عن همج الدواعش

لماذا هذا الملعون من الحرب؟!2-2

في ختام الماضي من النص* كان السؤال: هل من المطلوب التغاضي عن تصاعد خطر عصابات الهمج المجاهرين بالقتل وبعد صاروا يطرقون أبواب بغداد ؟! وهل من المعقول ومنطقيا ممارسة انتظار بركات من بمقدورهم، وفي المقدمة أمريكا وإيران، ضرب أو حتى مجرد التهديد بضرب مواطن تمويلهم وتفريخهم في السعودية وقطر؟!  

الجواب وبالتأكيد وقطعا ...لا ...ولكن يفترض وانطلاقا من مرير ما يسود من التشضي طائفيا بكل السالب والحاد من الانقسام على مستوى النفوس وقبل الجغرافيا،العمل ومن دون تأخير، على تغير مسار ومجرى هذا الملعون من الحرب، وبحيث لا تكون حرب طوائف تدور في مناطق مذهب أهل الأقلية وبقيادة ما تبقى من الجيش (الرسمي) وبعد أن صار معلوم المنحدر مذهبيا وبالاعتماد على جحافل حشود من تطوعوا للقتال من أهل ذات المنحدر في بغداد ومدن الوسط والجنوب!

قد، أقول قد، لا يكون الأمر على هذا النحو من حيث المنطلقات والدوافع عند بعض ممن يرددون اليوم ...بالروح ...بالدم ..نفديك يا عراق، ولكن من يملك الاستعداد للمغامرة بالتأكيد على أن ما تقدم من التوصيف، ليس كذلك بمنظور الغالبية العظمى من أهل الموصل والرمادي وتكريت؟!

أقصد هل يوجد هناك حقا من يساورهم الشك من أن أغلبية الناس في هذه المحافظات وفي مقدمتهم من يملكون سطوة النفوذ العشائري والسياسي بين صفوفهم، يتعاملون مع هذه الحرب، باعتبارها تستهدف تطويعهم وبالقوة مع ما يتعارض مع إرادتهم في رفض الرضوخ لسلطة حكم من هم في موقع العدو طائفيا وجماله العميل للفرس المجوس ....الخ ما يردده وعلنا وقبل سافل أنجاس حزب البعث الوهابي، العديد من وجهاء القوم عشائريا وسياسيا ومن بينهم وبشكل خاص من لا يزالون ولغاية الساعة يشاركون بدورهم في تمثيل الرديء من أفلام المهامش والمكافش على سطح المشوه من العملية السياسية؟!

اللهم ...إلا إذا كان لا يزال يوجد هناك من يعتقدون ولفرط بلاهتهم أن تسليم جميع مواقع السلطة في الموصل والرمادي وتكريت وطوعا، أكرر وطوعا، ما كان من قبيل التنسيق بين بعض أهل النفوذ في هذه المحافظات مع حزب البعث الوهابي وأتباعه وسط عصابات الهمج، وإنما كان من باب مجرد النكاية بحكومة المالكي، واستمرار وقوف معظمهم فوكّ التل، ورفض المشاركة حتى بالحد الأدنى من الفعل، في دحر الراهن من العصيان، إنما يعود لعدم استعدادهم خوض غمار هذه الحرب تحت قيادة المالكي، كما لو أن مواقف هولاء الأشاوس سوف يختلف ويصير غير شكل ، في حال أن صار الجلبي أو غيره رئيسا للحكومة في بغداد!     

مختصر مفيد، وانطلاقا من واقع الحال وبعيدا عن الأوهام، من الضروري بتقديري مبدئيا وأخلاقيا، وقبل أن يكون عسكريا وسياسيا، قطع الطريق على كل ما يساهم في تصعيد بشاعة الأحقاد الطائفية، والمطلوب ومن دون تأخير، تغير مسار هذا الملعون من الحرب، لتكون حرب دفاع عادلة ومشروعة تدور على حدود الفاصل من الحد ما بين هذه المناطق عن بغداد* وغيرها من مدن الوسط والجنوب، وباتجاه يضمن تكريس المتوفر من الإمكانيات عسكريا وبشريا لمواجهة خطر زحف أنجاس العفالقة وأتباعهم وسط همج عصابات الإرهاب خارج مناطق تواجدهم راهنا، ومن منطلق مشروع الحق، مطلق الحق، في الدفاع عن حياة ووجود وحقوق جميع من كانوا في موقع الضحية في مناطق ماكان يجري تسميته عفلقيا: محافظات الغوغاء من عبيد الفرس المجوس...و.. شخصيا أعتقد أن  أوساط كثيرة وسط أهل بغداد ومدن الوسط والجنوب،. لو ترك أمامهم حرية الاختيار، لما اختاروا  غير هذا النبيل من السبيل، سبيل رفض الانجرار لحرب الطوائف واعتماد نهج الدفاع عن ديارهم، وعلى النحو الذي أعتمده وبمنتهى الصواب ومبدئيا  أهل كوردستان الجنوبية. *** ...و...لكن؟!

