شيء من التفصيل عن يوم التقاني صدام في المرحاض!

القسم الثامن


بعد المقرف وحد الغثيان, من صرخات الجربوع ضابط أمن مديرية السينما والمسرح, وبعد الصارم من سافل تهديدات الثور الكريه الرائحة القادم من العوجة, , فضلا عن محاصرة أو بالأحرى احتجاز جميع العاملين داخل غرفهم,* ظل من الصعب وطوال ما يزيد عن ساعة من الزمن, معرفة وتحديد هوية, من أثار كل هذا القدر من الرعب في أروقة هذا الصرح الثقافي, حتى قبل أن يحين موعد البغيض من حضوره, وأن كان من الواضح تماما, أن القادم من  (البغيض)  لابد وحتما, أن يكون أحد أركان قيادة ( الحزب والثورة), ولكن شخصيا وساعة حدوث هذا الهمجي من الاجتياح, وبكل ما رافقه من مسعور الصرخات, والسافل من شكل إبلاغ التعليمات, ما كنت أعتقد أو أتوقع, أن هذا البغيض, سيكون بالذات وتحديدا زعيم حزبهم وثورتهم ودولتهم ...الخ...الخ توصيفات من كان يمضي سريعا صوب موقع طاغية العراق!

و... أقول عامدا ما كنت أعتقد أو أتوقع ذلك شخصيا, بحكم أن صدام كان لا يحتاج عمليا, لكل هذا الذي حدث من همجي التمهيد للبغيض من حضوره, باعتباره كان يقيم يوم ذاك في مبنى المجلس الوطني, الواقع في الجانب الأخر من الشارع, وبحيث كان بمقدوره ساعة يشاء, اجتياز هذا الشارع سيرا على الأقدام, لزيارة مبنى مديرية السينما والمسرح, دون الحاجة لجيش من المرافقين الهمج, الذين أشاعوا كل هذا القدر من الرعب والهيجان في المبنى الذي كان بالذات ودون غيره, العلامة الوحيدة للمتحضر من الحياة المدنية, في عموم تلك المنطقة, والتي كانت ومنذ تلك الفترة المبكرة من حكم العفالقة, ثكنة عسكرية لا يقطنها غير القادم من ثيران ووحوش مستنقع العوجة....و....لكن؟! **  

فجأة  اكتشفت أن القادم لابد وأن يكون حتما وبالتأكيد صدام حسين بالذات, بعد أن شاهدت وسط  من كانوا يتراكضون في الرواق من  ثيران الحماية, مصور مجلة الإذاعة والتلفزيون, والذي صار وكما ورد ذكره سابقا, المصور الفونغرافي الخاص لطاغية العراق ***....و...يخليكم الله ما كو داعي للضحك على عقلي الصغيرون, حين أقول أن داعيكم وللوهلة الأولى, تصور أن الهدف, أو على الأقل بين أهداف زيارة (السيد النائب) يمكن أن يكون مناقشة موضوعة صواب أو عدم صواب, قرار نقل خدمات صحفي للعمل بوظيفة كاتب صادرة وواردة, وبشكل يمكن أن يؤدي لمعالجة خطأ ما حدث بفعل من الجائر من العقاب ضد العبد لله****......الخ هذا الساذج من التصور, والذي سرعان ما تبدد, قبل أن يتحول إلى مصدر للقلق الشديد, وبحيث بات داعيكم يتمنى أن لا يتوقف صدام مطلقا عند مناقشة هذا الجائر من العقاب, بعد أن أدركت أن من الصعب وحد المستحيل, إقناع صدام شخصيا, وهو زعيم حزب العفالقة, بصواب رفض المساهمة في الكتابة للعدد الخاص بذكرى ولادة حزب العفالقة !

و...هكذا تغير واقع حال التمني للنقيض تماما, وليباشر العبد لله وعلى الفور, مهمة حشد كل ما يمكن أن يخطر على الذهن من المبررات, للتأكيد على أن من رابع المستحيلات, أن يكون بين الهدف من هذه الزيارة, زيارة صدام, مناقشة موضوعة صواب أو عدم صواب, قرار نقل خدمات صحفي للعمل بوظيفة كاتب صادرة وواردة, وخصوصا وأن الأمر يتعلق بموظف كان ووفقا للسائد من الانطباع والإشاعة شيوعي خطير ...الخ ....الخ ما قاد هذه المرة للتفكير بإعداد المطلوب من مناسب الإجابات, في حال سؤال صدام عن سبب عدم مشاركة داعيكم في الكتابة بما يفيد الإشادة بذكرى ميلاد حزبهم القائد, وغير ذلك من صعب السؤال, بعد أن ترسخ في اعتقادي, أن الهدف من زيارة البغيض صدام, لا يتعدى ما هو أكثر من مجرد أن (يباوع ويشوف) وبشكل مباشر (جهرة) هذا الذي رفض المساهمة في تمجيد ولادة الحزب القائد, لتقرير ما إذا كان داعيكم يستحق الموت عن طريق (الطر ...أربع طرات) أو التصفية عبر ( الجلاليق والدفرات) ...الخ...الخ !

