رعد بندر وأميبيا الحقائب في الكويت - حاتم عبد الواحد

 

[15-07-2005]

الأستاذ مدير موقع صوت العراق المحترم

أرسل لحضرتكم المقال الذي بسببه اعتذر الزميل أياد الزاملي من التعامل مع اسمي على موقعه ( كتابات ) و أود أن انوه بان الأسماء الواردة في المقال كلها لإحياء ما يزالون ينعمون بالحياة وبإمكان كل من لديه رد أن يقول رأيه إما أن يصدر الزميل الزاملي قراراته المجحفة بحق ما اكتب ويصفها بأنها غير دقيقة فهذا ينبئ بحملة تقاد ضد الأقلام الشريفة والحمد لله الذي من أسمائه الحق

حاتم عبد الواحد

في بداية شهر أيلول عام 1990 كنت جنديا في مجلة حراس الوطن التي كانت تصدر عن دائرة التوجيه المعنوي التابعة لوزارة الدفاع العراقية ، طبعا كان وجودي ضمن كادر هذه الدائرة العسكرية الامنية اولا والاعلامية ثانيا قد تم بناء على توصية من وزير الدفاع الراحل عدنان خير الله في عام 1986 اثر نشر قصيدة لي في جريدة القادسية التي تصدر عن تلك الدائرة ، كانت القصيدة تتحدث عن ملاعب طفولتي وصباي في منطقة ( خضر الياس ) الواقعة على كتف دجلة الشرقي عند ساحة الطلائع الان ، ولان ما تحدثت عنه في تلك القصيدة قد لامس دواخل عدنان خير الله الذي عاش ايام طفولته وصباه ايضا في تلك المنطقة البغدادية الموغلة في التاريخ والمغتسلة بالحضارات فانه على ما بدا لي اول وهلة يتعاطف مع مشاعره اولا ويصل رحم جيرانه في الاسى اقول في تلك القصيدة التي ولدت تحت قصف المدافع في جبهة شرق العمارة :

ناشدتك الله لو قربت ما بعدا

لعل منطفئي ياتيك متقدا

لعل صوتا بقطب الارض محوره

يهب مستوفزا ، ما يحسبون صدى

ما يحسبون تراثا من مدامعنا

ومن دمانا بملء الكيل قد وردا

ايام كانت سطوح الحي مزدرعا

لكل آمالنا ، ما شب او خمدا

ايام اطفالنا كانت محاجرهم

حتى الصباح على ابوابنا رصدا

لما سياتي به آبائهم فاذا

خلاصة القول مما ياملون .. غدا

كنا نحج لخضر الياس ، نشتله

شمعا وارواحنا تبقى له مددا

لعل يوما لحزن الناس مطلعه

يوفي بما أمل الدنيا وما وعدا

يرد نبل الردى عنا ويمنعه

بان يجرعنا من كأسه النكدا

عمرا يقال لنا : عيش بلا كمد

حتى وددنا بان نستطعم الكمدا !

لفرط ما خلفت في القلب من حرق

حتى لساني عليها ظل منعقدا

احلى سنين الصبا احصيتها عددا

ويشهد الله ما احصيتها عددا !!

