عن أيلول الإرهاب وعقلية القطيع !!

 

بات من قبيل تكرار المألوف, إعادة القول, أن العالم بعد الحادي عشر من أيلول عام 2001 ,دخل مرحلة جديدة, من الصراع على النطاق الدولي, وقد نختلف جذريا في تحليل, أسباب وعوامل وممهدات, تفجر هذا الصراع, وقد لا نتفق بالتالي على تحديد من يتحمل المسؤولية الأكبر, في جر شعوب العالم غصبا, للمشاركة في هذا الصراع, الذي يتسع ويزداد خطورة يوما بعد أخر, ولكن على مستوى التوصيف, توصيف ما يجري من البشاعات في إطار هذا الصراع, وأبعاده راهنا ومستقبلا, لا يمكن الخلاف بتقديري, على أن هذا الصراع, بات بمثابة حرب عالمية ثالثة*, حتى وأن لم يجري الإعلان عن ذلك رسميا, ليس من قبيل حرص طرفي الصراع, على تجنب ذكر عبارة ( حرب عالمية) ما تزال بشاعات ما سبقها من الحرب, قبل نصف قرن من الزمن, تؤرق ذاكرة التاريخ, وذاكرة من يطالعون التاريخ من الناس, وإنما لان أحد طرفي الصراع, المعروف الهوية والفكر والأسلوب, لا يخوض هذا الصراع, بالاعتماد على الجيوش وقعقعت السلاح, وإنما باستخدام سلاح الإرهاب وإشاعة الموت, وبالاستناد أساسا, على   قتال الأشباح, انطلاقا من كهوف وجحور تخلفه, فكريا ومكانيا, المعروف موقعها تمام على الخريطة!

السؤال : كيف ومتى جرى التمهيد والتحضير, لعمل هذه الأشباح, التي لا تعرف من فنون القتال سوى الاندفاع نحو الموت, كما لو أن استمرارها في الحياة, يعد ضربا من العار؟! 

قبل عقدين من الزمن, تم سوق عشرات الألوف من هذه الأشباح المعادية للحياة  (ومن بينهم ابن لادن والظواهري والزرقاوي وأبو حفصة المصري وسواهم من زعماء الإرهاب اليوم!) إلى معسكرات تدريب خاصة, تم أقامتها في باكستان واسكوتلاند, بأشراف مباشر, من المخابرات الأمريكية والبريطانية, وبأموال سعودية وخليجية, وذلك بهدف الإعداد, لما بات يعرف لاحقا (بالجهاد الإسلامي) ضد جحافل الكفار الشيوعيين في  أفغانستان, تنفيذا لمشروع مستشار الأمن القومي الأمريكي بريجنسكي, مشروع إقامة سور إسلامي, لمحاصرة جمهوريات الاتحاد السوفيتي الآسيوية, وتحويل وجهة صراع المواجهة بين المعسكرين الغربي والشرقي, إلى صراع ما بين أهل الكتاب من المسلمين والمسيحيين, ضد أعداء الله من الشيوعيين الملحدين الكفار....الخ المعروف عن بدايات ظهور المطايا المجاهرين بالقتل ! 

و.......هكذا وفي غضون أعوام قليلة, تم برعاية المجمعات الصناعية العسكرية في أمريكا وبريطانيا, وبتمويل سعودي وخليجي, تحويل ما لا يقل عن ثلاثين ألفا من الغنم ( المجاهدين) الى ذئاب بشرية, تجيد جميع أساليب القتل والإرهاب, وعلى نحو تأنف عن ممارسته حتى وحوش الغاب, وبالشكل الذي تجسد لاحقا بوضوح, في ما حدث, يوم الحادي عشر من أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية, وسواها من جرائم الإرهابيين في أنحاء مختلفة من العالم ضد ( أعداء الله من الصليبين واليهود) وفقا لمزاعم المطايا من المجاهدين!

