وقائع من ذاك الزمان

شيء من التفصيل عن يوم التقاني صدام في المرحاض!!

القسم الأول


حتما وبالتأكيد, هناك من سوف يعتقد أو يتصور, أن الوارد في سياق هذا النص لا يتعدى حدود المفبرك من الواقعة, والعنوان جرى تعمد اختياره على هذا النحو من الصياغة, بهدف التشويق والإثارة, أو شيء من هذا القبيل, ولكن....ولكن صدقا, الأمر ليس كذلك قطعا وبالمطلق, والنص كما العنوان, تجسيد وبتكثيف شديد, لما حدث بالفعل, أكرر ما حدث بالفعل, على أرض الواقع, في يوم ما من عام 1975 وتحديدا في أروقة مديرية السينما والمسرح والفنون الشعبية, وذلك بعد أسابيع قليلة, من قرار نقل خدمات العبد لله, من وظيفة محرر صحفي, في مجلة الإذاعة والتلفزيون, لوظيفة كاتب صادرة وواردة, في القسم الخاص, بإنتاج وتوزيع الأفلام القصيرة والوثائقية! 1

و...في الواقع لا يوجد هناك أساسا, ما يستدعي القسم والحلفان, للـتأكيد على أن هذا الذي حدث في ذلك اليوم المشهود, قد حدث بالفعل وحقا, وليس ضربا من الوهم, أو وليد شطحات الخيال, بحكم أن جميع من كانوا يعملون يوم ذاك, في مديرية السينما والمسرح والفنون الشعبية, وأفترض منطقيا,أن الكثير منهم لا يزالون على قيد الحياة, عاشوا وبشكل مباشر, أو غير مباشر, تفاصيل وقائع وتبعات ذلك اليوم المثير, والمختلف تماما عن مألوف الأيام, أقصد وقائع زيارة من كان لا يزال آنذاك, يمارس كل ما يريد من أشكال المطلق من السطوة, تحت قناع ( السيد النائب), وخصوصا,...خصوصا بعد أن تحول ما حدث خلال تلك الزيارة, وعبر الملموس من الفعل, لفضيحة من العيار الثقيل, بكل معنى الكلمة, كشفت وعلى نحو صارخ, ومنذ تلك الفترة المبكرة من حكم العفالقة2, نمط تفكير وشكل عمل, من صار بالذات لاحقا طاغية العراق, والذي لم يتجاهل وحسب, ساعة تلك الشاذ من الزيارة, كل السالب من انعكاسات هذه الفضيحة, على عمل ومواقف العفالقة, وفي هذا المرفق المهم للغاية إعلاميا وثقافيا, وإنما تعمد وبمنتهى الصفاقة, أن يدوس وبشكل خاص واستثنائي, على مشاعر المدير العام (عبد الأمير المعلة) وبحيث يمكن القول, أن وقائع تلك الفضيحة, ربما ( أقول ربما) كانت من بين الأساس من السبب, لدفع هذا المسكين مبكرا نحو القبر, بعد أن تعرض في ذلك اليوم, للبالغ من الإهانة والإذلال, وأكتشف وبشكل لا يقبل التأويل, أن لا تاريخه الطويل في صفوف حزب العفالقة, ولا روايته الطويلة, عن المزعوم من بطولات الشقاوة صدام (الأيام الطويلة) تساوي شرو نقير, في حسابات زعيم هذه العصابة: صدام حسين التكريتي!

والحديث عن  تفاصيل ووقائع ذلك اليوم المشهود من عام 1975 أو بالأحرى من أجل فهم ما حدث في ذلك اليوم, لابد أولا من توضيح مبرر وجود, غضب الله سمير سالم داود أساسا في ذلك المكان تحديدا, أقصد أسباب ودوافع نقل خدمات موظف حاصل على شهادة بكالوريوس صحافة, ويعمل بدرجة محرر صحفي لوظيفة كاتب صادرة وواردة, لا تتطلب من التحصيل الدراسي, ما هو أكثر من شهادة الدراسة الابتدائية, ودون وجود ما يبرر أساسا, اتخاذ هذا الجائر من القرار, باعتباره كان يتعارض مع الوارد على صعيد الورق, في سياق نصوص اللوائح الإدارية الخاصة بعمل الموظفين في الدوائر الحكومية, وبالضد تماما وقطعا, مع المتقدم يوم ذاك, من التوجهات التي كانت تحكم عمل نقابة الصحفيين العراقيين, على صعيد قواعد وشروط ممارسة العمل في مهنة الصحافة!

