مصيبة التحليل السياسي من موقع الحلم والتمني!


بدون مقدمات وبتكثيف شديد للعبارة, وقدر تعلق الأمر بالذات, بتحديد الحاسم من المواقف فكريا وسياسيا بصدد محاور الضاري من محتدم الصراع, في عراق ما بعد صدام العفالقة, لابد من العودة* للسؤال ومن جديد:  هل ترى أن مواقف جميع أهل النفوذ وتنظيماتهم السياسية وغير السياسية, واتجاهات الرأي العام في المختلف من مناطق العراق (..إقليم كوردستان....مدن الغرب وشمال الغرب..  وفي بغداد ومدن الوسط والجنوب) تنطلق عمليا وبالفعل وحقا, من ذات القدر المشترك من الفهم والتوافق ( ولا أقول التطابق), وذات المستوى من متبادل الحرص مبدئيا, على إقامة نظام ديمقراطي اتحادي يجمع طوعا, المختلف من مكونات أهل العراق, ويستند في وجوده على احترام وضمان حقوق الإنسان, وفي ظل حكم الدستور وشرعية التعددية وقيم المجتمع المدني, وبما يكفل عمليا تبادل مقاليد إدارة السلطة اللامركزية, بالاستناد دائما وأبدا على الحر من إرادة الناس, وسلطان صناديق الاقتراع ؟!  

هذا الواضح تماما من السؤال, يجري وفي الغالب العام, تعمد تجاهله وعلى نحو مثير للشفقة, في سياق نصوص معظم من يمارسون في الحاضر من الزمن, فعل الكتابة عن وحول المختلف من موضوعات ومحاور الصراع الفكري والسياسي**, دون إدراك أن رفض الاعتراف بالقائم من واضح الاختلاف على أرض الواقع, لحساب المقيم في الذهن من حلم التمني, لا يمكن ومن المستحيل, أكرر من المستحيل, أن يفيد في التغطية أو تجاوز تبعات وانعكاسات هذا القائم من الانقسام عمليا, في المواقف والدوافع بين أهل المختلف من مناطق العراق!

و.....المصيبة أن جاز التعبير, أن الكثير ممن يمارسون هذا الضرب من شاذ العناد ( وأتحدث بشكل خاص عن أهل الانترنيت) يتعاملون مع ما يكتبون من النصوص, باعتبارها تندرج في إطار التحليل السياسي, حتى وأن كانت لا تتعدى في الواقع, حدود تكرار التأكيد ودون ملل, على الراسخ من القناعة عندهم, بوجود عراق واحد موحد*** يسوده المشترك من الشعور الوطنجي من زاخو لحد الكويت, وخرافة ما يدعى الاخوة العربية الكوردية, والزاهي من أفلام سومر وأشور ...وغير ذلك من مفردات هذه الأوهام والتصورات, التي لا تزال كما كانت دائما, مناسبة تماما, لكتابة المزيد والمزيد, من معلقات الإنشاء والقصائد الغنائية, من باب التفاخر والتمجيد, أو لممارسة البكاء والعويل من منطلق الحنين للمزعوم من زاهي الماضي من الزمان, ولكن وكفيلكم الله وعباده, ما عادت ولا يمكن قطعا, أن تكون في الحاضر من الزمن, الأساس والمنطلق, لممارسة فعل التحليل السياسي, وخصوصا وبالتحديد حين يكون الهدف هو مجرد المشاركة وعمياوي, في التغطية على واقع حال المكشوف والمعلوم, من حاد الانقسام فكريا وسياسيا, بين مواقف ودوافع أهل المختلف من مناطق العراق!

بالعراقي الفصيح: حين يكون وهم التصور و من موقع الحلم والتمني, هو المنطلق والأساس للكتابة عن الشأن السياسي وفي إطار التحليل بهدف الاستنتاج, ذلك والله لا يقود عمليا ومهما كان الجميل والنبيل من الدافع, سوى لتكرار الفادح الغلط المرة بعد الأخرى, بحكم أن التحليل السياسي بالذات وتحديدا, يفترض واجبا أن ينطلق دائما وأبدا,من حقائق ووقائع القائم بالفعل على أرض الواقع, وبالخصوص على صعيد تحديد طبيعة السائد من النظام السياسي, وشكل المعتمد من النظام الاقتصادي, وموقع ونفوذ المختلف من القوى الاجتماعية, وحجم ودور من يمثلون هذه القوى الاجتماعية, ثقافيا وسياسيا وعلى صعيد المختلف من نواحي الحياة والعمل في المجتمع, وبكل نتائج وتبعات ما تقدم من العوامل الأساسية, على اتجاهات وتوجهات الرأي العام, فكريا واجتماعيا وسياسيا, ودون إغفال تقدير مفعول الإيجاب أو السالب من التأثير, على ضوء الوضع السياسي العام على الصعيد الإقليمي والدولي...الخ ما يجري اختصاره كلاسيكيا بعبارة أو مقولة : التحليل الملموس للواقع الملموس!