و اثر نشر هذه القصيدة تم نقلي الى دائرة التوجيه المعنوي في وزارة الدفاع محررا في جريدة القادسية في القسم الثقافي لانتقل بعدها الى مجلة حراس الوطن التي كان الزميل الشهيد الخالد ضرغام هاشم يدير سكرتارية تحريرها ، كان من المفروض ان اتسرح من الجيش بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية عام 1988 ، لكن اوامر قيادات الجيش اصدرت تعليمات لا تجيز تسريحي لانني لم اخدم فترة زمنية مساوية لاقراني الذين خدموا 12 سنة خدمة الزامية، وهكذا بقيت حتى دخول القوات العراقية الى الكويت محررا في مجلة حراس الوطن وكاتبا في العديد من الصحف العراقية والعربية انشر بين الفينة والاخرى ما يتيسر لي ان انشره وما تسمح به دوائر الرقابة ، وبحكم عملي محررا ثقافيا كنت ازور المراكز الثقافية في السفارات الاجنبية المتواجدة في بغداد في ذلك الوقت واستطعت ان ارتب بشكل مبدئي طلبا للدراسة في اوربا لان هذا المشروع كان حلمي منذ تخرجي من الاعداية عام 1979 ، ففي ذلك العام استطاع زملائي الذين نجحوا بمعدلات بائسة ان يسافروا الى دول اوربا الشرقية ليدرسوا الهندسة والطب بينما بقيت انا ذو المعدل العالي الذي يؤهلني لدراسة الهندسة في أي جامعة عراقية لا استطيع الدراسة في أي كلية لان والدي لم يكن قادرا على تمويلي اثناء فترة الدراسة ، فشجعني على الدخول الى كلية اسمها ( الكلية الفنية العسكرية ) واذكر انني قبلت في الدورة السادسة في تلك الكلية في قسم الهندسة الميكانيكية ولكنني لم ادخل اليها منذ تم قبولي فيها لانني ببساطة اكره العسكر واكره ان اكون اداة بيد غيري فتركتها ليتم سوقي الى معسكر المحاويل جنديا في كتيبة الاستمكان الاولى برتبة نائب ( عريف مساح ) .

في اوائل ايلول عام 1990 كان سعد البزاز مديرا عاما للاذاعة والتلفزيون العراقي وكان نجم رعد بندر قد بدأ في السطوع من خلال علاقاته بمكتب عدي صدام حسين والعلاقات المتينة التي كانت تربطه بوزير الثقافة لطيف نصيف جاسم ، وفي احدى الاماسي دخل رعد بندر علي في بناية مجلة حراس الوطن ودفع الى طاولتي ورقة مصورة وقال لي : اقراها ، تطلعت في الورقة فاذا هي امر اداري من سعد البزاز مدير الاذاعة والتلفزيون بايفاد كل من رعد بندر وجواد الحطاب وهاني ابراهيم العاشور وامل الجبوري وحاتم عبد الواحد الى ( محافظة الكويت ) لتقديم برنامج يومي من هناك بشكل رسالة تلفزيونية هدفها تضليل الراي العام العراقي والعربي من خلال تزوير مشاعر الاشقاء الكويتين واظهارهم سعداء بدخول القوات العراقية الى ديارهم !!

بادرني قبل ان اساله : كل شيء جاهز حجز الطائرة والسكن والمصورون التلفزيونيون فقط انت وافق على الذهاب وغدا اجلب لك تذكرة السفر ، قلت يا رعد انت تعرف انني مسؤول عن اعمال في المجلة ولدي اولاد صغار لا يهتم بهم احد غيري فابحث عن غيري ، قال انها اوامر ( الاستاذ عدي ) ، قلت ولكن هذه الاوامر تغافلتني عندما اوفدوك الى بقاع اخرى ، مط شفتيه مستنكرا ورفع الورقة متجها نحو باب المبنى مرددا : غدا اراك .

