الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة1

الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة2

الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة 3

الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة 4

الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة 5

الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة 6

الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة 7

الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة 8

الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة 9

الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة الأخيرة




الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة1


كتب عن عملية حفر النفق الكثير من الكتابات التي نشرت في المواقع أو في الصحف وفي كتب خاصة،وقد نشرت قبل شهور مقالا عن دور منظمة بابل في عملية الهروب أثار ثائرة الزميل جاسم المطير فكانت الردود والتعقيبات الكثيرة عنه ومنها ما كتبه المطير ذاته عبر سلسلة مقالاته الموسومة معضلة الذاكرة وقد نشر الرفيق حميد غني جعفر(جدو) مقالا تضمن رده على ما كتب الأخ المطير ،وأصدر المطير بيانا في الرد على جدو ،وما زال الأمر بين أخذ ورد.
وقد أرسل لي الرفيق جدو عدة رسائل على بريدي ولكنها ضلت طريقها بسبب تغيير أميلي السابق بأميل جديد ،وعندما عرف عنواني تفضل مشكورا بزيارتي وتناقشنا في الموضوع وكشف الكثير من الحقائق التي سأتناولها في هذه السلسلة من المقالات التي سأراعي فيها ما يقوله الرفيق المذكور دون تدخل سوى زيادة في التوضيح وما يغني الموضوع ليكون قريبا من متناول القاريء ،وأود التوضيح هنا أن رسائله جائت بعد مقالي الموسوم البيانات الصاروخية والمسامير المطيرية،وسلمني في زيارته مجموعة من التوضيحات على شكل رسائل تتضمن حقيقة ما جرى ،أضافة لتوضيحات أخرى سجلتها في اللقاء .
الرسالة الأولى
الأستاذ محمد علي محيي الدين المحترم
ارسلت اليكم رسالة في 20-8-2008 على عنوانكم الألكتروني،الا أن العنوان كان خاطئا ولم تصلكم رسالتي،والآن بعد أن أطلعت على مقالكم في الحوار المتمدن العدد 2350 في 22-7-2008 وفيها عنوانكم الصحيح أثرت أعادة كتابة الرسالة مع بعض الملاحظات.
وبداية أود الأشارة الى العبارة - التي وردت في مقالكم – وهي( بسيط بساطة الحقيقة نفسها،يعمل بوحي الآخرين)وهذه العبارة ذاتها قرأتها في تعليق شخص لم يذكر أسمه زار الموقع ،الآمر الذي يدل على أن الزائر للموقع قد أقتبس هذه العبارة ذاتها،وهنا لابد من التاكيد للأستاذ محيي الدين ولزائر الموقع ،أني لست بالبساطة التي تتصورونها ،الا من حيث الخلاق والتواضع أما العمل بوحي الآخرين أرفضه قطعا وأؤكد أني شيوعي وأمتلك من الوعي والنضوج والأرادة الشيوعية ما يؤهلني للعمل والتصرف وفقا لقناعاتي الشخصية وليس لأحد من سلطان علي.
نعود الآن الى صلب الموضوع عملية نفق سجن الحلة المركزي عام 1967.
لقد أطلعت على كتابات الكثير من الأخوة ولاحظت التباين والأختلاف والتناقض بين من كتبوا بما في ذلك شخوص الحدث أنفسهم،وكثرت الأقاويل والأدعآت والأفتراأت حتى باتت عملية النفق وكأنها معروضة للمزايدة،وكل يريد تجيير الأمر لصالحه،وهذا هو الذي جعلني أترفععن المشاركة في مثل هذه المزايدات المخجلة،لأنها غريبة وبعيدة عن تاريخ الشيوعيين الأصلاء،اذ تنحصر تلك الأقاويل والادعاآت في أطار الأنانية وحب الذات والأنا البغيضة.فالشيوعيون قد تربوا على القيم والأخلاق الثورية الأصيلة،في مقدمتها الصدق والأمانة والأيثار ونكران الذات والروح الرفاقية المتجسدة في العمل الجماعي وتسابق كل المناضلين لأداء المهام النضالية كجنود متفانين،والشعور بأنهم كل واحد،ودوركل منهم متمم لدور الآخر،بعيدا عن حب الذات أو المبالغة والتهويل على حساب دور الآخرين،أدراكا منهم بأن تاريخ الشيوعيين هو ملك الحزب والأجيال اللاحقة،وهو أمانة في أعناقهم ،ولتأكيد ذلك فأن هناك الكثير من المآثر والملاحم البطولية التي خاضها الشيوعيين العراقيين منها الهروب من سجن الكوت عام 1951، ومن سجن بعقوبة عام 1956،وعمليات الهروب الجماعي من منطقة بدرة وجصان،وسجن الفضيلية في بغداد ومن سجن الكوت بعد شباط الأسود 1963،كل هذه المآثر لم يظهر أبطالها حتى اليوم ،ويكفي فخرا أنها من صنع الحزب الشيوعي العراقي،فلماذا نفق سجن الحلة بالذات أثيرت حوله الضجة وكثرت الأقاويل والأدعاآت وكثر أبطاله أيضا،،ومن هنا أرى أن السبب في كل هذه الضجة هو الأنشقاق الخطير والكبير في الحزب الشيوعي العراقي ،الذي أفسد تلك القيم وزرع بذرة الأنانية وحب الذات وأحدث شرخا كبيرا في مجمل القيم والأخلاق الشيوعية الأصيلة التي تربينا عليها في مدرسة العراقيين الحزب الشيوعي الذي قتل في نفوسنا حب الذات والنرجسية والأنا البغيضة وأوجد صيغة العمل الجماعي لأيمانه بالجميع دون الأفراد ،ونبذه للفردية على قاعدة الكل للفرد والفرد للكل.
لهذه الأسباب لم أشارك في الكتابات مع الآخرين للظهور بمظهر البطولة،لكني كنت سباقا لقول الحقيقة منذ ثلاثة سنوات في مقال نشرته في طريق الشعب العدد 63 السنة 71 الأحد 27-11-2005 بعنوان (مرحبا أيتها الحرية) وأكتفيت بتلك المقالة التي أوضحت فيها بجلاء بأن مأثرة نفق سجن الحلة كانت من صنع الحزب الشيوعي العراقي تخطيطا وانفيذا ،وأن البطولة كل للبطولة للحزب وأ، نحن الا جنود منفذون لمهمات نضالية،وذكرت فيها أسماء كل الرفاق الذين شاركوا فيها بكل أمانة ودون تجاهل لأحد،حتى أني ذكرت أسم الشهيد عقيل عبد الكريم حبش بأعتباره شهيد ،لأني كتبت على أعتقاد خاطيء في حينها يأستشهاده في معارك الأهوار،لكنه أتضح بأنه لا يزال حيا يرزق وقد أتصلت به هاتفيا كما بينت في المقال أيضا بأن الراحل حسين سلطان هو الذي أبلغني وشرفني بالمشاركة في عملية حفر النفق،ثم جاءت مذكراته التي نشرها نجله خالد في 2007 لتؤكد صحة ما ذهبت اليه في مقالتي،ثم جا بعدها الفلم الوثائقي الذي بثته قناة الحرية الفضائية في 7-3-2008 .
أيضاح :
ورد في مذكرات الراحل حسين سلطان صبي ،أسم مجيد – جدو- ،كما ورد في مذكرات الزميل عقيل عبد الكريم حبش الطريق الى الحرية جدو أيضا،والحقيقة أن أسم مجيد غير الصحيح ألأسم الذي يناديني به الأهل والأقرباء في الكاظمية،أما جدو فهي كنية أطلقها علي أحد الرفاق في السجن تحببا ومن باب المزاح ،لأني كنت أصغر السجناء سنا ،وسرعان ما أنتشرت في السن كله وتنوسي أسمي الأصلي وظلت هذه الكنية مرافقة لي طيلة حياة خصوصا بن رفاقي في الحزب الشيوعي العراقي.
ولابد من الأشارة أيضا الى أسم عبد الحميد الذي ورد في جريدة الأعلان التي نشرت قائمة بأسماء الهاربين من سجن الحلة عام 1967 والأسم الصحيح هو حميد غني جعفر الملقب -جدو- وفي الختام تحياتي وتقديري .
أستاذي العزيز محمد علي محيي الدين
رسالتي هذه هي الأولى وسأوافيكم برسائل لاحقة بما لدي ن معلومات.


محمد علي محي الدين
19-10-2008



الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة2

ما من مناضل ثوري يعيش بين أربعة جدران في عزلة عن العالم الخارجي وبعيدا عن حزبه وحركته الوطنية ويرتضي لنفسه حياة السجن بقسوتها وآلامها ،إلا وتراوده فكرة الهروب لاستعادة حريته والالتحاق بحزبه لممارسة دوره النضالي بأية طريقة ووسيلة فرديا وجماعيا،ولقد اشتدت وازدادت هذه المحاولات البطولية الناجحة والفاشلة منها بعد انقلاب شباط 1963 الفاشي الدموي ونحن معتقلون في مركز شرطة الكاظمية حيث وردت لي رسالة من احد الرفاق –خارج المعتقل- يستنهض فيها عزائمنا للهروب بهدف الالتحاق بحركة الشهيد الخالد حسن سريع،إلا أن المحاولة فشلت لوجود معتقلين عاديين في نفس الموقف ،وقد ذكرت تفاصيل ذلك في مقال نشرته طريق الشعب بعددها 104 السنة 70 الأحد 10 تموز 2005 بعنوان(محاولة للالتحاق بحركة حسن سريع)وعشرات غيرها من مختلف سجون ومعتقلات العراق قام بها الشيوعيين العراقيين.
وعندما تتوحد الإرادة الثورية المنظمة للمناضلين لابد أن تنتج فعلا ثوريا وتلك الإرادة الثورية المنظمة والموحدة قد تجسدت في عملية نفق سجن الحلة عام 1967 ،بالعمل الجماعي المنظم والإرادة الصلبة التي هزت أركان الحكم العارفي الرجعي وقوضت أركانه المتداعية وهيئة الطريق لإسقاطه لولا الانشقاق الخطير الذي عصف بوحدة الحزب وتماسكه وجعله يحارب في جبهة داخليه أشغلته الى حين عن مواصلة نضاله مما مهد لمجيء البعثيين للسلطة بقطارهم الأمريكي والثورة البيضاء المفضوحة التي كانت تبادل أدوار بين عملاء متمرسين في خدمة الاستعمار،ولعل الانشقاق من الممهدات الأولى التي سهلت المرور لهؤلاء بما ظهر لاحقا من انضمام قادة المنشقين الى الانقلاب وإسناده والعمل في صفوف البعث،ولا زال بعضهم يسيرون في ذات الفلك في عدائهم للحزب والشعب فيما يظهر من مواقفهم المتذبذبة اتجاه الحالات الكبرى العاصفة في العراق.
لقد كانت عملية النفق أرادة وهدف كل المناضلين المشاركين في العملية وكان هدفهم الالتحاق بصفوف الحزب لممارسة دورهم والإسهام في نضاله لإسقاط الحكم بعد أن رفع الحزب شعار العمل الحاسم ورتب أوضاعه لإسقاط السلطة الهزيلة،ولم يدر في خلد أي منا الالتحاق بجهة أو أطراف أخرى غير الحزب الواحد الموحد الإرادة هذا من جهة ومن جهة أخرى نقول للحقيقة والتاريخ وأنصافا لدور المناضلين الآخرين،أن هناك نية ومحاولات بين عدد منهم في التخطيط للهروب ،لكن هؤلاء المناضلين كانت مداولاتهم تنحصر على موقع محدد وهو المطبخ القريب من القلعة القديمة ،مع أن هذا الموقع غير مأمون ويشكل خطورة كبيرة لوجود ربية للحراسة قبالة المطبخ وتراقب ما يجري في السجن من السطح ،إضافة لبعده عن السياج الخارجي للسجن،ومع ذلك بادر هؤلاء المناضلين باتخاذ الخطوات التمهيدية للهروب وقاموا بعمل جدار خشبي من الفايبر لقطع المطبخ وتقسيمه الى مخزن ومطبخ للاستفادة منه في أخفاء العملية وخزن التراب المستخرج،لكن كل هذه المداولات والنشاطات كانت تتسم بالفردية رغم أن اثنان منهم هما حافظ رسن وحسين ياسين كانا عضوان في المنظمة الحزبية للسجن،والتي كانت بقيادة نصيف الحجاج إضافة للشاعر مظفر النواب وعقيل حبش والملازم فاضل عباس ولم تسفر هذه المحاولات عن شيء،ولم يجري العمل بها لما ظهر لهم من أخطار وصعوبات.
وعندما جاء الراحل حسين سلطان من سجن نقرة السلمان في نيسان 1967 ،كان يحمل في مشروعاته فكرة الهروب الجماعي من موقع أفضل وأكثر أمانا وفاعلية،وعند وصوله السجن طرح هذا المشروع للمداولة مع حافظ رسن وكتب رسالة الى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي طارحا عليهم خطة الهروب وإمكانية أبداء المساعدة في تسهيلها وتأمين نجاحها،وكان أبو علي قد استوحى فكرة الهروب من خلال قراءته لقصة هروب مماثلة من نفق قام بها سجين روسي ،وكان قد سمع من أحد سجناء نقرة السلمان وهو الرفيق (سالم) الذي حدثه بحضور الرفيق ناصر حسين عن محاولة سابقة للهروب من سجن الحلة بواسطة حفر نفق من الصيدلية،إلا أنهم ولأسباب أمنية ولنقلهم الى خارج السجن اضطروا لردم الحفرة وإغلاق فتحتها بوضع قطع من القماش فيها وعمل صبة تتميز عن الصبة الأصلية لمن يريد الاهتداء إليها.
ولم يكن الراحل حسين سلطان على معرفة كاملة برفاق المنظمة الحزبية في السجن إلا حافظ رسن حيث يرتبطان بعلاقة وطيدة سابقة وسبق أن عملا في تنظيمات الخارج،لذا خصه بطرح هذا المشروع لأنه موضع ثقته،وما يؤكد هذه الحقيقة قول الزميل عقيل حبش في مذكراته ص30 بأن حسين ياسين ابلغه مع حافظ رسن بأن النفق قد يتغير مكانه ولا حاجة لخروجكم الى العمل في المطبخ،وقد أستفسر عقيل وفاضل من مظفر النواب عن سبب تغيير المكان فأجابه النواب لا علم لي بذلك وفي اليوم التالي سأل عقيل حافظ رسن عن سبب تغيير منهاج العمل فأخبره حافظ رسن بأن هذا رأي المنظمة،وبعد ساعة أبلغني حسين ياسين عن عدم ملائمة المطبخ لوجود نقطة حراسة تطل على النفق(المطبخ) ،وقال حسين ياسين أن هناك اقتراح من أحد الرفاق أن يكون النفق من داخل أحدى القاعات دون أن يذكر أسم الرفيق والمكان الجديد،وهذا ما تقتضيه ضرورات الصيانة وسرية العمل،وهذا الاعتراف غير المباشر من الزميل عقيل يؤكده ناصر حسين الذي كان مع حسين سلطان في سجن نقرة السلمان عندما كان حاضرا عند حديث سالم الى حسين سلطان ،كما يؤكده الأخ على عرمش ،وإننا عندما بدأنا العمل وجدنا ذات المواصفات التي ذكرها حسين سلطان عن سالم ،فقد كانت الحفرة مردومة بالتراب الى عمق متر واحد،وأن غطاء الحفرة الحديدي مغلف بالأسمنت ووجدنا قطعة القماش التي تسد الفتحة،وهذا ما يؤكده علي عرمش في مقاله،من هنا يأتي دور الراحل حسين سلطان في تحديد الموقع الجديد وبالتالي التخطيط للعمل،ومن هنا أكتسب العمل طابع التنظيم الحزبي والسرية التامة،سيما وأن الراحل أبو علي كان على اتصال دائم بالحزب من خلال الرفيقة وابلة الشيخ التي كانت في زيارات دائمة لأخيها عزيز الشيخ.
وعلى هذا فأن الأخوة المناضلين الذين يفكرون بالهروب قبل مجيء حسين سلطان الى سجن الحلة ما كانوا يمتلكون أي تصور عن موقع أفضل وأكثر ضمانا لنجاح العملية ،وقد أنحصر تفكيرهم بموقع المطبخ فقط رغم ما عليه من مخاطر،والى لقاء في رسالة ثالثة.