و.... إدراك ما تقدم من صائب المنطلق فكريا وبديهيا, لممارسة فعل التحليل السياسي, يفترض وحتما, امتلاك ما يكفي من الوعي والقدرة عمليا, على قراءة ما يسود بالفعل على أرض الواقع, كما هو, أكرر كما هو, وبكل مكوناته الأساسية, وليس كما يريد المرء ويتمنى, لان  ذلك, وذلك بالذات, يمكن أن يفيد فعلا, في الخلوص للصائب من الاستنتاجات وقدر المستطاع, وعلى نحو يساهم في تضييق المسافة والى أبعد الحدود, ما بين القائم والجاري بالفعل على أرض الواقع, والوارد من المواقف في سياق المكتوب من النص السياسي, وبشكل لابد وأن يساعد المتلقي وبهذا القدر أو ذاك, في تحديد ما يعتقده المناسب والصائب من المواقف, بصدد المختلف من موضوعات المحتدم من الصراع الفكري والسياسي!

بتقديري الخاص, بدون اعتماد ما تقدم من مطلوب السبيل, والعجز عن تحمل عناء البحث عما يسود بالفعل على ارض الواقع, في المختلف من مناطق العراق, يغدو من الصعب وحد المستحيل,الكشف عن أسباب ودوافع هذا التعارض الحاد في المواقف بين أهل المختلف من مناطق العراق ليس فقط وكما هو الحال راهنا, في سياق الجاري من محتدم النقاش, بصدد هذا الخطير من الموضوعة, موضوعة الموقف من الاتفاقية الأمنية مع الأمريكان, وإنما عن وحول معظم قضايا المحتدم من الصراع, وعلى نحو خاص ومن حيث الأساس بصدد: الموقف من العفالقة والإرهاب وحرب الطوائف, الموقف من الديمقراطية وحكم الدستور, وقضية الفصل ما بين الدين والدولة...الموقف من قضية كركوك والمناطق المتنازع عليها, الموقف من إعادة فرض سطوة السلطة المركزية....الموقف من تسليح الجيش هجوميا ...الموقف من إعادة كبار ضابط العفالقة للجيش....الموقف من دول الجوار .....الخ ما يمكن إيراده عن محاور المحتدم من ضاري الصراع فكريا وسياسيا والذي يتوقف على نتائجه الملموسة عمليا في الحاضر من الزمن, تحديد مسار مجمل العملية السياسية في عراق ما بعد صدام العفالقة, وتقرير مستقبل دولة العراق, ومصير أهل المختلف من مناطق العراق, على صعيد القادم من عقود الزمن!

و...من أجل أن لا يكون كل ما تقدم, ضربا من السباحة في بحور العام من العبارة, دعونا نتجاوز تكرار الحديث عن جميع  الحاد من تباين المواقف والدوافع, بصدد المختلف من محاور المحتدم من الصراع الفكري والسياسي بين أهل المختلف من مناطق العراق, للتركيز أساسا وفي الحاضر من اللحظة التاريخية, على محتدم النقاش , بصدد قضية أعتقدها جوهرية, لتقييم هذا الصارخ من تباين المواقف واختلاف الدوافع, وأقصد تحديدا وبالذات: الموقف راهنا من الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية, والذي جاء ليعكس ومن جديد وبمنتهى الوضوح, حال هذا السائد من الانقسام عمليا على أرض الواقع, جغرافيا وسياسيا وعلى صعيد اتجاهات الرأي العام, وحتى على صعيد شكل ممارسة التعاطي مع الفعل السياسي!

ومن موقع المحايد, أقصد بما يفيد أساسا, توصيف واقع حال تباين المواقف واختلاف الدوافع , بعيدا عن المعروف مسبقا, عن الثابت من مواقف العبد لله من الاحتلال والإمبريالية, لابد من السؤال وبالعراقي الفصيح: لماذا موقف قيادة التحالف الكوردستاني واتجاهات الرأي العام الكوردستاني, من الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية, تتسم بكامل المطلوب من الوضوح وعلنا, أقصد لجهة القبول وعدم الاعتراض, وعلى نحو يختلف كثير وتماما, عن ازدواجية مواقف جميع أهل النفوذ والفاعل من القوى السياسية في المناطق الأخرى من العراق, وحيث كان ولا يزال يسود الحاد من الصراخ وتبادل الاتهامات والشتائم, بين من يزعمون وعلنا رفض هذه الاتفاقية بالروح ...بالدم... أمام عدسات التصوير, وخلف الكواليس وبعيدا عن الأنظار, يعملون جميعا, أكرر جميعا, كل ما في وسعهم, لتمرير هذه الاتفاقية, في المناسب من الساعة....الخ المعروف تماما عن مفردات هذا الهجين والشاذ من ممارسة فعل الازدواجية**** وعلى نحو كان ولابد أن يقود, لطغيان كل هذا القدر من الانقسام والتردد والحيرة والارتباك, على اتجاهات الرأي العام خارج حدود إقليم كوردستان!

