مغالطة وتواطؤ !

 في يوم الاثنين المصادف الرابع من كانون الثاني عام 2009، نقلت وكالات الأنباء خبر العملية الإجرامية الانتحارية في مدينة الكاظمية، والتي أودت بحياة قرابة 40 بريئاً من الذين كانوا يؤدون طقوسهم الدينية إحياءً لذكرى عاشوراء. وكان من بين الضحايا 12 إيرانياً، وعادة ما يكونوا من الفلاحين البسطاء الذين تشدهم هذه المناسبة ويحلمون بزيارة الأضرحة في العراق. إن هذه المناسبة هي ليست استعراضاً للجيش الأمريكي ولا لقوى الأمن العراقية، كما إن الكاظمية هي مرقد لضريح الإمام موسى الكاظم وليست قاعدة عسكرية أمريكية أو لحلف الناتو كي تستهدف من قبل من يدّعون الغيرة على السيادة ويرفعون أصواتهم بالحرص على سيادة العراق. كما إن جل الضحايا كانوا من المواطنين العراقيين البسطاء.

لقد أصبح واضحاً لدى كل ذي بصيرة، بل وحتى لدى عامة العراقيين، هوية من يقوم بهذه الجرائم بعد خبرة خمس سنوات من طغيان هذه الهمجية في العراق. فمن يقطع رؤوس الضحايا ويفخخ البشر وينهب ويأخذ الخاوات هم بغالبيتهم ممن ينتمون إلى تلك "الدويلة الإسلامية الشريرة" التي يديرها عرب الجنسية وبتمويل من أثرياء الإرهاب العرب. أما من يقوم بتفخيخ النساء بعد حقنهن بالمواد المخدرة ويدمر البنى التحتية وينفذ عمليات اغتيال غالبية أرباب الكفاءات وضباط الجيش الملتحقين بالجيش العراقي والقوى الأمنية الجديدة، فهم فلول البعث وأجهزتهم المخابراتية وأيتام صدام. ولا يتخلف جيش المهدي والمجاميع الخاصة المدعومة والمدربة في إيران عن "جوقة الإجرام" في التنافس على زرع الموت والخطف والعبث بالهاونات وإثارة الفوضى. وتنافس كل هذه الزمر عصابات الجريمة المنظمة التي لا تمتهن أية مهنة سوى النهب والسرقة والخطف باعتبارها أسهل الطرق للثراء و"البحبحة". ومن الجدير بالإشارة في هذا السياق إلى أن غالبية هذه الزمر لا تنكر ضلوعها بل تعترف صراحة بهذه الجرائم الموجهة بالأساس ضد العراقيين وممتلكاتهم، بل تُعدُّها ضرباً من مقاومة المحتل جرياً على "الأسطوانة" التي سمعناها ويصر البعض على ترديدها منذ الإطاحة بقطب الاستبداد والتخلف. إن الكثير ممن غدر بهم من الضباط الذين عادوا للخدمة في محافظة صلاح الدين، على سبيل المثال، قد تلقوا تهديدات وخيارات مسبقة أما بالتعاون مع هذه المنظمات الإرهابية وتبقى في السلك العسكري الجديد وتقدم المعلومات لها، أو التخلي عن الانخراط في المؤسسات العسكرية والأمنية الجديدة، وإلاّ سيكون مصيرهم هؤلاء الغدر والتصفيات الجسدية. وهكذا كان مصير عشرات الضباط ناهيك عن مصير العشرات من الأطباء ومن ذوي الخبرة في المحافظة ممن أصروا على خدمة بلدهم، علاوة على أمثلة مماثلة في المحافظات الأخرى أبتليت بهمجية "المقاومين" وشرورهم.