كان الشهيد ضرغام هاشم صاحب تجربة مريرة مع مكاتب الامن والمخابرات فنصحني ان اذهب والا فانهم سيزجون بي في اتون نارهم ، في صباح اليوم التالي جاءني رعد بندر بحجز طائرة واوصاني ان امر عليه في شقته في شارع حيفا في السادسة صباحا من يوم الغد لنتجه الى المطار ، اخذت التذكرة واوصيت اهل بيتي ان يوقظوني عند الفجر لاجمع حقيبة السفر التي لم تكن سوى حقيبة صغيرة فيها سروال نوم وادوات حلاقة وكتاب ، في اليوم التالي انطلقنا انا ورعد وبندر من امام شقته بسيارته الخاصة الى المطار، كان جواد الحطاب وامل الجبوري قد سبقانا في الوصول الى قاعة المغادرين ، اما هاني ابراهيم العاشور المراسل الصحفي لاحدى الصحف العربية الان فانه لم يكن من ضمن المطلوب سفرهم ، لانه قدم طلبا ( لعدي ) يرجو به اعفائه من المهمة كونه فقد اخاه الكبير في معارك العراق مع ايران ولم يبق في البيت رجل غيره وامه تحتاج اليه !! هكذا علل رعد بندر عدم وجود هاني العاشور، في صالة المغادرة وقف ضابط المخابرات العراقي يسأل جواد الحطاب عن كمية النقود التي بحوزته واذكر ان جواد قال لدي 130 دينارا فاعترض ضابط المخابرات على الرقم وقال له لا يحق لك سوى 100 دينار فما كان من جواد الا ان يرد عليه : ما تقوله يصح على المسافرين الى دولة اجنبية اما نحن فمسافرون الى محافظة عراقية اسمها ( الكويت ) سكت رجل المخابرات ودلفنا الى داخل الطائرة الصغيرة التي لا يتجاوز عدد راكبيها ثلاثين شخصا ، كان الرجال المدججون بالكلاشنكوف يملاؤن ممرات الطائرة ، كانت حقبيتي الصغيرة وحقيبة رعد بندر قد تم شحنهما الى مستودع الطائرة وما هي الا خمسة وثلاثون دقيقة حتى هبطنا في مطار الكويت الذي بدا مجرد خربة مهجورة تعج اسوارها الخارجية بالاسيويين الذين يحاولون الظفر بطائرة تقلهم الى عمان عن طريق بغداد ، كان باستقبالنا رجل اردني بسيارة يابانية ، عبأوا حقائبنا في صندوق السيارة وانطلقنا الى حيث نقيم في مبنى وزارة الاعلام الكويتية ذي الطوابق العديدة ، عند باب الوزارة الذي يحيلك مباشرة الى دائرة مخابراتية بسبب حواجز التفتيش والمسلحين المدنيين قدم رعد بندر كتاب ( الايفاد ) فمرقنا الى داخل المبنى الذي استحال الى مزبلة تناثرت في ارجائها المكاتب المحطمة والاوراق ، اقتربنا من غرفة في بداية المدخل كانها ادارة للمبنى فكانت المفاجأة : انه عبد المطلب محمود هذا الرجل الذي يطرح نفسه شاعرا كيف تم تنصيبه هنا ؟؟

طبعا انا لم اتفاجا كثيرا لانني ربما اعرف عن عبد المطلب ما لا يعرفه اخرون ، فقد كنت امحص في الصوت الذي يستجوب ( العملاء ) في شاشة تلفزيون العراق ، وقد جرت العادة ان يتم اخفاء وجه من يقوم بالاستجواب ، وللتاريخ اقول انني شهدت استجوابين على التلفزيون قام بهما عبد المطلب محمود بايعاز من المخابرات العراقية كونه احد عناصرها ، وربما يتذكر زملاء اخرون ان عبد المطلب محمود ذاته كان مسؤولا عن المفقودين العراقيين في دوائر وزارة الخارجية العراقية ، فهل مهمات مثل هذه من اختصاص ( شاعر ) ؟؟؟

وكان ( المهرج ) عماد بدن يجلس الى جانب عبد المطلب بشخصيته القرقوزية ، ناثرا شعره على جبهته وشامتا بمدير المصر العقاري الذي رفض صرف سلفة بناء له لانه سيحصل من خزائن الكويت على ما يبني به اعظم القصور على دجلة !!

