الاتفاقية وموقف ربع لعم !!


كان السؤال في ختام الماضي* من النص : ماذا عن موقف ربع ...لا....نعم ( لعم) ممن هم في موقع الاستعداد عمليا للتوقيع على هذه الاتفاقية, وخلافا للمعلن من مزعوم الرفض, وعلى نحو لا يختلف كثيرا,عن ازدواجية موقف من يتصدرون واجهة العمل السياسي, في مناطق الغرب وشمال الغرب من العراق؟!

بتقديري الخاص أن جناح حزب الدعوة بقيادة السيد المالكي, وبحكم دوره الخاص شخصيا وحزبيا, على صعيد تمثيل السلطة التنفيذية رسميا في العراق, كان يتصدر صفوف هذا الرهط من أصحاب موقف ( لعم) بفعل التردد على اعتماد قرار القاطع من الرفض أو الموقف العكس, ومن حيث المبدأ وبمنتهى الوضوح, ولكن إنصافا يفترض الانتباه لحقيقة, أن مرد هذا التردد كان يعود وبتقديري أولا, للمحدود عمليا من النفوذ سياسيا, في مناطق عمل الحزب الأساسية, وسط أهل الجنوب والوسط , بالمقارنة مع مستوى ومدى أتساع نفوذ الباقي من قوى الإسلام السياسي, في هذه المناطق فضلا عن بغداد, ولا أنطلق في ذلك من المقارنة مع مستوى نفوذ المجلس الأعلى, أو تيار مقتدى الصغير, وإنما بالمقارنة حتى مع حزب الفضيلة, وهو الذي جرى تشكليه منذ سنوات قليلة, ومباشرة بعد سقوط الطاغية,**  كما أن هذا المزدوج من الموقف, أقصد موقف ( لعم) طوال الماضي من الأسابيع كان يعود ثانيا لعدم قدرة جناح حزب الدعوة بقيادة السيد المالكي, ومهما كان الدافع أو مستوى النفوذ, تجاهل شروط ومقتضيات حكم العلاقة رسميا مع صناع القرار الأمريكي, ولا بمقدوره ثالثا أن يغض النظر عن سالب تبعات التعجيل, في اعتماد الواضح والصريح من الموقف بصدد هذه الاتفاقية, وفي المحتدم من صراع التنافس عن وحول امتلاك المزيد من مواقع القرار والنفوذ, مع  الباقي من فاعل الأطراف السياسية, وبشكل خاص راهنا, المجلس الإسلامي الأعلى والتحالف الكوردستاني!

شخصيا بمقدوري القول: منذ البداية وخصوصا بعد لقاء المالكي مع بوش في واشنطن , كان هناك استعداد ولا أقول حماس, لتمرير هذه الاتفاقية ودون تأخير, لتفادي المزيد من سالب تبعات عدم تحديد الموقف رسميا, من هذه القضية البالغة الأهمية والحساسية أمريكيا, خصوصا وأن إطالة أمد المماطلة, وفي ظل الفاعل من دور سلطان الاحتلال على ارض الواقع في العراق, لا يخدم ولا يفيد, نهج الانقلاب على الدستور, وباتجاه فرض إعادة سطوة السلطة المركزية, وبالاستناد على دعم ما يسمى مجالس الإسناد, الذي يعتمده راهنا السيد المالكي, بهدف تعزيز وتدعيم ثقل وجود ودور جناح الدعوة الذي يقوده, على صعيد العملية السياسية, على نحو يريده على مستوى التمني, أن يتجاوز عمليا وعلى الأرض وتدريجيا, دور الباقي من القوى السياسية في العراق, وبشكل خاص واستثنائي, دور من كانوا ولغاية ما قبل المعدود من الشهور, في موقع الحليف, وتحديدا في مناطق الوسط والجنوب وإقليم كوردستان, وبات يجري التعامل معهم اليوم, وبشكل متزايد وخطير, كما لو كانوا في موقع العدو, وعلى النحو الذي يريده ويتمناه بالذات وبالتحديد, أيتام النظام المقبور بالعار, ممن يرددون اليوم, وبذات حماسهم أيام سيدهم السفاح ( بس أنت كّول ...وآحنه كلنا جنودك ) على وقع ضربات طبول المزعوم من الدعم لنهج وتوجهات المالكي, وهو الذي والله سيظل عندهم, في موقع العدو الواجب نحره شرعا, مهما تمادى في عداء حلفاء سنوات مجد النضال المشترك, ضد نظام العفالقة الأنجاس!

