كركوك ....الجرح والمحك....!

3- 4

دون الغوص عميقا, في بحور الماضي البعيد كلش من التاريخ, يمكن القول وبتكثيف شديد: أن أهل الإسلام من العرب, جعلوا من الدين الإسلامي وتدريجيا ( مطية) لفرض زعامتهم الدينية والقومجية لاحقا, على سواهم من أبناء الأقوام الأخرى في ربوع الشرق, ممن جرى إرغامهم وكما هو معروف, على اعتناق الإسلام بالقوة, عن طريق الاحتلال  (أو ما يسمى الفتح) وبحد السيف ( أو ما يسمى الجهاد) قبل أن يجري لاحقا, تأكيد هذا المزعوم من الحق بالزعامة, من خلال القول: أن رسول الإسلام كان من العرب, والقران مكتوب بلغة أهل العرب, وبالتالي لابد وغصبا أن يمارس أهل الإسلام من بني القعقاع, دور الزعامة وحتى يوم يبعثون,  كما لو أن عيسى المسيح, ومن قبله موسى اليهود, كانا ينحدران من الصين, أو كما لو كان من الصعب حقا,ترجمة النص القرآني, لسواه من اللغات الأخرى, هذا بالطبع إذا كان المرء, لا يريد أن يتوقف طويلا عند بليد الزعم, من أن زعامة أهل الإسلام, لابد وقطعا, وأن تكون حكرا على العرب دون سواهم من الناس, بحكم أن الوارد في نص رب العباد حول ( كنتم خير أمة أخرجت للناس) إنما تعني العربان من بني القعقاع بالذات وبالتحديد, متجاهلين وبمنتهى الغباء, ما يردده غلاة التعصب وسط اليهود, ممن يعتبرون بدورهم, أن الوارد من النص في المقدس من التوراة, يؤكد وعلى لسان ذات الرب, من أن بني إسرائيل ودون سواهم من شعوب الأرض  (شعب الله المختار) ...و...معروف موقف أهل التعصب وسط أتباع المسيح, في الغرب كما الشرق, والذين يعتبرون أنفسهم ( فوكّ الجميع) باعتبار أن رسولهم أبن الرب, وفق المقدس من الإنجيل!*    

هذا النزوع القومجي عنصريا, والذي كان غير واضح المعالم, في بدايات الدعوة الإسلامية في الجزيرة العربية, ومرحلة فرض انتشارها لاحقا بالقوة, على العديد من الشعوب الأخرى, المجاورة للعرب وفي أمصار عديدة من الغرب, بات وتدريجيا, أكثر وضوحا, في الراهن من العصر, وبحيث صار بمثابة تحصيل حاصل, بعد تنامي وتصاعد الاتجاهات القومجية عنصريا وسط العرب, وخصوصا بعد أن بات الإسلام, وفق العفالقة الأنجاس وسواهم من القوى القومجية, فضلا عن المتشدد من القوى السلفية,** يعني العرب, والعكس بالعكس, وما على الأقوام الأخرى, وخصوصا التي جرى وبحد السيف إرغامها على اعتناق الإسلام, وتعيش ضمن إطار القائم من الدول العربية ( كما هو حال الكورد على سبيل المثال في العراق وسوريا) سوى الرضوخ لهذه القاعدة العنصرية, بما في ذلك الاعتراف ضمنا, أن منحدرهم العرقي, يعود في الأصل ومن حيث الأساس, لقبائل قحطان وعنزة وكلب وعواشة....الخ ما أدري منو بعد من عشائر بني القعقوعة!   

و....قدر تعلق الأمر بالوضع في العراق تحديدا, يمكن القول وبدون تردد, أن هذه القراءة العنصرية عروبجيا للإسلام, كانت ولا تزال, تشكل المنطلق الأساس, للدنيء من نزعات التفوق العرقي, والخبيث من أمراض الشوفينية, والتي جرى ويجري تجسيدها عمليا, من خلال مواصلة اعتماد النهج المعادي للشعب الكوردي, وسائر الشعوب الأخرى من غير العرب, خصوصا بعد أن بات هذا النهج, لا يندرج فقط ضمن إطار المنظومة الفكرية للقوى والتنظيمات القومجية عنصريا, وبالخصوص  فكر العفالقة الهمج, وإنما ضمن إطار مواقف وتوجهات, سائر القوى السلفية المتشددة دينيا في العراق, وتماما كما هو الحال, في إيران وتركيا وسوريا ...الخ قائمة ما يسمى بالدول العربية ( غصبا) والإسلامية ( حصرا)!