اخذونا الى ارشيف التلفزيون الكويتي وهو عبارة عن ممر طويل مقسم بافاريز تضم اشرطة الفيديو ، وتشكل ما يشبه الغرف المحجوزة عن بعضها ، قلنا لامل الجبوري انت تكونين في اخر االممر بين الافريزين الاخيرين لتاخذي راحتك ، اما انا فاخذت مكانا في بداية الارشيف فيما كان جواد الحطاب في اخر الممر ايضا لتبديد وحشة امل الجبوري ، اما رعد بندر فقد ترك حقيبته ونزل الى باحة المبنى ، طلبت من احد الكويتين الذين يسمون انفسهم ( معارضة ) في ذلك الوقت ان يوفر لي ( مونيتر ) لكي استطيع مشاهدة الروائع الموجودة في تلك المكتبة الغنية ، كانت اركان المكتبة مزروعة بمصاحف مكتوب عليها عبارة ( امانة الله ورسوله ) ، استطعت في اليوم الاول ان اشاهد محاولة تفجير موكب الامير جابر اثناء فترة الحرب العراقية الايرانية واستمتعت بالانصات لقصائد الجواهري الكبير وهو يتلوها بصوت متهدج : ازح عن صدرك الزبدا ، كنت شبه مقيم في ارشيف التلفزيون الكويتي ولا اغادر المبنى الا لاغراض تسوق الطعام الذي اشتريه من جمعية قرب قصر دسمان ، كان صاحب هذه الجمعية اسمه ابو خالد وقد توطدت علاقتي به من اول زيارة له ،طلبت في تلك الزيارة من صاحب الجمعية ان يبيعني شيئا من الشكولاته لاولادي وبعض انواع الصابون السائل على ادفع له بالدينار العراقي الذي كنت امتلك منه 90 دينارا هي راتب خدمتي العسكرية ، ضحك الرجل وقال : لم يدخل علي احد من جنودكم راجيا ، فخذ ما تريد وادفع كما تشاء فربما يكون هذا اللقاء اول واخر لقاء بيننا ، ومد يده الى مصنوعة معدنية على شكل قبة الصخرة مفتوحة من قمتها لتكون حصالة نقود ، قال خذها للذكرى فما يتبقى للمتسوق الكويتي من ( فكة حديدية ) يضعها في هذا الصندوق تبرعا لاهل فلسطين ، اما انا فلم تتوفر لي هدية مناسبة اقدمها لابي خالد سوى قلمي الحبر الذي كان في جيب قميصي فناولته اياه وقلت له اذكرني .

لم يفارقني شعوري بالالم المر وانا ارى ابواب الاستوديوهات وابواب المكاتب في التلفزيون الكويتي ووزارة الاعلام الكويتية وهي مخلوعة بالرصاص .. نعم بالرصاص ، فالجنود الذين دخلوا هذا المبنى لم يفتحوا بابا بمفتاح وانما فتحوا كل الابواب بالاطلاق الرصاص على اقفالها وهذا ما عزز في داخلي شعوري الاكيد بكذب حكاية ( الاصل والفرع ) التي طبلت لها وزارة الاعلام العراقية طويلا ، فلو كانت الكويت تنتمي ( روحيا ) الى العراق لم يعث بها ( الفاتحون ) تدميرا ، ولو ان الكويت هي المحافظة العراقية السليبة كما ثقفتنا ادبيات الاحزاب والحكومات التي تتالت على ادارة العراق لما كانت هذه السادية المقرفة في كل تفاصيلها ، مكاتب منثورة المحتويات ، منصات مذيعين مخرمة بالرصاص ، خزائن مال تشقق حديدها بالديناميت ، مخلفات بشرية عضوية في كل زاوية وحمام ، نوافذ بلا زجاج .

في اليوم الثالث دعانا ضابط استخبارات الفرقة الرابعة التي تتخذ من قصر دسمان الاميري مقرا اداريا لها ، كانت دعوة عشاء على ضوء الشموع لان الكويت كانت بلا كهرباء ، واثناء العشاء طلب منا ان نرافقه في اليوم التالي الى قصر بيان للاطلاع عليه كوننا اعلاميين ، في عصر اليوم التالي كنا في قصر بيان الذي لم يتوقف جرس الانذار فيه منذ دخول الجنود العراقيين اليه في 2 – 8 – 1990 ، فضاء واسع مزروع بالنخل وبناء على شكل مجمع سكني عصري ، صعدنا الى احد الغرف وفتح ضابط الاستخبارات احدى الخزائن طالبا منا ان ناخذ ما نريد ، قلت ما محتويات هذه الخزينة ؟ قال كل ما يخص الامراء والاميرات فدست امل الجبوري راسها داخل الخزنة واخذت عملة ذهبية من فئة 100 دينار كويتي وساعة نسائية مطعمة بالمجوهرات ، في حين كان طلبي ان يجد لي محلا استطيع ان اشتري منه جهاز فديو بدنانيري التسعين !!

ضحك الضابط وقال انت تسكن في وزارة الاعلام وهي ملآى باجهزة الفيديو فخذ واحدا ، قلت له لا اريد ان اشتري مقابل وصل شراء ، خرجنا من قصر بيان الى بيت احدى الاميرات في احدى الضواحي ، كان البيت يشبه المنازل المدمرة بالاعاصير حتى ان لعب الاطفال في ذلك البيت لم تسلم من الانتقام ، دمى بلا رؤوس ولا سيقان ، قطارات مهشمة ، وجماجم بلاستيكية لاغراض ايضاحية مثقوبة برصاص الكلاشنكوف !!