كل ما تقدم، يجب أن لا يقود مطلقا، أكرر مطلقا، ترك أهل الموصل وتكريت والرمادي، يخضعون للراهن من كالح مصيرهم في ظل محنة العيش تحت سطوة أنجاس العفالقة وبشاعات جرائم وشرائع المطايا المجاهرين بالقتل، وإنما من الواجب ومبدئيا تقديم كل أشكال الدعم والمساندة بالمال والعتاد والمعلومات وسلاح الطيران دون غيره، لمساعدة جميع من هم على استعداد للمباشرة وعمليا في إنجاز مهمة استعادة زمام الأمور في ديارهم عن طريق خوض المشروع من عادل حربهم، لدحر حزب البعث الوهابي وأتباعه وسط همج عصابات الإرهاب،

و....إذا، أقول إذا، كان لا يوجد هناك، ومن قبيل مجرد الافتراض، من هم على استعداد لخوض هذا المشروع من الحرب بقيادتهم وبالاعتماد على الذات وعون الحكومة في بغداد، ترى ما الذي يدعو إذن من هم في موقع العدو طائفيا بمنظورهم، خوض غمار هذا الملعون من الحرب بالنيابة عنهم، وعلى نحو سوف لا يساهم والله، إلا في تعميق جراحات البغيض من الصراع الطائفي، وبما سوف يخدم وعمليا، تحقيق المطلوب من دنيء الهدف، هدف إشاعة الهمجي من حرب المذاهب، بعد أن تعثر إنجاز هذا القذر من الهدف، رغم بشاعات ما جرى ارتكابه من همجي الجرائم الطائفية في سوريا والضاحية الجنوبية من بيروت وفي البحرين ومناطق الحوثين في اليمن...الخ المعروف عن سفالات ما يجري تمويله ماليا ودعمه بكل المطلوب من العون مذهبيا وسياسيا ودعائيا من قبل نظام ما قبل عصور التاريخ السعودي وقطر دون إغفال دور الإمارات على هذا الصعيد فضلا عن المعروف تماما عن قذر دور حكام تركيا والأردن وتحت سمع وبصر الجناح المتخلف في إيران والطغمة المالية وأقطاب المجمع الصناعي والعسكري الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية  !

تكثيفا لكل ما تقدم أريد القول : في ظل المحتدم من تصاعد بشع الصراع الطائفي ودوام توزيع أشلاء السلطة بين أهل الحاسم من النفوذ عشائريا وسياسيا وسط عرب ما تبقى من العراق، من المستحيل، أكرر من المستحيل، إعادة  فرض سطوة السلطة المركزية في مناطق العصيان راهنا، وفي ظل ما يسود من موازين القوى محليا وإقليميا، اعتماد سبيل القوة لتحقيق هذا البليد من الهدف، سوف لا يقود لغير المباشرة في تفجير البشع والهمجي من الحرب الطائفية، وهو ما بات بعد هذا الذي جرى ولا يزال في الموصل والرمادي وتكريت، احتمال قائم بالفعل على أرض الواقع، وتحديد مساره، باتجاه التراجع مؤقتا أو التصاعد لاحقا، يتوقف ليس وقطعا على نتائج ما يجري راهنا في سيرك البرلمان في بغداد،، وإنما على تبعات ونتائج ما يدور من محتدم الصراع على المصالح والنفوذ بين المختلف من مجاور الدول، وبشكل خاص واستثنائي  بين السعودية وإيران ودون إغفال خطير دور قطر وقذر دور حكام تركيا والأردن....الخ  ما يساهم وسوف يساهم في توفير المزيد من مطلوب الذرائع لدفع المنقسم من أهل العراق نحو التقسيم في النهاية، ولكن عبر المرور أولا في نفق المظلم من كالح مصير الحرب الأهلية همجيا وبالشكل الذي جرى وفي القلب من أوربا خلال الصراع على توزيع أشلاء يوغسلافيا قبل أقل من عقدين من الزمن !

