من يريد إشعال الفتنة في كركوك ولماذا؟!

بعد نشر الماضي من النص وما ورد في السياق من التصنيف والسخرية من قاسم هجع في أمريكا وعميل (الميت) التركي سليم مطر في سويسرا، استلمت عبر البريد الآلي رسالة غاضبة من أحد الاخوة التركمان,حافلة بالمقذع من الشتيمة دون أن أدري لماذا، خصوصا وأن ما ورد في سياق النص عن محاولات إشاعة الاحتراب بين التركمان والأكراد في مدينة كركوك, أكثر من معروف ومكشوف من خلال العشرات من مسعور تعليقات من ورد عار ذكرهم أعلاه ضد أمة الكورد والتي يجري نشرها مع سواها من مسعور عتاة أهل الشوفينية على صفحات مستنقع كتابات أياد الزاملي!

كنت أتمنى وصدقا لو أن سطور الرسالة تضمنت ما يفيد دحض موقف العبد لله أو على الأقل تضمنت معلومة صغيرة يمكن عرضها ومناقشتها في سياق تناول هذه الموضوعة البالغة التعقيد,أعني موضوعة العلاقة بين الأكراد والتركمان في مدينة كركوك, خصوصا في ظل هذا السعي المحموم لجرابيع صدام وفضائيات العهر العربية ودوائر المخابرات التركية, توظيف هذه القضية الحساسة، بهدف توسيع نطاق عمليات القتل والتخريب وإشعال نار الفتنة بين الأكراد والتركمان والعرب والكلدو آشوريين في مدينة كركوك, وذلك بالترافق مع جميع من يدعمون عصابات مقتدى الصغير بهدف إشاعة الفوضى والإرهاب في كربلاء والنجف ومدينة الثورة.

و....بغض النظر عن الشتيمة أجد من واجبي التوضيح، طالما أن ما ورد في النص استفز مشاعر هذا الأخ التركماني وعلى نحو قاده للوقوع بالغلط  دون وجود ما يبرر ذلك بتقديري, إذ أن العبد لله هو أخر واحد في هذا العالم، يمكن اتهامه بالتمييز بين البشر على أساس أنحداراتهم العرقية والقومية والدينية والطائفية ...الخ هذا السافل من مواقف أهل التفوق والتعصب العنصري قومجيا، وعلى نحو لا يستهدف والله سوى تجريد الإنسان من قيمته الحقيقية : باعتباره في الأول والأخر وكما قال خالي ماركس: أثمن رأسمال في هذا الوجود !

بتكثيف شديد للعبارة وبهدف  

وجهة نظر داعيكم إزاء هذا السعي المحموم لتعميق الفرقة بين الكورد والتركمان, يمكن توضيحها ببساطة شديدة عبر العديد من التساؤلات التي أتمنى أن تكون موضع تأمل ودراسة من قبل كل من يطالع هذه السطور, بوعي بعيدا عن روح التعصب وبوجدان عراقي يعكس صدق الانتماء إلى هذه الأرض المزدهرة بكل هذه الأعراق ( الزهور) من البشر, تساؤلات بسيطة للغاية:

ما هي المكاسب والإنجازات السياسية, , التي استطاعت الجهات الناشطة في الوسط التركماني, وتحديدا تلك التي تعتمد نهج معادة الكورد, أن تحققها على أرض الواقع ليس فقط اليوم وبعد سقوط نظام العفالقة الهمج, وإنما منذ ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958؟!

ومن يتحمل المسؤولية, وهذا سؤال أخر في نفس السياق, عن اعتماد سياسية العداء للكورد وبشكل يتعارض مع مصلحة التركمان وحقوقهم الأساسية، وعلى نحو أدى ويؤدي إلى تهميش ثقل ودور القوى السياسية  في الوسط التركماني سواء على صعيد الحياة السياسية في كوردستان وعموم العراق؟!

ما هو سر هذا التوافق الغريب والشاذ بين من يزعمون الدفاع عن حقوق التركمان مع أنجاس العفالقة عبر هذا المشترك من عار الجهد في ميدان إشاعة الحقد والكراهية ضد الكورد وقواهم السياسية ومن على صفحات مستنقع كتابات وقنوات العهر الفضائية وبما يستهدف وأساسا تعميق الفرقة والانقسام بين المختلف من أبناء مدينة كركوك وبما في ذلك التعريض بالشرفاء من التركمان الذين يرفضون هذا العار من التوجهات ولم يتردد بعضهم من الكشف عن مخططات دوائر المخابرات التركية الرامية إلى إشعال الفتنة في مدينة كركوك.

وهل هناك حقا من يعتقد أن مصالح وحقوق التركمان يمكن أن تتحقق على أرض الواقع من خلال اللعب بالورقة الطائفية وارتفاع الصراخ المفاجئ وللمرة الأولى طوال أكثر من 45 عاما عن شيعة علي من التركمان، للحصول على دعم قوى الإسلام السياسي وسط أتباع المذهب الجعفري وحكام طهران وتراهم وفي ذات الوقت ينسقون مواقفهم وفي ظل المحتدم من عار الصراع الطائفي مع من هم في الموقع الضد طائفيا من حكام أنقرة!  