كانت حقائب رعد بندر تتوالد يوميا ففي اليوم الثالث اصبحت حقيبته التي اتى بها الى الكويت 7 حقائب متخمة بما لا نعرفه ،واشهد انني رايته في احد الاستوديوهات يفتح حقيبة فيها كاميرا تلفزيونية فقذف بالكاميرا مثل أي نفاية وملأ الحقيبة بما يريد ووضع لاصقا مكتوب عليه بخط عريض ( رعد بندر ) بعد ان احكم قفلها كاخواتها .

كنت متضايقا من عبثية المهمة التي حشرت بها حشرا فالناس يكرهون ملامحي عندما اذهب لشراء اقراص الخبز من الجمعية ، وحيطان المدينة تصرخ بعبارات شنيعة تدلل على مدى الاستهجان والرفض الشعبي العفوي ، في حين يريد سعد البزاز ان نقدم له برنامجا خادعا يعرضه في تلفزيونه يزور به مشاعر الناس وحقيقة ما قام به اسياده ، وفي اليوم الرابع قلت لعبد المطلب محمود انا لا اريد البقاء فانا في المكان الخطأ ، اريد العودة الى بغداد فهذا ليس مكاني ولكنه رفض طلبي لانني اذا تصرفت برغبتي فساكون تحت طائلة الغضب !! ، قلت له اتصل بسعد البزاز وقل له ما اريد ، في المساء كان السائق ينقلني الى مطار الكويت لاقطع تذكرة عودتي الى بغداد ، كان اخر ما شاهدته وراء الافريز الذي يسكنه رعد بندر في ارشيف التلفزيون الكويتي 11 حقيبة محكمة الغلق عليها لواصق تدلل على مالكها ( رعد بندر )، وللامانة اقول انه بعد مغادرتي للكويت منفردا استلم الشاعر سامي مهدي مهام ادارة التلفزيون العراقي فاصدر امره بانهاء هذه الارسالية التي ادارها كل من عدي وسعد البزاز ورعد بندر ولم يبث في تلفزيون العراق ايا من حلقات ذلك البرنامج الكسيح فكريا وغاية.

حاتم عبد الواحد

freenewiraq@yahoo.com

المصدر موقع صوت العراق بتاريخ 15-07-2005

 

صحفيون ام خبراء في الجنس الإيحائي ؟؟ - حاتم عبد الواحد

قلت في مقالات سابقة أن حكاية الشرف الرفيع التي لخصها المتنبي في بيته الشهير(  لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى..... حتى يراق على جوانبه الدم) قبل اكثر من ألف عام لم تعد حكاية مشوقة ومعززة لقيمنا العربية السائدة ، لان شرفنا الرفيع – ببساطة تامة – لم يعد غير بضع سنتيمات من اللحم المتعفن بين أفخاذنا !!

ولاننا امة مصابة بازدواج الشخصية ، وازدواج الرؤية فلم نعد ننظر الى الزهرة على انها رمز للجمال والتسامح ،بل ننظر اليها على انها كومة من الاعضاء التناسلية، الذكرية والانثوية، ونرى انها اولى بالعقاب من أي عاهرة اخرى تبيع هواها وجسدها مقابل سطور تنشر عنها هنا او هناك بعناوين مثيرة مثل ( الشاعرة المبدعة فلانة تقيم معرضا للكتاب في المركز الثقافي للسفارة الفلانية ) ، او ( بعد ترجمتها قصائد الشاعر الهولندي – علان – تعكف الشاعرة – علانة – على ترجمة .......... ) ، وهكذا .

ولكن الحقيقة ان المبدعين اناثا وذكورا في كل زمان ومكان ومنذ بدء الخليقة وحتى ينفخ في الصور هم الذين يصممون المشهد الاخير للتاريخ ، وهم الذين يفسرون معنى ان تكون شريفا او لا تكون بمفاهيم اخلاقية مطلقة واحادية الذات .

