حلبجة الشهيدة

لماذا يريدون طمس معالم الجريمة؟!

بتقديري الخاص، أن دراسة موضوعية للأسباب والعوامل التي ساهمت بفتح الباب أمام سقوط النظام الفاشي في نيسان 2003 لايمكن أن تتجاهل التأشير وبوضوح على أن استخدام نظام العفالقة الأوغاد للأسلحة الكمياوية, في قصف مدينة حلبجة في السادس عشر من آذار عام 1988, شكل بعضا من مهم وأساس العوامل في رسم بداية النهاية لنظام العفالقة الهمج!

و...أقول ذلك، انطلاقا من حقيقة أن هذا البشع والهمجي من الجريمة، جريمة قصف الناس بالسلاح الكيماوي والمحرم دوليا استخدامه حتى في إطار الحروب، شكل سابقة خطيرة في التاريخ، حيث  لم يحدث من قبل أبدا, وفي سائر دول العالم, أن يعتمد نظام قمعي, ومهما كان موغلا في الطغيان, استخدام السلاح الكمياوي الفتاك لقتل الآلاف من أبناء ذات البلد، يوم جرى  وفي غضون دقائق معدودة  إبادة أكثر من 5000 من أبناء مدينة حلبجة الشهيدة, وجرح ما يزيد على أكثر من ضعف هذا العدد, مات منهم وبعد سنوات مريرة من المعاناة الكثيرون, ومن تبقى على قيد الحياة, مازالوا يعانون من مختلف  المتاعب الصحية نتيجة استنشاقهم سموم الأسلحة الكمياوية ولغاية اليوم.

قبل هذا البشع والهمجي من الجريمة، ورغم تعرض أهل الأكثرية في مناطق الوسط والجنوب وكوردستان، لكل أشكال القمع والإرهاب، وخصوصا بعد استلام السفاح صدام مقاليد السلطة علنا في تموز عام 1979 بعد أن ظل يقودها عمليا منذ عودة العفالقة الأنجاس للحكم في تموز عام 1968، ظل النظام الفاشي في العراق في موقع ( المدلل) أن جاز التعبير سواء على الصعيد العربي والدولي وللمختلف من قذر الدوافع ...و...حتى على صعيد العام من اتجاهات الرأي العام العروبجي الخاضع لسطوة وعي القطيع، كان يجري التعامل مع طاغية العراق، باعتباره  يعد حامي حمى البوابة الشرقية والمدافع الأمين عن الأمة العربية في مواجهة الفرس المجوس، والذي سوف يحرر القدس بعد أن يشمر اليهود في البحر ....الخ ما كان يسود من الاوهام في ظل محرقة قادسية عار العفالقة والسافل من حكام العرب!

و...يوم تواردت الأخبار عن ما حدث من همجي الجريمة، جريمة قصف حلبجة بالسلاح الكمياوي، بمقدوري القول، باستثناء العراقيين من أهل المعارضة وبعض القوى اليسارية التي كانت تتعاطف مع نضال أهل العراق في مواجهة القمع والإهاب الفاشي, لا أحد، أكرر لا أحد  من بين ( قادة) جميع دول المشايخ والعشائر والملوك وعلى امتداد زنزانة الوطن العربي، بادر للتنديد بهذه الجريمة المروعة، أو على الأقل  تكليف مدير عام الحريم في هذه الدول، إصدار تصريح خجول يندد رسميا حتى ولو بشكل غير مباشر بهذا الهمجي من الفعل* ....و...كذلك كان الحال على صعيد مواقف من يخضعون لسطوة وعي القطيع عروبجيا، حيث جرى التعامل وبمنتهى الاستخفاف مع هذا البشع من الجريمة، من باب الاعتقاد راسخا أن صدامهم وفارس أمتهم المغوار، لا يمكن أن يقدم على هذه الخطوة، وأن فعل، لابد وأن يكون هناك ما يستوجب من الدافع، حتى لا أقول جرى وبشكل عام التعامل عروبجيا مع إبادة 5000  كوردي في لمح البصر... في إطار عار : ثم ماذا؟!

على الصعيد الدولي، أقصد على المستوى الرسمي، جرى التنديد وبالحذر من العبارة بما حدث من همجي الفعل، قصف حلبجة بالسلاح الكمياوي، ولكن دون أن يبادر أحد، أن كان في إطار قادة دول المعسكر الغربي أو الشرقي، وبالخصوص الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، للتحرك بما يفيد معاقبة النظام الفاشي في العراق، على العكس تماما من موقف شعوب دول العالم المتحضرة وخصوصا في أوربا, حيث جرى التعامل مع هذا البشع من الجريمة، باعتبارها جريمة ضد الإنسانية, وجريمة تستدعي تعزيز وتصعيد جميع أشكال التضامن  مع شعب العراق في كفاحه ضد نظام العفالقة الهمج, بما في ذلك ممارسة مختلف أشكال الاحتجاج للتنديد على مستوى الأعلام والمنظمات الدولية بالنظام الصدامي المجرم!