وفي نفس اليوم، رحت أقلب صفحات المواقع الإلكترونية كي أتابع تعليقات المعلقين على هذا الحدث أو على الأحداث المأساوية في قطاع غزة. وفوجئت بمقالة للمدعو باقر إبراهيم منشورة على أحد المواقع وتحت عنوان "سيظل العراق يحلق بجناحين". ولا تتناول المقالة المأساة التي يتحملها العراقيون جرّاء من يسبب الموت والفوضى، بل يغالط صاحبها وينقل القتلة إلى مصاف الأبطال والقديسين، وفي مسعى سداه ولحمته التواطؤ بعينه مع من يدمر العراق ويسفك دماء أهله. ويبدأ باقر ما سطّره بالكلمات المكررة التالية:"استأثر الجهد النضالي لتعرية مرامي الاتفاقية الأمنية، التي أصر الاحتلال الأمريكي على فرضها على شعبنا، بأهمية كبيرة. وذلك لأنها تستهدف تكريس استعمار العراق، الذي عاد إلينا اليوم، بزعامة الإمبريالية الأمريكية"!!. وهنا يتشبث هذا الشخص بالمغالطات، ولربما هو لم يقرأ حتى مضمون الاتفاقية التي نصت على الشروع بإنهاء الوجود الأمريكي في العراق في بداية عام 2009 ولينتهي في عام 2011، كما نصت عليها الاتفاقية. وهو لا يريد أن يفهم إن هذه الاتفاقية حظيت بموافقة مؤسسات منتخبة من الشعب العراقي، في حين إن العراقيين لم يجدوا أي أثر "للجهد النضالي لتعرية مرامي الاتفاقية" المزعوم في الساحة العراقية. لقد كان هناك جهد قامت به الحكومة المنتخبة وبدعم من الأحزاب الوطنية العراقية لتجاوز كل ما يعرقل انتقال السيادة إلى العراقيين في الاتفاقية، وليس من قبل من هم يزايدون في قناة البغدادية أو من يستقرون في بيوتهم الدافئة في "الغرب الإمبريالي". ويذهب كاتب السطور أبعد من ذلك ليتحدث نيابة عن الشعب العراقي، ولا ندري من أين أخذ هذا التفويض، ويقول:"ويدرك بسطاء الناس وكادحو شعبنا، إن من أولويات أهداف الاستعمار الأمريكي الجديد للعراق، هو نهب ثرواته وفي مقدمتها نفطه"!!! وهي المغالطة بعينها. فوزارة النفط العراقية مخيرة في عهد ما بعد 9 نيسان 2003، وتختار الأنسب لاستثمار الحقول النفطية. وعلى هذا الأساس عقدت الوزارة اتفاقية مع شركة صينية لاستثمار حوض الأحدب النفطي وحوض بدرة في محافظة واسط وليس مع شركة أمريكية. وإن الولايات المتحدة، كما يعلم العارفون بالسوق النفطي العالمي وليس الجهلة، تشتري النفط العراقي الآن كما كانت تشتريه في عهد صدام وبالأسعار العالمية التي لا يمكن أن يتلاعب بها أحد إلاّ في حالات استثنائية، وذلك عندما أنفرد صدام من بين كل المستبدين في العالم بتقديم هدايا من كوبونات النفط لمن هب ودب، وباع النفط بأسعار تفضيلية إلى الأردن وغير الأردن.

إن بسطاء الناس، الذي يتحدث باقر إبراهيم زوراً باسمهم، يقارنون بين وضعهم في ظل صدام حسين، حليف باقر إبراهيم، والذي تميز بالفاقة والفقر المدقع والشحاذة، وبين حالهم الآن وقد بدأ يتحسن بقدر غير قليل. فالبطالة، على سبيل المثال، انخفضت إلى 15% في عام 2008 بعد أن كانت 18% في العام 2007 (حسب تصريح وزير العمل والشؤون الاجتماعية محمود الشيخ راضي لنيوزماتيك في 4 كانون الثاني 2009 مستنداً في تصريحه إلى معلومات الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات). وهذا لا يعني بالطبع أن العراقيين يعيشون في نعيم ورفاه دونه رفاه، وإن الفقر الذي سببه صدام للشعب العراقي جراء حروبه ونزواته قد تمت معالجته الآن. إن العراق الذي حوّله الطغاة إلى ركام وخراب يحتاج إلى وقت غير قليل لمعالجة التركة التي خلفها حليف باقر إبراهيم في العراق. إن هذا التحسن النسبي الذي أشرنا إليه لم يتحقق إلا نتيجة للزيادة في عائدات النفط خاصة في السنة الأخيرة، وليس بسبب سطو الولايات المتحدة على النفط العراقي وموارد العراق. وهو يعني أيضاً أن العراق هو الذي يمسك بأمواله وعائداته وليس بإمكان أية دولة أخرى نهب النفط وأموال العراق كما يشير باقر إبراهيم. فالخزينة المركزية، التي خلفها محبوب باقر إبراهيم خاوية، تحوي الآن على ما يزيد على 42 مليار دولار من الاحتياطي النقدي، كما يشير السيد سنان الشبيبي مدير البنك المركزي العراقي. إن شخصاً يدّعي الموضوعية ويريد قيادة حركة تحررية ويدعو إلى وحدة العمل ويعلم الناس الأصول، كان من الأجدر به أن يقدم لنا حقائق وأرقاماً ودلائل على هذا النهب المزعوم وحجمه لا أن يطلق صاروخاً فاشوشياً في الهواء لا يقنع إلا السذج من أتباعه.