ففي مقالتي الاخيرة التي سردت بها وقائع رحلتي الاولى والاخيرة الى الكويت ايام الغزو العراقي لها ، والتي كانت بعنوان ( رعد بندر واميبا الحقائب في الكويت ) والتي منعني بسببها الزميل اياد الزاملي من النشر في موقعه كتابات ، اوردت حفنة اسماء مارست ( فرهودها العظيم ) في مبنى وزارة الاعلام الكويتية والقصور الاميرية هناك ، ورغم ان المقال السالف الذكر قد تم نشره لبضع ساعات على موقع كتابات يوم 15 -7 – 2005 ، الا ان مانشيت منعي من الكتابة في صحيفة اياد الزاملي قد ظهر بلون احمر وبخط عريض في راس صفحة الموقع ذلك اليوم بعد ان تم حذف الموضوع من قائمة المواد ، والسؤال الذي يتبادر للذهن قبل كل سؤال هو : لماذا نشر المقال ولماذا حذف بعد ساعات ، طبعا ان التبريرات الاخلاقية وادعاء الشرف والنبل لا علاقة لها بهذا الحذف والمنع ، لانني نشرت قبل هذا المقال مقالات اخرى اشد فضائحية واكثر ايلاما لمن يستحق الفضح ولا يفهم الالم ولم يعترض السيد الزاملي على شيء ولكن ما ان وصلت الامور الى فضح قائمة تتضمن اسمي ( امل الجبوري ) و ( جواد الحطاب ) وفي رواية اخرى ( جواد الحباب ) حتى استيقظ ( الشرف الرفيع ) واعلن استنكاره لتجاوزي حدوده الحمراء .

وليس سرا ان اقول ان السيد الزاملي كان قد منعفي الاشهر الماضية مقالين لي من النشر في موقعه ولم اعترض على هذا الاجراء لايماني بان سياسة الموقع يحددها المشرفون على ادارته ، كما ان السيد اياد حور واعاد صياغة بعض الجمل والعبارات وحذف بعضها من مقالات سابقة لي في كتابات ولم اعترض طالما ان الحذف لم يؤثر على المبنى العام للفكرة التي اريد ايضاحها في تلك المقالات ، ولكن عبارة واحدة وردت في مقالي الاخير الذي منعت بسببه كانت عصية على التغيير والحذف ، سيما وانها بعيدة عن فكرة المقال ولا تؤثر ي خطه العام والعبارة هي (اخذونا الى ارشيف التلفزيون الكويتي وهو عبارة عن ممر طويل مقسم بافاريز تضم اشرطة الفيديو ، وتشكل ما يشبه الغرف المحجوزة عن بعضها ، قلنا لامل الجبوري انت تكونين في اخر االممر بين الافريزين الاخيرين لتاخذي راحتك ، اما انا فاخذت مكانا في بداية الارشيف فيما كان جواد الحطاب في اخر الممر ايضا لتبديد وحشة امل الجبوري) ، وعندما اتصلت تلفونيا بالزميل اياد مساء يوم 15-7 -2005 كان الارتباك واضحا على صوته ولم يستطع الرد على سؤالي المحدد الذي وجهته اليه : لو ان موقعا محترما تصرف بازاء اسمك يا اياد الزاملي كما تصرفتم بازاء اسمي هذا اليوم فماذا تصنع ؟؟

ولكي نضع النقاط على الحروف ونختصر لعبة الكلمات المتقاطعة في صحافة الجنس الايحائي اقول ان امل الجبوري مقيمة في المانيا منذ سنوات وقد استطاعت من خلال علاقاتها ( الواسعة ) ان تتحكم بوزراء ثقافة عرب فكيف يصعب عليها التحكم بموقع اخباري ، واقول ايضا ان الله قد حرم الجنة على عناصر الشرطة ، ووضع جردا باسمائهم في استعلاماتها فكيف تسلل هؤلاء العسس اليها ؟؟

ولعل رسالة اياد الزاملي الي والتي اسماها ( الاخيرة ) توضح بشكل لا يقبل اللبس ان الرجل كان تحت تاثير صدمة الحرمان التي عانى منها العراقيون طويلا ومكثت في عقولهم الباطنية وفي جيناتهم الى ابد الابدين ، ولم يتطرق السيد اياد الى المسكوت عنه في دفاعه الباطل عن امل الجبوري ، ولم يقل لنا من هي امل؟؟

