عن التقسيم والحرب الطائفية والكذاب لقلق زاده !!

القسم الثاني

 

السفير الأمريكي في العراق, كتب مؤخرا, محذرا من خطر اشتعال الحرب الأهلية, وللتأكيد في ذات الوقت, على أن الوجود الأمريكي في العراق, لا يتحمل المسؤولية عن وصول الوضع في هذا البلد, إلى حد احتمال اشتعال الحرب الطائفية, وأن دور القوات الأمريكية على هذا الصعيد, لا يتعدى حدود الكشف عن الاحتقان الطائفي, الذي كان موجودا بالفعل قبل سقوط صدام, هل تراك توافق على مثل هذا التوضيح لما يجري اليوم في العراق؟

سوف لا أتوقف كثيرا عند تحذير السفير الأمريكي, من مخاطر اشتعال الأهلية ( الطائفية) لان هناك دوافع سياسية واضحة, من توقيت إطلاق هذا التحذير,* وتحديدا قبل أيام قليلة من المباشرة في واشنطن, النقاش حول زيادة أو تقليص الوجود العسكري الأمريكي في العراق,   ولكن ما يستدعي التوقف عنده بالتفصيل, نفي السفير مسؤولية الوجود العسكري الأمريكي, عن تصاعد الاحتقان الطائفي وبشكل خطير بعد سقوط صدام ....الخ 

وللوهلة الأولى, يبدو هذا الزعم صحيحا, لمن ينطلق في التحليل, من مجرد توصيف ما يجري اليوم, أو في الواقع منذ سقوط صدام, ولكن عودة للماضي وتحديدا لما حدث في العراق بعد طرد قوات صدام من الكويت مطلع عام 1991 تكفي بتقديري, للتعامل مع مزاعم السفير الأمريكي, باعتبارها, ضربا من الدجل المفضوح, للتغطية على الدور القذر للولايات المتحدة الأمريكية, وبالتساوي مع نظام صدام الهمجي, في إحداث شرخ طائفي خطير للغاية,  في المجتمع العراقي!** 

وباعتقادي من أجل أن نفهم, هذا الذي يسود اليوم, على صعيد الانقسام والاحتقان الطائفي, لابد من العودة للسؤال ومن جديد : لماذا تخلت الولايات المتحدة, عن مهمة إنقاذ العراقيين من النظام الوحشي لصدام حسين, بعد طرد قواته من الكويت بدعم من المجتمع الدولي, وحيث تمكنت القوات الأمريكية في شباط عام 1991 من الدخول إلى مناطق واسعة من الجنوب العراقي, وكان الطريق مفتوحا تماما, أمام تقدم القوات الأمريكية إلى بغداد؟!

ولكن الولايات المتحدة تعلل عدم إقدامها, على هذه الخطوة, من منطلق الخشية, من وقوع العراق في قبضة النظام الإيراني المعادي لولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما؟!

هذا تعليل لا يستند للواقع أبدا, نظرا لان إيران, وبعد سنوات الحرب الثمانية مع نظام صدام, كانت منهكة تماما اقتصاديا وعسكريا, بدليل أن الخميني, الذي كان يردد دائما, أن من السهل عليه تجرع السم, قبل القبول بوقف الحرب مع نظام صدام, عاد في عام 1988 وقبل مرغما تجرع ما كان بمثابة السم, كما أن وجود القوات الأمريكية, في الجنوب العراقي, وفي قواعدها في معظم دول الخليج, كانت أكثر من كافية, لردع القوات الإيرانية, عن التدخل في العراق,في حال قيام القوات الأمريكية بإنجاز مهمتها, وتخليص العراقيين بعد الكويتيين من وجود نظام صدام الفاشي والهمجي, والاسوء من ذلك, ما حدث وبعد أقل من شهرين, عن نكوص القوات الأمريكية عن التقدم صوب بغداد, وأعني تحديدا,سماح القوات الأمريكية في نيسان عام 1991, وكانت لا تزال يوم ذاك, تتواجد بكثافة في البصرة والناصرية ومناطق أخرى من الجنوب, لقوات صدام الهمجية, في قمع انتفاضة أبناء الفرات والجنوب وإقليم كوردستان, وبعد أن تمكنوا  وخلال أسابيع معدودة, وبدون دعم خارجي, من تحرير14   محافظة من أصل 18  محافظة؟!