ما تقدم عن هذا الخاطئ من التصور, كان لابد وأن يقود  إلى استثارة كل المخزون عندي من عوامل النقمة والتحدي, وبحيث قرر داعيكم أن ( يذبها على السطور) ويبادر شخصيا فتح هذا الموضوع بشكل مباشر لمطالبة صدام وبالصريح من العبارة, إلغاء هذا الجائر من القرار, باعتباره يتعارض مع اللوائح الإدارية, ولا ينسجم مع قواعد وشروط العمل الصحفي...الخ ما بات عقل داعيكم يحشده من المطلوب والمناسب اعتماده من العبارة وبهدف إقناع واحد شقاوة مثل صدام, بصواب موقف العبد لله, هذا قبل أن أعود وأتراجع وعلى عجل عن هذه الفكرة, فكرة طرح هذا الموضوع على صدام, بعد أن أدركت أن من السخف تماما, ممارسة هذا النقيض من الفعل, أقصد رفض المساهمة مع سبق الإصرار والترصد, في تمجيد ذكرى تأسيس حزب العفالقة, ومن ثم مخاطبة الشقاوة زعيم حزب العفالقة بكلمة: سيدي!  

و....في ظل هذا الملتبس من الوضع, وبينما كان ذهن داعيكم لا يزال منهمكا, في البحث عن المناسب من الجواب, على كل ما يمكن من احتمال السؤال, وعلى ضوء المختلف من السيناريوهات, وقف صدام وفجأة  في باب المرحاض من الغرفة, وما أن تطلعت في ملامحه حتى شعرت برهبة حقيقية, لا يمكن وكفيلكم الله وعباده, تجسيدها بالمجرد من الكلمات, ليس نتيجة الخوف, والخوف شعور طبيعي عند السوي من البشر, وبعد الهمجي من فعل ثيران الحماية, وإنما من فرط العجب والدهشة وحد الذهول, من اكتشاف أن وجه صدام أصفر اللون مثل الكركم, أكرر مثل الكركم, وعلى نحو لم أشاهد مثيله من قبل, إلا خلال أيام الطفولة, أيام ما كنت أتطلع بوجوه الموتى, قبل يجري طمرهم بالتراب في مقبرة دار السلام **** وأن كنت لا أدري صدقا ولغاية الساعة, ما إذا كان وجه صدام, بالفعل وحقا أصفر اللون مثل الكركم, أو أن ذلك كان بفعل طبيعة المرتبك من الموقف, في تلك اللحظة الغابرة من الزمن,أو ربما أن مبعث هذا الشعور, كان نتيجة فعل المقارنة وعفو الخاطر, بين المكسور الخاطر والحزين حد الوجع, من ملامح عبد الأمير معلة, وبين الفاقد للحياة من ملامح الشقاوة صدام, والتي كانت صدقوني توحي, كما لو أن هذا السفاح, قد غادر القبر للتو, أو في الطريق نحو القبر *****

و...هذا الذي تقدم من مكثف التوصيف, ما كان الباعث الوحيد على الدهشة والعجب,خلال هذا المباشر من اللقاء للمرة الأولى والأخيرة مع طاغية العراق, إذ سرعان ما اكتشفت أن صدام, كان لا يتطلع نحوي أساسا, خلافا لما كنت أعتقد وأتصور, وإنما كان يتطلع لما هو أهم بكثير من وجودي في تلك البقعة, التي كان يشغلها لما قبل أسابيع معدودة ,مقعد تواليت, .....و....بمقدوري اليوم وبعد كل هذه الأعوام, الجزم من أن صدام لم يشاهد العبد لله أساسا, أو ربما كان أمر وجود داعيكم, لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد, بدليل ما نطق أخير من معوج العبارة ساخرا وهو يمضي: مييييز أخر ......ودون أن يكلف النفس حتى عناء السؤال, عن ماذا يفعل هذا المحنفش والعريض المنكبين الجالس خلف هذا ( المييييييز الأخر) أو مبرر وضع داعيكم ومثل الصغير من التلاميذ, كلتا يديه على سطح هذا ( المييييز الأخر)...أو على الأقل السؤال عن لماذا هذا ( الميييييز الأخر) بالذات صغير كلش عن المألوف والمعتاد .... الخ ما يستدعي السؤال أو لفت الانتباه, عند السوي من الناس, ولكن كان من الواضح تماما, أن صدام لا يملك من ملكة العقل, ما يكفي عناء التفكير بهذا الضرب من  السؤال, أو ربما كان على عجلة من أمره, بعد أن أنجز قبل ذلك بقليل, ما يريد من عار الهدف, هذا الهدف الذي اكتشفت لاحقا, كان لا يستحق ولا يستدعي إطلاقا, إرغام المسكين من عقل داعيكم, عناء بذل الجهد والتفكير, بكل ما تقدم من متضارب التصورات, لان هدف زيارة صدام في ذلك اليوم الفضائحي, كان أهم بكثير جدا, من سالفة التوقف عند موضوع حشر صحفي من الحزب الحليف في المرحاض من الغرفة!