كل هذه الأوهام وغيرها والتي تنطلق من  معادة الكورد التي اعتمدتها طوال العقود الأخيرة من الزمن, ولا تزال تعتمدها بعض الجهات الناشطة في الوسط التركماني لا تنطلق من حقائق الواقع وإنما من أوهام الأنشداد إلى تعزيز ثقل الدور الذي يمكن أن يلعبه التركمان بالاستناد على دعم الأشقاء ( وما هم بالأشقاء) في وأنقرة رغم جميع التجارب المريرة خلال ما يزيد على آل 45 عاما الأخيرة من الزمن, وبحيث لا يزال هناك للأسف الشديد, بعض أهل النفوذ في الوسط التركماني تواصل اعتماد ذات النهج, نهج معادة الكورد بالعويل على دور حكام أنقرة ( فضلا عن طهران بعد أن ارتدوا راهنا عمامة شيعة علي!)  رغم أن هذا النهج الضار لم يؤدي ( ولن يؤدي) عمليا سوى إلى تهميش الدور الذي كان من المفروض أن يلعبه الاخوة التركمان على صعيد النشاط السياسي العام في العراق.

أريد القول : اللعب بالورقة التركمانية كانت ولا تزال وستبقى أحد أبرز الوسائل القذرة للتدخل التركي في الشأن العراقي, ومن مصلحة النظام التركي تغذية الأوهام في الوسط التركماني في العراق, من خلال تقديم مختلف أشكال الدعم والإسناد للجهات التي تعمل وفقا مخططات وأهداف أنقرة وتبعا لطبيعة العلاقة مع السلطات الحاكمة في العراق, وارتبطا بما هو معروف ومعلن من الأطماع التركية فيما يتعلق بكركوك والموصل...و....بعد سقوط حكم الطاغية وشيوع الفوضى والإرهاب وتصاعد الصراع الطائفي، صعد حكم أنقرة من سافل جهودهم باتجاه استخدام الورقة التركمانية في كركوك وعلى نطاق أوسع من السابق بهدف إشاعة المزيد التوتر وإيجاد الذرائع والمبررات للتدخل بمختلف الأشكال بما في ذلك عسكريا في العديد من مناطق إقليم كوردستان على أمل أن يؤدي ذلك لوضع المزيد من العقبات والعراقيل أمام  تعزيز وتدعيم التجربة الديمقراطية بما يتيح لجميع أبناء كوردستان الجنوبية التمتع بالكثير من حقوقهم الأساسية, وبشكل يفتقده وحتى في إطار الحد الأدنى القاطنين في الجانب الأخر من أبناء كوردستان الشمالية!

هناك اليوم ورغم جميع المشاكل والمصاعب والتعقيدات التي أعقبت سقوط النظام المقبور والإشكاليات الحادة الناجمة عن وجود قوات الاحتلال فضلا عن محاولات التدخل القذرة في الشأن العراقي من قبل العديد من دول الجوار, رغم كل ذلك هناك فرصة تاريخية أمام الاخوة التركمان والأكراد بالتأكيد لتجاوز تبعات 45 عاما من المشاكل والإشكاليات وغياب عامل الثقة نتيجة سياسة فرق تسد التي اعتمدتها أنظمة الحكم الدكتاتورية والقوى الرجعية في العراق وحكام أنقرة, خاصة وأن التجربة الديمقراطية في كوردستان رغم جميع الثغرات والنواقص الجدية, تظل منطلقا واقعيا لتقديم النموذج الذي يمكن أن اعتماده لتدعيم مسيرة التحول الديمقراطي في سائر ربوع العراق ونحو مجتمع يقوم على التعددية واحترام حقوق الإنسان بغض النظر عن منحدره العرقي وانتمائه الديني وموقفه الفكري وأتجاهله السياسي.

أن الأنذال ممن يستخدمون موقع كتابات لتعميق الأحقاد بين التركمان ضد الأكراد وتحديدا في مدينة كركوك إنما ينفذون عمليا تعليمات بقايا مخابرات النظام الصدامي في الخارج.هذه السموم التي تنطلق من الحقد على الكورد وتعتمد على منطق تشويه الوقائع,  لسليم مطر وقاسم هجع في موقع كتابات وسواهم من السفلة ممن يزعمون زورا الحرص على حقوق التركمان, هذه الشتائم التي لا أول لها ولا أخر في موقع كتابات لدعاة الطائفية المقيتة لمن يزعمون الحرص على شيعة علي, هذه المجاهرة السافلة بالدعوة للقوات التركية الدخول للعراق لمن يزعمون زورا انتمائهم للتر كمان, كل ذلك لن ولا يمكن أن يخدم مصالح التركمان, في الواقع ذلك لان يؤدي سوى إلى استمرار تهميش دورهم في الحياة السياسية, في حين أن بمقدور القوى الحريصة حقا على مصالح التركمان المساهمة وبفعالية في تطوير التجربة الديمقراطية في كوردستان وبحيث تتحول هذه التجربة إلى قاعدة لنشر الديمقراطية للباقي من مناطق العراق، ونموذج للتعامل الذي ينطلق من الحقائق على الأرض, بهدف تغيير الواقع بما يؤمن ليس حقوق ومصالح التركمان والأكراد في كركوك,  وإنما سائر الطامحين لعراق ديمقراطي اتحادي بلا عفالقة ولا احتلال.

 

سمير سالم داود  20 تشرين أول 2003

 

* في العنوان أدناه وتحت عنوان (عام حافل بالسعادة) يمكن مطالعة نص يعود تاريخه إلى ما قبل ثلاثة عشر عاما ويدور محتواه عن وحول جريمة خططت أجهزة النظام الفاشي المقبور لتنفيذها في مدينة كركوك وحال ضابط باسل دون وقوع هذا البشع من الجريمة وبشكل يحكي الشيء الكثير لجميع من يناضلون حقا وصدقا من أجل بناء عراق ديمقراطي اتحادي تصان فيه حقوق الإنسان وكرامة الإنسان مهما كان منحدره العرقي والقومي ومهما كان توجهه الفكري والسياسي: