وقائع من ذاك الزمان

شيء من التفصيل عن يوم التقاني صدام في المرحاض!

القسم الرابع


بعد أن تعمد الطاغية الصغير الصحاف, تحويل رفض العبد لله المساهمة في الكتابة للعدد الخاص بولادة حزب العفالقة, إلى قضية ذات طابع سياسي, وتتجاوز حتى أمر معاقبة موظف خارج عن الطوع, ويرفض الخضوع للمقرر عفلقيا, وبعد أن قرر داعيكم ومن غير تردد, اعتماد سبيل الاحتجاج والاعتراض, دون المبالاة بما يمكن أن يترتب على ذلك من مزيد سالب النتائج,*, كان لابد ومن الضروري التشاور وتبادل الرأي مع الربع في (طريق الشعب) عن وحول ما يمكن للعبد لله اعتماده من الخطوات عمليا, وبما يفيد تحديدا إلغاء هذا الجائر من القرار, وفضح الدنيء من دوافع معاقبة ( واحد حباب كلش مثل داعيكم), ودون أن يرتكب من الآثم, ما يندرج في إطار الحرام, صحافيا أو وظيفيا, خلال تلك الفترة من الزمن!

و.....هناك, أقصد في موقع تحرير ( طريق الشعب) ودون ذكر الاسم, وجدت من يدعوني ومن موقع الصادق من الحرص, إلى ضرورة العمل على تجاوز ما حدث, لان الوضع السياسي العام ووضع ( طريق الشعب) خصوصا, لا يحتمل تكرار هذا الذي جرى مع صحاف العفالقة قبل أسابيع معدودة, وعلى أساس أن ذلك, قد يدفع هذا الطاووس نحو اعتماد المزيد من التشدد, في التعامل مع الكثير من العاملين في الإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح, ممن كانوا يرتبطون بالوثيق من العلاقة مع حزب الشيوعيين , وبالمقابل أو بالأحرى بالضد من ذلك تماما, كان موقف معظم الزملاء, وبشكل خاص من كنت أرتبط معهم بالوثيق من العلاقة صداقيا, بحكم المشترك من العمل ومنذ أيام نشر مساهماتهم في مجلة الإذاعة والتلفزيون أو مطبوع ( السينما والمسرح) أقصد ضحايا الدنيء من فعل ( الهافي والمتعافي) , وقبل هذا وذاك موقف الشهيد أبو كاطع, وأن كنت لا أريد أن أذكر, وبعد رحل عن هذا العالم, ما يمكن أن ينطوي على التعريض بموقف بعض من مات من الناس, ممن كانوا في عداد فرسان التحالف,** وكل ما أستطيع ذكره هو فحوى ما قال بصدد هذا الجديد من عار فعل الصحاف, وحيث عده تأكيدا ملموسا على صواب ما كتب عن ( الهافي والمتعافي) ودليلا إضافيا على أن الحلفاء  ( ردد ذلك ساخرا) لم يكفيهم حضر نشاط الشيوعيين في الجيش وسائر المؤسسات العسكرية, وإنما يريدون على ما يبدو  توسيع نطاق الحظر ليشمل حتى المؤسسات الإعلامية, وبس الله يدري وين لاحقا!***

و...ما أثار دهشتي وإعجابي لاحقا, موقف الزميل فخري كريم ( مدير تحرير طريق الشعب) وكان يوم ذاك, يحتل موقع نائب نقيب الصحفيين العراقيين,**** والذي دعاني وعلى الفور,  لكتابة رسالة مباشرة لنقيب الصحفيين, تتضمن الاحتجاج ضد هذا الجائر من العقاب, مع طلب مساعدته على ضمان قبول الاستقالة من الوظيفة, في حال عدم موافقة الصحاف على إلغاء هذه العقوبة, متعهدا بمنافسة هذه القضية وعلى عجل مع سعد قاسم حمودي, باعتبار أن ما حدث يشكل تجاوزا لقواعد وشروط العمل في الميدان الصحفي .....و.....ذلك ما حدث بالفعل لاحقا, وبحيث قرر نقيب الصحفيين العراقيين, وكان على ما أتذكر عضوا في القيادة القطرية لحزب البعث, تشكيل لجنة لمتابعة موضوع هذه الشكوى, ضمت في عضويتها الزميلين فائق بطي و ضياء حسن, وذلك بهدف تحديد ما إذا كان هذا القرار, قرار الصحاف, يتوافق ولا يتعارض مع شروط وقواعد العمل الصحفي!

