد إرساء دعائمه, ليس مهمة سهلة ويسيرة , ومن غير المتوقع تحقيق نجاحات كبيرة على هذا الصعيد بين ليلة وضحاها, خاصة بعد أن طفحت في المنفى الطحالب, وتصدر النشاط الثقافي, وخاصة الصحفي, نماذج وعينات اقل ما يمكن أن يقال عنها أنها غير جديرة حتى بشرف شرب بول بعير اجرب!!

وزاد في الطين بلة كما يقولون, هو تساقط المزيد من المثقفين, في دوامة الارتداد والارتزاق, وبحيث باتت كلمة مثقف أو صحفي, تكاد أن تكون شتيمة!

ما نريد أن نقوله باختصار شديد, أن هذا المطبوع, اختار ومنذ البداية, أن يكون بمثابة نافذة حقيقية, لجميع ألا راء والأفكار التي تتناول مشاكل المهاجرين على الصعيد الثقافي والاجتماعي. نافذة مشرعة لكل وجهات النظر على هذا الصعيد, ذلك ما نعتقد أنه جزء أساسي من الواجب الملقى, على عاتق الصحفيين في المنفى, جزء من دورهم في المساهمة في إشاعة لغة وثقافة الحوار, التي تشكل بتقديرنا الأساس للوعي الديمقراطي . نحن نؤمن أنه ليس من حق أحد, أن يحجب حق من يخالفه الرأي في التعبير عن وجهة نظره بحرية, أن نملك الحق في قول ما نريد, وبالشكل الذي نريد, يكتسب أهميته ومصداقيته, من خلال قدرتنا على سماع الرأي المخالف, وبدون ذلك, يغدو ترديد ما نريد قوله, مجرد حديث مع الذات, وهو ما يمكن للمرء أن يفعله دائما داخل التواليت!

هل ترانا نستطيع المواصلة والنجاح في تحقيق هذا الهدف, في أن تكون صفحات (الحقيقة) رئة سليمة لاستنشاق الهواء النقي, وزفر كل ما في أعماقنا من ألم وحزن وخيبات على طريق تحقيق الحلم بعالم جميل يكون فيه الإنسان حقا أثمن رأسمال في الوجود!

من يدري...ربما نكون نحلم.. ربما يتهمنا البعض بالعيش بعيدا عن الواقع.. ربما نحن مجموعة من المغامرين  في طريق الاندثار..ربما نحن نعشق لعبة الحفر في الصخور...ربما ..وربما...!!


سمير سالم داود
الحقيقة حزيران 1999


Go back to TOP


المثقفوالضمير !!!