انا شخصيا عرفتها في منتصف ثمانينات القرن الماضي ضيفة دائمة على مكتب عبد الجبار محسن ايام كان مديرا لدائرة التوجيه السياسي في وزارة الدفاع العراقية ، وعرفتها شاعرة لا تصلح قصائدها للنشر في بريد القراء ، وعرفتها زوجة لرجل ستيني من اخواننا الصابئة تسكن في حي 28 نيسان كون ذلك الزوج يعمل في المخابرات العراقية ، وعرفتها امراة تمردت على قوانين عائلتها الصارمة ولاذت بصدام حسين لتنفذ رغباتها فتم تهديد اخوتها بالويل والثبور اذا اعترضوا على تصرفاتها ، وعرفتها تقضي صباحاتها دائرة على مكاتب المدراء العامين في وزارة الثقافة العراقية ، وتقضي قيلولتها في مكتب الراحل ليث سامي للتصميم الطباعي في شارع فلسطين ثم تغادر عند الغروب الى المنصور للقاء ( الختيارية ) المتنفذين في كوفي شوب الخضراء !!

وعرفتها عشيقة لزملاء كثيرين يتصدقون عليها بكلمات ترصفها في نهايات بعضها لتصنع منها قصيدة ، وترصفهم في نهايات بعضهم لتصنع منهم لاجئين في اصقاع السويد ، فعشق امل الجبوري لا يورث الا المنافي !!

ايها السادة ان البلح الفج ينضج ولكن البلح الفاسد لا ينضج ابدا ، ولو ان السيد الزاملي شارك الكويتيات فجائعن وعذاباتهن بمثل تلك المودة العمياء التي شارك بها امل الجبوري حين منعني من الكتابة في موقعه لكنا بحق ( خير امة اخرجت للناس ) فاين كانت مشاعرك يا زميلي الزاملي عندما ترملت عرائس الكويت ؟؟ واين كان ضميرك اليقظ عندما كنت تدعو لاحتلال العراق من خلال موقعك ( كتابات ) ام ان الوطنية يمكن التعبير عنها بالحفاظ على سمعة ( الشرف الرفيع ) ؟؟

واليكم سادتي نص رسالتي الى السيد الزاملي ونص رسالته الجوابية عليها والتي يفوح منها رائحة الاقبية السرية ورائحة الاعتراف بالاملاءات التي مورست عليه ليحذف مقالي ويمنعني من النشر في موقعه ، كما انني اورد نص رسالة الشاعر محمد مظلوم الى الزاملي وهناك المزيد

الرسالة الاولى من الشاعر محمد مظلوم الى اياد الزاملي ولم تنشر هذه الرسالة في موقع كتابات

العزيز إياد الزاملي

تحياتي..

وأرجو لك ولكتابات الموفقية..

قرأت اليوم إشارتكم حول موضوع حاتم عبد الواحد.. هل تستطيعون فعلاً تأكيد إن المعلومات غير صحيحة؟ على الأقل أنا أعرف صحة جزء كبير منها يتداولها معظم القريبين من تلك الحادثة بإمكانك مثلاً أن تسأل عبد الرزاق الربيعي عن الملابس النسائية التي جلبها رعد بندر لزوجته من الكويت.. ولماذا تتبنى كتابات هذا التكذيب بهذه الصيغة، التي تبدو كأنها تبرئة ذمة لأناس معروفي السير؟ دون ان تقدم الدليل على ذلك من خلال رد او حوار أو مناقشة..

شخصياً أعتبرت كتابة حاتم عبد الواحد، شجاعة ينبغي التوقف عندها ملياً، وتأكيدها بوصفها بداية كشف لمرحلة قاسية وسط هؤلاء الذين يحاولون غسل الأيدي والسير من فضائحهم، هل جاء التكذيب لحماية أحد ممن ورد اسمها في تلك القائمة وما علاقة كتابات بذلك..؟

نحن نبحث عن الحقيقة، وقد تكون كتابات بإشارتها تلك ارتكبت خطأً فادحاً في هذا الزمن الملتبس حد المرارة في إنها لا تشجع على جلائها..

أنت تعرف معزتك عندي، وكذلك كتابات، لا ينبغي فعلاً التسرع هكذا وبنتظار توضيح منك على الأقل بشكل شخصي، كي لا تهتز قناعتي التي تعرف بكتابات..