محمد علي محي الدين
21-10-2008



لحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة3

كان الرفيق نصيف الحجاج مسئول منظمة السجن الحزبية ، وعند مجيء الفقيد حسين سلطان الى سجن الحلة وطرحه مشروع الهروب الجماعي من الصيدلية،والذي طرحه على الحزب برسالة ثم خص حافظ رسن لثقته به كما أسلفنا،ولابد من التأكيد هنا أن قيادة الرفيق نصيف الحجاج الى المنظمة لا تنفي أو تلغي دور الرفيق أبو علي في عملية الهروب فهو صاحب المقترح في تحديد الموقع الجديد،وله دوره في عملية التخطيط والأشراف والمتابعة مع الرفاق الآخرين،واختياره جماعة التنفيذ التي درست في الاجتماعات المكثفة بين أبو علي وحافظ رسن،وكان حافظ رسن يزوره بشكل يومي ويتباحث معه بآخر ما وصل إليه الأمر في حفر النفق وما يواجههم من مشاكل وعقبات وليس كما يقول الزميل المطير أن حافظ رسن أخبر حسين سلطان وفي الحقيقة أن حسين سلطان هو الذي أرشدهم الى الصيدلية وأنها المكان المناسب لحفر النفق،كما أن دور أبو علي لا يمكن أن يلغي أدوار الآخرين الذين فكروا وحاولوا الهروب قبل مجيئه الى سجن الحلة،ولا ينفي دورهم في تنفيذ عملية الهروب الشجاعة،من هذا المنطلق ينبغي النظر الى العملية إرادة موحدة وعمل جماعي مشترك وهدف نبيل هو نيل الحرية والالتحاق بصفوف الحزب الشيوعي العراقي.
كانت الظروف الموضوعية لبلادنا وشعبنا في حالة نضوج ثوري،وكان حزبنا يخوض نضالا جماهيريا واسعا تتصاعد فيه أصوات المطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين،ليس على مستوى الشارع العراقي وإنما على مستوى العالم أجمع،من خلال جمعيات الدفاع عن سجناء الرأي والمنظمات الأخرى في العالم التقدمي ذلك الوقت،وكان الحزب في حالة استنفار قصوى لمناضليه،واستقطاب لأوسع الجماهير وحشد كل الطاقات الممكنة بهدف الإطاحة بالنظام الرجعي المتخلف ،وكانت منظمتنا الحزبية في السجن تعمل من أجل رفد الحزب بالمناضلين سيما العسكريين منهم ،وقامت فعلا بمساعدة وتنظيم هروب اثنان من الرفاق العسكريين وهما الرفيقان الملازم الطيار عبد النبي جميل والملازم حامد مقصود خلال المواجهة نصف الشهرية قبل عملية النفق،وقد تزامن مع هذا النهوض الثوري،عدوان الخامس من حزيران عام 1967 الذي ألهب المشاعر الوطنية والقومية،وتصاعد نضال شعبنا بكل قواه الوطنية ،وكشف ضعف وهزال النظام ألعارفي ،وعجزه عن المواجهة في المعركة القومية الكبرى.
وكان السجناء والمعتقلين السياسيين الذين تغص بهم سجون النظام من شيوعيين وديمقراطيين يتابعون بحماسة أخبار المعركة من الإذاعات ،وهم يتحرقون غيضا للإسهام فيها ونيل شرف المشاركة في معاركها لما جبلوا عليه من روح وطنية لا تعبأ بالصعاب وتحرق للنضال من أجل الجماهير وقضايا الوطن بشكل عام،لذلك قام المعتقلين بتقديم التماس أو مذكرة الى رئيس الجمهورية العراقية آنذاك عبد الرحمن عارف يطالبونه فيها أطلاق سراحهم وإرسالهم الى جبهات القتال حتى لو أستدعى الأمر أعادتهم الى السجون مجددا لمن يبقى حيا بعد المعركة لإكمال مدة محكوميتهم،ولكن أين لمثل عبد الرحمن عارف أن يدرك معنى الوطنية وصدق المشاعر التي تجيش في نفوس الشيوعيين للإسهام في النضال وخوض المعارك دفاعا عن الأرض وكيف له أن يفهم معنى التفاني ونكران الذات الذي تميز به الشيوعيون عن غيرهم في هذا المجال،وهو يقيس على ما في نفوس مرتزقته من المتسربلين باللباس القومي الذي لم يستر عوراتهم أو يخفي سوأتهم فانكشفوا للجماهير بعد حين مهزومين مذلولين يجرون أذيال الهزيمة والخزي.
وكان عدم استجابة حكومة عارف لمطالب الشعب وطلائعه الوطنية بإطلاق سراح السجناء والمعتقلين السياسيين الحافز والعامل الأساس لإسراع المنظمة الحزبية في السجن للبدء بالعمل الثوري الحاسم والقيام بحفر النفق وتحرير السجناء والمعتقلين لأنفسهم بعد أن أوصدت السلطة العميلة أذنيها عن نداء داعي الضمير،رغم أنف السلطة العارفية وجلاوزتها العملاء،وبدء الرفيق حسين سلطان والرفيق حافظ رسن بنشاطهما والتحرك لاختيار الرفاق المنفذين للعملية،وقد أبلغني الرفيق أبو علي شخصيا بهذه المهمة المشرفة،وللحقيقة ومع كل اعتزازي بالفقيد الكريم فأني لم أعرفه سابقا،ولم أراه حتى ذلك التاريخ،لكنه بما يمتلك من سمات قيادية وقدرات خلاقة كقائد شيوعي مجرب وعضو لجنة مركزية اختارني وشخصني من خلال المثابرة في عملي في لجنة التقاط الأخبار،وأعداد النشرة الإخبارية اليومية للسجناء ،إذ كنا نسهر حتى ساعات متأخرة من الليل منهمكين في عملنا ،تملأ نفوسنا الغبطة والسعادة ،بلا كلل أو ملل للاستماع الى الأخبار وأعداد النشرة وقراءتها صباح كل يوم في القاعة رقم (1) التي كنت نزيلا فيها مع الرفيق الشهيد عبد الأمير سعيد،وكانت اللجنة تتكون من جدو وكمال كمالة وعلي حسين السالم رئيس اللجنة،وكنت قد طرحت في أحد الاجتماعات الحزبية فكرة الهروب بالطريقة التي هرب بها أحد الرفاق من قادة الحزب الشيوعي الفنزويلي الشقيق –على ما أتذكر- وليس البرازيلي كما يرويها الزميل جاسم المطير،الذي هرب عبر نفق أيضا من زنزانة الى محل صغير بجوار السجن،وإضافة لعملي في لجنة الأخبار كنت مكلفا بالعمل في كشك صغير بجانب ساحة القلعة الجديدة وأقوم ببيع المشروبات الغازية والحليب المعقم وأقوم بتسليم الإيراد اليومي الى المنظمة الحزبية ،لتقوم بدورها في صرفه لاحتياجات السجناء كمصروف يومي لضعفاء الحال أو شراء ملابس في موسم الشتاء والصيف.
وعلى هذا شخصني وعرفني الفقيد أبو علي وليس كوني من المقربين إليه كما يزعم البعض،وتم تشخيص فريق التنفيذ من أربعة رفاق هم حميد غني جعفر المعروف ب جدو وعقيل عبد الكريم حبش والملازم فاضل عباس وكمال ملكي الملقب (كمالة)،أما فريق الأشراف على العمل أو التخطيط من حيث ضبط وتحديد المسافات والقياسات المطلوبة وتوفير المستلزمات الضرورية للعمل،وصنع الهويات المزورة للرفاق الذين قررت المنظمة هروبهم،فقد كان يتكون من ثلاثة رفاق هم حافظ رسن/ مظفر النواب / حسين ياسين،ويشرف على الجميع الفقيد حسين سلطان عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ،لأنه المسئول الأول اتجاه الحزب وهو من قام بمفاتحة اللجنة المركزية حول الهروب ،وهو الذي حدد المكان الجديد للحفر،ولعل هناك من يعلم بالموضوع عن طريق علاقة خاصة ألا أنه ليس من المحسوبين على لجنة الأشراف والتنفيذ،والدليل أن ما يصرف من قبل المنظمة الحزبية كمصاريف لا يمكن التصريح به ولكنه كان يسجل بأمر من أبو علي على أنه مرسل الى الحزب ،ولم يكن أحد يستطيع التصرف أو العمل دون موافقة الأقدم في السجن وهو حسين سلطان.


محمد علي محي الدين
22-10-2008



الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة 4

فكرة عامة عن الموقع الجديد (الصيدلية)
تقع الصيدلية قرب القلعة الجديدة وهي بناية منعزلة تقع في يسار ساحة القلعة ضمن ممر ضيق يحتوي على خمسة غرف صغيرة اثنان يمينا واثنان يسارا والخامسة في عمق الممر وبابها الرئيسي قبالة الساحة وهي الصيدلية التي كانت سابقا من ملحقات المستشفى الصغير الخاص بمعالجة السجناء المرضى ويمكن أنها كانت مستعملة حمامات أو مطبخ لوجود مجرى اكتشفناه بعد الحفر وهو ما سنشير إليه في محله،وفي نهاية البناية من جانبي الصيدلية يمينا ويسارا قاعتين كبيرتين،وفي داخلهما باب خشبي يؤدي الى غرفة الصيدلية،لكن البابين قد ألغيتا وأغلقتا بشكل محكم بعد أن تحولت المستشفى الى قاعة للسجناء،ومساحة الصيدلية لا تزيد على متران ونصف الى ثلاثة أمتار ويفصل بناية غرفة الصيدلية عن السياج الرئيسي للسجن مسافة 13-14 متر،وخلف السياج الرئيسي للسجن مباشرة وملاصق له مرآب لسيارات النقل بين المحافظة والمدن الأخرى.
وبفعل هذه المزايا لموقع الصيدلية كانت هي موضع الاختيار سواء في المحاولة الأولى عام 1964 أو المحاولة الثانية عام 1967 ،وكان الفقيد حسين سلطان قد استوحى فكرة الموقع والطريقة من مناضلين سبقوه،وهو ا تأكد لنا بعد العمل فعلا إذ عثرنا على ما أخبرنا به أبو علي من وجود حفر سابق وبقايا ملابس وبطانية استعملت في ردم الحفرة،وهو ما أكده علي عرمش وناصر حسين،وعقيل حبش،وأكده أبو علي في أول لقاء لنا بعد ستة أعوام من الهروب أي عام 1973 عندما كنت أعمل في مقر
منظمة بغداد للحزب في عرصات الهندية ثم في مقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في ساحة عقبة بن نافع،وحدثني عن الكثير من القضايا التي تتعلق بالنفق والتي لم يستطيع الحديث بها في السجن بفعل الالتزامات الصارمة وضرورات الصيانة وقد وردت تلك القضايا في مذكراته التي نشرها نجله الأخ خالد ولا حاجة لتكرارها هنا،وأود أن أشير هنا الى أن الفقيد حسين سلطان ليس بحاجة للتبجح بعمل لم يقم به لأن تاريخه السابق عبر عقود في الحزب يجعله ليس بحاجة لمثل هذه الأمجاد فما شيد من مجد وما يتمتع به من مكانة تجعله فوق هذه الصغائر التي يترفع عنها الشيوعيين ناهيك عن قادتهم المعروفين بالصدق والأمانة والخلق الكريم.
وعلى أي حال فقد بدأنا العمل في النفق،ولا أرى من الضرورة التحدث عن دور كل رفيق من الرفاق المشاركين في العملية سواء في التنفيذ أو الأشراف لأن من طبيعتي أن لا أتسرع بالكلام وأمقت التهويل والمبالغة في وصف دوري ودور الآخرين،لأن المشاركة لوحدها هي دليل الشرف والسؤدد والثقة العالية بذلك الرفيق أن يكلف بمهمة سرية في انكشافها مخاطر كبيرة،وقد بدأنا العمل بروح رفاقية حميمة وإرادة شيوعية لا تثنيها الصعاب،ومعنويات عالية وتفاؤل بالنجاح،وجهد كل منا مكمل للآخر مهما كان بسيطا،ووحدتنا هي التي أنجزت المهمة،ومهدت الطريق لهروب هذا العدد الذي لولا ألانشقاق لتمكنا من تهريب ما يزيد على المائة سجين شيوعي،وكان جميع العاملين متفانون في تنفيذ مهماتهم والغبطة تملأ قلوبهم والسعادة تغمرهم رغم المعوقات والمشاكل التي واجهتهم في مختلف المراحل أثناء العملية،وكنا نردد أغاني الحزب وأناشيده الثورية لإثارة الحماسة وروح التضحية والصبر،ولتخفيف أعباء العمل وحرارة جو النفق الخالي من الأوكسجين،لأننا على موعد مع الحرية ولم يكن هناك أي اختلاف أو تعارض في وجهات النظر،وكان الهدف الأسمى هو الخروج للمشاركة في النضال والعمل بين الجماهير،واستمر العمل حتى أواسط أيلول 1967،وقد التقطت لفريق الأشراف والتنفيذ صور شخصية لتنظيم هويات ،وكذلك للرفاق الذين قررت المنظمة هروبهم،وقد التقطت لنا الصور في غرفة صغيرة في القلعة الوسطى،وللأسف لا يحضرني أسم الرفيق الذي التقط الصور ولكن كان حسين ياسين وحافظ رسن من ضمن الحاضرين.
وكان العمل يجري بسرية وكتمان شديدين حتى أن الرفاق الين قررت المنظمة هروبهم لا يعلمون أي شيء عن فريق الأشراف والتنفيذ ولا حتى مكان النفق،ومن أهم المشاكل والمعوقات التي واجهتنا في عملنا هي كيفية التخلص من التراب المستخرج من النفق ،فالغرفة الصغيرة لا تستوعب كميات التراب الكثيرة المستخرجة لأن الضلع من جهة اليسار فيه فوهة النفق،والضلع الثاني هو باب الصيدلية الرئيسي ومنها الدخول والخروج،بقي ضلعان فقط أحدهما امتلأ بالتراب حتى السقف تقريبا بعد أن وضعناه في بطانيات خيطت على شكل أكياس،أما الضلع الآخر من جهة اليمين فقد صنعنا له صندوق كبير على طول الضلع من الخشب والفايبر المعاكس،وكدسنا فيه التراب،وضلت هذه المشكلة تواجهنا وطرحناها على حافظ رسن الذي كان على اتصال يومي مع الرفيق حسين سلطان وتزويده بتقرير شفهي عن آخر التطورات وما وصلت إليه عملية النفق،وقد تم بعد ذلك التنسيق مع أدارة السجن من خلال ممثل السجناء على جلب ثلاثة أحمال لاستعمالها في تحصين سقف كابينة المكوى والمقهى التي تنفذ منها مياه الأمطار،وكان ذلك لغرض التمويه على أدارة السجن والتخلص من التراب باستعماله لهذا الغرض،وقمنا فعلا بجلب التراب أنا وكمال وفاضل الى المقهى في وضح النهار،وفي الليل قمنا بنقل التراب من النفق الى المقهى بترتيب خفارة ليلية فاضل وعقيل ساعة ثم حسين ياسين وكاتب السطور ساعة ثانية،ولم تنهي معضلة التراب فقمنا بعد أن ضاقت السبل بملأ العلب الفارغة من التاييد والحليب بالتراب ورميها في حاويات الأوساخ لينقلها المنظفون صباح كل يوم خارج السجن في الأماكن المخصصة للقمامة.
وكانت كثير من العقبات تعترض طريقنا بشكل يومي ،لكن وحدة الإرادة والعمل الجماعي كفيل بتذليلها،وكنا نتدارس تلك المقترحات مع حافظ رسن وبدوره ينقلها الى الرفيق حسين ياسين،وكنت أشاهدهما يلتقيان يوميا ويأخذان الساحة ذهابا وإيابا ليناقشان الأمر ويجدان الحل الملائم له.
وكان العمل يجري بشكل منظم والتزامات صارمة بسرية العمل وتفان لإنجاز المهمة وليس هناك أي تفكير أو نوايا سلبية ولكن كانت محاولات مقصودة أو غير مقصودة قد جرت وكادت تعصف بأحلامنا وآمالنا،لكن الإرادة والتصميم ومحاولة تجاوز السلبيات كانت أقوى فأجهضت تلك المحاولات،ومنها على ما أتذكر أننا فوجئنا ذات يوم شديد الحرارة بزيارة مدير السجون العام الجديد وبعد لقاء لجنة التنظيم معه وطرح مطالب السجناء رفض المدير العام تلك المطالب،ثم قام بجولة يستطلع فيها أوضاع السجن عامة يصحبه مدير السجن والمأمور وعدد من الحراس وعلى غير العادة المتبعة لم يرافقه ممثل السجناء،وابتدأ جولته من القلعة القديمة – الوسطى- ثم جاء الى القلعة الجديدة،واتجه الى الممر الذي تقع فيه غرفة النفق،وكنا نرقب بقلق شديد ما سيحدث خشية أن يطلب فتح باب الصيدلية فتقع الكارثة ،وتضيع كل الجهود المبذولة،وتتبدد الآمال في اللحاق بالحزب،لحظات من الفزع والخوف والترقب،وما أن لمست يداه القفل الصغير الذي على الباب حتى شعرت بالدوار في رأسي وكدت أصرخ لكني تماسكت،وكان الى جانبي فاضل ،والحقيقة كان فاضل هادئا وأكثر تماسكا مني،وسأل المدير أحد مرافقيه عن الغرفة فأجابه أنها غرفة تواليت مهجورة،فرفع المدير يديه عن القفل وعاد من حيث أنى،وكانت فرحة لا توصف غمرت الجميع وكأننا منا في حالة اشتباك مع العدو وتحقق فها نصرا عظيما،ومن فرط فرحتي ناديت السجناء المتواجدين في الساحة :تعالوا أشربوا الشاي على حسابي،ولم يكن السجناء يدركون سبب فرحتي.
بهذه الروح الرفاقية الشيوعية وبهذا التماسك والأيمان جرى العمل حتى أواخر أيلول وفي هذه الفترة أعلن ألانشقاق الخطير والكبير الذي قاده (رمزي) عزيز الحاج أو ما يسمى بالقيادة المركزية المؤقتة،فكانت الكارثة حيث أنقسم الحزب وتمزقت أو تشتت تنظيماته وأضعفته أمام العدو،وكان لهذا ألانقسام والتمزق انعكاساته المباشرة على السجناء السياسيين في جميع السجون العراقية،ومنها نحن في سجن الحلة،وكان ألانشقاق والنفق على وشك النهاية.
وقف السجن على قدميه كما يقال،نقاشات ساخنة حادة من الصباح حتى المساء،بل وساعات متأخرة من الليل،واحتدمت الصراعات وتطورت الى مشاجرات أتسمت بالعنف،ونتيجة تلك المشاحنات والانفعالات والتوترات العصبية توقف العمل في النفق،وسادت الفوضى العارمة في السجن،غابت الروح الرفاقية،وتغلبت الأنانية وحب الذات،وإزاء هذه الفوضى العارمة التي سادت السجن،اتخذت المنظمة الحزبية قرار بأجراء استفتاء عام لكل السجناء وتحديد موقف كل منهم بحرية وقناعة تامة في أن يكون الرفيق مع أي جهة يرى فيها الحق والصواب،وكان هذا القرار –الاستفتاء- من المنظمة الحزبية التي يقودها حسين سلطان،وقد وضع هذا ألاستفتاء حدا لحالة الفوضى والمهاترات والمشاحنات،وعاد الهدوء الى السجن بعد أن انقسمت المنظمة الحزبية الى منظمتين على النحو التالي،منظمة الحزب بقيادة الرفيق حسين سلطان وصاحب الحميري وعبد الأمير سعيد وجميل منير ولطيف حسن الحمامي ،والمنشقين من الشاعر مظفر النواب وحسين ياسين وحافظ رسن،وكان قد أنحاز الى المنشقين ستة من العاملين في النفق من مجموع السبعة ولم يبق مع الحزب من هذه المجموعة إلا كاتب السطور،الأمر الذي أثار غضب واستياء المجموعة على جدو حتى بذل حسين ياسين عدة محاولات لإقناعي بالانضمام إليهم،ورفضت مما جعله ينفعل ويقول لي :الم تكن هذه وجهة نظرك التي كنت تطرحها وتنتقد الحزب .قلت له :وما زلت أنتقد الحزب على بعض مواقفه ولكن ذلك ليس الانشقاق،لأني أرى في الانشقاق عمل تخريبي يخدم عدونا المشترك.
وكانت محاولات حسين ياسين هذه في التأثير علي وكسبي الى جانبهم يهدف في الأساس الى عزل الحزب عن عملية حفر النفق،وبالتالي الانفراد به لوحدهم على أنهم الذين خططوا لها ونفذوها ولا علاقة للحزب بها،إذ لم يبقى مع المجموعة من الحزب سواي،ولذا حاول المنشقون أبعادي عن العملية بأي طريقة.
بعد عودة الهدوء واستتباب أوضاع السجن جرى أتفاق بين المنظمة الحزبية والمنشقين على العودة الى العمل في النفق لإنجاز ما تبقى منه وهو بحدود ثلاثة أمتار وكان ذلك في أوائل تشرين الأول عام 1967.