عدم قيام الأمريكان في إنقاذ العراقيين, من حكم صدام في شباط عام 1991 من جهة, وسماحهم من جهة أخرى, لقوات صدام في نيسان عام 1991بقمع الانتفاضة الشعبية, وبمنتهى الوحشية, وقبر الناس جماعيا في مناطق الفرات والجنوب, والذي ترافق مع مهاجمة المراكز المقدسة لطائفة الأكثرية, وخصوصا في النجف وكربلاء, وكل ذلك بالاعتماد أساسا, على أبناء طائفة الأقلية, في محافظات الغرب من العراق, إلى جانب تصاعد حملة التحريض والكراهية في وسائل الدعاية الصدامية, ضد أبناء طائفة الأكثرية ومن منطلقات طائفية واضحة وصريحة, كان من بين أهم الأسباب, لتصاعد الانقسام الحاد طائفيا, بين طائفة الأكثرية في الوسط والجنوب, وطائفة الأقلية في الغرب من العراق, والذي تعزز على نحو خطير للغاية, بعد سقوط صدام, وبحيث وصل اليوم إلى مرحلة التهديد جديا, بخطر اشتعال الحرب الطائفية.

تقول أن هذا الانقسام الطائفي, تعزز على نحو خطير بعد سقوط صدام, ترى ماذا كان بمقدور الولايات المتحدة الأمريكية, إنجازه لوضع نهاية, لاضطهاد طائفة الأكثرية, أكثر من قيام قواتها العسكرية, باستخدام القوة لإسقاط نظام صدام حسين؟

كان من الممكن, والمتوقع بالفعل, أن يتراجع هذا الانقسام الطائفي, بعد سقوط صدام, والذي لم يؤدي فقط, إلى تلاشي نفوذ الأقلية, التي كانت تدعم نظام صدام, وتستأثر في الواقع بالحكم, ومنذ تشكيل الدولة العراقية قبل أكثر من ثمانية عقود من الزمن, وإنما أدى عمليا إلى تجريد, من كانوا يدعمون نظام صدام, وسط الأقلية لدوافع طائفية, من قدرتهم ونفوذهم ,على مواصلة اضطهاد  طائفة الأكثرية, ولكن قرار الولايات المتحدة, تحويل العراق إلى ساحة مواجهة, مع القوى الإرهابية, وخصوصا تلك المنظمات والعصابات التابعة لتنظيم القاعدة,     وبالتالي ترك حدود العراق مفتوحة تماما, بهدف جذب أكبر عدد ممكن من الإرهابيين, وفق مشروع ( السمكة) التي طرحه كسينجر,*** عشية سقوط صدام, أدت عمليا إلى تفاقم الصراع الطائفي في العراق, نظرا لان صناع القرار في الولايات المتحدة, كانوا يعرفون تماما, على الأقل على ضوء تجربتهم في أفغانستان, أن مجرمي القاعدة, وسائر الهمج من دعاة التكفير والتحريم, ممن يتبعون المذهب الوهابي, يتعاملون مع أتباع المذهب الجعفري, بذات القدر من الحقد والكراهية, التي تحكم نهجهم الوحشي ضد اليهود والمسيحيين, وفي الواقع ضد أتباع جميع الأديان والطوائف الأخرى, وهذا بالتالي أدى, وكان لابد أن يؤدي, إلى أن أكثر من 90% من عمليات العصابات الإرهابية, بكل بشاعاتها الدموية, وطوال السنوات الثلاث الماضية, كانت ولا تزال, وبالتعاون مع بقايا أتباع نظام صدام, تستهدف من حيث الأساس, قتل أكبر عدد ممكن, ويوميا من أبناء طائفة الأكثرية في العراق, وذلك في ظل عدم قيام قوات الاحتلال الأمريكية, بواجبها المطلوب, ووفقا للوائح الأمم المتحدة, التي تنص على مسؤولية قوات الاحتلال في حماية المدنيين ومراكز الخدمات والعبادة, بكل ما نجم عن ذلك ولا يزال, خصوصا بعد انتقال من لا يختلفون عن قوى التكفير والتحريم, وسط طائفة الأكثرية, إلى اعتماد ذات الأساليب والوسائل الهمجية, ضد أتباع طائفة الأقلية, وبحيث وصل الوضع اليوم, إلى تخوم اشتعال الحرب الطائفية, على نطاق أوسع مما يحدث ومنذ سقوط صدام, وبحيث بات اليوم يجري, حتى التلويح بهذا الخطر, وبشكل خاص, من قبل من يتصدرون المشهد السياسي في مناطق الأقلية, بهدف تحقيق المزيد من المكاسب السياسية, أو فرض حلول سياسية, تتعارض وعلى نحو جذري, مع مصالح الأكثرية في العراق, وخصوصا ما يتعلق باستخدام مختلف الوسائل والسبل, لفرض عودة السلطة المركزية, بما في ذلك عن طريق استخدام القوة.   

