لماذا الخوف من التعبير عن الرأي؟!

 

داعيكم ولله الحمد, مو محلل سياسي ولا هم يحزنون, وفي الواقع, جهدي في ميدان الكتابة السياسية, لا يخرج عن إطار محاولة التعبير عن ما أعتقد, أعتقد, يصب في خدمة مواقف, جميع من كانوا في موقع الضحية, في ظل نظام العفالقة الهمج , وبالتالي العبد لله منحاز تماما وبدون نقاش, إلى كل خطوة, تعزز من تلاحم من كانوا في موقع الضحية, مهما كانت انحداراتهم العرقية والدينية ومهما تباينت مواقفهم الفكرية والسياسية, ومنحاز بالتالي ودون نقاش أيضا, إلى كل عمل وكل خطوة, يجري اتخاذها ضد العفالقة الأنجاس, لان ذلك عندي, دلالة على أن الأمور في عراق ما بعد صدام, تمشي بالاتجاه الصحيح, وخلاف ذلك يعني العكس, وبشكل يستدعي العمل ضده وبدون هوادة.

و.....ما تقدم كلام حلو , وهناك الكثير من الزملاء, من المعادين حقا للعفالقة الهمج, يشاطروني ذات الموقف تماما على هذا الصعيد, والبعض منهم يردد , بين الحين والأخر, مثل هذا الكلام الجميل, وربما ما هو أكثر من ذلك, ولكن....؟!

هذا الكلام الحلو, حتى لا يظل مجرد شكبان من الكلمات أو قبضة من الشعارات...الخ, يفترض أن يقترن وكتابيا, بما يجسده من مواقف محددة, مما يجري على أرض الواقع في عراق ما بعد صدام.

ماذا يعني ذلك عمليا؟!

هل المطلوب من أجل تعزيز تلاحم من كانوا في موقع الضحية, تغليب منطق التوافق والمحاصصة والمناورات...الخ, السائد اليوم بين القوى السياسية, في عراق ما بعد صدام, وبحيث يجري اعتماد هذا المنطق على صعيد الصراع الفكري في الوسط الثقافي؟!

هل يمكن حقا, المناورة وممارسة لعبة الحياد, في الصراع الفكري المحتدم, حول العديد من القضايا العقدية, موضع الخلاف والاختلاف, بين المثقفين من الكورد وشيعة علي والشيوعيين, وسائر من كانوا في موقع الضحية في ظل نظام العفالقة الهمج؟!

الجواب بالتأكيد لا, والزعم بالقدرة على ممارسة الحياد فكريا, حول القضايا موضوع الخلاف والاختلاف, ضرب من النفاق, لا يستحق بتقديري ما هو أكثر من الاحتقار!

داعيكم كما هو معروف للجميع, أرفض من الناحية المبدئية,كل أشكال التحريم والتكفير, ووضع القيود وإنشاء محاكم التفتيش وإصدار مواثيق الشرف ...الخ الأفلام التي تستهدف مهما اختلفت النوايا والمنطلقات, مصادرة حق الناس, وبالتحديد من يمارسون فعل الكتابة المشروع والطبيعي, والضروري في التعبير وبحرية عن ما يعتقدونه من الأفكار والآراء, بالأسلوب الذي يعتقدونه مناسبا ويعبر عن مستوى وعيهم وتعاملهم المتفرد مع ما يستوجب المناقشة والتحليل ....الخ!*

وعندي قناعة راسخة من أن التجاوز على هذا الحق المشروع والطبيعي, هو الأساس والمنطلق, الذي اعتمدته جميع أنظمة الحكم الدكتاتورية والفاشية, ومنذ أن صار الناس طبقات, ودخلت البشرية إلى لعنة عصر الدولة والسلطان والشرطة والحروب ...الخ!  

بالعراقي الفصيح, شخصيا وكفيلكم رب العباد, ما عندي شرط ولا شروط, لممارسة جميع الناس ( والعفالقة مو ناس) حق ممارسة التعبير, عن أفكارهم ومواقفهم, عبر الكتابة, (المقصود النص الصالح للنشر مو الخريط) وبالشكل الذي يعبر عن قناعاتهم ومستوى وعيهم,  ولا أومن بسالفة خضوع المثقف لمنطق السياسي,حول ما يسمى مراعاة الظروف الموضوعية والذاتية, لمحاصرة حق الناس من التعبير عما يعتقدونه من الأفكار والآراء!