و...خلال الدراسة في قسم الصحافة ( جامعة بغداد) توفرت أمام العبد لله, في مطلع عام 1972 فرصة للعمل في مجلة الإذاعة والتلفزيون, وعلى نحو غير متوقع تماما , وذلك عوضا عن المباشرة في العمل, وكما كان يفترض وفي ذات اليوم, بوظيفة مذيع في إذاعة بغداد,3 ويوم ذاك, أقصد في تلك الفترة تحديدا من الزمن, وبعد مرور أكثر من أربعة أعوام على عودة حزب العفالقة, للسلطة من جديد في تموز عام 1968 بالتعاون مع بعض من كانوا يشكلون عماد وجود سلطة عبد الرحمن عارف, وبالاعتماد أساسا, على فعل الشقاوات من عناصر عصابة (حنين) بقيادة صدام حسن, كان السائد على سطح الوضع السياسي في العراق بشكل عام, يعكس وجود مؤشرات عديدة, على وجود تيار فاعل ضمن قيادة البعث, يعمل جاهدا من أجل تبيض الهمجي من صفحات الماضي, عن طريق إصدار وتنفيذ بعض المهم من القرارات ذات الطابع السياسي, بهدف تجاوز تبعات الفاشي من دور حزب العفالقة, خلال سنوات الحاد من الصراع الدموي, في أعقاب ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958, وبشكل خاص واستثنائي, بشاعات قطعان الحرس القومي الهمجية, ضد الشيوعيين وسائر التقدميين, يوم قاد هذا الفاشي من الحزب في شباط عام 1963وبدعم من الأمريكان والسافل من حكام أنظمة بني القعقاع, جريمة اغتيال جمهورية الفقراء, بقيادة الشهيد عبد الكريم قاسم. 

و...كان من الطبيعي وللغاية, أن يجري وعلى نطاق واسع وسط أهل العراق, التعامل مع هذه الخطوات والقرارات من موقع الترحاب والقبول, وبالخصوص تلك القرارات ذات الطابع السياسي والمعاشي, كما هو الحال مثلا مع  قرار إطلاق سراح السياسيين, وجلهم من الشيوعيين,  وإعادتهم لوظائفهم ... صدور بيان الحادي عشر من آذار, والذي شكل يوم ذاك نقطة تحول على طريق التخلي ممارسة الاضطهاد وقمع الكورد.. منح امتيازات مغرية للغاية بهدف تسهيل عودة أصحاب الكفاءات من الخارج, فضلا عن العديد من الخطوات الإيجابية الأخرى, التي كانت وبالفعل تتوافق وتنسجم, مع حقوق ومصالح شرائح واسعة في المجتمع, وعلى نحو كان لابد أن يساهم سياسيا وإعلاميا, في إشاعة قدر كبيرا من مشاعر التفاؤل في نفوس أوساط واسعة من الرأي العام العراقي, وباتجاهات كانت تنطلق من صادق التمني, للعيش وممارسة فعل الحياة في ظل الاستقرار, وبعيدا عن تبعات ونتائج الحاد من الصراعات على الصعيد السياسي....الخ هذا النبيل والجميل من التمنيات, والتي ما كان بالطبع يمكن أن تتعزز وتتوطد تدريجيا, بمعزل عن موقف الشيوعيين بشكل خاص, وهم الذين تعرضوا قبل المعدود من الأعوام, لمجزرة شباط الأسود على يد العفالقة الهمج, أو خارج إطار استعدادهم بالذات سياسيا, على تجاوز نتائج الدامي من الجراحات, من موقع المخلص والصادق من الحرص, وعلى أمل أن يقود ذلك, نحو تحقيق المزيد من الخطوات الإيجابية, وبما يفيد وينسجم ويتوافق مع مصالح وطموحات وتطلعات المحرومين والكادحين من الناس.... الخ ما كان ولا يزال, وسيظل مبدئيا وعلى الدوام, يشكل الهاجس الأساس, الذي يحكم ويقود عمل الشيوعيين, والصادق مبدئيا وسط جميع من يعملون بالفعل وحقا, من منطلق الدفاع عن حقوق المحرومين والكادحين من الناس, ومن أجل إشاعة الديمقراطية في العراق, ومهما كانت توجهاتهم ومنطلقاتهم الفكرية, وبغض النظر عن تعدد وتباين مواقفهم السياسية, في ظل المحتدم من الصراع في الحاضر من الزمن !