سؤال أخير, في سياق حديثك, عن ضرورة قيام ثلاث كيانات ترتبط كونفدراليا, لم تتوقف للحديث عن سبل معالجة مشكلة افتقار مناطق الأقلية للثروات الطبيعية, على العكس تماما من مناطق الأكثرية, ترى كيف يمكن حل هذه الإشكالية ؟     

بتقديري الخاص هذا الحديث, وبتركيز شديد عن موضوعة, عدم وجود ثروات طبيعية في مناطق الغرب من العراق, وبشكل يضمن المناسب واللائق من الحياة للناس, في هذه المناطق, حديث يتجاهل حقيقة, أن مناطق الغرب من العراق, وكما جرى الإعلان عن ذلك في أواسط السبعينيات, تحتوي على كميات كبيرة من الفوسفات والحديد وحتى اليورنيوم, وربما ومثل باقي المناطق الأخرى من العراق, تعوم على بحر من الثروات المعدنية الأخرى, بما في ذلك حتى النفط, في حال المباشرة, وعلى نطاق واسع, بعمليات المسح الجيولوجي, كما أن هذه التصورات الخاطئة, تنطلق من الجهل, بطبيعة الدور الفائق الأهمية, الذي ستلعبه هذه المنطقة بالتحديد, بحكم الجغرافيا, على صعيد عمليات التبادل التجاري, وحيث من المتوقع أن تكون بمثابة قاعدة للتجارة الحرة, في منطقة الشرق الأوسط,**** والتي سوف تتحكم عمليا, بضمان تدفق الواردات والصادرات من السلع والبضائع, ما بين المصانع في أمريكا والغرب وإسرائيل*****, وأسواق الوسط والجنوب من العراق, ومن خلالها لسائر أسواق منطقة الخليج.

وحين أقول أن هذه المنطقة, ستكون بالتحديد, القاعدة التجارية, وبشكل يتوافق مع الهدف الاستراتيجي الأمريكي, وينسجم تماما, مع مشروع شمعون بيرز الاقتصادي, الداعي إلى إقامة سوق الشرق الأوسط الكبير, إنما أقول ذلك, ليس فقط على ضوء ما يجري على صعيد هذه المنطقة ومنذ سقوط صدام, وإنما على ضوء اللاحق والتالي من التطورات السياسية, وعلى المدى المنظور من الزمن, وتحديدا بعد قيام الدولة الفلسطينية, ( المتوقع أمريكيا في عام 2008 ) وما يتبع ذلك, على صعيد تحديد طبيعة وشكل العلاقة, بين الكيان الفلسطيني والأردن, وارتباطا بالطبع, بموضوع حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين, وخصوصا في لبنان, من خلال توطينهم, وكما أعتقد, في هذه المنطقة, منطقة الحدود المشتركة, ما بين الأردن والعراق من جهة الرمادي, ****** وحيث بدأ راهنا تدفق المزيد والمزيد من الفلسطينيين, من سكان العراق, على هذه المنطقة بالذات, نتيجة عمليات التطهير الطائفية المتبادلة, التي تشهدها وعلى نطاق متزايد, العديد من المناطق في العراق وخصوصا في بغداد !

 

سمير سالم داود  27  آذار 2006

alhkeka@hotmail.com

* طالع القسم الأول من الحديث في العنوان التالي: www.alhakeka.org/475.html

** لابد من التأكيد ومن جديد, أن الحديث عن الصراع الطائفي, يتعلق من حيث الأساس, بالصراع ما بين طائفة الأكثرية وطائفة الأقلية, ضمن الحدود الجغرافية لوادي الرافدين, خصوصا وأن أبناء إقليم كوردستان, نجحوا مبكرا وقبل أكثر من عقد ونصف من الزمن,من تحرير معظم مناطق الإقليم من سيطرة نظام صدام.   