محمد علي محي الدين
28-10-2008



الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة 5



الأخ الأستاذ محمد علي محي الدين المحترم
تحية طيبة ...
متابعة لرسائلنا السابقة نستأنف برسالتنا هذه استكمال الصورة الحقيقية لواقعة نفق سجن الحلة وما رافقها من ملابسات وإشكالات..لم يتطرق إليها معظم الأخوة الذين كتبوا عن النفق أما عن جهل بها أو بقصد التستر وتشويه الحقيقة .
و لابد من كشف الحقائق الناصعة أمامكم والرأي العام بأمانة ومصداقية بعد عودة الهدوء واستتباب أوضاع السجن كما أسلفنا في رسالتنا السابقة وبعد الاتفاق بين منظمتنا الحزبية بقيادة الرفيق حسين سلطان ومنظمة المنشقين على العودة إلى العمل في النفق لإنجاز ما تبقى منه بحدود ثلاث أو أربعة أمتار بدأنا العمل من جديد في أوائل تشرين الأول من العام 1967 .
ولكن العمل في هذه المرة لم يكن كما اعتدنا عليه في البداية..إذ غابت الروح الرفاقية وتغلبت الأنانية وحب الذات..وبات كل من إفراد المجموعة ينظر الي وكأني خصم أو ند لهم ولست رفيق شيوعي حتى نظراتهم لي قد تغيرت..وبدأت المضايقات والضغوطات بهدف التخلص مني وإبعادي عن العملية والذي يهدف بالأساس الى إبعاد الحزب عن العملية والانفراد بها على إنهم أي المنشقون الثوريون هم الذين خططوا ونفذوا العملية ولا علاقة للحزب بها وذلك لأني الوحيد من المجموعة بقيت مع الحزب كما أسلفت وقد أخبرت الرفيق حسين سلطان بهذا الأمر فأشار عليً الرفيق أبو علي بضرورة تحمل الصعاب وضبط النفس لأني في مهمة حزبية على حد قوله وهكذا استمر العمل ومن الطريف أن اذكر هذا الموقف المحرج الذي تعرضت له..ذات يوم وأنا في عملي داخل النفق تغمرني الفرحة وانشد أنشودة يالرايح للحزب خذني وإذا بطرقات سريعة على باب الصيدلية ( النفق ) فانتابتني الحيرة والقلق الشديد..والخبر هل كشف أمرنا وضاعت الأحلام..شلت يدي عن العمل..وازدادت الطرقات على الباب وخرجت مسرعاً من النفق وإذا بصوت يناديني ( جدو...جدو...) اخرج بسرعة يمعود..أخوك كَلب السجن يبحث عنك فتحت الباب وإذا به الرفيق المهندس علي حسين السالم..يقول.. لك غسل أديك ووجهك بسرعة أخيك جاء لمواجهتك وهنا اطمأننت واغتسلت يدي ووجهي بسرعة وذهبت الى القاعة مسرعاً..وكان هناك أخي حسين ومعه ابن أخي الأكبر نضال وهو طفل لا يتجاوز التاسعة من عمره لاحظت الغضب والانفعال على وجه أخي حسين..وصرخ في وجهي..وين جنت..ما خليت قاعة ما دورته كَلي وين وليت..ابتسمت بوجهه محاولا تلطيف الجو بسرعة وأخذته الى صدري معانقاً إياه ثم انحنيت على ابن أخي وقبلته..وهنا فاجئني الطفل الصغير بسؤاله المحرج ( عمو ) شنو هذا التراب بركبتك وتشاغلت عن الجواب بانحناءة أخرى لتقبيله..ورحت اسأله عن دراسته بيد إن أخي حسين أيضا سألني ذات السؤال بشيء من الاستغراب..وتشاغلت عن الجواب بسؤاله عن الأهل وأخي الأكبر أبو نضال وأنا امسح التراب من عنقي الذي كان معتقلاً هو الآخر وكان حسين قد أطلق سراحه من سجن نقرة السلمان بعد انتهاء محكوميته عام 1965 .
وفي نهاية الزيارة طلبت من أخي و رفيقي حسين أن يجلب لي في المواجهة التالية ( دشداشة و سترة وحذاء رياضي ) وقد أثار طلبي هذا استغرابه بشكل واضح وقال أنت بالبيت متلبس دشداشة!! شلك بيها؟ ولك شغلة الدشداشة مو خالية..فأجبته على الفور : مو الدشداشة اروح من البجامة والحذاء أريده للرياضة الصباحية..ولم يقتنع بذلك لكنه لبى لي طلباتي في المواجهة التالية في الأول من تشرين الثاني .
وكانت هذه الطلبات باتفاق مع الرفيق حسين سلطان حيث كنت قد أخبرته في وقت سابق بأني لا اعرف طريق الحلة ولا شوارعها لأني لم أراها من قبل ولا اعرف أين أتوجه عند هروبنا من السجن فقال لي الرفيق أبو علي..
لا عليك..سأكون بانتظارك عند الخروج في باب الكراج لأصطحبك معي الى الريف ولذا فضلت الدشداشة لأنها مناسبة لوضع الريف .
كنا في هذه الفترة قد بلغنا بالعمل في النفق نهاياته..فقد أصبحنا على مقربة من الكراج الملاصق للسجن..حتى تركنا مسافة أو مقدار طابوقتين أو ثلاث وهي الفوهة التي تتسع لعبور شخص..وتوقف العمل لحين ورود إيعاز من الحزب فقد كانت منظمتنا الحزبية على اتصال بمنظمة الحلة ( محلية الحلة ) إذ كان من المتفق عليه بين منظمة السجن ( ومحلية الحلة ) أن تقوم المحلية بتهيئة بعض المستلزمات الضرورية لتسهيل عملية الهروب ومنها تهيئة السيارات من داخل الكراج لنقلنا الى مكان يرتئيه الحزب ولم يكن لنا علم بهذا المكان..ولكن وفقاً لما قالته الرفيقة وابلة الشيخ للرفيق حسين سلطان من إن الحزب لا يستطيع إيواء الهاربين في المدن لكنه يستطيع إيواء الهاربين في الريف وعلى هذا فأن اغلب الظن كان التوجه نحو الريف..وان تكون السيارات بحماية عدد من الرفاق من تنظيم الحلة وعلى هذا الأساس توقف العمل ولم يكن هناك أي موعد متفق عليه بين مجموعة العاملين في النفق أو بين منظمتنا الحزبية ومنظمة المنشقين .
ويبدو إن المنشقين استغلوا فترة توقف العمل هذه فواصلوا العمل بمفردهم من وراء ظهر منظمتنا الحزبية ودون علمي كشريك في العملية واتخذوا قرارا أيضا بأبعادي عن العمل من طرف واحد أي دون إبلاغي بالقرار وأكملوا رفع مسافة الطابوقتين والثلاث التي اشرنا إليها وقاموا بتغليف النفق بالبطانيات وسحب سلك كهربائي الى داخل النفق للإنارة وقد اتضح هذا الأمر في الليلة الحاسمة التي سيأتي ذكر في الرسالة القادمة .
الليلة الحاسمة
17 / 10 / 2008
كانت هذه الليلة التي أسميتها ( الليلة الحاسمة ) مفاجئة لنا ولمنظمتنا الحزبية التي كانت تتهيأ مع كافة السجناء للاحتفال بالذكرى الخمسون لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى .. وكانت منشغلة بأعداد فقرات برنامج الاحتفال بهذه الليلة العظيمة فالجميع كانوا مشغولون وفرحون بأحياء ذكراها العاطرة ولم يدور في خلد أي منا أن يحدث ما حدث إذ لم يكن هناك أي اتفاق أو موعد محدد مع منظمتنا على تنفيذ عملية الهروب في تلك الليلة كما أشرت الى ذلك في رسالتي السابقة لأننا كنا بانتظار الإيعاز من الحزب أو محلية الحلة كما أسلفت لكن الذي اتضح هذه الليلة إن المنشقين كانوا يخططون بمفردهم وقد حددوا هذه الليلة للهروب بمفردهم وقد استخدموا أساليب ملتوية بهدف إبعاد النظر عما يخططون فقد التقى صباح اليوم 6 / 11 حافظ رسن بالرفيق حسين سلطان وابلغه بأنهم ( المنشقين ) سيعقدون اجتماعاً لهم في القاعة الكبيرة رقم سبعة المحاذية لغرفة الصيدلية فقال له أبو علي هذا أمرا يخصكم ثم أعقبه بعد سويعات الشاعر مظفر النواب وطلبة من الرفيق أبو علي تزويده بصور الرفاق الذين تقرر هروبهم مع أسماء مستعارة لهم لتثبيتها في هوياتهم على أن يأتي في صباح اليوم التالي لاستلامها لكن عملية الغدر قد اكتشفت قبل ساعة من تنفيذها حيث كنت أقف في ( الكشك ) لمزاولة عملي في بيع المشروبات الغازية وقناني الحليب المعقم شاهدت عناصر من المنشقين ( من القلعة القديمة ) وهم يدخلون الى القلعة الجديدة ويتجهون الى القاعة الكبيرة المحاذية لغرفة الصيدلية وكلاً منهم يحمل كيس من القماش تسمى ( البقجة ) وكان عددهم بين 12 – 15 شخصاً وفي مقدمتهم حافظ رسن ومظفر النواب وحسين ياسين وعقيل حبش وفاضل وآخرون وشاهدت شخصاً يقف في باب القاعة الأمر الذي لفت نظري وبقيت أراقب هذا التحرك المريب وفجأة قطع التيار الكهربائي للحظات ثم عاد مرة أخرى وبانقطاع التيار الكهربائي تبادر الى ذهني مباشرة إن الجماعة قد سحبوا السلك الكهربائي الى داخل النفق واتجهت مسرعاً الى الرفيق حسين سلطان الذي كان هو الآخر في الساحة يراقب ( الاجتماع المزعوم ) الذي أوهمه به حافظ رسن وأخبرته بخطورة الموقف فقال لي أبو علي جدوا هل أنت متأكد مما تقول هذا الكلام خطير وقلت له نعم وإلا لماذا قطع التيار الكهربائي يقيناً إنهم سحبوا سلك الكهربائي الى داخل النفق ... ولماذا الأكياس بأيديهم بالتأكيد فيها ملابس للهروب فقال الرفيق أبو علي تذكر رفيق أنت ستكون المسؤول أمام الحزب إذا ظهر عكس ذلك فأجبته بثقة وإصرار نعم أنا المسؤول أمام الحزب وهنا أشار الي الرفيق أبو علي بحمل قضيب حديدي صغير ( شيش ) كان موجود في الكشك والتوجه به الى باب الصيدلية الرئيسي لكسر القفل واتجهت الى باب الصيدلية الرئيسي أما الرفيق ابو علي فقد ظل واقفاً في الساحة أمام الممر المؤدي للصيدلية ووقف الى جانبه الرفيقين عبد الأمير سعيد وصاحب الحميري لمراقبة الموقف بانتظار ما سيحدث وعند باب الصيدلية استرقت السمع من خلف الباب فسمعت وقع خطوات داخل الصيدلية وصوت همس يقول هل الإنارة جيدة أيقنت ساعتها ان المنشقين يغدرون بنا وناديت على حسين ياسين بصوت منخفض وقلت له هل هذه هي الأمانة الحزبية التي تربيت عليها في الحزب .. الغدر برفاقك ووضعت قضيب الحديد في القفل وإذا بشخص يحاول أن يجذبني ويأخذ الشيش من يدي ( يبدوا انه مكلف من المنشقين بحراسة باب الصيدلية ) وبعد شد وجزر بيننا لسحب الشيش كلاً إليه انتصرت عليه بجذب الشيش وطرحته أرضا وحاولت أن أسدد له ضربة إلا إن رفاقنا الثلاثة أبو علي و الحميري وعبد الأمير الذين كانوا يراقبون في الساحة جاءوا مسرعين ومنعوني من ضربه ويبدوا إن حسين ياسين قد سمع بالمشاجرة من خلف الباب أي من داخل الصيدلية فناداني بصوت مرتعش ( جدو .. جدو ) تعال هنا نتفاهم في القاعة فأجبته على الفور ليس لي أي تفاهم معكم .. التفاهم مع الحزب وهكذا اتضح أمر المنشقين ونواياهم وانسحبوا من النفق الى القاعة الكبيرة الواحد تلو الآخر مخذولين وكما يروي الزميل عقيل حبش ( من جماعة المنشقين ) في مذكراته الطريق الى الحرية صفحة 49 ( اخبرني فاضل نقلاً عن مظفر انه يتوقع ردم النفق وعليكم الاستعداد لردمه ( هكذا سادت حالة من الإرباك بينهم وعاد عقيل الى القلعة القديمة غاضباً ليأخذ قسطاً من النوم والمهم وبعد أن انتهت المشاجرة مع المنشقين أوعز الرفيق حسين سلطان للرفيقين الحميري وعبد الأمير بالوقوف في باب القلعة الجديدة الرئيسية لمنع دخول أو خروج أي من السجناء كأجراء امني واحترازي خشية تسرب الإخبار الى إدارة السجن مما يعني فشل العملية وضياع الجهود المضنية التي بذلناها وعولنا عليها في خلاصنا من قيود السجن والالتحاق بصفوف الحزب وذهبت مع الرفيق ابو علي للتفاوض مع المنشقين في القاعة الكبيرة التي تجمعوا فيها بعد خروجهم من غرفة النفق وكان هناك حسين ياسين وحافظ رسن ومظفر النواب وآخرون وكانت الوجوه متجهمة غاضبة وترتسم عليها الانفعالات والتوتر العصبي وبدأ الكلام الرفيق ابو علي بكل هدوء قائلاً رفاق نحن كلنا مناضلون شيوعيون وإذا كان الحزب قد انقسم اليوم فلابد أن يتوحد غداً وتاريخ حزبنا غني بالتجارب وقبل أن يتم الرفيق أبو علي كلامه انبرى مظفر النواب مقاطعاً بانفعال وعصبية شديدة قائلاً لا...لا انتم اليمين ( ورفع يده اليمنى الى الأعلى ) ونحن اليسار ( ورفع يده اليسرى ) ولا يمكن أن نلتقي أبدا- ارجوا إن لا يفهم من حديثي هذا الإساءة لشاعرنا الكبير الأستاذ مظفر النواب فهو رفيق وصديق عزيز ولكن له كل التقدير والاحترام لكنها الحقيقة- وعندما رأى الرفيق ابو علي إن النقاش والتفاهم في مثل هذه الأجواء المتوترة والانفعالية لا جدوى منها وليس في الوقت متسع للطالة في الحديث فالموقف محرج وحساس وأصبح الأمر مكشوفاً أمام الجميع قال الرفيق ابو علي المهم أن نتفق الآن على تنظيم العملية وهنا قال مظفر واحدا منا وواحداً منكم أجابه الرفيق ابو علي إذا كان هذا رأيكم فلا بأس ولكن يجب أن يكون الأول منا استغرب النواب كلام ابو علي وقال له من الأول إذا أجابه ابو علي الأول جدوا مشيراً بيده نحوي فوافق النواب أما أنا فقد رفضت أن أكون الأول تقديراً واحتراماً للرفيق أبو علي فهو اكبر مني سناً وهو عضواً في اللجنة المركزية للحزب وقلت له لا يا رفيقي أنت أول من يخرج وبعد هذا الحوار الساخن تم الاتفاق على العشرة الأوائل خمسة منا وخمسة منكم أي واحد من جماعة الحزب وواحد منهم وفعلاً بدأنا التهيؤ للانطلاق الى عالم الحرية ولقاء الحزب وأعطاني الرفيق ابو علي خمسة دنانير وكان ابو علي أول من خرج ثم أعقبه مظفر ثم جدو .
نهنئكم من القلب بزفاف ولدنا العزيز زاهد ونرجو له كل خير والموفقية وبالرفاه والبنون