أن يكتب أحد الزملاء, بغض النظر عن خلفيته الفكرية, وكل نواحي الاختلاف بين الناس, ما يريد وما يعتقده من الأفكار والآراء, وبالأسلوب الذي يعتقده مناسبا, ذلك مو موضوع, ويجب أن لا يكون موضوع مناقشة, لكل من يزعم الأيمان بحقوق الإنسان!

وأن يجري التوقف ومناقشة ما عرضه هذا الزميل, وبهذا الشكل أو ذاك, من أساليب الرد والمناقشة, ذلك هو الأخر كفيلكم الله, مو مشكلة ولا هم يحزنون, إلا طبعا عند العبقورات , الذين لا يتحملون مناقشة خريطهم, ولا يحبون من يكشف عريهم بدون رحمة, وهو يصرخ مثل الطفل في سالفة ثياب الملك العاري : يا عالم يا ناس ...تره الملك مصلخ ! 

وين المشكلة إذن؟!

المشكلة, أساس المشكلة, ظاهرة الخشية  من المجاهرة بالرأي والموقف, من القضايا موضع الاختلاف, والتي تشكل محور الصراع الفكري بين الاتجاهات المختلفة في الوسط الثقافي, وبالتحديد في إطار ما يجري على صفحات بعض المواقع العراقية على شبكة الانترنيت, كما هو الحال راهنا, مع السجال الذي يدور حول الموقف من جريمة التعريب وسائر الموضوعات الأخرى المتعلقة بعموم القضية الكوردية. 

السؤال : لماذا كل هذا الخوف من ممارسة الحق في التعبير عن الموقف, كلما تصاعد الصراع الفكري حول بعض القضايا العقدية موضوع الاختلاف في الوسط الثقافي؟!

واحد من أهم مقاييس الصدق, هو المجاهرة بالرأي, ومن يفعل ذلك, رغم إدراك المخاطر, ذلك قرين المبدئي من المواقف, وشارة على الاستعداد, للتضحية بالذات دفاعا عن القناعة والمبدأ, وسجل أسماء شهداء الرأي, وعلى مر العصور, كان وسيظل على الدوام, يضيء تاريخ البشرية بالنور.

و......لذلك وبالتحديد, كنت ولا أزال وأكيد سوف أبقى, لا أحترم من يخشون المجاهرة بالرأي, سواء من خلال التخفي, وراء عار المستعار من الاسم, حتى بعد زوال الأسباب, أو التنقل بين المواقف مثل الشوادي, لطمر الدليل على وضوح الرأي....الخ الأساليب التي يعتمدها وعلى مر العصور, سقط المتاع من البشر, ممن اختاروا العمل بالغلط, في مملكة الرأي, عوضا عن ممارسة أقدم مهنة في التاريخ : الدعارة!

بالعراقي الفصيح: لماذا يخشى الكثير من المثقفين العراقيين من العرب, وبالتحديد ممن لا يبخلون في العادة, عن كتابة معلقات الود الجميل ومعلقات الغزل للكورد, من المشاركة في السجال الدائر اليوم عن قضية كركوك وجريمة التعريب, والموقف من الكورد وحق الشعب الكوردي في تقرير المصير, وبالتالي التعبير عن مواقفهم, وبالشكل الذي يريدون, وبمنتهى الحرية, ويعبر بالفعل عن قناعاتهم وبوضوح وبدون تردد ؟!    

هل تراهم لا يدركون, أن الناس ومنذ الأزل, لا يحترمون من يقفون على التل, هروبا من صراع المواقف , بانتظار أن تنجلي العاصفة, ويخمد لهيب الصراع, لكي يعودوا ويمارسون من جديد, عهر اللاموقف : عهر التوسل بالمعسول من الكلام والتعبير, للحصول على ود الجميع, دون إدراك أن سقوط المثقف, في مستنقع اللاموقف, لا يقود في النهاية, سوى إلى حصد المزيد والمزيد من .....الاحتقار!    

سمير سالم داود  27  آذار 2005

www.alhakeka.org

* منعا للتأويل, هذا يشمل فقط الناس مو العفالقة ولا القومجية ولا الشوفيينين, لان هذوله حشه كدركم مو ناس وقطعا لا ينتمون لعالم البشر!

هامش: للصديق الذي تساءل عن مغزى رد الاعتبار لملكة جمال البطيخ ....فشار....فشار.....وبحيث يجري ذكر اسم هذه آل....فشار....فشار....مسبوقا بكلمة الأستاذة؟! ولا جواب عندي سوى السؤال : لماذا الغضب أو الدهشة والعجب؟! و...من يدري قد أعود للتوقف عند هذا السؤال  لاحقا!