*** وفقا لهذا المشروع الكيسنجري, كان المطلوب, لضمان النجاح في ضد الإرهاب, جر السمكة ( الإرهابي) للمياه الضحلة, بهدف تسهيل مهمة, اصطياد أكبر عدد ممكن من الإرهابيين, وعمليا ورغم كل ما يشاع, عن فشل الأمريكان على هذا الصعيد, فأن الوقائع على الأرض, تؤكد ما هو العكس إلى حد بعيد, وتحديدا يمكن القول, أن تدفق الإرهابيين إلى داخل العراق, وتواجدهم في مناطق مكشوفة, سهل كثيرا على القوات الأمريكية, النجاح في إلحاق ضربات موجعة, للعصابات الإرهابية, ومقابل خسائر محدودة للغاية, بالمقارنة بحجم الخسائر الأمريكية, خلال ذات الفترة الزمنية, في العديد من الحروب الأخرى, وعمليا مقتل أكثر من 2000 جندي أمريكي في العراق, ثمنا لتحقيق هدف استراتيجي بعيد المدى ولمحاربة الإرهاب في ذات الوقت, لا تعني الشيء الكثير, لصناع القرار, في المجمع الصناعي العسكري, الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية, وبتقديري عدم التأشير من قبل بوش, وسواه من القادة العسكريين, إلى ما تحقق من إنجازات على صعيد محاربة الإرهاب في العراق وغير العراق, ومنذ سقوط صدام, إنما تنطلق من الحاجة, إلى ضرورة الاستمرار أمريكيا, باستخدام هذه الورقة ( الحرب ضد الإرهاب) للتغطية على تحقيق جميع اللاحق من صفحات المشروع الأمريكي الاستراتيجي, في هذا الجزء الحيوي من العالم, ولو كان الأمر على غير ذلك, وكانت الولايات المتحدة تريد حقا, القضاء على عصابات الإرهابيين, وبشكل سريع وفعال, ترى لماذا إذن ولغاية اليوم, لا تعمل على مهاجمة مصانع إنتاج الإرهابيين في السعودية أولا ؟!  

**** للعلم والاطلاع, في عهد حكم عفالقة ماما أمريكا بقيادة علاوي, جرى توقيع اتفاق تجاري, مع الأردن, يقضي بإقامة منطقة تجارة حرة, على طرفي الحدود العراقية الأردنية المشتركة, كما من الضروري التذكير, أن معظم الذين, كانوا يشكلون عماد نظام صدام المقبور, في ميدان التبادل التجاري مع الخارج, ينحدرون من عشائر هذه المنطقة بالذات, وفي الواقع لعبوا لاحقا بعد الانتقال بموافقة صدام, للعمل من الأردن, الدور الأساس, في الأشراف على قيادة عمليات, التحايل على قرارات الحصار الاقتصادي, وبعد سقوط صدام, باتوا وبالتنسيق مع الأردن وعفالقة ماما أمريكا بقيادة علاوي, يقدمون الكثير من الخدمات للأمريكان, وخصوصا على صعيد جر المزيد من العشائر, في الغرب من العراق, وبشكل خاص في الرمادي, للاستفادة من الوجود الأمريكي, بما يعزز من ثقل دورهم السياسي, والاقتصادي لاحقا, في عراق ما بعد صدام, وبالشكل الذي بات يتوضح للعيان خلال العام الأخير من الزمن !

***** و.......يخليكم الله لا تضحكوني كلش بالقول : معقولة من يرفعون لباس الجهاد, عفوا أقصد سلاح الجهاد, ضد الصليبين واليهود, سوف يتحولون في الغد, إلى وسيط تجاري لخدمة عدوهم الغاصب, الذي أحتل الأرض وأنتهك العرض في فلسطين والعراق  ....الخ ما اعتاد ترديده ولغاية ألامس القريب, الأوغاد الذين يتصدرون اليوم المشهد السياسي في مناطق الأقلية........وصدقوني ضاري الدناءة والدليمي والمطلكّ....الخ فرسان التحريض على القتل والإرهاب, باتوا اليوم  يتوسلون رب العباد, من أجل أن يهدي الحبيب بوش, وبحيث لا يفكر بدعوة اللقلق للطيران بعيدا عن العراق....بعد أن بات ناطقهم الرسمي راهنا, وبعد أن بدأت تباشير عودة سلطتهم المركزية, تلوح في الأفق, قادمة على ظهر قطار أمريكي الصنع, ذو عجلات دليمية, ويقوده ذات الأوغاد من العفالقة, ممن امتطوا ظهر ذات القطار في شباط عام 1963 !

****** شخصيا لا يساورني الشك من أن سكان مناطق الأقلية,حتى في إطار محافظة الرمادي,  بمقدورهم, إقامة كيان مستقل, يرتبط كونفدراليا مع الباقي من الكيانات, التي ستقوم على أنقاض الموحد على الخريطة من العراق, أو حتى يرتبط مع الكيان المشترك, المتوقع أن يجمع ما بين الأردن وفلسطين,  و.......عمليا يوجد اليوم في محافظة الرمادي وبتقديري, ما يكفي من الكوادر المدنية والعسكرية, وجيش وجهاز أمن تحت الخدمة, مناسب وحتى راهنا, لضمان إدارة جميع مفاصل هذا الكيان وفرض القانون, وبما يكفل بالفعل, للناس في هذه المنطقة, العيش بسلام, وبعيدا عن دعم وإسناد الإرهاب, وإشاعة مشاعر الحقد والكراهية, ضد المجاور من الأقوام الأخرى, وخصوصا ضد الكورد وشيعة علي.