و...بعبارة أكثر وضوحا :لماذا موقف قيادة التحالف الكوردستاني واتجاهات الرأي العام الكوردستاني, تتسم دائما بذات القدر من الوضوح وعلنا, بصدد المختلف من محاور الصراع الفكري والسياسي, ومهما كانت هذه المواقف, لا تتوافق وتكاد تختلف تماما, عن مواقف المتنفذ من القوى السياسية والسائد على صعيد اتجاهات الرأي العام في المناطق الأخرى من العراق؟!

شخصيا أعتقد أن الجواب أو البحث عن المناسب من الجواب, على ما تقدم من السؤال, يفيد كثيرا في تنشيط, أو بالأحرى تحريض الذهن, على ممارسة ملكة التفكير, وباتجاه لابد وأن يكون مفيدا في ذات الوقت, على التمييز وتحديد الحد الفاصل, ما بين نصوص من يمارسون فعل التحليل السياسي, انطلاقا من قراءة ما يسود عمليا على أرض الواقع, ومن باب الاعتراف بحقيقة تباين المواقف واختلاف الدوافع,بين أهل المختلف من مناطق العراق, ونصوص من يمارسون فعل التحليل من موقع العكس والنقيض تماما, أقصد بعيدا عما يسود بالفعل وحقا, واقع الحال والملموس من الوقائع والمعطيات, وبحيث تراهم كانوا ولا يزالون ينطلقون فيما يكتبون من النص, من مجرد وهم ماضي التصور, ومن موقع الحلم والتمني!

سمير سالم داود  الأول من تشرين ثاني 2008

* طالع على سبيل المثال ما كتب العبد لله من النص عن التحليل السياسي قبل القليل من معدود الشهور في العنوان التالي: www.alhakeka.org/617.html

**منعا لسوء الفهم, أقصد تحديدا من يمارسون فعل التحليل من موقع الانحياز بالمطلق, لجميع من كانوا في موقع الضحية, ومن منطلق الدفاع وبثبات عن استعادة المسلوب من حقوقهم, وتأمين كل المطلوب لضمان مصالحهم وتحقيق تطلعاتهم في العيش بعيدا عن الاستغلال والقمع والحروب!

*** حتى هذا الموحد من الوطن على مستوى الخرائط, يجري وفي أحيان كثيرة تقسيم مناطقه بالمختلف من الألوان, وتبعا لواقع حال الانقسام عمليا على أرض الواقع, عند عرض خريطة العراق على شاشة العديد من الفضائيات العربية والأجنبية !

**** هذا المقرف من فعل الازدواجية وسط عرب العراق, بات يفرض وجوده في سياق نصوص الكثير ممن يمارسون فعل الكتابة من موقع الدفاع بالروح ...بالدم عن الاتفاقية الأمنية مع الأمريكان,وأقصد بالذات وتحديدا وحصرا, كتابات العديد من أصحاب الماضي ( اليساري) والكثير ممن يرتدون عباءة المزعوم من أهل (الليبرالية) وغيرهم من أصحاب المضموم من العكّل عروبجيا, والذين لا يعرفون في عار حاضرهم, غير التعريض بالكورد وشيعة علي, وبحيث تراهم يتعمدون وخلافا للمنطق, تجاهل الإشادة أو مجرد الإشارة للموقف الإيجابي كوردستانيا من الاتفاقية, وبتقديري ليس فقط لفرط حقدهم الشوفيني ضد الكورد, وإنما الخشية من أن يؤدي ذلك إلى تحويل الانتباه عن الأساس من هدفهم, هدف الترويج لعقد الاتفاقية بساع....بساع كما يريد الأمريكان, ولكن من باب المشاركة في التحذير من خطر البعبع الإيراني, وعلى نحو أكثر حماسا من العفالقة, وجميع من كانوا في موقع الجلاد, ممن باتوا طوع بنان ورهن إشارة,من أحتل أرضهم وأنتهك عرضهم, وحد المطلق من الاستعداد لإشعال عار نار القادسية من جديد ضد الفرس المجوس, تحت راية المطلوب راهنا من الجهاد بقيادة منظرهم الأمريكي واهبيا : يوسف القرضاوي!