محمد علي محي الدين
29-10-2008



الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة 6



ذكر الرفيق جدو في رسالته الأخيرة أنه جرى الاتفاق على أن يخرج من النفق في البداية الراحل حسين سلطان ويليه مظفر النواب والثالث جدو،وقد حدثني جدو في زيارته الأخيرة عن ما حدث بعد الخروج من النفق،وأمور أخرى لم ترد في رسائله رأيت تدوينها أكمالا للرسائل وإنهاء للعملية لأن الأخ عقيل حبش -على ما أخبرني في رسائله التي سأشير إليها- لديه العديد من الملاحظات حول ما ورد في رسائل الرفيق جدو وطلبت منه نشرها بعد اكتمال نشر الرسائل ونحن الآن بانتظار تعقيباته ليتسنى لنا الرد عليها نفيا أو تأييدا بعد الرجوع الى صاحب العلاقة الرفيق جدو،وأود أن أشير في نهاية المقال الى شخصية كان لها أثرها في الاختلافات عن المخطط الحقيقي للنفق وهو حسين ياسين الذي كان يلعب على أكثر من حبل ويتعامل مع أكثر من طرف لما جبل عليه من نفسية متذبذبة لا تستقر على حال وأمور أخرى سنتناولها راجين ممن يمتلك معلومات أخرى عن هذا الشخص الذي تسبب بكوارث عديدة للحزب وقضية الشعب أن ينشروا ما لديهم من معلومات عنه ليكشفوا حقيقته الانتهازية المراوغة وما يتحلى به من خلق بعيد عن أخلاق الشيوعيين بمختلف أشكالهم وألوانهم.
يقول الرفيق حميد غني جعفر(جدو): بعد خروجي من فتحة النفق وتنشقي لنسيم الحرية سرت بمحاذاة سياج الكراج باتجاه بابه المطلة على الشارع الرئيسي قرب ساحة تتفرع الى أربعة شوارع أحدهما باتجاه الديوانية والثاني باتجاه كراج بغداد والثالث الى مركز المدينة والرابع شارع السجن،وعند وصولي الى الباب وجدت حارس السجن واقفا فسلمت عليه بهدوء ورد علي السلام لأني كنت الشخص الثالث الذي خرج من الكراج وعندما أصبحت خارج الكراج تلفت يمينا وشمالا وأنا لا أدري أين أتجه لأني غريب عن المدينة ولم أشاهدها في حياتي ،وفي تلك اللحظة مرت أمامي عربة (ربل) فتسلقتها وركبت في المؤخرة طالبا من السائق التوجه الى كراج بغداد بما يستطيع من سرعة لأني على عجلة من أمري لوجود وفاة عندي وأعطيته ما طلب من أجرة لأن الرفيق حسين سلطان منحني مبلغا قدره خمسة دنانير،وبعد أن سارت العربة لمسافة أنزلني السائق مشيرا الى كراج السيارات المتوجهة الى بغداد،فنزلت هناك وتوجهت الى الكراج فوجدت أمامي كل من مظفر النواب وحسين ياسين وحافظ رسن وفاضل عباس وشخص آخر لم أتبين وجهه عرفت فيما بعد أنه جاسم المطير،فأشار لي مظفر بالركوب معهم حيث اكترينا سيارة صغيرة خمسه راكب،وكان النواب يرتدي الزي الريفي وكأنه أحد شيوخ الأعراب،وكان الجميع يعلمون أني لا أحمل هوية لأن المنشقين عملوا الهويات لجماعتهم مستثنين جماعة اللجنة المركزية في أول خرق وتآمر على رفاقهم رغم الاتفاق المسبق بيننا على عمل الهويات للجميع وقد زودناهم بالصور على هذا الأساس،فسأل مظفر السائق بلهجة ريفية جنوبية(خويه الأسم بالخير) فرد عليه السائق(حسين) فقال مظفر(خويه أبو علي أرد أنشدك أكو سيطرة تفتيش بالطريق)فقال السائق(أكو سيطرة وحده بس من توصلون يمها أقره آية الكرسي وأنشالله كلشي ماكو)فأحس مظفر أن السوآل ربما يجلب الشك فأردف قائلا(خويدمك هذا(مشيرا لي) نسه هويته بالبيت وهو طالب مدرسة وأجينه مستعجلين لأن عدنه جنازة) وعندما وصلت السيارة الى السيطرة لم يوقفها مراتب السيطرة لأن التفتيش تلك الأيام كان روتينيا ولم يصل خبر الهروب إليهم ليتخذوا الأجراآت المشددة،وتمكنا من عبورها وعندما وصلنا الى ساحة المتحف في علاوي الحلة نزلنا جميعا من السيارة وكانت الساعة بحدود العاشرة ليلا فقال لي حسين ياسين (تجي ويانه) فقلت له (لا هذا حدن هوياكم) في أشارة لاختلافنا وانشقاقهم عنا وتآمرهم على الحزب،فافترقنا وذهبوا الى جهة لا أعرفها .
وتوجهت الى مدينتي الكاظمية،وخشية من وصول خبر الهروب الى شرطة المدينة لم أتوجه الى أهلي مباشرة وتوجهت الى بيت شقيقتي الذي لم أتبينه في تلك الليلة فشاهدت شخصا أعرفه في الزقاق فسألته عن البيت فأرشدني إليه دون أن يعرفني لأن الظلام كان حالكا تلك الليلة فطرقت الباب ودخلت عليهم فعجبوا لإطلاق سراحي قبل انتهاء محكوميتي فأخبرتهم بهروبي من السجن عند ذلك دخلت الى الحمام واغتسلت جيدا وقد أرسلوا خلف أخي الذي سبق له أن واجهني في السجن ولم أخبره بنية الهروب لأن تلك أسرار الحزب التي لا يمكن إفشائها لأقرب الناس رغم أن أخي كان شيوعيا،وقد أتصل أخي بالحزب في اليوم التالي وأخبرهم عن وجودي في بيت شقيقتي حيث جاء الرفاق واصطحبوني معهم الى أحد البيوت الحزبية ومن تلك اللحظة تفرغت للعمل الحزبي،وبقيت أعمل في البيوت الحزبية حيث نقلت الى لواء الكوت للعمل في الريف وممارسة نشاطي هناك،وعندما حدث انقلاب 17 تموز 1968 وبدء التقارب مع البعثيين وصدور قانون العفو العام عن السجناء السياسيين خرجت الى العلن ومارست النضال السري بعد إيقاف التعقيبات القانونية عن كافة الدعاوى المرفوعة ضدنا ،وقد استدعيت للخدمة العسكرية وأنهيتها وتسرحت مع مواليدي ومن الطرائف أني التقيت بأحد ضباط الصف في وحدتي العسكرية بعد تسريحي فأخبرني بورود أمر إلقاء القبض علي لهروبي من سجن الحلة،ثم صدر قانون آخر بالعفو عنا ،وبعد الجبهة عملت بصورة علنية في صفوف الحزب واشتغلت في مقر الحزب لحين انهيار الجبهة فاضطررت الى الهروب والاختفاء في أطراف بغداد والعمل في أحد معامل البلوك الذي يمتلكه أحد أصدقاء الحزب وبقيت معه لسنتين تقريبا مع مجموعة من المطلوبين للسلطة ،وبعد تلك السنتين اضطررنا لترك المكان خشية العثور علينا فانتقلت للعمل في المزارع خارج العاصمة،وبعد ذلك سكنت مدينة الحرية وقد خدمتني الظروف لاختلاف أسمي في الأحوال المدنية عن أسمي المعروف به بين الناس ،فكان أسمي في منطقتي وداخل العائلة مجيد،والحزب يطلق علي لقب جدو لأني كنت أصغر الرفاق المعتقلين سنا،وفي سجلات الحكومة كان أسمي حميد حتى أن القائمة التي صدرت عن أسماء الهاربين كان أسمي فيها عبد الحميد وهذا الاختلاف قدم لي خدمة كبيرة وجعلني بعيدا عن أنظار السلطة.
ومما أتذكره عن تلك الفترة أني كنت أعمل في محل مقابل مدرسة الخلد الابتدائية في منطقة الوشاش وذات يوم رأيت حسين ياسين واقفا بباب المحل ينظر الي فعرفت أنه قد عرف شخصيتي فدعوته الى الدخول ،وأخذنا نتحدث في أمور شتى وقد حثني عن بطولاته بعد سقوطه وانغماره في العمل مع البعث وعودته الى الوظيفة وعمله الصحفي ومما حدثني به أنه كان يكتب في صحف السلطة تحت أسم (حسين المعله) وأنه كتب بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مقالا في جريدة الثورة الناطقة بأسم البعث الحاكم بعنوان(الشيوعيين السوفيت يمزقون عضويتهم ويرقصون فرحا) يقول بعد كتابة المقال بفترة بلغت بالمثول أمام صدام حسين فذهبت الى القصر الجمهوري وأدخلت على الرئيس فقدموا لي الشاي ثم جاء صدام وسلمت عليه فأثنى على ما كتبت ثم أعطاني مظروفا فيه هدية وهي مبلغ من المال فقلت له (أن رؤيتك هي الهوية) فشكرني على ذلك ،وقد قام حسين ياسين بالإبلاغ عن وجودي الى الجهات الأمنية حيث جاءني بعد أيام ضابط الأمن (أبو درع) وسألني هل تعرف حسين ياسين ثم تحدث معي عن عملية الهروب من السجن فعلمت أن حسين ياسين هو وراء هذه الوشاية وأنه أخبر الأمن عن وجودي في المنطقة مما اضطرني الى مغادرتها الى منطقة أخرى.
وحسين ياسين شخصية عجيبة متقلبة لا يؤتمن جانبه ولديه ألاستعداد لخيانة أقرب المقربين أليه فبعد خيانته الكبرى وإفشاءه أسرار الحزب أنضم الى المنشقين من جماعة عزيز الحاج ،وخيانته الثانية عندما قام بأحداث فتحة في النفق للهروب منفردا وقد ظهر أن الفتحة في داخل ساحة السجن مما جعل العاملين في النفق يسارعون الى إغلاقها خشية انكشاف الأمر،ثم قام بمحاولة لأغراء احد السجانين لمساعدته بالهروب مما كاد أن يكشف عملية الهروب،وأصبح على ما يقال من قادتهم واختير عضوا في المكتب السياسي للمنشقين،ورغم هذه المكانة الكبيرة إلا أنه كان يعمل مع السلطة بشكل سري ويخبرهم بآخر النشاطات التي يقوم بها المقاتلين ألأبطال في الأهوار وكان وراء الهجوم الكبير وإنهاء حركتهم وإلقاء القبض عليهم وقد أصبح بعد انهيار الجماعة المنشقة دليلا للسلطة البعثية وأرشدهم الى بيوت الحزب السرية وأماكن اختباء المنشقين وكان له الدور الكبير في إنهاء الحركة والقضاء عليها ،وأصبح قادتها عملاء للسلطة يعملون في صحفها ممن يعرفهم الجميع.
وللأسف الشديد فأن مثل هذه العناصر التي تدعي الثورية وتؤمن بالكفاح المسلح والتي كانت وراء ذلك الانشقاق الكبير انهارت في لحظات وأصبحت معينا للبعثيين في محاربة الشيوعيين حيث لم يقتصر تأثيرهم على المنشقين وحدهم بل تعداه الى الرفاق الشيوعيين فكانوا أدلاء للسلطة على جميع الشيوعيين لسابق العلاقة ومعرفتهم للكثيرين منهم. وبعد سقوط النظام البعثي أضطر حسين ياسين الى الهروب لجهة مجهولة لما له من أدوار في خطيرة في إلقاء القبض على الكثيرين عمله مع الجهات الأمنية ضد المعارضة العراقية ويقال أنه حاول الاتصال ببعض الحركات السياسية للانضمام إليها والعمل في صفوفها إلا أن وجود بعض المعارف السابقين جعله يختفي عن الأنظار خشية انكشاف حقيقته وفضح ماضية المثقل بالكثير من الأخطاء والسلبيات.
من هنا يتضح لنا أن المنشقين على الحزب أو قياداتهم الفاعلة لم تختلف كما يشاع لأسباب فكرية أو تبنيا للكفاح المسلح أو لروحهم الثورية وإنما كانوا مدفوعين بعوامل أخرى هي ارتباطاتهم المشبوهة بجهات أخرى أدت الى تفتيت وحدة الحزب وأشغاله بصراعات جانبية حتى لا يأخذ دوره في أحداث التغيير المطلوب،وإنهاء الأشخاص الذين يؤمنون بالعمل المسلح بكشفهم أمام السلطة خشية أن يكون لهؤلاء تأثيرهم في حركة الحزب بشكل عام،وأن أي انشقاق مهما كان حجمه ونوعه لابد أن يكون له أهدافه غير المعلنة التي تصب في مصلحة أعدائه لأن التغيير الحقيقي هو ما يجري من خلال الأطر الرسمية التي وفرها الحزب في الرأي والرأي الآخر والاعتماد على الأكثرية في صياغة سياسته مع احترام رأي الأقلية بما لا يؤدي لاختلاف يؤثر على وحدة الحزب وقوته.