ومهما طُرحت من مآخذ على العملية السياسية الديمقراطية التي يسميها "حظيرة"، إلا أنها لا تقارن بأقبية التعذيب الرهيبة والقبور الجماعية والسلاح الكيماوي والثاليوم والخوازيق والنهب المنفلت لصدام وعائلته وهدر أموال العراق على الحروب وشراء الذمم، من قبل حليف باقر إبراهيم وحكمه. فهذا الحليف أمسك بكل السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية بيد واحدة، وحكم العراق من قبل عائلة واحدة تسفك الدماء وتهدر الأموال بدون حسيب أو رقيب. هناك في العراق الآن تزوير وتلاعب وفساد ورثناه من النظام الفاسد الذي كان باقر إبراهيم يلهث للتحالف معه ويمد الجسور عبر سفاراته في الخارج، وورط أفراداً من القريبين منه للارتماء في أحضان ذلك الفساد، ولكنهم تعرضوا للغدر من قبل ذلك النظام.

ويصرّ باقر إبراهيم على تضليله وتستره على المجرمين الحقيقيين ويستوحي الأسطوانة القديمة المشروخة التي كان يرددها المتطرفون القوميون ويتهمون الحزب الشيوعي العراقي بالعمالة للصهيونية ويقول:" وأمام كل هذه المآسي، تنفخ أبواق عملاء الاحتلال الأمريكي الصهيوني، لتوجيه الاتهام لفاعلين آخرين غيره، داخلياً أم من دول الجوار". لقد طبّل وروّج حلفاء باقر أيراهم الحاليين من أمثال حارث الضاري، ملهم القاعدة في العراق وغيرهم من الإرهابيين منذ الإطاحة بنظام القبور الجماعية، وبهدف الإمعان في قتل العراقيين، لخرافة الصهيونية وغزوها للعراق وشراء الإسرائيليين للعقارات في العراق والتغلغل في القوات المسلحة العراقية وغيرها من الهرطقيات. ولكن كل حصيلة هذا التضليل لم تقدم للعراقيين أي دليل أو برهان على هذا الغزو الصهيوني المزعوم الذي يكرره باقر إبراهيم بملل وكدليل على الإفلاس، دون أن يعني ذلك إن المتطرفين الإسرائيليين هم أصحاب مؤسسة خيرية تعمل لخدمة شعب العراق وشعوب المنطقة وليس لديها أية أطماع.

ولكن أغرب ما ورد في كلام باقر إبراهيم قوله:" فتاريخ عراقنا، القديم والحديث، يؤكد بأنه ظل دائما يحلق بجناحين: عربي وكردي وتركماني، شيعي وسني، مسلم ومسيحي وصابئي... وغيرهم. وان جميع القوميات والأديان والطوائف، في التركيبة العراقية، تشكل قوائماً قوية لإسناد جناحيه اللذين يحلق بهما". إن كل من أطلع على ما كتبه باقر إبراهيم في مذكراته ومقالاته يجد أن أحد أسباب خروجه من الحزب الشيوعي العراقي وطلاقه معه هو نزعته القومية العروبية المشوبة بالإسلاموية التي نزلت عليه في العقدين الأخيرين والتي تنطوي على الحقد على كل عراقي غير عربي ومن منطلق شوفيني تتطابق مع شوفينية حزب البعث. وكان يعيب على الحزب الشيوعي العراقي وجود أكراد ومسيحيين في قيادته. وعندما عادى باقر الحزب لم يناصره أحد من هذه الأجنحة. فمن أين جاءت "صحوة" باقر إبراهيم كي يتحدث عن الأجنحة الكردية والعربية والتركمانية والمسيحية"!!!. هل هو إعادة نظر في فكره أم رياء وتزلف.