السؤال :إذا كان الشيطان الأكبر أمريكا وجميع اليهود والنصارى, يتحملون المسؤولية عن ضياع فلسطين, وكل ما لحق بالمسلمين من شرور.....الخ ما تردده اليوم جميع القوى والعصابات الإرهابية, ترى لماذا إذن تم رفع راية الجهاد المقدس أولا, بالتعاون مع الشيطان الأكبر ضد الروس في أفغانستان؟!

هل كان هولاء الغنم, من المجاهدين يجهلون مع من, وتحت راية من يقاتلون, أو تراهم من الغباء, بحيث كانوا لا يعرفون حتى موقع القدس على الخريطة ؟!

و.....بعيد عن السخرية, الجواب على ما تقدم من السؤال, يكشف الحقيقة دون رتوش, حقيقة أن جريمة الحادي عشر من أيلول, وسواها من الجرائم التي تحضى في العادة, بما يكفي من عار ( الشهرة)  إعلاميا, يجري في الواقع تنفيذها وعلى مدار اليوم, ومنذ سنوات وسنوات من قبل هذه الذئاب الوحشية( المجاهدين) في أنحاء عديدة من الدول العربية والإسلامية, وباتت تتركز بكل بشاعاتها في العراق بعد سقوط صدامهم بعد أن قررت الولايات المتحدة تحويل العراق والناس في العراق, ميدانا للتخلص من أكبر عدد ممكن من ( ذئابها الوحشية) بعد أن تمكنت هذا القطعان من الانتشار, في الكثير من الدول العربية والإسلامية, وحتى داخل العديد من الدول الأوربية, وما حدث في لندن مؤخرا, مجرد دليل جديد على مدى نجاح هذه الذئاب المتوحشة, في التكاثر بهدف إشاعة المزيد من الإرهاب, وبالاعتماد أساسا, على المعارف والخبرة, التي اكتسبوها خلال فترة إعدادهم, على يد الخبراء الأمريكان والبريطانيين, لممارسة القتل والإرهاب تحت يافطة الجهاد في سبيل الله !

وإذا كان من المنطقي, أن تعمد الإدارة الأمريكية والبريطانية والباكستانية والسعودية...الخ, إلى فرض التعتيم على هذه الحقيقة, وعن دورها البشع والقذر, في ارتكاب هذه الجريمة , جريمة تحويل هذا العدد الكبير من الغنم الى ذئاب بشرية , فأن من الصعب إدراك, تجاهل هذا الدور, بكل ما نجم وينحم من بشاعات الإرهابيين, من قبل من يتصدون اليوم للكتابة ضد الإرهابيين وجرائمهم في العراق, سواء كانوا, ينطلقون من موقع الدفاع عن الفكر اللوبرالي أو من موقع الدفاع عن الإسلام, كما لو أن من هم في الظاهر, في موقع النقيض فكريا, لازالوا يعملون وبذات القدر من الحماس, تحت شعار الشيطان الأكبر : يا أعداء الشيوعية اتحدوا !

ترى كيف يمكن مواجهة الإرهاب والإرهابيين, وأتحدث في إطار المواجهة إعلاميا, دون التأشير  وباستمرار عن الدور الأمريكي والبريطاني والسعودي ....الخ من شاركوا في هذه الجريمة المروعة التي باتت اليوم تتهدد البشرية, جريمة تحويل عشرات الألوف من المسلمين إلى ذئاب بشرية, من خلال توظيف مشاعرهم الدينية للمشاركة في جهاد أمريكا وحلفائها ضد أعداءهم السوفييت على ارض أفغانستان؟!