محمد علي محي الدين
3-11-2008



الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة 7



يبدو أن قضية نفق سجن الحلة أصبحت مثل قضية فلسطين تمر عقود وعقود وهي مثار نقاشات وتساؤلات واجتهادات ولا تزال وتبقى مالئة الدنيا وشاغله الناس،ولعل معضلة النفق كما يسميها العزيز الأستاذ جاسم المطير لم تثر هذا الاهتمام إلا لسبب واحد هو أنها جاءت في مرحلة كان فيها الحزب على هاوية الضياع عندما حدث الانشقاق الكبير والخطير وذر الخلاف قرنه بين الشيوعيين فكانت القيادة المركزية برموزها المعروفة واللجنة المركزية التي تمتلك الشرعية السياسية لأنها النهر الكبير الذي خرجت منه هذه الروافد الصغيرة،وبما أن القيادة المركزية لم تحقق ولو جزء يسير من الأهداف التي دعا الأنشقاقيون إليها ،فقد جعلوا قضية النفق هدفهم المركزي ليظهروا للشعب أنهم نجحوا في الهروب من السجن وأن هذه المأثرة العظمى هي من صنعهم وحدهم ناسين أو متناسين أن الفترة الطويلة للتخطيط والحفر كانت قبل الانشقاق وقبل أن يفكروا بالخروج على الحزب ،وان قيادة الحزب ومحلية بابل كانت على علم مسبق بالعملية لأن الذي تبني التخطيط والأشراف عليها هو حسين سلطان وبما أن حسين سلطان حينها كان عضوا في اللجنة المركزية،ولم يكن على علاقة طيبة بالمنشقين فقد اهتبلوا الفرصة للإدعاء بالإنفراد بها متناسين الحقائق الناصعة والأدلة التي بيناها في المقالات السابقة فكان إصرارهم على عدم معرفة حسين سلطان بها أو تخطيطه وأشرافه عليها ،والجميع يعلم أن القيادات الحزبية الكبيرة لا تظهر على مسرح الأحداث مباشرة بل يكون دورها التوجيه غير المباشر للعاملين والأشراف الفعلي على المشرفين وبذلك فأن حسين سلطان بوصفه الأعلى درجة في سجن الحلة والمسئول الأول أمام الحزب خارج السجن لا يمكن أن تفوته صغيرة أو كبيرة مما يجري داخل السجن ولابد أ، يكون له إلمامه التام بجميع الأحداث مهما كانت صغيرة فلا يمكن والحالة هذه أن يكون جاهل بمثل هذا العمل الكبير لا سيما أن المشرفين والمخططين كانوا آنذاك أعضاء في الحزب ولم يكونوا في تلك الفترة منشقين أو خارج الصفوف ،والأمر الآخر أن حسين سلطان كان هو المرشد لمكان الحفر من غرفة الصيدلية لأن الجماعة التي كانت تفكر بالهروب قبل نقله إلى سجن الحلة قد جعلت هدفها غرفة المطبخ إلا أنها تراجعت بعد أرشادهم إلى المكان الجديد من قبله،وبالتالي فأن الأمر جميعه لا يعدو أن يكون محاولة طمس الحقائق للتغطية على أخفاقات المنشقين وفشلهم وانهيارهم الكارثي بعد أن أصبح الكثيرون منهم من أتباع السلطة وعملائها لا سيما قياداتهم التي كانت وراء الانحراف والانشقاق.
وقد كتب لي الأخ عقيل حبش أحد المنفذين للعملية رسائل عدة حاول من خلالها التشكيك بكل ما قيل ويقال عن معرفة حسين سلطان بعملية النفق ناسيا أو متناسيا أن حافظ رسن كان على اتصال يومي بالراحل حسين سلطان ويخبره بكل صغيرة وكبيرة وكان التنسيق يبينهم على قدم وساق قبل الانشقاق وبعده والدليل أنهم عندما حاولوا الهروب دون علم الحزب وأنكشف أمرهم اضطروا للتفاوض والخروج مناصفة واحد مقابل واحد ،ولا اعتقد أن المنشقين بما يحملون في داخلهم من حقد دفين وهو ما أشرنا إليه في مقالتنا الأولى لا يمكن لهم الموافقة على الشراكة لو لم يكن للحزب الشيوعي دوره في العملية،ولعل الأخ عقيل كان يجهل ما يجري بين القيادات الحزبية من تنسيق،لأنه كان من المنفذين لا المخططين أو المشرفين،أو أن حافظ رسن وحسين ياسين كانوا يخفون مثل هذه الأمور على رفاقهم خشية الاختلاف معهم إذا عرفنا أن كل واحد من المنشقين يرى في نفسه حزبا قائما بذاته أو زعيم أتته الزعامة منقادة تجرجر بالتيه أذيالها،لذلك خيل لهم أن ما يجري كان محض تفكير من حافظ أو حسين ياسين وليس عن تنسيق وتخطيط مع قيادة الحزب ممثلة بلجنة السجن التي يقودها نصيف الحجاج ويشرف عليها حسين سلطان،لذلك رأيت أن أدرج أدناه رسائل الأخ أبو أسيل والإجابة عليها عسى أن تنتهي هذه المسألة بالتأكيد على أن عملية السجن هي عمل شيوعي خالص ليس لأحد الانفراد به مهما كان موقعه من العملية تنفيذا أو تخطيطا أو أشرافا وان الواحد لا يمكن له القيام بمثل هذا العمل الجبار دون مساعدة الآخرين.
وفي أدناه رسائل الأخ عقيل حبش مع ما تستحق من التوضيحات أو الإجابات على تساؤلاته.
(1)
الأخ العزيز أبو زاهد
أقولها وللمرة الألف إن الأخ حميد غني قد ترك العمل بعد أن ترك شريكه كمال العملية والتجئ إلى عمل التماثيل وقد اقترحنا على الأخ حسين ياسين وحافظ رسن تنحية الأخ حميد لأنه بقي وحده وإننا لسنا بحاجه له لان العمل أوشك على الانتهاء وعلى أساس إن طول النفق هو 13 متر وقد حصل هذا قبل تكوين القيادة المركزية وليس حسب ما يدعيه حميد غني ولم يعود حميد غني إلى العمل حسب ادعائه ومن ذلك الوقت لم التقية حتى داخل السجن وان ادعائه الموقف المحرج بملاقاة أخيه وابن أخيه داخل السجن هو من صنع خياله (وانه فلم هندي ) .جاسم المطير . لان المواجهة خارج اليوم المحدد للمواجه تكون خارج القلعة و ما يدعيه حميد إن أخاه قد فتش عنه القاعات ولم يجده وان ادعاءه إن ابن أخيه وبعده أخوه قد شاهدو التراب على رقبته لأنني لم ادع احد يخرج من جوف النفق إلا تحت معاينتي واني ارتب هندامهم بعدها يخرجون وأبقى أنا الملم بعدهم ما تركوه استعدادا للجولة القادمة وان السيناريو الذي خلقه حميد من طرق الباب والمواجه داخل السجن في غير وقت المواجه والحديث الذي حصل هو في مخيلة الأخ حميد غني وهناك استفسار من الأخ حميد هو ما علاقة إطفاء التيار الكهربائي من اجل إيصال السلك إلى النفق وما علاقة هذا بذاك وختاما تحياتي لكم جميعا وللعرسان خاصة.
* لماذا ترك حميد وكمال كماله العمل ؟هل كان ذلك لانتهاء العمل أو لحدوث الانشقاق ولماذا يتركه اثنان من العاملين في حين يبقى اثنان منهم؟أن تركهم للعمل كان بعد أن وصلوا إلى المرحلة النهائية بانتظار تحديد اليوم المعين لفتح الفتحة الأخيرة التي كان موقعها في الكراج والقيام بعملية الهروب والدليل على ذلك أن اللجنة المشرفة على العملية قد دعتهم لأخذ الصور وعمل الهويات التي لم تسلم لهم عند الهروب كما يقول حميد بسبب محاولة المنشقين خيانة زملائهم والانفراد بالهروب أو كما تقول أن حافظ رسن لم يوزعها وتركها وقد عثرت عليها بعد أن حاولت الهروب لأنك كنت آخر الهاربين، وقد ذكر حميد أن شقيقه جاءه يوم المواجهة ولم يجده فسأل عنه وجاء الرفيق لأخبار حميد بوصول شقيقه وأنه يطلب رؤيته وهذا كثير الحدوث أن لا يخرج السجين يوم المواجهة إذا كان يعتقد أن لا أحد يأتيه ذلك اليوم. أما التشكيك بقضية وجود التراب على رقبة حميد فهذا الأمر ليس من النوادر أو الغرائب فلابد لمن يعمل أن يقع عليه بعض التراب ولعجلته في الخروج لاستقبال أخيه لم يتمكن من إزالة جميع التراب العالق،أما القول بأنك المسئول عن تنظيفهم وإزالة آثار الحفر فهذا يعني أن الآخرين لم يكونا على شيء من الإدراك والعقل بحيث يستوجب على الآخرين تنظيفهم والأشراف عليهم في التنظيف فهل هم مهملون إلى هذه الدرجة أم لا يمتلكون شيئا من الفطنة ليقوموا بإزالة ما علق بهم من أوساخ. أما الأفلام الهندية والادعاء بأن الآخرين يكذبون في رواياتهم فهذا من غير المقبول أن نرتضي ما ترويه أنت ونكذب الآخرين لعدم وجود فلم مصور عن العملية يثبت القائمين بها أو العمل الذي قاموا به وكما أعطيت لنفسك الحق بتكذيب رواياتهم فلهم الحق بأن لا يصدقوا ما تقول،وأمر آخر هو أن تحقيقات الشرطة بعد الهروب أثبتت أن طول النفق 17 متر وليس كما تحدده أنت مما يعني أن رواية جدو هي الأقرب إلى الكمال حيث ذكر إنهم توقفوا عن العمل بعد وصولهم إلى سياج الكراج،وقولك أن تنحيتهم كانت قبل الانشقاق تحتاج إلى وقفة طويلة وهي معرفة أسباب التنحية وهل للجنة المشرفة الحق بتنحيتهم وإبقاء الآخرين دون سبب مبرر وما هي أسباب التنحية إن لم تكن لسبب مقنع كأن يكون انتهاء العمل أو الوصول إلى أمر هام يستوجب هذا التوقف ،كل ذلك يبقى فيه الكثير من المجال للتشكيك بصحة ما ذهبت إليه ،وأنك ذكرت في الرسالة ما يؤكد أن العمل قد انتهي بقولك(وإننا لسنا بحاجه له لان العمل أوشك على الانتهاء).


(2)

الأخ أبو زاهد
لقد اطلعت على ما كتبه الأخ حميد غني والتي كانت تحت اسم الحقائق الناصعة في عملية الهروب من نفق سجن الحلة.. أود أن أقول للجميع إن اغلب ما ذكر من حقائق هو ما ذكر في كتاب الطريق إلى الحرية وما ذكرته في رسائلي إليك أما ما اختزنته ذاكرة الأخ حميد غني فإنها بعيده عن الواقع ولا زلت أصر على إن الراحل حسين سلطان ليس له أية علاقة بعملية نفق سجن الحلة أما ما ذكر الأخ حميد غني حول حسين ياسين فان حسين ياسين لم ينكر تعاونه مع البعثيين وانه استدعي إلى الشمال وهو ليس له علم بما كان مخبئ له إلا انه خدمته الصدفة وانفلت من الطوق وعاد إلى بغداد ومنها انقطع عن التنظيم وانه سوف يوضح ذلك في كتابه الذي سوف يصدر قريبا وان حسين ياسين قد اعترف عن الكثير من نشاطاته أما ما يخص عدم حصوله على الهوية فان اغلب الهويات لأغلبية الرفاق لم توزع عليهم و من جملتهم عقيل حبش رغم إني وجدت الهويات ومبلغ من المال بعد أن رماها الرفيق حافظ وهناك أشياء كثيرة لا ارغب التحدث بها خوفا من السرقة.!!!
* وهنا يبين الأخ عقيل أن أكثر ما جاء في الحقائق الناصعة قد ذكره هو في كتابه الطريق إلى الحرية فإذا كان هناك تطابق في الروايات كان الأمر أدعى إلى التصديق لأن اتحاد الروايات دليل الأمانة والمصداقية أما القول إنها أخذت من الكتاب ذاته فقد نشر حميد غني جعفر عن عملية الهروب في طريق الشعب وجاء بذات التفاصيل التي ذكرها هنا مما يعني أن ذاكرته لا زالت تحتفظ بالكثير مما يتعلق بقضية الهروب،وقد التقيت به وحاورته في الكثير من القضايا والمنعطفات الخاصة بالعملية فكانت إجاباته واثقة لم يخالطها شيء من المبالغة والتهويل وتنبي عن مصداقيته على ما بان من تعاير وجهه عند التحدث عنها ،وجوهر الخلاف أن الأخ حميد يؤكد على أن حسين سلطان كان المشرف والمخطط لعملية النفق فيما يحاول الآخرين إنكار دوره وإهماله،والانفراد بالعملية وهذا جوهر الموضوع,وقد أخبرني الأخ حميد أنه كان يتصور أن عقيل حبش قد أستشهد في الأهوار وذكر ذلك عند الحديث عنه في الجريدة وفوجئ بأنه حي بعد ذلك بكثير مما يعني أنه لم يطلع على الكتاب وأن ما ذكره كان اعتمادا على ذاكرته التي لا زالت قوية تتذكر دقائق الأحداث.