السؤال : ماذا كان الهدف الأساس إذن من زيارة صدام لمديرية السينما والمسرح والفنون الشعبية في ذلك اليوم من عام 1975؟!  ولماذا تحول ما حدث خلال تلك الزيارة, إلى فضيحة بكل معنى الكلمة, لشكل ونمط تفكير وعمل, من كان يتصدر صفوف ما يسمى ( قيادة الحزب والثورة) ويمارس عمليا ومنذ تلك الفترة المبكرة من حكم العفالقة, دور طاغية العراق؟! ولماذا فقد المسكين عبد الأمير المعلة وبعد هذه الزيارة تحديدا, ما كان يريد ويتمنى من الاحترام, وبحيث بات وعلى العكس من ذلك, مادة للتصنيف والسخرية؟!

ذلك ما يستوجب التوقف عنده في القسم الأخير من التوصيف عن هذه الواقعة من وقائع ذاك الزمان!          

سمير سالم داود 12  تموز 2008

* طالع الماضي من نص هذه الوقائع عن ذاك الزمان: www.alhakeka.org/626.html

** المقصود تحديدا المنطقة على امتداد المسافة ما بين  يمين جسر الأحرار من جهة الكرخ, وتحديدا من خلف مبنى وزارة التخطيط ,حيث كان يوجد مقر إقامة (السيد النائب) في بناية  (المجلس الوطني) ولغاية قلاع مباني القصر الجمهوري, حيث كان يقيم ( السيد الرئيس) والتي كانت عمليا. ومنذ تلك الفترة المبكرة من حكم العفالقة, بمثابة ثكنة عسكرية, خاصة بسكن كبار المسؤولين في  (قيادة الحزب والثورة) وتخضع للدائم من رقابة المختلف من دوائر المخابرات وتحت المباشر من حماية ما يسمى الحرس الجمهوري! ...و....للعلم هذه المنطقة بكل تحصيناتها وقصورها, وبعد سقوط دولة العوجة, باتت تشكل بعضا من معالم ما يسمى بلغة بسطال الاحتلال : المنطقة الخضراء!

*** طالع ما ورد سابقا عن مصور صدام الخاص: www.alhakeka.org/m624.html

**** ذلك كان ينطلق في الواقع, من افتراض أن نقيب الصحفيين العراقيين, وباعتباره عضوا في القيادة القطرية, لابد وحتما أشتكى لدى صدام من تجاهل الصحاف لقرار النقابة الصحفيين بصدد موضوع العبد لله....الخ مفردات هذا الساذج من التوقع! 

***** أقصد تحديدا, أيام ما كنت وخلال سنوات الطفولة, أرافق جدتي وصحبها من عجائز الكورد الفيلين للإقامة وعلى مدار أسابيع عديدة في مدينة النجف, بهدف زيارة قبور من ماتوا من قريب الأهل, وهو ما كان يعني عمليا, الدوام يوميا في مقبرة دار السلام, وبحيث بات  مشاهدة جثث الموتى, ضربا من المألوف بفعل التكرار, بما في ذلك مشاهدة بعض أجزاء الجثث وأحيانا حتى الوجوه, لخلل ما في الكفن, أو بفعل عمليات الشد والجذب التي ترافق لحظات عناق جسد الحبيب من الناس قبل طمرها بالتراب!

****** ربما بمقدور من اعتادوا مشاهدة صدام عن قرب أيام الفوز بعد الذليل من التوسل بعار الرخيص من عطاياه, أو خلال مشاركتهم في المرابد وغيرها من مهرجانات تعهير الثقافة, يمكنهم الجزم, ما إذا كان وجه صدام, بالفعل وحقا أصفر مثل الكركم, أو غير ذلك, إلا إذا كانوا وللمختلف من الأسباب, يخافون حتى ذكر هذا المحدود كلش من المعلومة, رغم إسهال بعضهم هذه الأيام, وبالخصوص من يقيمون في مضارب عشائر الخليج, رواية صفحات من وقائع ذاك الزمان, ولكن ويا عارهم, إما من موقع الحنين لما كان في الماضي, أو بهدف خلط الأوراق أو تزكية بعضهم للبعض الأخر, سعيا لتلميع الكالح من تاريخهم, أيام المشاركة وبمنتهى السافل من الحماس, في جريمة تخريب العقول والنفوس في المجتمع العراقي, خلال سنوات الترويج لثقافة الزيتوني والمسدس!