و...أكرر أن ما تقدم من بشع المصير، يمكن أن يمضي متسارعا أو في غضون ثلاثة عقود من الزمن وفق الأخير من تصريحات الأخضر الإبراهيمي، وذلك ليس فقط تبعا لما يسود من موازين قوى محليا وإقليميا ودوليا، وإنما على سرعة حسم الصراع بين أهل النفوذ في مناطق  ما كان يسمى عفلقيا محافظات صدام البيض، وعلى ضوء مدى توافق أو تعارض مصالح حكام الرياض والدوحة وأبو ظبي وأنقرة وعمان الكويت...الخ من يمارسون وبعد مولاهم العم سام دور المقرر والمرجعية للمختلف من أهل حاسم النفوذ وسط القاعدة الاجتماعية العريضة التي ظلت وخلال متعاقب الأجيال في موقع الجلاد، بحكم التطبع والتوارث طفيليا على نهب ثراوت البلاد والتحكم فاشيا بمصير العباد من أهل الأكثرية،  وهذا قبل أن ينتشر ويسود وعلى نطاق واسع بين صفوفهم طاعون الحقد والكراهية، ضد الكفار من الروافض والمطلوب وهابيا، نحرهم شرعا، وعلى النحو الذي لا يجري وحسب في الحاضر من الزمن، وإنما منذ أن باشرت عصابات الهمج الوهابية تنفيذ بشاعاتها ضد أتباع المذهب الجعفري، يوم هاجمت هذه العصابات ضريح أمام الحق في النجف قبل ما يزيد على قرن من الزمن!

ختاما ما عندي من مضاف القول غير التأكيد ومن جديد: أن نجاح حزب أنجاس العفالقة في تغير مجرى الصراع بعد سقوط سيدهم السفاح،وبالاعتماد على عون من ارتدوا المختلف من القناع وسط قذر أتباعه بين صفوف أهل الأقلية والأكثرية، ودوام العليل من النظام السياسي، وسالب فعل ومفعول نظام تحاصص الفساد والخراب العام، لا يمكن ومن المستحيل أن يقود لغير تنامي وتصاعد مشاعر الحقد والكراهية طائفيا وعرقيا ودينيا، تعزيزا لواقع الانقسام على مستوى النفوس والأرض، وإنما سوف يقود  عاجلا أم آجلا، لفرض واقع هذا الانقسام بالقوة على جميع ربوع الباقي من مناطق العراق خارج حدود القائم من الدولة عمليا في إقليم كوردستان، وصولا لفرض قيام إمارات طائفية تخضع لحكم (الاخوة الأعداء) ممن سوف يتصارعون دمويا على كل شبر من الأرض، وليكون ختام واقع الحال في النهاية على مقاس ومواصفات مصالح ونفوذ حكام عار المجاور من الدول وبدون استثناء، أكرر بدون استثناء، ممن يخافون والله وحد الرعب، رغم اختلاف الدوافع والمنطلقات من فكرة قيام نظام اتحادي طوعيا في العراق، يجمع كونفدراليا القائم عمليا من متعدد الكيانات، على أساس من التكافل والتكامل اقتصاديا وسياسيا وثقافيا واجتماعيا، يمهد السبيل أمام أبناء هذا المتعدد من الكيانات لخوض الواجب من الصراع بين المختلف من قواهم السياسية بما يفيد وضع ما يملكون من كثير الثروات والطاقات والقدرات، في خدمة تطوير واقع حياتهم وبما يتوافق مع مصالحهم وحقوقهم وتطلعاتهم، وعلى النحو الذي نجح أبناء كوردستان في تحقيقه، وأن كان لا يزال ينتظرهم الكثير ..الكثير لتدعيم تجربتهم الديمقراطية والحد من الفساد والمظالم!

السؤال : هل لا تزال توجد هناك إمكانية واقعية لتحقيق ما تقدم من مشروع الهدف،هدف إقامة نظام اتحادي طوعيا ، يجمع كونفدراليا المنقسم عمليا من متعدد الكيانات في الحاضر؟!