و....على العكس من كل تقدم, ومن بين جميع طوائف أهل الإسلام, ظل أتباع المذهب الجعفري, في الغالب العام من تاريخهم ,خارج إطار مستنقع النزعات القومجية أو الشوفينية, وعمليا جميع من يتبعون المذهب الجعفري صدقا وليس نفاقا, لا يمكنهم من حيث الأساس والجوهر, أن  يكونوا في عداد الشوفينين أو العنصرين, على صعيد التعامل مع المختلف, من الأعراق الأخرى, .....و....إذا ما أردنا أن نستخدم المعاصر من المفردات, يمكن القول أن من يتبعون المذهب الجعفري, في موقع الاممي فكريا, على صعيد الموقف من الذات الإنسانية, بحكم تعاطيهم وتعاملهم تاريخيا, مع الناس جميعا و من مختلف الأعراق, دون تعصب أو استعلاء, وصولا إلى حد القبول ودون اعتراض, على أن يكون في صدارة حوزاتهم العملية ومراجعهم الدينية, علماء ينحدرون من مختلف الأعراق الأخرى, وذلك ما بات فعلا, بمثابة واقع تاريخي, وأتحدث عن الملموس من الموقف وليس النص, ويندرج عمليا وإيجابيا, ضمن إطار قراءة المذهب الجعفري, المتميزة  للإسلام...و.... وأتمنى أن يوجد هناك, من يصحح هذا الاعتقاد, إذا كان بعيدا عن الصواب!

و...ما تقدم ذكره وبتكثيف شديد, عن هذا الأساس الفكري, أقصد تعامل أتباع المذهب الجعفري في العراق مع الناس من مختلف الأعراق, دون تعصب أو استعلاء, ظل في الماضي كما الراهن من الزمن, وبالتحديد منذ إقامة المصطنع من الكيان العراقي, يشكل المنطلق الذي يحكم موقف المراجع الدينية, وعلماء الحوزات العلمية, وقادة قوى الإسلام السياسي وسط شيعة علي, وسواء تعلق الأمر بالموقف من الكورد أو سواهم من الأقوام الأخرى في العراق, وبحيث كان من الطبيعي بالتالي وللغاية, أن يتحكم المشترك من الهدف ,تاريخ العلاقة ما بين الكورد وسائر أهل الوسط والجنوب من أتباع المذهب الجعفري, وخصوصا على صعيد الموقف والعمل معا, ضد المتعاقب من الأنظمة الدكتاتورية, وسطوة الأقلية الطائفية عروبجيا,      المعادية لمصالح وطموحات أهل الأكثرية, وحيث كان أبناء كوردستان وبغداد والوسط والجنوب من العراق, في موقع الضحية وعلى الدوام ! 

هكذا كان واقع الحال دائما, وكان يفترض أن يظل هو السائد على الدوام, إلا أن طفحت على السطح, ومباشرة بعد سقوط صدام العفالقة, نسخة عفلقية مشوهة للغاية للمذهب الجعفري, نسخة محكومة بالتعصب العروبي قومجيا,  والنزعات الشوفينية, المعادية وبشدة للكورد, والتي جسدها وبشكل بشع للغاية, فحيح الأوغاد من عفالقة المذهب الجعفري, يوم رددوا في كركوك, خلف شرطي أمن حقير, ارتدى عمامة مقتدى الصغير, عار المسعور من شعارهم :كوردستان عدو الله, هذا الشعار المكتوب بروح التعصب القومجي عروبجيا, والذي كشف ومبكرا, ليس فقط عن الكالح والدنيء, من موقف وفعل العفالقة الأوغاد, وسط أتباع الحوزات  الناطقة بلسان الضلال والتخلف ضد الكورد, وإنما كشف في الواقع لاحقا, استعداد أوساط أخرى, من قوى  الإسلام السياسي, وسط أتباع المذهب الجعفري للتعامل مع الكورد بوحي هذا الشعار الشوفيني, وبالخصوص على صعيد الملموس من الموقف ومن موقع القرار, وكما هو الحال بالذات وبالتحديد, من خلال عرقلة إلغاء نتائج وتبعات جرائم التعريب والتطهير العرقي في كركوك وسواها من المناطق الكوردستانية الأخرى, في حين يجري بالمقابل, تقديم كل المطلوب من الاستعداد, للعمل والتعاون, مع أقرانهم من القومجية عنصريا وشوفينيا في مناطق الغرب من العراق, رغم كل المعروف, عن دورهم القذر, في التحريض ودعم الإرهاب, وإشاعة الكراهية ضد أتباع المذهب الجعفري, وقبل هذا وذاك, سعيهم الدنيء  وبرعاية ودعم سلطان الاحتلال, من أجل إعادة فرض سطوة السلطة المركزية, وتمهيد الطريق لعودة العفالقة الأنجاس, للتحكم بمصير ومستقبل الناس, في عراق ما بعد صدام العفالقة!***  