و.... أقول كل ما تقدم عن مدى الاستعداد لتمرير هذه الاتفاقية ومنذ البداية وليس اليوم, على ضوء ملاحقة ومتابعة المتكرر من تصريحات بعض الناطقين بلسان الدعوة, بما في ذلك الناطق الرسمي بلسان رئيس الوزراء, عن وحول الاتفاقية طوال الأسابيع الماضية, وحيث كان يمكن وبمنتهى البساطة, رصد هذا المتعمد من ساذج أساليب تسريب بعض المغلوط من المعلومات والمعطيات, عن محتوى هذه الاتفاقية, بهدف إثارة أكبر قدر مستطاع, من الهيجان والاعتراض في أوساط الرأي العام, خصوصا في مناطق الوسط والجنوب, مع التأكيد على رفض السيد المالكي تمرير هذه البنود بالروح...بالدم باعتبارها تتعارض مع السيادة الوطنية...الخ...الخ***, وكما هو الحال وبشكل خاص, عندما جرى تسريب ما يشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية, تريد إقامة ما يزيد على خمسين قاعدة عسكرية...أو ترفض بشدة ملاحقة عناصر الشركات الأمنية الخاصة أمام المحاكم العراقية**** وغير ذلك مما كان يقود للهيجان والرفض والغضب , قبل أن يتطوع هذا أو ذاك من الأمريكان, أو أحد الناطقين بلسان الحكومة, للتأكيد مع الحلفان, على أن عدد القواعد أقل من ذلك بكثير , وأن الأمريكان كلش حريصون, على عدم التدخل بشؤون القضاء العراقي, وأن هذه النقطة أو تلك من بنود الاعتراض,  غير واردة أساسا في نص الاتفاقية ...هذا من غير الساذج من الزعم عن وحول أن الطرف الأمريكي تراجع وغصبا عن بنود أخرى تمس السيادة العوراقية.... الخ ما يقود الذين مارسوا فعل الغضب والهيجان, للقبول وتدريجيا وبدون وعي, بما كان هو المطلوب من حيث الأساس اعتماده أمريكيا مع القليل من البهارات, ووفق ذات النسق من ما تكرر  المرة بعد الأخرى, خلال السنوات الخمس الماضية, وبالاعتماد على السائد من  متخلف وعي القطيع ...ومن بينهم والله, الكثير ممن يزعمون الفهم والعلم, وسط من يمارسون تعهير فعل الكتابة عن وحول الشأن السياسي!

إذا كان ما تقدم من الاعتقاد غلط, ولا ينطلق إلا من باب المتعمد من سالب الافتراض , ترى لماذا إذن جرى وعن عمد, ترك جميع أهل العراق وغصبا, في موقع المعصوب البصر تماما مثل المساكين من ثيران النواعير, لا تعرف من الفعل غير أن تدور وتدور, دون أن تدري بما يجري من حولها من غرائب الأمور, وعلى نحو يرغمها خطيه, على إجهاد الذهن, لممارسة فعل التصور والتخمين....و....بالعراقي الفصيح: إذا كان جناح الدعوة بقيادة المالكي يرفض من حيث المبدأ الاتفاقية أو يعترض على بعض بنودها, ترى لماذا جرى حجب مسودة هذه الاتفاقية, وبما يفيد أهل العراق معرفة عن ماذا تحديدا, يدور بصدده التفاوض مع الأمريكان, رغم جميع أشكال توسل الناس, المقرون بتكرار دعوات العديد من قادة القوى السياسية, للحصول على هذا المشروع ديمقراطيا من الحق , وبصدد قضية خطيرة, سوف تحدد مصيرهم ومستقبل العملية السياسة في العراق للقادم من عقود الزمن!

و...سوف لا أتساءل ومن موقع الاستفزاز, عن لماذا وليش جرى نشر هذه المسودة وتحديدا على صفحات لسان حال نظام ما قبل عصور التاريخ السعودي, وإنما لماذا ساد كل هذا  المطبق من غريب وشاذ الصمت, وبحيث لم يتكرم ويتطوع ولا واحد من  الناطقين بلسان المالكي وما أكثرهم, للتوضيح, مجرد التوضيح, ما إذا كان هذا الذي جرى نشره سعوديا, يتطابق بالفعل وحقا, مع ما يجري بصدده التفاوض بين من يمثلون حكومة السيد المالكي مع أهل الحل والربط من الأمريكان؟!

هل هناك ضرورة في الختام, للتأكيد ومن جديد وبالعراقي الفصيح, على أن هذه الاتفاقية فضلا عن قانون النفط وغير ذلك, مما يريد سلطان الاحتلال من المواثيق والتعهدات, سوف يجري وكفيلكم الله وعباده, إنجازها بعد تحويل الانتباه عن ما هو الأساس, مع التركيز على الهوامش, لتمرير فلم المزعوم من التنازلات الأمريكية,...الخ مفردات سيناريو  التلميع قبل التوقيع, وتمام كما هو مقرر من قبل المجمع الصناعي العسكري الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية, وبحكم أن ذلك, يضمن تحقيق الهدف الأساس من الحرب: تحويل العراق (أن ظل موحدا أو تعرض للتقسيم) وبكل ما يملك من الثروات والقدرات, والمتميز سياسيا من الموقع الجغرافي, في موقع التابع اقتصاديا وسياسيا وثقافيا وعسكريا للولايات المتحدة الأمريكية, راهنا وعلى مدار القادم من عقود الزمن....و... عمليا لا يوجد هناك وسط صفوف جميع القوى المشاركة في العملية السياسية وبدون استثناء, أكرر وبدون استثناء, من يعارضون هذه الاتفاقية, من حيث الجوهر والمبدأ أساسا, بما في ذلك الحزب الشيوعي العراقي...و.... إذا ما حدث العكس تماما, وطلع داعيكم غلطان من السما للكّاع, ذلك صدقا, سيكون عندي والله مدعاة للفرح والسعادة!