(3)
الأخ أبو زاهد
بعد التحيات
أملي أن تكون بخير تحياتي لكل ألأحبه وأخيرا اعترف الأخ أبو رائد من إن الحفرة كانت تحتوي على ملابس وبطانيات وليس قطعة قماش ولكنه لا زال مصرا على كون النفق طوله 13 الى14 متر في الوقت إن طول النفق هو 28 متر وعسى أن يستذكر ويحسب الأخ أبو رائد مساحة الغرفة وبحساب دقيق عندما وضع الصندوق في الغرفة والتي تم غلق الباب الثاني المطل على القاووش من الجهة اليمنى وان الصندوق عرضه عرض لوحه كاملة من المعاكس وارتفاعه كذلك وعرضه عرض طبقة المعاكس إي الطول 120 في 120 ولارتفاع 120 أيضا فما بقي من مساحة الغرفة التي طولها لا يتجاوز 5/2متروعرضها كذلك مع هذه ألنقطه أصبح لدينا ثلاث نقاط اختلاف ما لم يتم تحديد مادة الصندوق فهو يقول صنع من ماده الفيبر المعاكس وعليه أن يحدد أما المعاكس أو الفيبر والفرق واضح وهناك فارق آخر في باب النفق والذي يقول انه من حديد وقد غلف بالاسمنت وهو الفرق الرابع ولنحسب سوية الحائط الذي رصفت عليه البطانيات التي امتلأت بالتراب عندما امتلأ الحائط والى السقف وما يحتويه الصندوق وما احتوته الجومه من تراب وان طول النفق ينقص منه 2متر طول مخزن المياه الثقيلة ومترين ما تمكنا من وضعه في الجوانب هكذا يكون الحساب إضافة إن الراحل قال في مذكراته إن الغرفة قد امتلأت بالتراب إلى السقف ولكننا لم نحفر أكثر من تسعه أمتار فأين يا أستاذ محمد أين كلام الراحل حسين سلطان من كلام أبو رائد (جدو )بهذه الحسابات تجد التناقض واضح والاثنان سمعوا إن طول النفق 13 لان الأخ حميد غني قد نحي من المهمة قبل تشكيل القيادة المركزية بعد أن ترك قرينه العمل والتجأ إلى عمل التماثيل لاحتفالات أكتوبر في بداية الشهر التاسع ومن الظاهر إن الأخ حميد أخذت المعلومات تتزاحم وانه ينسى ما كتبه بلامس واني على استعداد أن اذكره بالذي كتبه وبإمكانك أنت أن تفعل ذلك بمجرد أن تقرأ ما كتب بالأمس وكذلك الأخ جاسم المطير وإنني سبق أن قلت لك عندما دعوتني للكتابة من إنهم يأخذون بضاعتي ويبيعونها علي وان الطامة الكبرى هو إصرار الأخ حميد غني على إن الرفيق الراحل هو الذي خطط للعملية وحدد موقع الصيدلية في الوقت الذي يقول حسين ياسين إن الراحل ليست له علاقة بالعملية وليست له دراية بها وانه يعرف فقط إن هناك عملية هروب جماعي وليس له معرفه لا بالمكان ولا متى هذا ما أكده الأخ مظفر النواب وأكده الأخ الكبير نصيف الحجاج وعقيل حبش واني قد ذكرت في كتابي أسماء الذين شارك بالعملية واني على استعداد للمناقشة وان اسمي الأشياء بأسمائها لا مثل ما يقال إن قطعة القماش هي معناها الملابس والبطانيات والفيبر هو المعاكس وقبق النفق حديد وانه غلف بالاسمنت وبعدها يأتي شيء آخر هو إن الصندوق لم يوضع في غرفه النفق بل في الغرفة الأولى لان الصيدلية تتكون من غرفتين هذا وأرجو من الأخ العزيز محمد علي مناقشة ما طرحته من فروق وما ذكره الأخ حميد غني وبقية الإخوان وبحساب دقيق وشكر لك .

• أن ما ذكره الأخ حميد غني جعفر عن طول النفق وانه لا يزيد عن 14 متر هو أقرب للصحة استنادا لما أثبتته الشرطة في تحقيقها بعد عملية الهروب فقد ذكر التقرير أن طول النفق 17 متر وهذا التقرير هو الأقرب لأنه جاء وفق قياسات نظامية ويتباين مع ما ذكرته إن طول النفق هو 28 مار وان الفرق في تقدير حميد هو ثلاثة أمتار في الوقت الذي يكون الفرق بالنسبة لقياساتك 11 متر مما يعني أن كلامه هو الأقرب إلى الصحة.
أما عن مادة الصندوق فقد ذكر انه فايبر معاكس في الوقت الذي كانت المادة المستعملة هي المعاكس لأن المعاكس يختلف عن الفايبر بقوته ومتانته ،وهذا لا يعني أنه لا يعلم بعمل الصندوق المستعمل للتراب ،وان عدم المعرفة أو الخطأ بالتسمية لا تعني نكران أدوار الآخرين،أما باب النفق أو الغطاء المستعمل فقد ذكر حميد أن من قام بعمل الغطاء هو عقيل حبش لوحده دون مساعدة من أحد، وأما قولك أنهم سمعوا أن طول النفق هو 13 متر فقد ذكرت أنت أن حميد وكمال عملوا حتى المتر 13 أو 14 مما يعني أنه عارف بطول النفق،وعن معرفة حسين سلطان بذلك فقد ذكر المنشقين في أسباب طرده أنه يعمل مع حسين سلطان وينقل له الأخبار لذلك يجب أبعاده،مما يعني أن حسين سلطان يعلم بأدق التطورات عن عملية الحفر والى أين وصلت مراحلها،لأن طرد حميد كان بسبب علاقته به.
أما عن أرشاد حسين سلطان إلى الصيدلية وطلب الحفر فيها فهذا ما أشار إليه الكثيرين ممن كتبوا عن النفق باستثناء جماعة القيادة المركزية الذين أنكروا أي دور للآخرين،وإنهم لوحدهم المخططين والمنفذين،وبالتالي فأن هذه الأقوال لا يركن إليها إلا إذا جاءت من طرف محايد.


محمد علي محي الدين
10-11-2008



الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة 8



وردتني الرسالة التالية من الرفيق حميد غني جعفر انقلها بنصها دون إضافة أو تعليق راجيا من الزميل عقيل حبش الرد إن كان يمتلك ردا على الموضوع أو اعتبار القضية منتهية بعد أن ثبتت الحقائق لتكون بمتناول الباحثين حقائق لهم بيان الصحيح منها مع تحياتنا لكل من أسهم في العملية الشجاعة التي كانت هالة منيرة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ودليل على حيويته وقدرته على العمل في أحلك الظروف .
الرفيق الأستاذ محمد علي محي الدين المحترم
تحية طيبة
أخي العزيز أبو زاهد
قولكم بأن قضية نفق سجن الحلة أصبحت مثل قضية فلسطين هو الحق السديد والصائب تماماً وان ردودكم ومناقشاتكم للزملاء الذين كتبوا عن هذا الموضوع هي موضوعية ومنطقية وتجد مدى حرصكم وأمانتكم المعهودة في البحث عن الحقيقة بحيادية تامة واستنباطها من خلال كتابات جميع من كتبوا عن هذا الموضوع للوصل الى الحقيقة والوقوف عندها وبالتالي التزام جانبها والدفاع عنها بثبات وكشفها الرأي العام والأجيال العراقية اللاحقة خدمة للحقيقة والتاريخ .
عزيزي أبو زاهد
إذا كانت هذه المناقشات المحتدمة منذ فترة طويلة بهدف الوصول الى الحقيقة يفترض أن تتركز على جوهر الموضوع الأساس وليس على أمور جانبية وثانوية لا تمت لجوهر الموضوع بصلة ويفترض أيضا أن تكون المناقشة هادئة موضوعية وبأسلوب مهذب بعيداً عن التجريح والاتهامات الظالمة التي لا تستند الى واقع ملموس أو منطق مقبول وأسلوب الزميل عقيل هو ذات أسلوب الزميل جاسم المطير اتهامات وكلمات جارحة باطلة ولا أساس لها من الصحة إلا في مخيلتهم فقط لكني لن أمارس مثل هذا الأسلوب لأني أترفع عنه ولأني صادق في كل أقوالي، إن الخلاف الرئيسي كما تعلم أخي أبو زاهد هو حول دور الحزب ومنظمته الحزبية في السجن هذا جوهر الموضوع المنشقون ينكرون ويتجاهلون دور الحزب ومنظمته الحزبية في السجن ونحن نؤكد دور الحزب ومنظمته الفاعل والأساس وعلى هذا الموضوع ينبغي أن يرتكز النقاش وليس على ادوار الأشخاص من المشاركين في العملية الذين كتبوا مذكرات أو كتابات على الانترنيت كل منهم ذكر اسم الآخر عقيل ذكر اسم – جدو – وفاضل ...الخ و جدو أيضا ذكر اسم عقيل وفاضل وكمال والآخرون فما هو الخلاف إذن ؟ هل يستطيع احد أن ينكر دور أو مشاركة الأخر ؟ قد يستطيع الزميل عقيل أو غيره محاولة التقليل من شأن وأهمية دور الآخر لكنه لا يستطيع إنكاره وهذا الذي حصل فعلاً من الزميلين عقيل والمطير فيحاولان التقليل من أهمية وشأن دور جدو وليس هذا بالأمر المهم بالنسبة الى جدو المهم هنا دور الحزب ومنظمته الحزبية ودور الرفيق الراحل حسين سلطان هذا هو المهم بنظر جدو وعلى الزميل عقيل حبش أن لا ينسى انه كان مناضلاً شيوعياً وهو مكلف بمهمة حزبية كسائر الرفاق الآخرين وليس له ولا أي من المشاركين ميزة على الآخر وليس هو المسئول عن العملية والمسئول الأول والأساس هي المنظمة الحزبية فهي كلفتني بالمهمة من خلال الرفيق الراحل حسين سلطان بالذات كما سبق الإشارة لذالك وعلى أي حال ليس من حق الزميل عقيل أن يقرر مع حسين ياسين تنحيتي لأني لست عامل مسطر اشتغلت لدى المقاول عقيل فأستغني عني انه أمر غريب حقاً لكني لم اسمح لنفسي باستخدام العبارات التي استخدمها الزميلان عقيل والمطير فقط أقول واوكد إني لم اترك العمل إطلاقا .
أبو زاهد العزيز
هناك تناقض بين وواضح بين ترك العمل والتنحية بما إني لم اترك العمل كما أسلفت كذالك لم يبلغني احد بقرار التنحية المزعوم لكن هذا الأمر يؤكد صحة ما ذهبت إليه في رسالة سابقة وبينت لكم بأن المنشقين كانوا يحاولون إبعادي عن العملية للتخلص مني بأي وسيلة لأني الوحيد بينهم من الحزب هذا ما يؤكده عقيل نفسه في مذكراته إن جدو ظل الوحيد من جماعة اللجنة المركزية وأيضا الزميل جاسم المطير حين يقول ( أخذنا معنا شاب من جماعة اللجنة المركزية في السيارة الى بغداد ) وكلام عقيل هذا يؤكد بوضوح انه كان يجري بين المنشقين لفظ وهمس وتآمر بأبعادي للانفراد بالعملية لوحدهم على إنهم الذين قاموا بالعملية وليس الحزب لأن وجودي معهم في العمل يمثل وجود الحزب هذا ما أكده الرفيق الراحل حسين سلطان في ليلة الحوار الساخن التي سبق الإشارة إليها ويقول عقيل في رسالته من جهة أخرى وهو في حالة امتعاض وغضب كما يبدو من أسلوبه في مخاطبتكم ( أقولها للمرة الألف إن حميد ترك العمل بعد أن ترك العمل شريكه كمال ) أي منطق هذا ولماذا كمال شريكي أنا بالذات إن كمال يا زميلي عقيل هو شريك الجميع وهو مكلف بمهمة حزبية كسائر الرفاق عقيل أو فاضل أو جدو أو حتى فريق الإشراف مظفر وحافظ وحسين ياسين والجميع واحد لأنهم أيضا مكلفون بذات المهمة الحزبية والجميع يخضعون لقرارات المنظمة الحزبية وتوجيهاتها شئت أم أبيت يا زميلي العزيز عقيل إن عبارة شريكه كمال تتطلب وقفة تأمل لابد من إيضاحها لتكون والقراء الأعزاء على علم واطلاع عليها يقول الزميل كمال ملكي في لقاء خاص له مع جريدة ( ريكان كردستان) 1993 إني وجدت نفسي على ملاك القيادة المركزية من حيث لا ادري ومن هنا فأن كمال قد أصبح من جماعة المنشقين من حيث لا يدري وعلى حد قوله هذا فهو على غير وفاق معهم ولذا فقد وجد مبرر له بترك العمل والانصراف الى عمله الفني ليبتعد عنهم وبعد هروبه عاد الى صفوف الحزب مما يدل على انه قد ظلل هذا بالنسبة للزميل كمال ملكي أما بالنسبة لي فقد كنت على وعي وإيمان ولم يفلح حسين ياسين في كسبي إليه وبقيت مع الحزب ومن هنا ذكرت لكم في رسالة سابقة بأني وعندما شعرت بالضغوطات والمضايقات اتصلت بالرفيق الراحل حسين سلطان وأخبرته بالأمر فأنحى علي باللائمة لأني رفيق شيوعي ومكلف بمهمة حزبية وقال عليك بمواصلة العمل برباطة جأش وتحمل الصعاب سيما وأنكم على وشك النهاية وكن جلداً وعلى هذا واصلت العمل حتى نهايته وحتى كان الموقف المحرج الذي أشرت إليه في رسالة سابقة والذي يعتبره عقيل فلماً هندياً ولست ادري ما الغرابة فيه حتى ينظر إليه عقيل على انه فلم هندي ومن صنع الخيال على حد قوله .
الأخ أبو زاهد اليوم واليوم بالذات الذي استلمت فيه الحلقة السابقة من ( الحقائق الناصعة ) 19 / 11 مساءً والذي أرسلت إليكم في الرسالة الأخيرة حيث جاءني احد الرفاق في مقر الحزب مدينة الحرية بالرسالة الحقائق الناصعة وتحدثنا بمضمون الرسالة وكان احد الرفاق حاضراً ومن أقرباء الزميل عقيل وعقيل يعرفه جيداً وكانت هذه المصادفة الجميلة والمفاجئة ومن غير موعد وبينما نحن نتحدث بمضمون رسائل الزميل عقيل ناداني رفيق الاستعلامات ليخبرني جاء أخوك ونظرت فإذا به أخي حسين الذي انقطعت عنه حوالي الشهرين وجاء لزيارتي في المقر ولأن الله كما يقال مع الصادقين اطلعت حسين على رسائل الزميل عقيل ومن دون أي سؤال أو كلام معه ضحك مستغرباً ثم تحدث للحاضرين ومنهم الرفيق أبو نور من أقرباء عقيل وتحدث لهم عن زيارته لي في السجن ومعه ابن أخي الصغير نضال وكان طفلاً حينذاك ومشاهدته بقعة التراب في عنقي وسؤال الطفل نضال عمو ما هذا التراب ..الخ ثم اخبرهم عن طلبي للدشداشة والسترة والحذاء لكنه عقب في خاتمة حديثه قائلاً على هؤلاء الإخوة أن يشغلوا أنفسهم بتضميد جراحات حزبهم وان ينشغلوا بإعادة بناء تنظيميه وان ينشغلوا بهموم شعبهم ومعاناته لا أن يشغلوا أنفسهم في هذه السفاسف صحيح أنها تاريخ لكن العمل هو الأهم في هذه المرحلة الحساسة ثم أنحى علي باللائمة قائلاً اترك هذه السفاسف وانصرف لعملك فماذا يرى الزميل عقيل في هذا المشهد الحي هل هو فلم هندي وعليه أن يسأل قريبه أبو نور ليتأكد من حقيقة هذا الموقف كما إن أبو نور قد اتفق مع كلام أخي حسين عن ترك السفاسف علماً بأن الرفيق أبو نور هو الذي اخبرني بأن عقيل حي يرزق وإعطاني رقم هاتفه النقال واتصلت به فعلاً في أوائل عام 2007 واعتذرت له على إني ذكرته شهيداً في مقالتي الأولى في جريدة طريق الشعب ولكي لا يتصور عقيل ذلك بأنه فلم هندي سوف اخبره برسالة لاحقة عن المصدر الذي استندت إليه في هذه المعلومة هذا وأرجو من الزميل عقيل إن يتصل بقريبه أبو نور ليتأكد من صحة الفلم الهندي وإذا لم يتصل به سوف أرسل إليكم أخي أبو زاهد رقم هاتف أبو نور وهاتف حسين الشاهد مع أحر تحياتي لكم وللعائلة الكريمة .