و...أشير وبتكثيف شديد لما تقدم, عن ما كان يسود الوضع العام في العراق سياسيا4 في عام 1972, على الرغم من أن ذلك, ما كان ذات تأثير مباشر, على صعيد العمل في مجلة الإذاعة والتلفزيون, بحكم أن هذا المطبوع, وخلال تلك الفترة من الزمن تحديدا, كان بعيدا تماما, عن متابعة ما يجري من التطورات على الصعيد السياسي, ومهمته إعلاميا كانت لا تتعدى غير عرض وتقديم ونقد البرامج الإذاعية والتلفزيونية والنشاطات المسرحية والسينمائية وعروض فرقة الفنون الشعبية, فضلا عن تناول بعض العام من صور الحياة الاجتماعية, والقليل مما يجري في ميدان العمل الثقافي...الخ ما كان بتقديري, هو الأساس الذي جعل من السهل والى حد بعيد, اعتماد المجلة على كادر صحفي من المثقفين الديمقراطيين, وجلهم كما اكتشفت لاحقا, كانوا إما يرتبطون تنظيما أو صداقيا مع الحزب الشيوعي العراقي, وبحيث كان شائعا يوم ذاك, توصيف هذه المجلة وعلى لسان الصحاف باعتبارها تمثل : كمونة الشيوعيين في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون, وربما كان ذلك, هو المباشر من  السبب, على الأقل خلال تلك الفترة, لبقاء  مبنى هذه (الكمونة الشيوعية) بعيدا وخارج حدود دولة الصحاف للإذاعة والتلفزيون!5

و...مرة أحرى, لابد من القول, أن كل ما تقدم من التفصيل عن (كمونة الشيوعيين) ما كان يحتل هو الأخر, أهمية استثنائية, ساعة مباشرة العبد لله العمل في هذه المجلة, نظرا لان مهمة داعيكم الوظيفية وطوال أكثر من عامين من الزمن, كانت لا تتعدى أساسا, حدود ما هو أكثر, من مجرد قص أخبار وصور الفنانين, وخصوصا من نجوم الإذاعة والتلفزيون, في ميدان التمثيل والموسيقى والغناء, المنشورة  في المختلف من المطبوعات العراقية الأخرى, بهدف حفظها داخل فايلات حسب تسلسل الحروف الأبجدية ....الخ كل ما كان في ذلك الوقت, كل ما هو مطلوب من المهارة, لممارسة هذا البليد والممتع حقا من العمل, والذي صدقا عملت المستحيل, من أجل مواصلته أطول فترة ممكنة, حد تكرار الكاذب من الحلفان, لتأكيد عدم امتلاك القدرة, على ممارسة فعل الكتابة من موقع الاحتراف6....و....لكن..... وكما يقول ما أدري منو : دوام الحال من المحال!

هذا الجميل من حلم مواصلة البليد, ولكن الأمين والممتع, من العمل في ميدان الأرشيف,7 انتهى فجأة أواخر عام 1973, بعد أن تقرر إرغام العبد لله, على العمل في ميدان التحرير, بذريعة أن العمل في الأرشيف, بات لا يتناسب مع شهادتي الجامعية (بكالوريوس صحافة) ولا مع عنواني الوظيفي: محرر ....الخ ما حدث مباشرة على ما أذكر, بعد أن قرر الصحاف, ليس فقط تثبيت عمل جميع خريجي الدراسة الإعدادية والجامعية, ممن كانوا يعملون في مختلف أقسام المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون تحت التجربة, وإنما منحهم مخصصات عمل إضافية, بقيمة نصف الراتب الشهري8

و....صدقا, رغم مشاعر عدم الارتياح, من ترك الوديع من العمل في عالم مملكة الأرشيف, ورغم أن العبد لله في الماضي كما الحاضر,اعتاد وعراقيا العيش دائما, تحت هاجس توقع ما هو أسوء الاحتمالات, ولكن ما كان يخطر على الذهن أبدا, أن هذه الخطوة بالذات, سوف تقود  وبعد القليل فقط من الشهور, لمواجهة داعيكم ما كان لا يريد قطعا من المعركة مع العفالقة, وتحديدا مع الطاغية الصغير الصحاف, ولا حتى على استعداد شخصيا, في تلك الفترة من الزمن, لخوض غمار هذه المعركة أساسا, وصدقا ليس بحكم المعروف سلفا, عن ما يمكن أن  يترتب عن ذلك, من فادح الثمن, وإنما لعدم وجود ما يبرر مطلقا, إشعال فتيل هذا الدنيء من المعركة,.... اللهم إلا....إلا إذا كان ذلك, لابد وحتما أن يحدث, باعتباره وبالاستناد على البليد من علوم القرضاوي, يندرج في إطار المكتوب من القسمة والنصيب على الجبين, وبما يضمن وبحكم القدر وغصبا, تحقيق هذا المباشر من اللقاء, للمرة الأولى والأخيرة, بين العبد لله, مع هذا الذي كانت ملامحه, ساعة الوقوف في باب المرحاض من الغرفة, توحي وصدقوني, كما لو كان قد غادر القبر للتو ....أو في الطريق إلى هناك!