و....باختصار شديد للوقائع, بعد البحث والتقصي, وأجراء المطلوب من اللقاءات, توصلت اللجنة إلى ما يفيد التأكيد على عدم وجود ما يبرر تعرض العبد لله, لهذا الضرب من العقاب, مع التوصية بقيام نقيب الصحفيين, الطلب وبشكل مباشر من الصحاف, التراجع عن هذه العقوبة وإلغاء جميع ما ترتب عن ذلك من النتائج, لعدم وجود ما يبررها أساسا....و....,لكن؟! 

الطاووس الصحاف والذي كان يوم ذاك, يجول ويصول كما يريد ويشتهي داخل حدود مملكة الإذاعة والتلفزيون, رفض وبمنتهى الصلافة, إلغاء هذه العقوبة*****, ودون أن يوافق بالمقابل على طلب الاستقالة, وبالتأكيد من منطلق, أن لا أحد بما في ذلك نقيب الصحفيين, وبكل المتقدم من موقعه في صفوف حزب العفالقة, يملك الحق أو بمقدوره, التدخل بما يجري داخل أسوار مملكته الخاصة, باعتباره وكما كان يعتقد وبمنتهى السذاجة, مدعوم كلش من زعيم عصابة العفالقة شخصيا, ولمجرد أن صدام كان في ذلك الحين من الزمن, يكرر وعلى نحو ملفت للانتباه, زيارة مملكة الصحاف بين يوم وأخر!

و...عمليا, وبعد هذا الصفيق من الرفض, ما كان هناك أمام العبد لله من الخيار, غير التعامل مع ما جرى باعتباره ضريبة واجبة الدفع مبدئيا, نتيجة اعتماد سبيل الرفض, وسلوك درب عدم الخضوع لما يريده العفالقة, متصورا أن كل ما تقدم ذكره من الوقائع, سوف يتحول  وتدريجيا كما يقول ما أدري منو إلى ( ذكرى تدق في عالم النسيان ) ودون أن يدور في خلدي, أن سالفة تحدي العفالقة, ورفض المساهمة في الكتابة للعدد الخاص (بولادة حزبهم القائد) سوف تظل تطارد  داعيكم, حتى بعد أن جرى وفجأة طرد الصحاف في ربيع عام 1975, وتكليف لطيف الدليمي المسؤول عن البقر في التنظيم الفلاحي للعفالقة, بمهمة المدير العام للمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون والمسارح والسينما والفنون الشعبية, وهو الذي كان اختصاص ( روث وحليب وطحال) ولا يفهم ( الجك من البك) عن قواعد وشروط  العمل في الميدان الإعلامي, وتماما كما هو حال الكثير, من أهل الجهل والتخلف راهنا, الذين جرى تكليفهم بموجب عار نظام المحاصصة, بمهمة قيادة العديد من محوري مفاصل العمل في الميدان الثقافي والإعلامي, في عراق ما بعد ( روث وحليب وطحال) حزب العفالقة ! 

سمير سالم داود 14 حزيران 2008

alhakeca@gmail.com

* طالع نص القسم الماضي في العنوان التالي: www.alhakeka.org/622.html

** للعلم العديد من هولاء الفرسان, فرسان التحالف, والذي فقد معظمهم الكثير من نفوذهم وبحيث صاروا عمليا خارج قيادة الحزب, حتى قبل انعقاد المؤتمر الرابع في خريف عام 1985 شاركوا صيف عام 1989 على ما أذكر, في كتابة رسالة تتضمن التأكيد على صواب مواقفهم, من رفض فرط التحالف, وخطأ اعتماد سبيل المعارضة, مع إدانة ما أسموه السقوط في ميدان التطرف اليساري من خلال اعتماد سبيل الكفاح المسلح ....الخ ما ورد من الكفر في سياق هذه الرسالة المشتركة, وأقول عامدا الكفر وليس المختلف من مغاير الرأي , نظرا لان عقد الزمن, الفاصل ما بين انتقال الحزب للمعارضة علنا في عام 1979, وتاريخ كتابة هذه الرسالة عام 1989, شهد وكما هو معروف, ليس فقط كل ما طال الحزب الشيوعي وسائر قوى المعارضة من عمليات القمع والتنكيل والتصفيات الجسدية الفاشية, وإنما شهد جريمة إشعال العفالقة لقادسية عارهم ,بكل ما نجم عن هذه الجريمة من فادح الخسارات بشريا واقتصاديا وبالخصوص في مناطق الوسط والجنوب من العراق, وخاتمة هذا البشع من عقد الزمن كان قصف حلبجة والعديد من مدن كوردستان بالسلاح الكمياوي!

*** هذا المتشائم من التوقع, تحول إلى أمر واقع بالفعل, بعد ما يزيد قليلا عن عام واحد, حيث جرى أواخر عام 1975إرغام الحزب الشيوعي على حل جميع منظماته الديمقراطية, الناشطة وسط الطلبة والشبيبة والمرأة, بما في ذلك التخلي وغصبا, عن مواقع من كانوا يمثلون هذه المنظمات على الصعيد الدولي, لحساب السافل من أعضاء الحزب  (الحليف) وجلهم وكما هو معروف, كانوا من بين عناصر المخابرات العفلقية في الخارج!

**** بعد قيام الجبهة في تموز عام 1973 جرى التوافق على أن يكون نقيب الصحفيين من البعث ( الزميل سعد قاسم حمودي) ونائب النقيب من الشيوعي ( الزميل فخري كريم) وعلى أن يجري تشكيل مجلس النقابة, واللجان الفرعية بنسب تكاد أن تكون متساوية, ما بين الصحفيين البعثيين والشيوعيين, فضلا عن من كانوا في موقع المنحاز فكريا وسياسيا, إما لمواقف الشيوعي أو البعث, وأن كان يجري توصيفهم بالمستقلين حزبيا, ...و...ذلك في الواقع كان وبهذا القدر أو ذاك, هو ذات ما يجري اعتماده على صعيد تشكيل معظم النقابات المهنية الأخرى, خلال تلك الفترة من الزمن, وبشكل قاد وعمليا للكشف ومبكرا, عن الكثير من كوادر وأصدقاء الحزب الشيوعي, في المختلف من الدوائر والمؤسسات الحكومية, ممن تعرض الكثير منهم وعمليا لمختلف إشكال الضغط والمضايقات خلال سنوات المزعوم من التحالف ( -1973 1978) وبحيث كان من الصعب عليهم وحد المستحيل, عند حلول ساعة مواجهة الحملة الهمجية ضد الحزب عام 1978, مواصلة العمل الوظيفي, بعد أن بات لا يوجد هناك من بديل الخيار, إما الاختفاء عن الأنظار والهرب لاحقا صوب كوردستان أو الخارج, أو الرضوخ للأمر الواقع, والبقاء حيث يعملون مقابل التعهد خطيا, بعدم ممارسة النشاط السياسي في المستقبل, إلا من خلال صفوف حزب العفالقة, وفي حال ثبوت العكس ...إعدام!