وينتقل باقر إبراهيم إلى موضوعة طالما شكك الكثيرون في نوايا القائلين بها، فهو يورد ما يلي:" مرت أكثر من خمس سنوات، على الاحتلال، شهدنا خلالها محاولات عديدة ، وبذلت جهود مخلصة كثيرة، من اجل وحدة القوى الوطنية. وما زلنا كمقاومين ومعارضين للاحتلال، نجد ونبحث في سبل التوحيد، وأكثرها سلامة وضمانة"!!!. ومن الطريف أنه مرت خمس سنوات لم نشهد خلالها أي مسعى لإعلان حزب يتزعمه باقر إبراهيم كي يلملم أنصاره الوهميين فيه، وفشل في ذلك. فكيف يريد أن يوحد تيارات وأطر في غاية الغرابة من حارث الضاري إلى فلول أبو مصعب الزرقاوي وزعماء دولة العراق الإسلامية، أو البعثيين الذين يتبارون في هتك بعضهم البعض من أنصار عزة الدوري إلى البعث الموالي لسوريا. ألم يسأل باقر إبراهيم نفسه لماذا لم يوحّد هؤلاء أنفسهم لتحرير العراق من المحتل خلال خمس سنوات من تصديرهم الموت والدمار إلى العراق؟ هل هو عدم إحساس بالمسؤولية أم قناعة بأنهم لا يتمتعون بأية قاعدة في العراق، كما أوضحته أحداث السنوات الأخيرة. فمن كان يدعمهم ويروّج للمقاومة ويرفع السلاح ضد العراقيين، فاق على حقيقة هذه المقاومة التي يتغنى بها باقر إبراهيم وأمثاله، وانضم إلى الفصائل التي شرعت، قبل الحكومة، بتطهير مناطقها من "المقاومين الأفذاذ". كما إننا لم نسمع من "المقاوم" باقر إبراهيم أنه ذهب إلى العراق وقام بتنظيم المقاومة وأصيب بالجروح أو الخدوش هو أو على الأقل أحد من أتباعه المقاومين. فعلام هذا الدجل والرياء والكذب الذي لا يليق بشخص بلغ من العمر عتيا، هذا العمر الذي يدفع صاحبه نحو الحكمة والتعقل لا نحو الكوارث. ولماذا لا يذهب باقر الآن إلى بغداد ويستجمع قوى المقاومة ليشارك في انتخابات مجالس المحافظات على غرار ما يفعله حليفه المقاوم الذي يتفاخر بانتمائه البعثي صالح المطلك الذي شارك في الانتخابات النيابية السابقة، ويخوض الآن انتخابات مجالس المحافظات، ويسعى إلى ترشيح نفسه لرئاسة مجلس النواب بعد رحيل المشهداني. يبدو أن صالح المطلك لديه من الجرأة بحيث يعلن عن بعثيته في المنطقة الخضراء ويرتفع صوته ضد الاحتلال رافعاً نفس شعارات باقر إبراهيم، الذي لا يملك مثل هذه الجرأة، وإلاّ لقلّده !!.

ويذهب باقر بتنظيراته وخيالاته ليعلن أنه:" لقد أسفرت معركة الانتخابات الأمريكية الأخيرة، عن هزيمة ساحقة لسياسة إدارة ( بوش) العدوانية. ومن بين عوامل كثيرة، كان لمقاومة شعبنا العراقي، دور هام في إنزال تلك الهزيمة". لا شك أن الكلفة الباهظة لاحتلال العراق كان لها دور في نتائج الانتخابات الأخيرة، ولكن من الذي انهزم في العراق؟ هل هي المقاومة التي يطبل لها باقر إبراهيم المتمثلة في دولة العراق الإسلامية وحزب العودة وغيرها من شراذم القتل ببرامجها العدمية، أم الشعب العراقي الذي يسعى إلى إرساء نظام ديمقراطي في العراق؟ الجواب نتركه للقارئ الكريم كي يحكم على النتيجة.