 

سمير سالم داود 30 أيار 2008

www.alhakeka.org

1من الضروري التأكيد على أن مفردة ( التقاني) يمكن أن تثير بالفعل بعض الالتباس, نظرا لان هذه المفردة لا تعبر وبشكل دقيق لغويا, عما حدث في ذلك اليوم المشهود, وحيث يفترض منطقيا, وجود طرفين أو أكثر, لتحقيق فعل اللقاء, سواء جرى هذا اللقاء, بناءا على موعد مسبق, أو عن طريق الصدفة, وذلك ما لا يتوافق مع توصيف ما حدث عند حدوث هذا اللقاء, أقصد ساعة وقوف صدام شخصيا, أمام باب المرحاض من الغرفة, حيث كان يجلس العبد لله.....و....صدقا كان بودي استخدام المناسب من البديل عن مفردة (التقاني)  ولكن وكفيلكم الله وعباده, جميع جهودي لتحقيق ذلك, انتهت للذريع من الفشل, ربما لان من المستحيل, أو العبث من حيث الأساس, اختيار المناسب من المفردة, لتوصيف هذا المباشر من اللقاء مع طاغية العراق, هذا اللقاء الذي أستعيد اليوم وقائعه بمنتهى السخرية, وهو  الذي كان يمكن أن يتحول يوم ذاك, لكارثة بكل معنى الكلمة, بما في ذلك, احتمال ( طر داعيكم ...أربع طرات) أو ربما أكثر ....والله أعلم!

2 أتمنى مخلصا أن يكون نشر هذا النص عن تلك الفترة المبكرة من حكم العفالقة, حافزا للكثير من أهل الموهبة والإبداع, ممن كانوا يعملون خلال تلك الفترة أو لاحقا, في أحد مرافق ( الإذاعة والتلفزيون والمسرح والسينما والفنون الشعبية) لكتابة شهاداتهم وبالاستناد أساسا, على الموثوق من الوقائع, أقصد المعروف علنا من الواقع, فضلا عن انطباعاتهم والخاص من معطياتهم...الخ ما يجسد الصادق من انتقاد الذات, والتعبير عما يعتمل في نفوسهم من مشاعر المرارة والنقمة, جراء اضطرار بعضهم ومن موقع الغصب, تقديم ما لا يريدون من الجهد, للخلاص من ملاحقة سافل العفالقة وتجنب الموت عبثا في جبهات الحرب....الخ ما يفيد بالفعل وحقا, كتابة تاريخ ما جرى وصار في ميدان الثقافة والإعلام, في ظل حكم العفالقة, هذا التاريخ الذي لا يزال في الغالب العام, يخضع للصارم من التعتيم, بقوة فعل من لا يزالون وحتى الساعة, يمارسون عار فعل المطلق من الولاء للطاغية وللبائد من نظام العفالقة الهمج, والذين يعتمدون القذر من سلاح التهديد والابتزاز والوعيد, لمنع من كانوا عمليا في موقع الشاهد,خلال سنوات تنفيذ جريمة تبعيث المجتمع العراقي, تقديم الدامغ من شهاداتهم عن تلك المرحلة الخطيرة من تاريخ العراق, مرحلة تخريب العقول والنفوس, ودون أن نغفل بالمقابل السالب للغاية من دور  فرسان الترويج لثقافة الزيتوني والمسدس, وبالخصوص من ارتدوا وبعد طول عهر ثوب ( الموعارضة) ممن يتهربون من الحديث أو الكشف, عما يملكون من كثير الوقائع والمعطيات عن تلك الحقبة الكالحة من الزمن, والتي لاتزال تمارس الضار من الفعل في الحاضر , والاسوء من ذلك عندي, ممارستهم وبمنتهى الدناءة, فعل تزوير وقائع ما حدث في مرحلة  تخريب العقول والنفوس, من خلال اصطناع بعضهم للمفبرك من السوالف المثيرة للسخرية, للتأكيد على المزعوم من ( موعارضتهم) للعفالقة وضمن إطار سعيهم البليد, للتغطية على عار دورهم في تمجيد السفاح وعار القادسية!