و...عمليا وبالملموس ومنذ ذلك الحين، باتت جريمة قصف حلبجة بالسلاح الكمياوي وصمة عار تطارد نظام العفالقة الهمج، وسط شعوب العالم المتحضر خارج زنزانة الوطن العربي, وبشكل دفع أجهزة الترويج والدعاية للنظام الفاشي في الخارج، العمل وحثيثا  وبالاعتماد على جهد مرتزقة النظام وسط فاقدي الذمة والضمير من سافل الصحفيين والسياسيين العرب وبعض الأجانب في الدول الأوربية, بهدف طمس معالم الجريمة، من خلال اختلاق الأكاذيب  والترهات, وتماما على النحو الذي كان يجري اعتماده في سبيل تبرئة ساحة نظام أنجاس العفالقة من جريمة قتل مئات الألوف من أبناء الجنوب العراقي وكوردستان، وقبرهم جماعيا، من أجل التأكيد على خلود رسالة الهمجي من عار البعث في ميدان الإبادة والقتل الجماعي!

و...ما حدث بعد ذلك، أعتقده أكثر من معروف، أقصد أن ما حدث من بشع الجريمة في حلبجة شكلت من بين متقدم وأساس إدانة الهمجي من نظام العفالقة في العراق وخصوصا بعد أن باشرت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والكثير من دول العالم الأخرى العمل المشترك للإطاحة بنظام طاغية العراق بالقوة،

السؤال : بعد أن جرى وفور سقوط الطاغية، تقديم كل الضروري من دامغ المعطيات والوقائع عن وحول ما حدث من همجي فعل النظام الفاشي ضد مدينة حلبجة في آذار عام 1988 ترى كيف يمكن قراءة هذا المحموم راهنا من جهد أيتام النظام المقبور بالعار ومرتزقتهم من فرسان الكوبونات النفطية لطمس معالم ما حدث من الجريمة في مدينة حلبجة الشهيدة؟!

شخصيا أعتقد أن الهدف يتجاوز مجرد حدود تكرار الصفيق من النفي، نفي مسؤولية نظام أنجاس العفالقة عن ارتكاب جريمة قصف حلبجة بالسلاح الكمياوي، وإنما بات يستهدف راهنا إشاعة وإدامة الحقد والكراهية شوفينيا ضد أبناء كوردستان، وعلى النحو  الذي يجري باستمرار من على شاشة عار الجزيرة وغيرها من الفضائيات العروبجية فضلا عن مواقع الحقد والفحيح الشوفيني،  وبالخصوص مستنقعات  كتابات و كادر الدعارة  و شبكة مجاري البصرة....الخ الوسخ من مستنقعات أنجاس العفالقة على شبكة الانترنيت!**

و...أقول ما تقدم، ليس إطلاقا من باب التحذير من مخاطر تكرار هذا الذي حدث في حلبجة في آذار عام 1988 وإنما من باب التأكيد على أن ما حدث يمكن أن يتكرر بصيغ وأشكال مختلفة، طالما لا يجري العمل وعلى نحو واع ومنظم من أجل تحرير وتنظيف ساحة العمل السياسي والإعلامي وثقافيا من سطوة المتراكم من وساخات الحقد الشوفيني عفلقيا ضد أبناء كوردستان، خصوصا بعد أن أتسع نطاق مفعول هذه الوساخات على اتجاهات الرأي العام العروبجي في العراق، نتيجة سقوط فرسان الحوزة الناطقة بلسان العفالقة وغيرهم وسط أتباع المذهب الجعفري في هذا المستنقع، مستنقع كوردستان عدو الله! 

و....يا كل زناة الأرض, وادي الرافدين كان مهد الحضارات, وفي القلب ستظل كوردستان مربعا للحب, كما كانت منذ الأزل,... و.....الكوردي..باق, ترحل الدنيا ولا يرحل, يتحدكم مثل الجبل, يعض على الجرح , يشعل لفافة التبغ ويقاوم, يقاوم كل زناة الأرض!

و...يا شهداء حلبجة, يا شهداء كوردستان, انهضوا من جديد، لقد سقط الضحاك وكاوه لا يزال كما كان يوقد الحطب لكي تضيء نار نوروز كل جبال وسهول كوردسان...و...عاجلا أم آجلا سوف يجري جر المجرم علي الكمياوي, لمحاكمته في مدينة حلبجة وفي قفص اتهام خاص من إبداع نجار كوردي!            

 

سمير سالم داود  16 آذار 2004

* صدقا لا أتذكر اليوم ما إذا كان نظام عفالقة الشام، شذوا عن هذا المعيب والعار من الصمت، وأن فعلوا ذلك ما كان والله من باب رفض اعتماد هذا البشع من السبيل مبدئيا، وإنما بحكم ما كان يسود من الصراع مع عفالقة العراق، وأقول ذلك لان النظام الفاشي في سوريا، سبق واستخدام بدوره سلاح الطيران والمدفعية الثقلية لقصف سكان مدينة حلب، وبتقديري لو كان عفالقة الشام يملكون السلاح الكمياوي لما ترددوا في استخدامه كما فعل رفاقهم من سافل عفالقة العراق!  

** كما هو الحال مع ما يجري نشره راهنا من مسموم النصوص الشوفينية على صفحات هذه المستنفعات وعلى سبيل المثال لا الحصر، تلك النصوص التي تحمل عار توقيع النذل المدعو دكتور محمد نعال العبيدي المقيم في لندن!