تحت هذا العنوان عنوان كتب الفنان قاسم حول في أحد الأعداد الأخيرة من رسالة العراق الصادرة عن أعلام الحزب الشيوعي العراقي, مقالة تركزت حول الموقف من المثقفين داخل الوطن الذين ( هربنا وتركناهم وحدهم في مواجهة الفاشية) على حد تعبير الفنان حول بالحرف الواحد.
المقالة حاولت من خلال استعادة الوقائع الملحمية لاستشهاد سلام عادل وفي مطبوع يصدره الحزب الشيوعي, جر عواطف القارئ , وخاصة المثقفين الشيوعيين , للتعاطف مع الصحفيين والكتاب داخل الوطن من منطلق صعوبة مطالبة جميع الناس امتلاك قدرة سلام عادل على الصمود أولا وعلى أساس (هروبنا إلى الخارج) ثانيا إضافة إلى أن هولاء المثقفين ثالثا لا يتحملون وزر (أضافت السطور والمقدمات التي تشيد بالقائد صدام إلى كتاباتهم )ثم ينهي مقالته بالحديث عن النهاية المأساوية لأحمد فياض المفرجي ليدعونا في الأخير إلى نحكم ضمائرنا قبل أن نصدر أحكامنا الجائرة بحق المثقفين في الداخل!
هذه (المقولة) عن ( هروبنا) وحكاية ( تركهم خطية لوحدهم) تكاد أن تكون, مع اختلاف المنطلقات بالتأكيد, نسخة طبق الأصل عن العديد من الكتابات, التي راح يسطرها (المثقفون ) من مرتزقة نظام صدام ممن تم شحنهم إلى الخارج خلال ألا عوام الأخيرة في إطار ما أطلقت عليه صحافة عدي ( معركة كسب المغتربين )!! كما لو أن أكثر من 500 مثقف عراقي غادروا العراق في أواخر السبعينيات إنما فعلوا ذلك من قبيل البطر أو لدوافع سياحية وليس جراء الهجمة البربرية للنظام ضد كل من رفض المساومة على مبادئه ومواقفه في مواجهة التعسف الفاشي, أو كما لو أن هولاء المثقفين الذين (هربوا) كانوا في الحفظ والصون ولا تطاردهم مخابرات صدام بكوا تم الصوت في الخارج مع تشديد الإرهاب وممارسة ابشع أشكال الانتقام ضد عوائلهم في الوطن والكثير ...الكثير مما يعرفه بالتأكيد الفنان قاسم حول بحكم موقعه في قيادة رابطة الصحفيين والكتاب العراقيين لسنوات طويلة.
ومع ذلك دعونا نتساءل أولا عن سبب اختيار أحد مطبوعات الحزب الشيوعي العراقي مكانا لنشر هذه المقالة بالذات بدلا عن صحيفة ( الوفاق الوطني) حيث اعتاد قاسم حول نشر مقالاته بحكم عمله مع جماعة صلاح عمر العلي التكريتي ؟! هل أن ذلك يعود مثلا - نقول مثلا!- الى اعتقاده أن هناك بين زملائه في (الوفاق) بعض الذين يمكن أن يكونوا قد ساهموا بهذا الشكل أو ذاك في عمليات التعذيب التي طالت الشهيد سلام عادل وعشرات الألوف من العراقيين الشرفاء من ضحايا قطار العصابة البعثية ذو العجلات الأمريكية عام 63 ؟!
الفنان قاسم حول ومن خلال استعراض الوقائع الملحمية لاستشهاد سلام عادل يطرح تساؤلات تكاد توحي كما لو أن صمود سلام عادل يشكل حالة نادرة وبالتالي غير قابلة للمقارنة, متجاهلا آلاف الشهداء العراقيين الذين دافعوا حتى الرمق الأخير عن معتقداتهم الفكرية بكل بسالة وشجاعة .
الأمر لكي لا يدوخ العزيز قاسم حول أبسط بكثير مما يتصور . الصمود قضية شخصية بالأساس على حد الإيجاز الرائع لفوشيك في ( تحت أعواد المشانق) والإنسان المناضل ومهما كانت طبيعة أفكاره ومستوى وعيه, حين يصير في مواجهة الجلاد يدافع قبل كل شيء عن شرفه الشخصي, وعلى عاتقه وحده تقع مهمة الاختيار , أما الصمود والدفاع عن قناعا ته حتى النهاية أو السقوط والاستسلام , وبالعراقي أما أن يقبل( أن تنكسر عينه) أو أن يظل (رأسه مرفوعا) حتى النهاية, وأدعو الفنان حول للعودة مجددا إلى قصيد براءة لمظفر النواب وكتابات علي الوردي حول طبيعة المجتمع العراقي للدخول في تفاصيل ما أريد قوله حول كسر العين !