دمت وسلمت..

محمد مظلوم

الرسالة الثانية هي رسالتي الى اياد الزاملي اثر نشر الاعتذار الاحمر في راس صفحة كتابات يوم 15 – 7 – 2005

الاستاذ اياد الزاملي المحترم

تحية طيبة

اشكرك على ضيافتك الكريمة كل الاشهر الماضية واشكر لك سعة صدرك في استقبال ما اريد له ان يظل مخفيا عن ذاكرة وروح الناس في العراق

لطالما امتنعتم عن نشر بعض موادي التي ارسلها اليكم ولم اتضايق من هذا التصرف لانه تعبير عن سياستكم في ادارة الموقع ولكن ان ينشر اعتذار عن التواصل معي على هيد صفحتكم لهذا اليوم فانه يعني ان وراء الاجمة ما وراءها

لا اريد ان احاجج بشيء فللتاريخ لسان كالسيف وان مقالتي التي قطعتم التواصل بسببها معي كل شهودها احياء ولهم السن تستطيع منافشة ما ورد بها ، كما انكم لم تكوني معي عندما عشت احداثها

الحمد لله على هذا التكريم اللائق فالاشجار المثمرة هي وحدها التي تقذف بالحجر

اتمنى لكتابات ان تكون اكثر صبرا واوضح رؤية

الرسالة الثالثة رسالة اياد الزاملي الجوابية على رسالتي الانفة الذكر ويمكن لكل من يتمتع بحاسة شم قوية نوعا ما ان يشم رائحة الاملاءات التي مورست على صاحب موقع كتابات في اتخاذ قراره بمنعي من النشر في ( كتابات )

الأستاذ حاتم عبد الواحد المحترم ..

تحية طيبة ..

ردك الهادىء ، هو الذي اجبرني للإجابة على رسالتك ..

لااريد مناقشتك حول صحة المعلومات التي اوردتها من عدمها ..

الذي آلمني واشعرني بالحزن الشديد هو خيانتك لثقتي بك ، اذ تعودت بسبب كثرة ما يردني يوميا من رسائل ومواد للنشر وما اعانيه من ضيق الوقت والتزامات اخرى لاتقل اهمية عن كتابات ، كل هذا يدفعني الى عدم التدقيق في المقالات التي تردني ممن منحتوهم ثقتي لتواصلهم الجميل مع كتابات ، لذا لم ادقق فيما انشر لهم ، كي اوفر الوقت لنفسي من اجل انجاز امور اخرى . هذا ما حصل مع مقالتك الأخيرة ، اذ كم احسست بالحرج الشديد والحزن الكبير عندنا قرأت الإيحاء الجنسي الغير مسؤول ، الذي وصفت به كلا من الأخ الحطاب والأخت الجبوري وكلاهما شخصين كريمين متزوجين وايحاؤك هذا تسبب لهما بضرر معنوي كبير انا معك اتحمل مسؤوليته ، بسبب ثقتي التي منحتك اياها ، لذا ارتأيت رفع المادة مع كتابة التنويه الذي قرأته دون دافع من احد بل هو اقل ما يمكنني تقديمه للأخوين الحطاب والجبوري من اعتذار ومااصابهما من ضرر معنوي كبير من جراء مقالتك الأخيرة ..

لاتتعب نفسك في الرد على رسالتي هذا ، لأني حضرت عنوانك البريدي ..

اعلن اسفي الكبير وحزني الشديد امامك ..

اياد – كتابات

وختاما اقول للحاج اياد الزاملي تاكد انني لن اتعب نفسي بالرد على رسالتك اعلاه لانني لم اتعود الرد على اناس لا يفرقون بين ( حضرت يريدك الالكتروني ) و ( حظرت بريدك الالكتروني ) ولايعرفون ان خبر المبتدأ مرفوع وليس منصوبا وستقول لي انها خطأ مطبعي واقول لك كلا انها الامية لان الضاد والظاء بعيدان عن بعضهما على لوحة ( الكيبورد ) بعد امل الجبوري عن الابداع

حاتم عبد الواحد

freenewiraq@yahoo.com

المصدر موقع صوت العراق بتاريخ 22-07-2005