ربما، أقول ربما عامدا، لتجنب الجزم بوجود مثل هذه الإمكانية، وأن كنت أعتقد لا تزال توجد هناك وحتى الساعة، فرصة واقعية ليس لتحقيق ما تقدم من مطلوب الهدف وراهنا، وإنما للمباشرة على الأقل في مناقشة ما هو ممكن أو غير ممكن على طريق تحقيق هذا البديل، من قبل جميع من يرفضون بالفعل وليس القول، الجاري من ملعون الحرب ، وطالما لا زال بمقدور الأمم المتحدة وغيرها من منظمات المجتمع الدولي تقديم مختلف أشكال العون لحماية الناس في هذه البقعة من الأرض من خطر ومخاطر  السقوط في مستنقع الهمجي من الصراع الطائفي!****

 

سمير سالم داود  تموز عام 2014

samirdawod@hotmail.com

* طالع ماضي النص في التالي من العنوان : www.alhakeka.org/775.html

** منعا لسوء الفهم أقصد حدود بغداد الطبيعية قبل اصطناع الطاغية وجود ما يسمى محافظة صلاح الدين بقصد أن يجعل من ( عوجته) مركز الكون، يوم كانت تلال حمرين تفصل بغداد عن أرض كوردستان الجنوبية، وهو للعلم ما ظل قائما حنى بعد اصطناع وجود  (عراق) على مقاس أهل الأقلية، وكما لو ما خلق الله غيرهم من البشر على أرض الرافدين!

*** كم أتمنى، أقول أتمنى، أن يجري تلمس هذا المتزايد من مشروع النزوع في أوساط أهل الأكثرية من قبل جميع من كرسوا حياتهم للدفاع عن مصالح وحقوق وتطلعات جميع المحرومين والكادحين من الناس، وفي المقدمة عندي أهل الشيوعية، وأعتقد شخصيا أن التركيز و العمل باتجاه تعزيز هذا النزوع سياسيا وإعلاميا، أكثر جدوى مليون مرة مبدئيا وفكريا من مجرد رفع شعار :  لا للإرهاب ...لا للطائفية الذي يظل شعار حلو ولكن من دون لفت انتباه واهتمام سوى القليل من الناس ....و...يخليكم الله لا تكّولون وفي ظل شيوع وعي القطيع : المهم النوعية مو العدد!

**** والمصيبة، أقول المصيبة، أن ربع الله يخللي الريس والرفيقات الماجدات وسط أتباع المذهب الجعفري، وبالتعاون مع صبيان دروزه قزوين، لا يكفيهم عار التحريض على خوض غمار هذا الملعون من الحرب الطائفية، وإنما يعملون من أجل توسيع نطاقها شوفينيا من خلال تهديدهم أبناء كوردستان بالويل والثبور بعد إنجاز تحقيق وهم إعادة فرض سلطتهم المركزية على أهل الموصل بالحديد والنار....الخ ما يجري ترديده راهنا من مسعور الحقد الشوفيني وتحت سمع وبصر ولاة أمرهم، من المالكي وأنت نازل، دون إدراك سالب انعكاسات هذا القذر من التصعيد الشوفيني على مستقبل العلاقة مع أهل القائم، أكرر القائم، وليس القادم، من الدولة على أرض كوردستان الجنوبية!  ...و...قدر تعلق الأمر بالموصل تحديدا، متى يدرك أهل الحماقة من ولاة الأمر وسط أتباع المذهب الجعفري، أن مصير هذه المحافظة، لجهة البقاء أو عدم البقاء، ضمن إطار ما تبقى من هزيل كيان ما يسمى جزافا العراق، يتوقف على ما جرى ويجري من محتدم الصراع بين عشائرها وأهل السياسية على فرض سطوة النفوذ، جراء صراع المصالح بين المختلف من مرجعياتهم مذهبيا وسياسيا وماليا في السعودية وتركيا وقطر والأردن، وبتقديري الخاص، قد، أقول، قد يجري وفي ظل عاصف التطورات الإقليمية راهنا، التوافق في النهاية على إيجاد صيغة لكيان سياسي يرتبط بالقائم راهنا من الدولة في كوردستان الجنوبية أو مع تركيا، وشخصيا أستبعد انضمام هذا الكيان للقادم من مشروع دولة الانبار، ليس فقط بحكم تضاد المصالح اقتصاديا ( أقرا تجاريا) والصراع على سطوة النفوذ عشائريا وسياسيا، وإنما أيضا بحكم اختلاف الطيع والطباع اجتماعيا!