ذلك سؤال, قد يبدو للوهلة الأولى, خارج سياق ما يجري اليوم من بشاعات عصابات الإرهابيين, أو يستهدف ( التصنيف) على عقول المطايا من المجاهدين وشيوخهم وكل من يدعمهم ويمجد جرائمهم, ولكن التمعن جيدا في فحوى هذا السؤال بالتحديد, لابد وبتقديري أن يقودنا للتفكير وبعمق, بحثا عن الجواب المناسب, ليس فقط لمعرفة مغزى وأسباب هذا التصاعد في جرائم الإرهابيين, وخاصة بعد سقوط صدام, وإنما مغزى سهولة انقياد قطاعات واسعة من الرأي العام في الدول العربية والإسلامية, الى طروحات هذه الذئاب البشرية, وأسباب استمرار خضوع الملايين في الدول العربية والإسلامية,لسطوة عقلية القطيع؟!

بدون تحديد الجواب المناسب, على ما تقدم من السؤال, سيظل بتقديري من الصعب على جميع القوى الديمقراطية, بمختلف تلاوينها الفكرية, بما في ذلك في الوسط الإسلامي, والمناهضة حقا للإرهاب, النجاح في تحرير وتخليص الملايين في الدول العربية والإسلامية, من الخضوع لسطوة عقلية القطيع, وبالتالي إشاعة المفاهيم والقيم, التي تمجد الحياة وتتعامل مع الإنسان, باعتباره حقا وفعلا أثمن رأسمال في الوجود!

و....... بصريح العبارة, بدون تجفيف منابع ومستنقعات الشر, فكريا وسياسيا وإعلاميا, وبدون التخلص نهائيا, من مصانع إنتاج المطايا المجاهرين بالقتل, في السعودية وسائر الدول العربية والإسلامية, بدون مطاردة شبكات التحريض على الإرهاب, وتحديدا في الدول العربية الأوربية, سيظل العراقيون, وسائر الناس في هذا العالم, يدفعون تبعات هذه الحرب القذرة, بين من يوظفون المشاعر الدينية بشكل دنيء, في صراعهم ضد الحياة, بزعم الجهاد ضد من علمهم في أفغانستان فنون نحر البشر!      

كيف وشلون, وما هي الوسائل المناسبة, لتحقيق مثل هذا الهدف النبيل؟!

جواب ذلك, مهمة تتجاوز سياق هذا التعليق, حتى لا أقول تتجاوز,حدود المتاح من التفكير في عقلي الصغيرون هههههه وحيث لا يشغل ذهني بالأساس راهنا, سوى التفكير أولا وقبل كل شيء, بهذا الذي يجري يوميا من بشاعات المطايا من المجاهرين بالقتل في العراق, وبالتحديد وبالذات ما يمكن إنجازه في الكتابة والكتابة والكتابة....ضد الدور القذر, الذي تمارسه مواقع البعثلوطية على شبكة الانترنيت, في إشاعة وتمرير مواقف القوى الإرهابية, وفي ممارسة التحريض على الإرهاب, وصولا إلى حد, إرشاد حثالات صدام على صنع المتفجرات, لقتل المزيد والمزيد من العراقيين, بزعم مكاومة الاحتلال بقيادة أبو تبارك!      

بالعراقي الفصيح: دعونا نعمل لتحقيق, ما بمقدورنا عمليا إنجازه عبر فعل الكتابة, وبالتحديد في ميدان فضح ومواجهة من يحرضون على الإرهاب, على الأقل على صعيد شبكة الانترنيت , وبدون ذلك, بدون القيام بهذا الواجب, الذي يعد والله أضعف الأيمان, ستظل المستنقعات العفلقية وسائر مستنقعات القوى الظلامية, تواصل دورها القذر, ليس فقط في التحريض على الإرهاب, وإنما الأخطر من ذلك, استخدام هذه الوسيلة العصرية المتطورة ( الانترنيت), لممارسة دورها غير المنظور للعيان, على صعيد تسهيل عملية التواصل السريع, ما بين مراكز قيادات هذه العصابات في الخارج, ومطاياهم في قلاع العفالقة التقليدية وسائر مناطق تواجدهم في العالم, سواء على صعيد إرسال التوجيهات والتعليمات, أو تحديد مكان وزمان تنفيذ المزيد من عمليات التفجير والقتل ...الخ ما يجري تنفيذه وبشكل ينم عن التنظيم والاحتراف  في ممارسة القتل والتخريب!