3 يمكن مطالعة كامل تفاصيل ذلك, في ملحق هذا النص وذلك في العنوان التالي : www.alhakeka.org/m621.html

4 تعمدت توصيف الوضع السياسي العام في عام 1972 ليس فقط بهدف تسليط الضوء على ما هو بحكم المجهول أو الملتبس من الوقائع, للكثير ممن يمارسون فعل الكتابة عن الشأن السياسي في الحاضر, وخصوصا وسط من هم في عمر الشباب, وإنما وذلك هو الأساس عندي, بهدف التحذير من خطر ومخاطر, تكرار التعويل من جديد على الوهم, وما يندرج والله في إطار المستحيل, أقصد وهم الاعتقاد والتصور أن حزب العفالقة, وخصوصا بعد أن بات ومنذ عام 1979 مجرد عصابة من عصابات المافيا, يمكن الوثوق بوعودها وعهودها, وعلى النحو الذي يعمل على إشاعته وبمنتهى الغباء, من ينشطون خلف الكواليس لتحقيق  ما يسمى المصالحة الوطنية, مع المختلف من سافل أجنحة عصابة حزب العفالقة, وبالاعتماد من حيث الأساس على جهود العديد, ممن يتصدرون واجهة المشهد السياسي في عراق ما بعد صدام العفالقة, وفي المقدمة علاوي البعث وسواه من رجس العفالقة, الذين ارتدوا الثوب الأمريكي...باعتباره مناسب كلش, للمتقلب من الحال, في الراهن من الزمن الامريكاني, أقصد مكشوف الصدر وعلماني من فوك,ّ ومن جوه بس الله يدري! 

5 رغم أن من مهمة كادر تحرير المجلة, كانت تتطلب التواجد في المختلف من أقسام العمل في الإذاعة والتلفزيون ....الخ بهدف متابعة البرامج التي يجري تقديمها على شاشة التلفزيون أو إذاعيا, إلا أن موقع عمل هذا المطبوع, ظل يقع خارج حدود مبنى المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون, علما أن مجموع عدد العاملين يوم ذاك, ما كان يحتاج ويتطلب ما هو أكثر من مساحة ثلاث غرف, كما كان الحال يوم كانت المجلة تشغل الطابق الأخير, من المبنى القديم لوكالة الأنباء العراقية في الصالحية, أو يوم باتت تشغل منزلا  آيلا للسقوط, في دربونة تقع على مسافة قريبة من ملهى ليالي الصفا, هذا بالطبع قبل أن يجري نقل مبنى المجلة لاحقا, لتشغل فصر منيفا مجاورا لمبنى السفارة الإيرانية, ومن ثم فيلا كبيرة كلش, وتقع مباشرة على الشط, من الجهة التي كانت في مواجهة شاطئ أبو نؤاس, حيث أعتاد معظم كادر المجلة وفي الغالب العام, الدوام هناك مساء كل يوم !

6 أقول مع الكاذب من الحلفان, نظرا لان العبد لله, باشر ومنذ عام 1966 نشر بعض النصوص بين الحين والأخر, قبل المباشرة في الكتابة وبانتظام, على صفحات جريدة الصحافة, وفي سياق عمود كان يحمل عنوان ( مسامير)  وبتوقيع سمير الكاظمي, والذي كشف عن جنوح داعيكم نحو الكتابة الساخرة, ومنذ تلك الفترة المبكرة من ممارسة مهنة الصحافة, بدليل أن المنشور ضمن إطار هذا العمود الصحفي, سرعان ما تحول إلى مصدر قلق دائم لرئيسة التحرير الدكتورة حميدة سميسم (أستاذة مادة التحرير الصحفي), والتي كانت تكرر مطالبة العبد لله, ولخاطر العباس أبو فاضل, أن لا يدوس زايد, في تمرير ما يريد من النقد, بين سطور ما يكتب من ساخر التعليق, وأن كان في الظاهر عن بعض العام من الموضوعات, وأتذكر اليوم تحديدا, تأكيدها على أن مفردة  (الكاظمي) بحد ذاتها, يمكن أن تثير غضب الأساتذة من البعثيين وعناصر اتحاد السلطة الطلابي في كلية الآداب, نظرا لان أن أهل هذه المدينة, كانوا يوم ذاك, لا يزالون يصنفون سياسيا,  على أهل اليسار من الشيوعيين, وكانت المسكينة لا تصدق مطلقا, أن استخدام العبد لله لهذا اللقب لا ينطلق من متعمد الاستفزاز أو التحدي  (وهو كان كذلك بالفعل) وإنما لان جدتي من جهة الوالد ( كاظماوية قح) وتنحدر من صلب إحدى العوائل المعروفة من ذوات العيون الزرق في الكاظمية!

