يوم التقاني صدام في المرحاض

ملحق ثالث

 

من يعتقد أن عمليات اضطهاد الشيوعيين وأصدقاءهم, توقفت نهائيا بعد قيام جبهة عام 1973, إنما والله يرتكب حماقة الغلط في قراءة ما ساد الوضع العام سياسيا,خلال تلك الفترة الملتبسة من الزمن, وإذا كان من الصحيح القول, أن ملاحقة الشيوعيين وعلى نطاق واسع, تراجعت كثيرا عشية وبعد قيام هذه الجبهة, بالمقارنة عما كان عليه الحال خلال الفترة التي أعقبت عودة العفالقة للسلطة ولغاية تاريخ المباشرة جديا في المباحثات لقيام الجبهة أواخر عام 1971, إلا أن عمليات اضطهاد الشيوعيين وأصدقاءهم لم تتوقف عمليا بعد هذا التاريخ, وإنما باتت فقط تعتمد المغاير من سافل الوسائل والأساليب, لتحقيق ذات الدنيء من الهدف, وتحديدا التضييق على نشاطات الشيوعيين التنظيمية, وعملهم السياسي والإعلامي, وبما يحول عمليا دون قدرتهم على توظيف القائم من التحالف, والمتاح نسبيا من الحريات, لتعزيز تأثيرهم الفكري والسياسي ومواقعهم التنظيمية, وبالخصوص وسط الكادحين والمحرومين من الناس!.

و...هذا الذي تقدم عن الإطار العام للدنيء من هدف العفالقة, كان يجري ترجمته وبمنتهى القذارة وبشكل خاص واستثنائي, في المختلف من الدوائر والمؤسسات الحكومية, عبر اصطناع واختلاق المختلف من سخيف الذرائع لمحاصرة الشيوعيين حيث يعملون, وضمن ذلك إعداد وتدبير المصطنع من الحوادث, للإساءة اجتماعيا وبالتالي سياسيا, لسمعة هذا أو ذاك من الشيوعيين, وبالخصوص المعروف والمكشوف كلش من الشيوعيين, كما كان حال من  يمثلون الحزب الشيوعي في المشترك من لجان الجبهة في بغداد وسائر المحافظات الأخرى!

وعلى ضوء كل ما تقدم, شخصيا كنت ولا أزال أتعامل مع كل ما جرى من سافل فعل العفالقة ضد داعيكم باعتباره كان مجرد ( زلاطة) بالمقارنة مع ما جرى للكثير من الشيوعيين وأصدقائهم خلال تلك الفترة من الزمن,... و....صدقا وقسما, لا أقول ذلك من قبيل المصطنع من التواضع, وإنما من مطلق كامل القناعة, بحكم أن قطع راتب ….نقل خدمات ….وغير ذلك من سافل السبيل لمحاصرة ومعاقبة العبد لله والكثير من الشيوعيين وأصدقاءهم في المختلف من الدوائر الحكومية, وخلال سنوات التحالف, لا يمكن مطلقا بتقديري الخاص أن تكون بمصاف الفادح من النتائج, التي كانت تحاصر بشكل استثنائي, من يجري اتهامهم بالعمل مع الشيوعيين في صفوف القوات المسلحة, ويكفي القول أن قاطع الإعدام في سجن أبو غريب, كان في عام 1975 يضم 31 كوكب من باسل الشيوعيين وأصدقائهم,* والذين ظل العفالقة الأنجاس, يساومون على حياتهم, لدفع الحزب الشيوعي على تقديم المزيد من التنازلات, وقبل أن يجري تنفيذ جريمة إعدامهم في أيار عام 1978 وليكون ذلك بمثابة ساعة الصفر, لمباشرة قطعان العفالقة الهمج, لحملتهم الدموية ضد الحزب الشيوعي العراقي, وعلى أمل تحقيق عار ما عجزوا عن إنجازه, قبل ما يزيد على العقد من الزمن, يوم قادهم سيدهم الأمريكي البشع في شباط عام 1963 لنحر جمهورية الكادحين والفقراء من أهل العراق! 