إن كل ما طرح ويطرح في كل مدونات باقر إبراهيم ونفر من أتباعه هو أمرين متكررين لا ثالث لهما. الأول هو أن خصامهم وعداءهم للحزب الشيوعي العراقي الذي ناصبوه الحقد هو هو الذي يحدد كل مواقفهم وليس أية اعتبارات أخرى. فهؤلاء يدققون في موقف الحزب ثم يعلنون ويكتبون ما هو مناهضاً لموقف الحزب الشيوعي العراقي. ولو رجعنا إلى كل مقالات باقر إبراهيم فلا نجد التحليل والقرائن والبراهين بقدر ما نرى الشتائم السوقية التي تكال للحزب وضحاياه. وهم يركّزون على الحزب حتى قبل انهيار النظام والاحتلال الأمريكي للعراق، ولا يمسون أحد من المشاركين في العملية السياسية سوى الحزب الشيوعي العراقي بعد الاحتلال. فباقر إبراهيم لا يشير إلى عدنان الدليمي ولا صالح المطلك ولا مقتدى الصدر ولا طارق الهاشمي ولا الجادرجي ولا أياد علاوي والكثيرين غيرهم ممن شاركوا ولا يزالون يشاركون في العملية السياسية في ظل الاحتلال. إن وراء هذا السلوك دافع واضح وهو أمر شخصي بحت لا علاقة له بأي تحليل سياسي. فباقر إبراهيم ونفر من أتباعه تورطوا في التحالف مع البعث الفاشي، ولكن الأخير انهار خلال لحظات ولم يعد لهم أمل في موقع جديد على الخارطة السياسية في العراق. كما أنهم فقدوا مواقعهم في الحزب الذي كانوا يعتبرون أنفسهم وليس غيرهم ورثة هذا الحزب، وبدونهم سينتهي الحزب الشيوعي. ولهذا تمتلئ نفوسهم بالحقد وهم يرون الحزب يشق طريقه وسط هذه التعقيدات في العراق ورغم الضحايا التي يقدمها. ويزداد حقد هؤلاء وهم يرون أن العراقيين يخطون خطوات جادة على طريق استعادة السيادة وخروج القوات الأجنبية من العراق، وكان آخرها عقد اتفاقية سحب القوات الأمريكية والبريطانية والأسترالية من العراق، وصدور القرار الدولي بتحرير العراق من طائلة البند السابع الذي فرض على العراق بعد غزو صدام للكويت.

أما العامل الآخر فهو حب الذات واللهاث وراء الوجاهة التي تميّز كل مقالات باقر أيراهم، التي يقدم فيها إرشاداته وتوجيهاته وفتاواه البائسة إلى تابعيه البائسين. فتارة يشبّه نفسه بنيلسون مانديلا حيث يقول في أحد مقالاته السابقة:" لكننا في العراق، كما في عالمي العروبة والإسلام، حينما تقترن عندنا إرادة النضال العادل، بعقلانية الحلول، وتجميع القوى، فأن العراق فيه، وإن عالمي العروبة والإسلام فيهما، من القيادات المخلصة المقدامة والواعية، المتنوعة الاتجاهات، أكثر من ألف نيلسون مانديلا"!. وتارة أخرى يعتبر نفسه الرائد في توحيد الوطنيين العراقيين ويقول" وختاما نقول، إذا كان من المفيد أن نتسابق على شي ما ، ونتنافس حول قضية ما، فليكن سباقنا وتنافسنا، في السعي للإسراع بتوحيد قوى النضال الوطني... وخير الرواد من يوحّد الناس!". كما أنه يحلم بأن يكون هو لا غيره الوريث الشرعي لليسار عندما يقول:" على أساس ذلك التراث النافع، وعلى أنقاض إفرازاته الملوثة ، برز للعيان دور اليسار الشيوعي الجديد، الذي دلل، بالأعمال على أصالته وجديته، وحقيقة انه كان وما يزال جديراً بوراثة المجد القديم والقدرة على التصحيح والتجديد"، هذا "اليسار" المزعوم الذي يقصده باقر إبراهيم هو الذي يتحالف مع جلاّدي الشعب العراقي وحثالات الظلامية والتطرف ويتنكر للمثل الإنسانية والتنويرية لليسار الحقيقي.

وختاماً نقول أن من يريد أن يخدم الشعب العراقي فما عليه إلاّ أن يدين من تسبّب بمجازر سوق الصدرية وشارع النهضة ودمار شارع المتنبي وجسر الصرافية وعطل المنشآت الخدمية من ماء وكهرباء ودور عبادة والقائمة تطول لتشمل الآلاف من الجرائم التي لم يمسها أو يدينها باقر إبراهيم ولو مرة واحدة عن طريق الخطأ، بل كان يعتبرها مأثرة من مآثر "مقاومته" المشبوهة. وعلى باقر إبراهيم أن ينزل إلى الساحة العراقية، ويطرح تصوراته على الشعب صاحب القضية ليفصل بين الصالح والطالح وبين من يدافع عن الشعب العراقي وبين من يتواطىء مع أعدائه ويسعى لاهثاً وإلى الآن وراء سراب البعث وحزب "العودة" وشروره.

دحام هزاع التكريتي

7 /1/2009

نقلا عن موقع الكاتب العراقي

www.iraqiwriter.com