سمير سالم داود  16 تشرين ثاني 2008

* طالع الماضي من النص وما سبق من النصوص في: www.alhakeka.org/atfaki.html

** لا يمكن إغفال حقيقة أن عن تشضي حزب الدعوة باستمرار قبل وبعد سقوط الطاغية, فضلا عن تصفية الكثير من متقدم كوادره, وتواصل الصراعات والخلافات على موقع قيادة الحزب, ساهمت جميعها في إضعاف نفوذ هذا الحزب, وهو الذي كان بحكم تاريخه الطويل والباسل من دوره, في مقارعة أنظمة القمع, وبالاستناد على المتميز إسلاميا من فكر وتوجهات الخالد من الشهيد محمد باقر الصدر, من المتوقع أن يملك من النفوذ وحجم الـتأثير فكريا وسياسيا, ما يتجاوز كثيرا نفوذ سواه من قوى الإسلام السياسي وسط أتباع المذهب الجعفري, أو على الأقل لا يكون دونهم على هذا الصعيد, وكما بات هو واقع الحال, خصوصا بعد الذريع من فشل الجعفري, والراهن من تخبطات المالكي, والتي ربما, أقول ربما, ستقود لاحقا للمزيد من الانقسامات في صفوف ما تبقى من حزب الدعوة, بعد أن يصطدم الحاج أبو إسراء, بصخرة السائد على أرض الواقع, من موازين القوى في عراق ما بعد صدام العفالقة, والتي تحول عمليا, وأكاد أن أقول بالمطلق, دون إمكانية إعادة فرض سطوة المركزية, أو التجاوز على حكم الدستور, لتغيير القائم من المعادلات السياسية, ومهما كان حجم ومستوى, دعم هذا الضار من النهج, وسط أيتام النظام المقبور بالعار في مناطق الغرب وشمال الغرب من العراق, ومهما نجح المالكي راهنا وبالاعتماد على المنهوب من المال العام, على تشكيل المزيد من مجالس إسناده, وسط  عشائر جحوش العفالقةفي مناطق الوسط والجنوب !

*** وغير ذلك من المطلوب ترديده من جهاز العبارة, في سياق التنافس مع جميع من كانوا بدورهم يمارسون كل صنوف المزايدات وهو يعرف تماما, عدم معارضتهم للاتفاقية من جوه العبايه, بما في ذلك غريمه الجعفري ...والذي بدوره صار من جماعة رفض التوقيع بالروح ...بالدم على الاتفاقية, من قبيل (الحورص) على السيادة الوطنية, وما أدري شنو بعد, وهو الذي لم يجد حرجا وبعد أن جرى طرده من موقع السلطة, تسليم السفاح رامسفيلد نسخة عن سيف أمام الحق, للتأكيد وبحد السيف, على مدى الاستعداد وبالمطلق, لخدمة المطلوب تنفيذه أمريكيا ومن موقع العبد المطيع, إن ساعدوه في أن يعود للحكم من جديد!          

**** منطقيا أكرر منطقيا, بعد انسحاب الشطر الأعظم من قوات الاحتلال, بموجب الاتفاقية, أو بالاستناد على توجهات الجديد من الإدارة الأمريكية, ترى لماذا تحتاج الباقي من القوات لخمسين قاعدة عسكرية, أو حتى دون ذلك من العدد بكثير؟! ...و...إذا كان منطقيا, أكرر منطقيا, أن يحاول سلطان الاحتلال, وقدر المستطاع,منع مثول جنوده أمام القضاء العراقي, في حال ارتكابهم المختلف من الجرائم خارج قواعدهم , ترى كيف يمكن للأمريكان الذين يعملون كل ما في وسعهم لتدعيم نفوذهم بين المختلف من شرائح المجتمع العراقي, المطالبة بشمول ما تقدم حتى عناصر ما يسمى الشركات الأمنية, وعددهم يتجاوز راهنا عدد قوات الاحتلال, وهم يعرفون تماما وسلفا, أن الغالب العام من هولاء المرتزقة جرى اختيارهم من بين عتاة المجرمين من خريجي السجون الأمريكية, ولا يوجد هناك ما يحول مطلقا ارتكابهم كل ما يمكن أن يخطر على الذهن من الجريمة, مقابل القليل من وسخ الدولارات, دون المبالاة بدوافع وهدف الشاري للقذر من جهدهم, وسواء أن كان من سافل أهل العراق, أو يعمل لحساب مخابرات المنحط همجيا, من أنظمة قمع بني القعقاع وغيرها على الصعيد الإقليمي أو الدولي!