7أقول ذلك, ليس فقط  لان العمل في الأرشيف كان مريحا كلش, وإنما كان ينسجم تماما مع المطلوب من الحذر, بحكم ما كان يساورني على المستوى الشخصي من مشاعر التشاؤم بصدد مستقبل الوضع السياسي, على الرغم مما كان يسود يوم ذلك, من مشاعر التفاؤل على المستوى السياسي والشعبي العام, وهذا النزوع للتشاؤم كان يجسده عمليا شعاري الخاص والقابع أمامي على طاولة العمل, والذي كان محتواه وكفيلكم الله وعباده يتضمن التالي من النص وبالحرف الواحد : ( وبكيت حين أدركت أن العالم لا يساوي قندرة....!)  ولكن دون ذكر المفردة الأخيرة ( القندرة) حرصا على الذوق العام ههههههههه, وإنما تجسيدها وعلى نحو جميل للغاية, بريشة الغالي من الصديق الفنان التشكيلي المعروف محمد فرادي, المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية, والذي كان يعمل بدوره في المجلة, بوظيفة رسام في قسم التصميم, ويشاطرني وبدون حدود, ذات الموقف المتشائم سياسيا, من مستقبل القادم من أعوام الزمن ! ....و.... للعلم هذا الموقف المتشائم سياسيا, وكما توضح لاحقا, كان يسود وعلى نطاق واسع, وسط أهل الثقافة من الشيوعيين وأصدقاءهم, وبما في ذلك العديد من متقدم الكوادر ومن ضمنهم بعض أعضاء قيادة الحزب الشيوعي العراقي, والذين ووفقا لمذاكرات الرفيق جاسم الحلاوئي, عارض نصفهم ومن حيث الأساس, فكرة التحالف مع البعث, ولم يحسم هذا الأمر, غير تصويت أبو شروق لصالح التيار الداعي للتحالف في قيادة الحزب! 

8 للعلم جرى توظيف هذا القرار, كما لو كان منحة من عطايا الصحاف, وبهدف تعزيز نفوذه بشكل عام وسط صفوف جميع العاملين في الخاص من مملكته, مملكة الإذاعة والتلفزيون, وذلك نتيجة الساذج من الوهم, وهم تصور الصحاف, أن بمقدوره تحقيق وتنفيذ ما يريد وبالشكل الذي يريد, خصوصا وأن علاقته مع ( السيد النائب) كانت يوم ذاك, دهن ودبس, ودون أن يدري ولفرط البلاهة, أن الدهن والدبس, يمكن وعفلقيا, أن يتحول فجأة للزعاف من السم, وعلى النحو الذي حدث بالفعل, في ربيع عام 1975 يوم تعرض المسكين, لكل صنوف البهذلة والإهانة, قبل أن يجري اقتياده مثل اللصوص صوب السجن...و...لا أذكر اليوم من التفصيل عن ذلك, غير أن الأمر كان يتعلق على ما أتذكر بموضوع عقد صفقة أو شيء من هذا القبيل بصدد مرسلات الإذاعة في أبو غريب !

هامش : على الرغم من اعتماد الاختصار وحد التكثيف الشديد, عند كتابة هذا النص, بما في ذلك غض النظر عن بعض المهم من التفاصيل, إلا أن كل ذلك لم يحقق المطلوب من الهدف وبحيث انتهى الأمر ليكون خلاف ما كنت أريد عند المباشرة في أعداد هذا النص, وبما يتناسب مع الواجب والضروري اعتماده من الإيجاز والتكثيف, عند الكتابة بشكل خاص ومخصوص على صفحات شبكة الانترنيت, وعلى نحو كان لابد وأن يقود لتوزيع أكبر قدر مستطاع من المعطيات, عن وحول هذه الواقعة, من وقائع زمان العفالقة, ضمن سياق العديد من النصوص, والتي حال إنجازها, سوف تأخذ طريقها لاحقا للنشر وتباعا.