و.........منعا لسوء التأويل, هذه الدعوة, غير موجهة بالأساس للأنذال, ممن يرفضون كتابة ولو حرف واحد, أو القيام بخطوة واحدة, ضد مستنقعات التحريض على الإرهاب, وبالتحديد هولاء الذين اعتادوا وبمنتهى السفاهة, ترديد عبارتهم البليدة ( شنو هذوله الجلاب الواحد يرد عليهم) لتبرير عار نكوصهم, عن المشاركة في حماية حياة العراقيين, الذين يجري التحريض على قتلهم في مستنقع كادر الدعارة وسواه من مستنقعات العفالقة الأنجاس على شبكة الانترنيت!      

سمير سالم داود  11 أيلول 2005

alhkeka@hotmail.com

* في الواقع من المفروض القول حرب عالمية رابعة, لان المعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية, ومباشرة بعد انتهاء الخرب العالمية الثانية عام 1945 أشعل فتيل الحرب من جديد ضد ما عرف لاحقا بالمعسكر الاشتراكي, هذه الحرب التي دخلت التاريخ تحت عنوان ما سمي ( الحرب الباردة) على الرغم من أن هذه الحرب, وأن كانت ( باردة ) على مستوى الصراع بين طرفي الحرب ( الاتحاد السوفيتي والمعسكر الغربي) ولكنها كانت حربا دموية, بكل المعروف عن بشاعات الحروب, على مستوى الأطراف, وحيث دفعت شعوب العالم الفقير, في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية, ثمنا فادحا في سياقات هذه الحرب, أدى إلى خسارة حياة الملايين من الأرواح, وعشرات الملاين من المعوقين, وتدميرا لمقومات الحياة...الخ ما يفوق التوصيف على صعيد حجم النتائج الكارثية التي دفعتها هذه الشعوب, قبل أن تنتهي هذه الحرب القذرة بسقوط الاتحاد السوفيتي عام1991 دون أن يتحول العالم, إلى واحة للسلام,  كما كانت ماكنة الرأسمالية الإعلامية تعيد تكراره , للتغطية على عار العدوان الإمبريالي ضد الشعوب المناضلة من أجل التحرر, ولتبرير سعار مجمعات صناعة أسلحة القتل والدمار, إنتاج وبيع المزيد والمزيد, من بضائعها القذرة , النقيض للحياة, والتي لا تستهدف غير قتل الناس !          

ماذا عن واقع حال القطيع في الطرف الأخر من المعادلة, ونعني موقف الرأي العام في الدول العربية والإسلامية؟!

هامش : بصدد نداء إدارة موقع صوت العراق لدعم الموقع ماليا حتى ولو بدولار واحد, أعتقد أن ذلك قد يفيد, ولكن بشكل مؤقتا فقط لا غير, ومن الأفضل بتقديري, اعتماد مبدأ دعم الموقع بانتظام, من قبل جميع المساهمين في النشر, ومن يحرصون من زوار الموقع على دعم استمراره, باعتبار أحد المواقع المتقدمة في مضمار الكفاح إعلاميا ضد العفالقة الأنجاس, وذلك عن طريق دفع بدل اشتراك, لا يقل عن عشرة دولارات في السنة,مع أهمية التأكيد وبإلحاح من قبل جميع المثقفين المعادين حقا وصدقا للعفالقة, على ضرورة قيام وزارة الثقافة, دعم المواقع العراقية على شبكة الانترنيت ماليا, لتطويرها وتعزيز لدورها, في إشاعة وتدعيم مفاهيم وقيم الديمقراطية في العراق.