محمد علي محي الدين
27-11-2008



الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة 9



في ادناه رسالة وردتني من الرفيق حميد غني جعفر (جدو) يرد فيها على رسائل الأخ عقيل حبش التي تمثل وجهة نظر الاخ عقيل في العملية وملابساتها ،وقد رأيت نشرها أكمالا لما نشر حول الهروب لما فيها من حقائق جديدة تلقي الضوء على دور الفقيد حسين سلطان في عملية الهروب وأشرافه الكامل على تفاصيلها حتى ليلة الهروب وتضع حدا للأدعاآت القائلة بأن العملية قادها وخطط لها ونفذها المنشقين على الحزب وما يسمى تنظيم القيادة المركزية.
الأخ العزيز أبو زاهد المحترم

تحية عطرة
أكدت في رسالتي السابقة في 24/11/2007 بأني لم اترك العمل ولم أتنحى عنه لا قبل الانشقاق – ولا بعده – كما يزعم الزميل عقيل .. ويبدو أن الزميل عقيل قد نسى أو بالأحرى تناسى ما ذكر – بنفسه – في مذكراته – الطريق إلى الحرية التي نشرها عام 2004 – يقول عقيل في ص 41 نصا وبالحرف الواحد ( وانقسم السجناء بين مؤيد للقيادة المركزية ومؤيد للجنة المركزية وكان –جدو- هو الوحيد الذي أعلن موقفه بتأييده للجنة المركزية – وهو الوحيد الذي له علاقة بعملية حفر النفق) كلام عقيل هذا هو خلال الانشقاق وفي وقت الانقسام .... وهذه شهادة اعتز بها أنني بقيت الوحيد مع الحزب _ ثم الوحيد الذي لي علاقة بحفر النفق فكيف تتراجع عن الحقيقة وتدعي اليوم بان جدو قد ترك العمل أو تنحى عنه قبل الانشقاق ؟ فلماذا يا زميلي العزيز هذه المغالطات وما القصد منها ؟
عزيزي أبو زاهد : أؤكد لكم وللقراء الأعزاء – انه عندما توقف العمل اثر الانشقاق كنا قد بلغنا بالعمل حوالي 9-10 متر وبعد الاتفاق بين منظمة الحزب ومنظمة المنشقين بالعودة الى العمل تم انجاز ما تبقى 3-4 متر مع ترك مسافة طابوقتين او ثلاث على قدر فوهة للعبور الى الكراج وتوقف العمل عند هذا الحد لاننا كنا بانتظار الأيعاز من الحزب من خلال علاقة منظمتنا الحزبية بقيادة الرفبق الراحل حسين سلطان وتنسيقها مع محلية الحلة وعند ذاك أي عندما يأتي الأيعاز من الحزب نستكمل عملنا برفع الطابوقتين او الثلاث . هكذا كان الأتفاق بين منظمتنا ومنظمة المنشقين . ولا أريد هنا تكرار ما ذكرنا في رسائلنا الحقائق الناصعة عن الليلة الحاسمة وما جرى فيها من فوضى وارباك ومشاجرة كبيرة بيني وبين شخص كان مكلف من المنشقين بحراسة باب الصيدلية – ثم الحوار الساخن بين الرفيق حسين سلطان ومظفر النواب .... كل هذا يتجاهله الزميل عقيل وحتى الزميل جاسم المطير بهدف طمس الحقيقة ... ولم يذكروا عن تلك الليلة سوى ان باب الصيدلية –النفق- كاد ان يقلع وكل منهما يرويها بشكل يختلف عن الآخر – عقيل يقول (صوت مرتفع يصيح خونة جبناء تريدون تنكتون بية ) والمطير يقول (سمعنا أصواتاً تنادينا بأسمائنا )

(اخرج يا مظفر قبل أن نكسر الباب وصوت آخر اخرج ياجاسم قبل ان نهجم عليكم وصوت ثالث اخرج ياحافظ قبل ان يفتضح امركم اصوات متتالية اخرجوا جميعا يا فاضل يا حسين ياسين اخرجوا والا سنكسر الباب على رؤوسكم ) كل ذلك سيما رواية المطير وهي من نسيج خياله ذلك لان كلام الزميل –المطير- يوحي للقارئ وكأن عملية النفق مكشوفة ومعروفة لجميع السجناء بهذا الشكل أو بهذه الصورة التي يرويها المطير . على باب الصيدلية ومناداتهم بالأسماء كما يقول مع ان الزميل المطير يعلم جيدا بان العمل جرى بسرية تامة وكتمان شديدين ولا يعلم به إلا المنظمة الحزبية والرفاق المشاركين في العملية وهم سبعة رفاق وان ستة منهم انحازوا إلى المنشقين ولم يبقى مع الحزب إلا –جدو- إذن صوت المنادي كان صوت واحد هو صوت –جدو- وليس مجموعة أصوات كما يدعي المطير ... كما لم أذكر أي من الاسماء التي ذكرها الزميل المطير ولا العبارات التي في مخيلته سوى اسم حسين ياسين فقط وقلت له من خلف الباب حسين ياسين ... هذه هي الأمانة التي تربيت عليها في الحزب .. الغدر برفاقك .. لكن الزميل المطير أراد بهذه المبالغة والتهويل أن يجعل لنفسه مكانا أو دورا في هذه العملية .. من خلال ذكر اسمه أقول لم يذكر الزميلان عقيل والمطير لماذا طرقت الباب عليهم .. ولماذا جرت المشاجرة في الساحة .. ولماذا كان الحوار الساخن بين ممثل الحزب ( أبو علي ) وممثل المنشقين ( أبو عادل ) والغريب أن المطير يرى المشاجرة التي ذكرتها في – الحقائق الناصعة – على أنها فلــــم هنــدي .. مع أن المطير على حد ما جاء بمقالاته– معضلة الذاكرة – كان داخل غرفة النفــق يتهيــأ ومن معه للهروب وكــــان تســلســله – 7 – كما يقول .. فكيف له أن ينفي أمرا لم يراه - فهو داخل النفق – ثم كيف سمع الأصوات المنادية باسمه ولم يسمع المشاجرة – وأدعو الزميل المطير إلى أن يسأل الأخ عبد الأمير صادق الذي ذكره – المطير – في مقالاته وكان يساعده في دراسة اللغة الانكليزية والذي يعيش حاليا في السويد أو الأخ نعيم الزهيري أو الأخ جميل منير – ليتأكد هل هو فلم هندي ... أم حقيقة شيوعية .. وهذا تناقض واضح وكبير بين قول الزميل – عقيل – ( صوت مرتفع يصيح .. الخ ) وبين قول الزميل المطير – فالأول يعني صوت واحد – والثاني مجموعة أصوات متتالية .
إن الزميل عقيل – يرى بأن مذكراته – الطريق إلى الحرية – كانت المصدر الوحيد لكل الذين كتبوا عن موضوع النفق وإنهم – على حد قوله – يأخذون بضاعته – ويبيعونها عليه وهذا محض وهم وعلى الزميل عقيل أن يدرك بأن كل المشاركين – في العملية كانوا فخورين بهذا الانجاز الرائع – ولابد أن لكل

منهم ذكرياته الجميلة – وكتبوا عنها – والبعض منها قد طبع ونشر والبعض الأخر مخطوط وينتظر الفرصة المواتية للنشر . وأنا من الذين ينتظرون الفرصة المواتية - ويعلم بذلك الأخ أبو زاهد الذي ابدى استعداده مشكورا على نشرها كما ابدى استعداده أيضاً الأخ خالد حسين سلطان لمساعدتي – ماديا – على طبعها هذا من جهة – ومن جهة أخرى – ينبغي أن يطلع – الزميل عقيل – ويقرأ بامعان مذكرات أو كتابات من كتبوا عن الموضوع ليتأكد بنفسه مدى التناقض والاختلاف بين روايته - وروايات الآخرين – ومنهم جاسم المطير نفسه – الذي كان معه في اتجاه واحد .... فكيف بكتابات الآخرين ... ليس هناك أي تطابق في الرواية . واستطيع أن أبين لكم بعض نقاط الاختلاف الأساسية والجوهرية – وليس نقاط ثانوية جزئية – عن الصندوق – مثلا – الفايبر أو المعاكس . أو أن الحفرة كانت تحتوي على الملابس أو قطعة قماش – وأرجو أن يسمح لي – أن أقول مثل هذه الأمور – ترهات – لاصلة لها بجوهر الموضوع الأساسي .
أخي أبو زاهد : أن جوهر الموضوع الأساسي كما أشرت إليه في رسالتي السابقة هو دور الحزب ومنظمته الحزبية بقيادة الرفيق الراحل حسين سلطان – فلقد ذكرت في مقالتي الأولى التي نشرتها طريق الشعب مؤكدا فيها على دور الحزب ومنظمته الحزبية ودور حسين سلطان الذي ابلغني شخصيا بهذه المهمة المشرّفة – ذكرت ذلك ولم يكن لي علم أو اطلاع بصدور مذكرات عقيل عام 2004 – فهو الذي اخبرني عنها في أول مكالمة هاتفية أوائل عام 2007 – وحصلت عليها من الأخ خالد حسين سلطان – ويعلم بذلك عقيل والمهم كانت مقالتي المذكورة تناقض كليا ما جاء بمذكرات عقيل فهو ينفي دور الحزب ومنظمته ودور حسين سلطان ... ويوحي للقارئ وكان العملية كانت فردية أو شخصية من خلال علاقته الشخصية بمجموعة من الأشخاص وله الدور الأساسي في التفكير والتخطيط والتنفيذ وهو المسؤول عن العملية حتى شخوصها كما يقول في رسالته الأخيرة إليكم من انه ( لم يدع أحد يخرج من جوف النفق إلا تحت معاينته وأنه يرتب هندامهم ) انه وهم ما بعده وهم بل وأكثر من وهم في أن يتصور عقيل نفسه بهذه المكانة وبهذه المسؤولية الكبيرة وهو الذي لم يتجاوز عمره آنذاك أكثر من – 22عاما – فلا عمره حينذاك ولا درجته الحزبية تؤهله للاضطلاع بمثل هذه المسؤولية الكبيرة والخطيرة .. وإذا كان للزميل عقيل من ميزة عن رفاقه الآخرين فهي مهنته عامل سمكرة ومن خلال مسؤوليته عن ورشة السمكرة في السجن استطاع توفير المستلزمات أو الأدوات البسيطة لتسهيل مهمة الحفر ولم يستطع أحد إنكار دوره في هذا المجال وهذه مسؤولية فنية بحكم مهنته لكن هذه المسؤولية الفنية تختلف تماما عن المسؤولية الحزبية أكبر وأكثر خطورة وينبغي للزميل عقيل أن لا يأخذه الوهم أبعد من هذا ....
ويظل متجاهلا باصرار وتزمت غير منطقي دور المنظمة الحزبية وبالذات حسين سلطان الذي تولى مسؤوليتها بعد اطلاق سراح نصيف الحجاج بانتهاء محكوميته قبل تنفيذ عمليه الهروب إذ ليس من المنطقي أن تبقى المنظمة الحزبية دون مسؤول لها بعد إطلاق سراح الحجاج كما ليس من المنطقي أيضا أن يتجاهل عقيل عمر حسين سلطان الحزبي والذي يعادل عمر عقيل الزمني إضافة إلى الدرجة الحزبية التي كان عليها حسين سلطان فهو عضو اللجنة المركزية ومسؤول للمنظمة فكيف إن حسين سلطان لا علم ولا علاقة له وعقيل الشاب ابن العشرين سنة وعضو بسيط في الحزب ..... يفكر ويخطط وينفذ ويتحمل هذه المسؤولية الكبيرة وحسين سلطان عضو اللجنة المركزية ومسؤول المنظمة الحزبية عمره خمسون عاما تقريبا حينذاك – لا علم ولا دراية له بالموضوع وعلى الزميل عقيل أيضا أن يدرك طبيعة التنظيم الحزبي .... أي أن ما يجري في المنظمات العليا القيادية من نقاشات ومواضيع أو قرارات ... لا علم للمنظمات السفلى به إطلاقا .. وهذا مبدأ من المبادئ الأساسية في التنظيم – وعلى هذا – يفترض به أن لا ينفي أمرا لا علم له به ... ويتصور نفسه المسؤول الأول العالم ببواطن الأمور .
الرفيق العزيز أبو زاهد : يتوهم الزميل عقيل على أن مذكراته كانت المصدر للذين كتبوا مع أن هناك تناقض صارخ وواضح بين مذكرات عقيل والآخرين ولنأخذ بداية مقالات الزميل جاسم المطير معضلة الذاكرة وفي القضايا الجوهرية فقط وليس الجزئيات وتفاصيلها فهي كثيرة يقول عقيل في مذكراته انه وبعد أن ابلغه حسين ياسين بتغيير مكان النفق ذهب ومعه الزميل فاضل إلى القلعة الجديدة وبعد جولة في الجديدة وقع اختيارهما على الصيدلية وقاما بزيارة العاملين فيها لإقناعهم باخلائها بمعنى أنهما اختارا الصيدلية أما الزميل المطير فبقول في مقالاته معضلة الذاكرة تعزز الرأي لدى مظفر وحافظ والحجاج عن أن مكان الصيدلية هو الأفضل والأكثر أمانا من غيره وهذا يؤكد أنه كان رأي المنظمة الحزبية لأن الثلاثة أعضاء فيها كما أن فكرة موقع الصيدلية جاءت مؤخرا بعد فشل عملية المطبخ وأساس الفكرة هو الرفيق حسين سلطان إذ يقول المطير أيضا : ( من خلال المناقشات الجارية يوميا ولساعات طويلة ومسافات طويلة ممتدة من مكان نصيف الحجاج في السجن القديم حتى مكان حسين سلطان في السجن الجديد مرور بأمكنة مظفر النواب وحافظ رسن ) وهذا يؤكد أن هذه المناقشات كانت بعلم وإشراف حسين سلطان ... إضافة إلى ما يذكره عقيل في مذكراته من أن حسين ياسين ابلغه بتغيير مكان النفق باقتراح من احد الرفاق كل هذا ولازال الزميل عقيل يؤكد وباصرار متزمت من أن حسين سلطان لا علم له ولا علاقة له بالعملية وهذه أول نقطة خلاف جوهرية بين الزميلين عقيل والمطير وهما من جهة واحدة المنشقين ونقطة الخلاف الثانية والجوهرية أيضا بين الزميلين عقيل والمطير فالأول
عقيل يذكر أن نصيف الحجاج قد أطلق سراحه قبل عملية الهروب وهذا ما أكدته في مقالتي في طريق الشعب وما أكده الرفيق أبو علي في مذكراته لكن الزميل المطير يروي رواية مغايرة ومتناقضة تؤكد بان الحجاج كان موجود ليلة الهروب إذ يقول المطير في معضلة الذاكرة 16 أنه طلب من الحجاج صورته لصنع هوية له لكن الحجاج رفض الهرب لأن وجوده في السجن على رأس المنظمة ضروري لإعادة تشكيل التنظيمات بعد هروب المجموعة إنها رواية غريبة حقا وغير منطقية كادر شيوعي له فرصة الهروب ولا يهرب لحرصه على إعادة التنظيمات إلى السجن وهي غير مقنعة وسنتناول في رسائلنا اللاحقة نقاط الخلاف الجوهري الأخرى والآن أود إخبار الزميل عقيل كما وعدته في رسالتي السابقة عن المصدر الذي استندت إليه عن معلومة استشهاده انه كتاب بين احتلالين للكاتب محسن العارضي صدر عام 2004-2005 وقد تحدث في جانب من الكتاب عن معارك الأهوار عام 1968 وذكر هذه الواقعة تحت عنوان العميل المزدوج ويروي العارضي هذه الواقعة قائلا إن عشرة من الثوار المقاتلين قد حوصروا في منطقة من مناطق الأهوار ولم يستطيعوا الخروج منها وقد تطوع بعض الفلاحين الطيبين بانقاذهم والعبور بهم إلى جهة أخرى لكن العميل المزدوج قد بعث الشك في نفوس المقاتلين بهؤلاء الفلاحين وأبدى استعداده لإنقاذهم فجر اليوم التالي وظل المقاتلون بانتظار فجر اليوم التالي حتى غاب عنهم العميل المزدوج ولم يجدوا له من اثر في الصباح المتفق عليه حتى تم القضاء عليهم جميعا في ذلك اليوم وذكر الأسماء ومنهم عقيل عبد الكريم واستنادا على هذه المعلومات ذكرته بأنه استشهد في معركة الأهوار أما العميل المزدوج فهو حسين ياسين بحسب رواية العارضي .