بالتأكيد أن عمق الأيمان بالقضية التي يدافع الإنسان عنها , حرصه على عدم التسبب في تحميل رفاق دربه تبعات سقوطه تفسر مستوى التباين في القدرة على الصمود بين إنسان وأخر ,ولكن احترام النفس يشكل العامل الحاسم في صمود الإنسان وقدرته على الدفاع عن قناعا ته على النحو الذي جسده الصمود الرائع لسلام عادل وباقر الصدر والقافلة الطويلة من العراقيين الشرفاء الذين تحملوا كل صنوف العذاب البربري وفضلوا الموت على أن يكسر الجلاد عيونهم ! وبدليل أن هناك من لديه استعداد ذاتي للانهيار حتى بدون مواجهة الجلاد كما هو الحال مع العديد من (المثقفين) الذين أعلنوا براءتهم من ماضيهم وعلى نحو لا تفعله حتى العواهر, رغم وجودهم خارج الوطن وبعيدا بعيدا جدا عن صدام وإرهابه الدموي؟! هل المطلوب منا يا ترى ان نتحدث عن الغربة وإشكالياتها لتبرير سقوطهم وتحولهم إلى تجار ثقافة على استعداد لوضع مؤخر اتهم لمن يدفع اكثر وعلى النحو الذي توقف عنده مطولا الشاعر سلام صادق وفي ذات العدد من رسالة العراق؟!
ومع ذلك دعونا نجاري العزيز حول , الذي لا يساورنا أدنى شك في نضاله من ( اجل عراق ديمقراطي لا يقتل الناس فيه جراء أفكارهم ومعتقداتهم) فيما حاول بلوغه عبر حديثه عن (المثقفين الخطية) الذين تركناهم لوحدهم في مواجهة النظام الفاشي!
يشير الكاتب في سطوره إلى وجود أصوات دعت في دمشق قبل بضعة سنوات إلى إدانة مثقفي الداخل وذلك منطلقا لطرح وجهة نظره. ورغم غرابة حكاية العودة لمناقشة تلك (الدعوات) بعد كل هذه السنوات, فأن ما طرحه العزيز قاسم حول لا يتطابق للأسف مع الوقائع , إذ أن تلك الدعوات كانت تنحصر بالأساس إلى ضرورة مبادرة رابطة الكتاب والمثقفين العراقيين إلى إدانة مواقف بعض ( المثقفين) في الداخل, من شاكلة يوسف الصابغ وعبد الرزاق واحد ..الخ ممن جندوا أقلامهم للإساءة إلى قوى المعارضة وغالوا في إسفافهم في تمجيد الطاغية وحروبه القذرة.
لا أحد على حد علمي, طالب أو كتب داعيا إلى إدانة مثقفي الداخل أو حملهم ما هو فوق طاقتهم, أو تجاهل ظروف معاناتهم , أو لم يتطلع بتقدير إلى محاولات بعضهم تمرير ما يمكن تمر يره للتعبير عن الاحتجاج تجاه النظام ولو بصورة رمزية, أو تغافل عن الإشادة بأولئك المثقفين البواسل الذين رفضوا المساومة على شرفهم وضحوا بحياتهم جراء إصرارهم على تحدي النظام دون خشية من جبروته وسفالة مرتزقته . السؤال الذي نأمل مخلصين ا، يرد عليه الفنان قاسم حول: هل أن الغالبية العظمى ممن أرتضى العمل في خدمة الماكنة الدعائية للنظام, شرعوا القيام بمهامهم القذرة على هذا الصعيد بعد أن ( تركناهم خطية) لوحدهم في مواجهة النظام كما يحاول حول والعديد سواه إقناعنا بذلك؟! ترى لو كان الأمر كذلك ما الذي دعا أذن أبو كاطع إلى أن يطلق صرخته المدوية عن ( الهافي والمتعافي) في مطلع عام 74 في (طريق الشعب) أي بعد شهور معدودة من بدء مسيرة السير مع السفلة البعثيين صوب…الخ!!
الفنان حول وبحكم هروبه ( طالما أنه يفضل استخدام هذه المفردة!) إلى خارج الوطن في تلك الأثناء, قد لا يعرف تفاصيل السبب الذي دعا أبو كاطع لإطلاق صرخته المدوية والتي كانت بتقديري إشارة مبكرة ولأتقبل الغلط على المصير الأسود الذي سينتهي أليه التحالف مع حزب العفالقة, ولكن بمقدوره الحصول على الإجابة من ( الهافي ) الذي أن انتقل هو الأخر إلى صفوف المعارضة , وإذا تعذر عليه الأمر لهذا السبب أو ذاك فأن بإمكانه معرفة جميع التفاصيل المتعلقة بهذه الواقعة من خلال أحد أقرب الناس أليه حاليا في هولندا (رغم انشغالا ته بالكتابة عن العشاير والطفولة الحائرة ..الخ )!والذي كان في الواقع العقل المدبر لعملية أبعاد الصحفيين الشيوعيين من مجلة الإذاعة والتلفزيون, هذه المجلة التي كان ( المتعافي) محمد سعيد الصحاف يطلق عليها اسم (كمونه الشيوعيين) في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون! وفي السياق ذاته بمقدور الفنان حول سؤال العزيز أبو رافد ( فآبق بطي) عن القضية التي شغلت نقابة الصحفيين خلال تلك الفترة أيضا يوم جرت معاقبة كاتب هذه السطور بعد رفضه المساهمة في العدد الخاص الذي قررت المجلة المذكورة إصداره بمناسبة ذكرى تأسيس حزب العفالقة التكريتي في نيسان عام 74! لماذا نذهب بعيدا وندعو الفنان حول إلى جولة في ذاكرة الآخرين؟! بإمكانه بدلا عن ذلك القيام بجولة سريعة في ذاكرته عسى أن يستعيد ما حدث معه شخصيا عند عودته للعراق لإخراج فلم ( بيوت في ذلك الزقاق) أواخر عام 75 ؟! هل يا ترى نسى - أو يريد أن ينسى؟!- مضايقات وسفالات بعض (المثقفين) المرتزقة ممن كانوا يحتلون مواقع قيادية مسؤولة في ميدان الأعلام والفن بعد انتقالهم الذليل إلى مواقع السلطة؟! ما الذي دعاه يوم ذاك إلى الهروب من جديد من الوطن رغم جميع أحلامه ومشاريعه الجميلة لتعزيز الفن السينمائي في العراق ؟!
لقد تألمت كثيرا للمصير المأساوي الذي انتهى أليه أحمد فياض المفرجي شأن كل من عرفه عن قرب ولكن هذا الألم يجب أن يعزز الحقد في نفوسنا ليس فقط ضد النظام وإنما ضد السفلة الذين كانوا يحاصرون المفرجي ويزرعون الخوف في نفسه (ومن بينهم أحد زملاء حول في (الوفاق) اعني المرتزق مهدي على الراضي) خاصة وأن هولاء السفلة كانوا يعرفون تماما أن عواطف المفرجي وفكره ومشاعره كانت مع المثقفين التقدميين والشيوعيين منهم بشكل خاص وكان إصراره على مواصلة عمله في أرشفة تاريخ الفن المسرحي والسينمائي في العراق ينطلق من وعيه وقناعته بأن نجاحه على صعيد هذا العمل هو ما يستطيع أن يقدمه لخدمة تاريخ الثقافة التقدمية بحكم الدور الرائد الذي لعبه المثقفون التقدميون في إقامة وإرساء الدعائم الأساسية للفن المسرحي والسينمائي في العراق.
الأمر إذن ومن خلال هذه الوقائع, وهناك الكثير مما يمكن قوله على هذا الصعيد, لا يتعلق بتقديري, بالموقف من المثقفين في الداخل , وإنما با لموقف من بعض ( مثقفي النظام) ممن انتقلوا , أو بالأحرى تم شحنهم إلى الخارج وتركز وجودهم بشكل خاص في هولندا.
إذ من الصعب, أن لم يكن من المستحيل, المطالبة هكذا بتحديد الموقف وبجرة قلم من جميع ( المثقفين في الداخل) دون تمييز بين مثقف وأخر, لان ذلك ينطوي أساسا على الإجحاف بحق أولئك المثقفين الذين واصلوا نضالهم في الداخل وتحملوا كل أشكال التعسف جراء رفضهم التحول إلى قردة في سيرك صدام ومن بينهم من تمكن خلال السنوات الأخيرة من الخروج من الجحيم ليواصل عمله بكل حماس وجدية في إطار النضال الصعب والشاق الذي يخوضه جميع العراقيين الشرفاء من اجل إزاحة الكابوس الفاشي من سماء عراقنا الجميل من حق قاسم حول أو أي عراقي أخر أن يطالب بإسدال الستار عن ماضي المثقفين ممن تفانوا في خدمة صدام وما كنته الدعائية, خاصة وان العديد من هولاء المثقفين كانوا ذات يوم قريبين جدا إلى نفوسنا جميعا, ولكن الموقف من النظام والنضال ضده يحتم علينا تحديد مواقفنا على هذا الصعيد دون أن يخضع ذلك إلى الاعتبارات الصداقية والذكريات المشتركة.. ..ذلك هو بتقديري السبيل الحقيقي لمساعدة هولاء المثقفين إلى العودة إلى منابعهم وجذورهم الحقيقة , هذا إذا كان لديهم الاستعداد الذاتي لتحقيق هذه العودة على قاعدة العمل ضد نظام القتلة الفاشيين في العراق.
أن يترك أي مثقف ومهما كان وزنه على صعيد الساحة الثقافية موقعه في جهاز السلطة الدعائي..ذلك كسب ولكن... أن يحاول أمثال هولاء المثقفين المزاودة وتصوير أنفسهم بمثابة الأبطال الذين تحملوا تبعات مواجهة النظام بعد أن تركناهم لوحدهم ..فان ذلك يستدعي تذكير هولاء بماضيهم غير المشرف للحيلولة دون مواصلة هذا الماضي على صعيد الحاضر !

سمير سالم داود

الحقيقة العدد الثامن كانون الثاني 1999

Go back to TOP