و….شخصيا لا زلت أذكر ولا يمكن أن أنسى أبدا, ما حدث في صيف عام 1974 أو يمكن صيف التالي من العام, في بار صيفي على سطح سينما أطلس, ساعة اللقاء أول وأخر مرة مع الشاعر الشعبي المعروف راهنا (.........) وكان يوم ذاك شابا يافعا دون العشرين من العمر, وهو في حالة سكر شديد, وبحيث عجز عن مصافحة الحضور وكنت في تلك الساعة مع جمع من الأصدقاء جميعهم من أهل اليسار** قبل أن يبدأ وبعد المعدود من الدقائق, البكاء بحرقة مخاطبا بالذات الشاعر ذياب كزار بعبارة   (خويه كسرو عيوني الجلاب) وظل يكرر ذلك مرات ومرات, قبل أن يباشر وببالغ الصعوبة ودون تركيز, رواية وقائع اقتياده مرات عديدة وعلى مدار عدة أيام, معصوب العينين إلى ساحة الإعدام, لتنفيذ تصفيته رميا بالرصاص, بتهمة العمل مع الحزب الشيوعي, وبعد تلاوة نص القرار المزعوم, وإصدار الأمر لثلة الحرس, بالاستعداد لتنفيذ الحكم, لا يسمع غير صوت سحب الأقسام ولكن دون إطلاق الرصاص, إلا أن أنهار في النهاية, بعد أن تكرر معايشة ذات الحدث أكثر من مرة, وبحيث ما عاد بمقدوره الصمود كما كان يريد ويتمنى, وهذا ما كان هو الدافع للبكاء وحد العويل والله, ....و...للعلم هذا المسكين وهو من مدينة الكادحين ( الثورة) ما كان منتميا للحزب الشيوعي, وإنما على علاقة وثيقة صداقيا مع العديد من الشيوعيين وبالخصوص بعض المعروف من الشعراء الشعبيين, فضلا عن قصائده التي باشر بنشرها بعد قيام الجبهة, كان محتواها العام يتناغم مع مشاعر وأفكار المحرومين من الناس, وتلك كانت في عرف العفالقة, إشارة لا تقبل الغلط  على العمل أو الوقوع تحت تأثير الشيوعيين!

و....ما تقدم ذكره عن هذا الهمجي من فعل وحوش العفالقة ضد الشاعر (......) وبهدف سحق آدميته وإرغامه بالقوة على أن يكون طوع بنان ما يريدون من دنيء الهدف, والذي وقف العبد لله على تفاصيله المريرة, بمحض الصدفة, تكرر معايشته لاحقا, ولكن هذه المرة من موقع شاهد عيان, وفي الواقع ذلك ما عاش تفاصيله, سائر من كانوا يعملون في مديرية السينما والمسرح والفنون الشعبية في عام 1976 يوم جرى اعتقال أحد العاملين في المديرية, وكان هب بياض سياسيا وما كان والله في عداد المعادين للعفالقة, وذلك من خلال فبركة السافل من التهمة ضده, بعد فشل جميع جهود السافل من العفالقة, في إرغامه التسجيل بصفوف عصابة ( بعث الشر) , وهو ما كان يرفضه بثبات, بحكم المرير من الذاكرة جراء وفاة والده المبكرة, نتيجة تبعات التعرض للشديد من التعذيب, بعد اعتقاله خلال الهمجي من حكم العفالقة عام 1963 ...و... وشخصيا وبحكم الوثيق من العلاقة صداقيا, أستطيع القول جازما, أن ما حدث  كان ومن حيث الأساس, على خلفية رفض شقيق هذا المسكين, والمقيم في إحدى دول أوربا الغربية منذ مطلع الستينيات, العودة مع من عادوا من أهل الكفاءات (كان صاحب اختصاص علمي نادر في ذلك الحين من الزمن, وعلى ما أذكر يمكن في ميدان تكنولوجيا المعلومات أو البتروكمياويات)....و... فور إطلاق سراح هذا الذي كان يملك الجميل من القدرة صحفيا للكتابة وبشكل متميز بالفعل عن عالم السينما, عمل المستحيل من أجل مغادرة هذا الجحيم من الوطن!***  