مع تحياتي لكم وللعائلة الكريمة


محمد علي محي الدين
31-12-2008

تعقيبات : الاخ محمد علي محي الدين هل كنت أحد الهاربين من سجن الحلة أم لا . وكل الذين اشتركتهم في روايتك وأجزائها الكثيرة من حبشهم وحافظهم وحسين سلطانهم ومطيرهم فجميعيم غير صادقين . حافظ رسن افتضح أمره بعد حين وأعدم من قبل قوات الانصار التابعة للقيادة المركزية في كردستان العراق كون جاسوس يعمل ضد الحزب الشيوعية من قبل جهة اجنبية . وحسين سلطان , كان من محبي سلطة عارف ويعتبرها وطنية وهوسجينها . أما مطير والحجاج فلم تكن لهم صلة بالتنظيم كونهم معترفين وخاونو قضية حزبهم
المرسل..... كاوا الحداد سجين شيوعي في نقرة السلمان . سنة 1967

الأخ العزيز كاوا الحداد
ما أوردناه في الحقائق الناصعة نقلا عن أحد العاملين في حفر النفق ،والجنود المجهولين في مسيرة الحزب ورغم أيماننا بالعمل الجماعي الا أ الأعمال الفردية يجب أن نعطيها حقها ،اما من خان أو أنشق أو تخلف عن الركب الشيوعي فالمسيرة دائبة والحياة لن تتوقف وأن لكل شخص تاريخه الحافل بالمآثر والمنزلقات وعلينا عدم أخفاء الحقائق وأظهارها لتكون ملكا للتاريخ الذي لا يرحم والذي سيقول كلمته في الجميع مع التقدير : محمد علي محي الدين

الاخ العزيز أبو زاهد المحترم
اكمالا للحقيقة حول قصة النفق والهروب من سجن الحلة المركزي ما رأيك بنشر مذكرات السيد حميد غني جعفر ( جدو ) على شكل حلقات في موقع الحوار المتمدن مع التقدير توقيع : خالد حسين سلطان




الحقائق الناصعة في عملية الهروب من سجن الحلة الأخيرة



وردتني الرسالة التالية من الأخ حميد غني جعفر(جدو) أحد العاملين في حفر نفق سجن الحلة وقد بين فيها الدور الكبير للفقيد حسين سلطان ومنظمة الحلة للحزب،وما أتخذ من أجرا آت لإنجاح العملية ومراحلها المختلفة وأدوار المشاركين فيها،ويصر الرفيق في رسالته على أن العملية بجميع خطواتها كانت بعلم الحزب وموافقته وأن القائمين فيها هم شيوعيون قبل الانشقاق،وبعد الانشقاق حاول البعض الانفراد بالعملية والهروب دون إخبار رفاقهم بذلك إلا إن انكشاف الأمر حال دون إكمال المحاولة ثم جرى الاتفاق على التناصف بين الفريقين رغم ما واكب ذلك من اضطراب في التخطيط والخروج العشوائي لغير المشاركين أو العارفين بالعملية وحدثت فوضى أدت إلى انكشاف الأمر بعد هرب الكثيرين وإلقاء القبض على الآخرين وعودة من لم يستطيعوا الخروج إلى السجن ولولا التآمر الأخير ومحاولة الانفراد لكان بالإمكان هروب عدد أكبر دون أن تعلم سلطات السجن بذلك ولكن الروح الفردية ومحاولات التخريب كانت وراء الخلل وعدم هروب الآخرين بسبب الخروج غير المبرمج والتدافع وعدم وجود الهويات أو الملابس الملائمة لدى البعض ،وعدم التنسيق بين المحلية لتوفير الظروف المناسبة أو الأماكن الكافية لإيواء الهاربين وأبعادهم عن أنظار السلطة ،ورغم ذلك كان لمحلية بابل للحزب دورها الكبير في أيجاد الملاذ الآمن للهاربين،وإيصالهم إلى مناطقهم بأمان.
أخي أبو زاهد : يقال – في الإعادة إفادة – ولابد من العودة بذهن القارئ الكريم إلى ما ذكرته برسائلي – الحقائق الناصعة – من إن ليلة الهروب كانت مفاجئة لنا ولمنظمتنا الحزبية . إذ كان الاتفاق بين منظمتنا الحزبية – الشرعية – ومنظمة المنشقين – على ترك مسافة طابوقتين أو ثلاث – كما سبق الإشارة – ويتوقف العمل لحين إن يأتي الإيعاز من الحزب – ثم نعود لاستكمال العمل برفع الطابوقات - وتغليف النفق بالبطانيات وسحب سلك كهربائي إلى داخل النفق .. وقمنا بوضع بليته – أي صفيحة مفتوحة بشكل مستطيل خلف الطابوقات .. وتوقف العمل . ولكن الذي تبين لنا في تلك الليلة – التي أسميتها – بالليلة الحاسمة – إن المنشقين كانوا يواصلون عملهم من وراء ظهر منظمتنا الحزبية – ودون علمي – كشريك في العملية – الانفراد بها والهروب بمفردهم – على إنهم – أي المنشقين – هم الإبطال وقاموا بالعملية .. وهم الثوريون :- وقيادة الحزب يمينية : لكنهم قد كشف أمرهم قبل ساعة من تنفيذ عملية الهروب بمفردهم .. وافتضح غدرهم بمنظمتنا الحزبية .. وعلى هذا حدث ما حدث في تلك الليلة الحاسمة .. المشاجرة الكبيرة والحوار الساخن الذي فرضته عليهم منظمتنا بقيادة الرفيق حسين سلطان وعلى هذا أيضا ً ، استجاب المنشقون مرغمين بالرضوخ لإرادة منظمتنا بتمديد أليه الهروب – ( 1+1 ) وكان في نية المنشقين – عند افتضاح أمرهم – قبل بدأ الحوار – أن يقوما بردم النفق .. وهذا ما أكده – عقيل في مذكراته – الطريق إلى الحرية – حيث يقول ( إن فاضل عباس قد ابلغه – عن مظفر النواب – في تلك الساعة – بردم النفق ) حتى إن عقيل امتعض – وعاد الى القلعة القديمة غاضبا ً ليأخذ قسطا ً من النوم – على حد قوله ... وقد استخدموا أساليب ملتوية وتضليله للغدر بمنظمتنا – منها – إيهام الرفيق حسين سلطان بعقد اجتماع لهم في القلعة المجاورة لغرفة النفق – وهذا ما يؤكد الزميل جاسم المطير في الحلقة – 20 – من رسائله – معضلة الذاكرة – يقول المطير : ( أشيع خلال النهار في السجن كله – إن اجتماعا ً حزبيا ً
مهما سيتم في الخامسة والنصف في القاووش – 24 – المجاور للصيدلية – الاجتماع سيعقده عدد من جماعة القيادة المركزية – لم يكن الاجتماع حقيقيا ً – لكنه محاولة لنشر خيوط تضليلية باردة لخداع إدارة السجن – من جهة – ولضمان عدم إثارة انتباه بعض السجناء الذين لهم علاقة بإدارة السجن من جهة أخرى .. هذا كلام المطير نصا ً وهو في الواقع – وكما أصبح واضحا ً – ليس لخداع إدارة السجن – أو السجناء الذين لهم علاقة بإدارة السجن – كما يزعم المطير – بل لخداع وتضليل منظمتنا الحزبية والشيوعيين الذين لهم علاقة بمنظمتنا الحزبية – إذ إن إدارة السجن تقبع في بناية خاصة بها بعيدة عن القلعتين القديمة – الوسطى – والجديدة – وليس بين السجناء من له علاقة بالإدارة .. لكن الزميل – المطير – أراد بهذا الأسلوب تضليل القارئ أيضا ً – وصرف نظره –عن حقيقة ما يقصده المطير
هذه هي الحقيقة وليس غيرها
الأخ أبو زاهد : يتصور الزميل عقيل انه الوحيد الذي كتب – مذكرات وان مذكراته أصبحت المصدر الوحيد – للآخرين – وان مذكراته لا يمكن المساس بها مع إن مذكراته لم تكن متطابقة مع كل الذي كتبوا بما ذلك كتابات جاسم المطير معضلة الذاكرة مع أنها من جهة واحدة المنشقين وأقول للزميل عقيل إني سجلت في مذكراتي الكثير من الملاحظات حول ما ورد في مذكراته الطريق إلى الحرية ولا يتسع المجال هنا لمناقشتها لكني اذكر منها نقطة واحدة فقط وهي التي وردت في ص 26 والتي يقول فيها بان مساعد ممثل السجناء كاظم فرهود وممثل السجناء شاطي عوده قد شاركا في عملية هروب العقيد شاكر متروك .أخي أبو زاهد : لم يكن بين السجناء العسكريين شخص بهذا الاسم فان شاكر متروك هو مناضل حكم عليه بعشر سنوات في قضية أبناء الكاظمية – مقاومة انقلاب 8/ شباط الأسود 1962 – وهو مدني – وأمي لا يقرا ولا يكتب وكاسب بائع سمك وهو شقيق الشهيد سعيد متروك كما انه صهري ولم يهرب حتى مع الذين هربوا من النفق وان العسكريين الذين قامت المنظمة بمساعدتهما على الهروب بصورة فردية – خلال المواجهات هما الملازم الطيار عبد النبي جميل والملازم حامد مقصود . وسنتناول بقية الملاحظات عندما تحين الفرصة المواتية لنشر مذكراتي
الرفيق العزيز أبو زاهد : لا بد انك تتذكر – إني بينت لكم رسالتي الأولى باني ترفعت عن المشاركة في مثل هذه المزايدات المخجلة – ولم اكتب عن هذا الموضوع لكني وجدت نفسي مضطرا ً بل وملزما ً في الرد على ادعاءات الزميل جاسم المطير بهدف كشف الحقيقة – والحقيقة فقط – ثم تابعت ذلك بسلسلة رسائلنا – الحقائق الناصعة – خدمة للحقيقة والتاريخ ، وعلى هذا فاني أرى بان الحقيقة أصبحت واضحة – وضوح الشمس – لا لبس فيها ولا غموض – إن عملية النفق والهروب – هي من صنع الحزب الشيوعي العراقي تخطيطا ً وتنفيذا ً وان الرفاق المشاركين فيها جميعا ً هم جنود لمهماته النضالية – وان الانشقاق الذي حدث – لم ولن يغير من جوهر الموضوع بتاتا ً – مهما حاول البعض من تجيير الأمر لحسابه – فهو واهم فالحقيقة ثابتة التي يعرفها جيدا ً كل المناضلون الذين عايشوا السجون إن هناك منظمة حزبية في السجن – تمثل الحزب – وهي مسئولة عن إدارة شؤون وحياة المناضلين بكل مفاصلها اليومية وان لهذه المنظمة نظاما ً دقيقا ً لا يخرق ولها الهيبة والطاعة والاحترام من جميع السجناء حتى – غير الشيوعيين – والجميع يخضع لقراراتها وتوجيهاتها – وانه ليس بمقدور احد مهما كانت مكانته الاجتماعية أو درجته الحزبية أن يتصرف أي تصرف مهما كان بسيطا ً دون علم وموافقة المنظمة الحزبية – سيما بمثل هذا العمل الكبير والخطير – وهذه الحقيقة الثابتة لوحدها – تؤكد بطلان كل المزاعم والادعاءات المغايرة .
وان الوقائع والدلائل التي تؤكد وضوح الحقيقة – هي كل الكتابات سواء مذكرات – أو كتابات آخرين – باستثناء كتابات الزميلين عقيل والمطير فهي تختلف عن كتابات الآخرين – من جهة – ومن جهة أخرى فهي تختلف في رواية الاثنين أيضا ًُ .
الرفيق أبو زاهد : مقالتي الأولى في طريق الشعب – أكدتها وتطابقت معها مذكرات الرفيق الراحل حسين سلطان – ثم تعززت بالفلم الوثائقي الذي بثته فضائية الحرية في 7/3/2008 ثم كتابات الكثير من الإخوة مثل الأخ نعيم الزهيري والأخ عبد الحسين الساعدي والأخ كمال كمالة – احد المشاركين في العملية – جاءت متطابقة وتؤكد بوضوح دور الحزب ومنظمته الحزبية بقيادة الرفيق حسين سلطان في هذه المأثرة العظيمة وأكدت ذلك برسائلي – الحقائق الناصعة – ولكم الدور الأساس في بلورة هذا الحوار وإدارته بما يخدم الحقيقة بحيادية تامة وبنزاهة معهودة بكم .. فشكرا ً لجهودكم ومثابرتكم ... وفقكم الله لخدمة الحقيقة والتاريخ وعلى هذا أخي العزيز أبو زاهد .. فان رسالتي هذه ستكون آخر رسالة حول هذا الموضوع – وان رسائلي اللاحقة ستكون حول مواضيع أخرى .
أحر التهاني وأسمى الأماني لكم وللعائلة الكريمة بالعيد السعيد راجيا ً لكم كل الخير والتوفيق - وبالصحة الموفرة – والعمر المديد .