كركوك صعبة... و....فهمناها!

 

 

في الرابع عشر من آب الماضي, وقعت اكبر كارثة في تاريخ الإرهاب, الذي يكتسح العراق منذ سقوط الفاشية إلى اليوم. تفجيرات متزامنة في سنجار وعدد من بلداتها أوقع اكثر من 500 ضحية ، ودمر مساكن اكثر من 1500 في ظرف دقائق، دونما نما سبب سوى أن هؤلاء المساكين هم كورد ايزديين.

ترى لو كانت سنجار، شأنها شأن المدن الكوردستانية الأخرى تابعة إداريا إلى وطنها كوردستان، هل كان الإرهاب الإسلامي أو العروبي، الطائفي أو العنصري يجرأ على ملاحقة اتباع هذه الديانة المسالمة وارتكاب مثل هذه الفجيعة بحق أبنائهم؟

وفي مندلي التي تعرضت في زمن النظام الابارتايدي السابق إلى جرائم تهجير وسلب أراضى وجلب مستوطنين عرب من مناطق أخرى من العراق للاستيلاء على المنطقة، يتعرض المهجرون الكورد العائدون إلى أراضيهم اليوم، خصوصا من أبناء عشيرة قره لوس إلى بطش عصابات المد العروبي الإسلامي، المتحالفين مع هؤلاء المستوطنين, وكان من بين أبشع جرائمهم, تلك الجريمة التي وقعت في قرية حميد شفي (18-5-2007) حيث داهمت القرية عصابات خدعت المواطنين بارتدائها الزي العسكري فاعتقلت كل الرجال ثم رمتهم بالرصاص أمام أعين زوجاتهم وأطفالهم وأمهاتهم.

ترى لو كانت مدينة مندلي وقراها تتمتع مثلها مثل المدن الكردستانية الأخرى إداريا في الإقليم، هل كان المدنيون سيتعرضون لهذه المجازر الهمجية وعلنا وفي وضح النهار؟

والمتتبع للأخبار, واقصد المتتبع صاحب الضمير اليقظ، يستطيع أن يذكر المئات من هذه الأمثلة، في مدن كوردستان المقتطعة من الإقليم من الشيخان شمالا إلى جصان جنوبا، ولابد وأن يستشف مثلي, كم من الأرواح البريئة كان يمكن إنقاذها طيلة السنوات الخمس المنصرمة, لو لم تماطل الحكومة العراقية، شأنها شأن النظام النازي السابق، في إعادة المهجرين وأراضيهم والمدن الكوردستانية المستقطعة إلى كوردستان.

ألا يكفي هؤلاء المساكين ما تعرضوا له طيلة العقود السابقة من ظلم وعسف وتمييز عنصري تحت وطأة عصابات على كيماوي وسلطان هاشم وصابر الدوري وغيرهم من حثالات البشر, لتواصل حكومتنا الديمقراطية هذه المرة نفس السياسات في التمييز والسلب ونكران الحقوق.

كركوك صعبة، وفهمناها، يؤجل تنفيذ المادة 140 ، أو قد لا تنفذ أصلا، عرفناها، وعرفنا أيضا بان المدينة أشبه بسفينة عائمة على بحر نفط، وتبعا لذلك فهي مدينة أمريكية اكثر منها عراقية، وهي، أي أمريكا، من يحق لها أن يقرر مصير المدينة لا سكانها، فهمناها، ولكن ما لم نفهمه هو السبب وراء تجاهل المدن الكردستانية المستقطعة الأخرى ولنأخذ خانقين مثلا، هل هي متنازع عليها أيضا؟ ماذا عن عقرة ومخمور وجلولاء طوزخورماتو، هل هي صعبة أيضا، وهل يتطلب الأمر اكثر من زيارة لها لمعرفة سكانها وثقافتها وجغرافيتها.

مشكلة كركوك صعبة، ومشكلة المواطن صعبة أيضا وتحتاج لحل، وهذه الكتلة السكانية التي تمتد أرضها من سنجار إلى بدرة بحاجة إلى حل وكل سنة مرت منذ تغيير النظام إلى اليوم لا تختلف في جريمتها عن الجريمة التي ارتكبها نظام صدام في فصل هذه المناطق عن إقليم كوردستان بعد فرض الحكم الذاتي الصوري، وجريمة اتفاقية الجزائر التي أخرجها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر بين صدام حسين وشاه إيران عام 1975.

وإذا كانت الحكومة العراقية لا تريد حلا لهذه المشاكل الإنسانية، أو غير مكترثة لها، فان من واجب حكومة كوردستان التفكير بالبديل، عليها أن تكون اكثر حزما في التعامل في بغداد وإلا فأنها ستكون شريكة في الجريمة بالقدر الذي تتساهل فيه مع مماطلات حكام المنطقة الخضراء الجدد.

حسين القطبي

 

هامش : نقلا عن موقع (صوت العراق) في 28-12-2007