و...في الختام لابد من القول, أن العبد لله لا يساوره الشك أبدا, من أن محاضر اجتماعات اللجنة العليا للجبهة والتي كانت تعقد اجتماعاتها الدورية برئاسة نعيم حداد, لابد وتحتوي على الكثير من دامغ الوقائع الملموسة, عن القذر من أساليب العفالقة ضد الشيوعيين, وبما يكشف بالفعل وعمليا عما جرى وصار خلال تلك الفترة من الزمن, وشخصيا أتمنى أن يبادر الحزب الشيوعي إلى نشر نص هذه المحاضر, وفي حال عدم توفرها, نشر ما كان يجري إيجازه من الملاحظات عن تلك الاجتماعات والتي أفترض منطقيا وتنظيميا, كان لابد ويجري تقديمها لقيادة الحزب, وأقول ذلك ليس فقط  من منطلق ضرورة توثيق تلك الحقبة التاريخية من الزمن, وإنما باعتبارها كانت ولا تزال وأعتقد سوف تظل, موضع اللغط والالتباس وفي موقع المجهول للكثير من الناس, وخصوصا الجديد من أجيال أهل العراق خلال الثلاث العقود الأخيرة, والذين يفترض اليوم التحرك نحوهم سياسيا وإعلاميا, في إطار الانتخابات وغير ذلك من نشاطات وتحركات حزب الشيوعيين العراقيين, خصوصا في ظل المسعور من الحملات المعادية للشيوعيين بما في ذلك راهنا حملة العداء والمتعمد من الإساءة التي يشارك في تنفيذها بعض الأرذال من الناس, تحت واجهة إعادة كتابة وقائع بعض ملاحم الشيوعيين, أو المزعوم من الدفاع عن وحدة اليسار العراقي!

 

سمير سالم داود

alhakeca@gmail.com

* طالع المزيد في سياق ما كتب العبد لله من النص قبل أكثر من عقدين من الزمن وتحت عنوان ( عام حافل بالسعادة) : www.alhakeka.org/sltan.html

**فضلا عن الغائب الحاضر ( أبو سرحان) كان بين الحضور على ما أتذكر الراحل من قريب الصديق كاظم الركابي وكمال السيد, والعزيز الغالي الشاعر (........) الصامد أبدا في مدينة الثورة, والشاعر المعروف (.......) من الديوانية, ويمكن كان بين الحضور على ما أتذكر العزيز الشاعر رياض النعماني.....و....للأسف الشديد هذا الشاعر الشاب الذي تعرض لهذا الضرب الهمجي من فعل العفالقة الفاشيين, وتلك معلومة لا يعرفها الكثير من الناس, تحول لاحقا وتدريجيا إلى واحدا من بين أبرز شعراء أغاني تمجيد الطاغية وعار حرب القادسية, وكنت أتوقع أو بالأحرى أتمنى بعد سقوط حكم العفالقة, أن يعود إلى حيث كان الجميل من المبتدأ, ولكن ربما بدافع من حب الشهرة والطمع بجمع المزيد من المال الحرام, لا يزال ولغاية الساعة, في عداد من هم في موقع المقبور من نظام العفالقة, وتحت غطاء المزعوم من الذريعة عن رفض الاحتلال, ودون إدراك أن من يرفض الاحتلال حقا وصدقا, لابد وحتما أن يكون في موقع المعادي وبالمطلق للعفالقة...و...أقول ذلك ليس فقط من منطلق ما نفذه أنجاس العفالقة من شنيع البشاعات ضد أهل العراق في الماضي, وإنما تعمدهم في الحاضر من الزمن, وسعيا وراء فرض عودة سطوتهم على الناس بالقوة, التعاون مع مجرمي القاعدة وسواهم من سافل الرعاع, وبحيث بات المشروع من فعل مقاومة الاحتلال, قرين الهمجي من الفعل, ومدعاة لكل ضروب الإدانة والاحتقار!     

*** ذلك ما تحقق بالفعل بعد المعدود من الشهور, ولا أدري, أو في الواقع لم أحاول, وطوال كل هذه السنوات, معرفة مكان إقامته بعد الهروب, لقناعتي بعدم استعداده الارتباط والتواصل من جديد مع جميع من كانوا في عداد القريب من الأصدقاء, لان ذلك لابد وأن يقود حتما إلى استعادة المفقود من الذاكرة عن انتمائه ذات يوم, لوطن يدعى العراق, وبكل ما يمكن أن يثيره ذلك من مواجع الألم في الروح,...و...عذرا لجميع من يعتقدون أن الوطن لا يعدو أن يكون غير نهر وكاع وشجر!