***** من قبيل الأمانة في تسجيل وقائع هذا الذي حدث مع الصحاف في نيسان عام 1974 لابد من الإشارة إلى أن العبد لله ولغاية الإطاحة بدولة الصحاف لاحقا, لم بتعرض لهذا الضرب من شاذ الطلبات مرة أخرى, وعلى العكس من ذلك, الصحاف لم يرفض قرار سكرتير التحرير تكليف داعيكم للسفر مع الزميل حسين حسن إلى القاهرة مطلع عام 1975 لتغطية وقائع أول مهرجان ثقافي عراقي تشهده العاصمة المصرية ولاحقا مدينة الإسكندرية....و...للعلم كان الكثير من أعضاء الوفد الثقافي معروف تعاطفهم مع الحزب الشيوعي, وفي الواقع أبرز فعاليات هذا المهرجان, كانت مسرحية الكاتب المسرحي الشيوعي بريخت ( البيك والسايق) والتي جرى تعريقها من قبل الشاعر المعروف صادق الصائغ ( وكان من بين من يشرفون على تحرير الصفحات الثقافية في طريق الشعب) ومن بطولة الفنان يوسف العاني (وكان يوم ذاك, يعد بدوره ضمن خانة أهل اليسار, وعلى النحو الذي توضح لاحقا وعلنا بعد أقل من عام من الزمن), وبحيث يمكن القول, أن الطابع المشترك للوفد الثقافي, كان الأساس في ضمان نجاح هذا المهرجان, والذي أثار وعلى نطاق واسع, الكثير من الإعجاب وحد الدهشة, بالمتقدم عراقيا على صعيد المسرح والفن التشكيلي وعروض الأزياء والفنون الشعبية, رغم كل المعروف آنذاك عربيا, عن مستويات المتقدم والمتميز مصريا في هذه الميادين, وسواها من مجالات العمل الفني الأخرى...و...بالمناسبة حتى رئيس الوفد الشاعر أرشد توفيق, كان يعد من بين المتميز من أهل الثقافة وسط  صفوف البعث, وكان يتعامل مع سائر أعضاء الوفد بتواضع شديد وبمنتهى الود, وعلى نحو يختلف تماما, عن المعهود من سلوك قيادات وكوادر  (الحزب القائد), وبتقديري الخاص, هذا التمايز ثقافيا, وعلى مستوى السلوك أخلاقيا, لابد وكان من بين دوافع ما دعاه للانشقاق ومبكرا عن نظام العفالقة, يوم أختار أن يكون في عداد أوائل السفراء الذين  أعلنوا التمرد على حكم طاغية العراق!

هامش : للأخ إسماعيل الكاظمي ....أشاطرك الرأي تماما بصدد توظيف العفالقة للساهر وغيره بما يحقق الدنيء من أهدافهم, ولكن أعتقد أن التوقف عند ذلك, يقع خارج سياق موضوعة هذا النص, وأن كان من الضروري بتقديري, العمل على نشر ما ورد في رسالتك من خاص المعطيات, وسوف تصلك لاحقا رسالة تتضمن ما أتمنى أن يكون مفيدا لتدعيم وجهة نظرك مع خالص الود.....و....للأخ الذي ذيل سطوره بتوقيع حسان أبو زينب من لندن داعيا العبد لله تزويده ( بدفعة على الحساب) وقبل نشر الجديد من حلقات هذا النص, باعتباره مستعجل لمطالعة المزيد من الوقائع, ما عندي من الجواب غير الشكر على هذا الطريف من الطلب, والتأكيد على أن داعيكم لا يتأخر في نشر ما يجري إنجازه وعلى الفور, متمنيا على جميع من يبعثون رسائلهم باللغة الإنكليزية, ومهما كانت الأسباب التي تحول دون الكتابة باللغة العربية, اعتماد المجاني من خدمات غوغول لترجمة محتوى رسائلهم للعربية وبمنتهى اليسر والبساطة....و....لجميع أصحاب  التساؤلات عن مواقف العبد لله بصدد بعض الموضوعات المتعلقة بالشأن السياسي, لا أملك من الجواب راهنا, سوى القول أن محتوى النصوص الأخيرة, والمنشورة حصرا على صفحات موقع (الحقيقة) تتضمن بتقديري المطلوب من واضح الموقف بصدد البعض من هذه التساؤلات, وما عداها سوف يجري بالتأكيد التوقف عندها لاحقا بالمقسوم من الجواب!