السؤال : ماذا يعني ذلك بدون رتوش وبالعراقي الفصيح؟!

أن يعمد حلف الأوغاد من أيتام النظام المقبور بالعار والمتشدد وهابيا من القوى السلفية, إلى رفض تنفيذ الاستحقاق الدستوري المتعلق بتطبيع الوضع في كركوك, ذلك عندي يدخل في إطار تحصيل الحاصل, ليس فقط بحكم موقعهم المعروف, في خدمة نظام الجلاد, ودعم جرائم وبشاعات نظام العفالقة الأنجاس, ضد أهل كوردستان, وإنما بحكم انتماء هولاء الاوغاد فكريا, لمستنقع التعصب القومجي, وللعاهر من ( عروبتهم) وللسافل من حقدهم الشوفيني وحد النخاع ضد الكورد,... و.....لكن ما الذي يدعو من كان في موقع الضحية, وينتمي للمذهب الجعفري وسط شيعة علي, وشارك الكورد الكفاح, للإطاحة بنظام حكم الأقلية المستبدة, أن يعتمد المرة تلو الأخرى ومنذ سقوط صدام العفالقة, ذات الموقف الشوفيني, من قضية تطبيع الوضع في كركوك وغيرها من المناطق التي جرى استقطاعها من إقليم كوردستان, في إطار البشع من جريمة التعريب والتطهير العرقي ؟! 

و....إذا كان يمكن القول وبدون تردد, أن فرسان النسخة العفلقية المشوهة للغاية للمذهب الجعفري, اختاروا السقوط في مستنقع الشوفينية, بحكم التخلف والجهل  ببديهيات المذهب الجعفري, أو نتيجة تخريب عقولهم وضمائرهم, بفعل العيش طويلا تحت سطوة ثقافة العفالقة الأنجاس, ثقافة الزيتوني والمسدس القومجية والشوفينية, وبحيث تراهم اختاروا عار رفع شعارهم : كوردستان عدو الله, دفاعا عن جريمة التعريب والتطهير العرقي, ترى ما هو عذر سواهم من دعاة الإسلام السياسي في مناطق الوسط والجنوب, أن كان على مستوى قيادة الأحزاب ومن يملكون سلطان القرار,  أو وسط صفوف من يمارسون فعل الكتابة, على صفحات شبكة الانترنيت؟!

بالعراقي الفصيح: إذا كانت الحوزة الناطقة بالتخلف والضلال, تمارس قبل سقوط السفاح دور المطية في خدمة توجهات العفالقة الأنجاس ضد الحوزة العلمية, وبات دورها بعد سقوط طاغية العراق, لا يتعدى غير ممارسة دور حصان طروادة العفلقي, وسط شيعة علي, وبعضا من جند الأمر بالباطل والنهي عن الحق , إلى حد الاصطفاف علنا مع من كانوا على الدوام في موقع الجلاد, ترى ما هو مبرر وعذر سواهم من قوى الإسلام السياسي, على تحويل الموقف من جرائم التعريب والتطهير العرقي, لخنجر مسموم, في خاصرة جميع ضحايا القمع والحروب والاستغلال وسط أهل الأكثرية, ممن يفترض أن تكون قواهم السياسية, منطقيا ومبدئيا, حتى لا أقول تاريخيا, في موقع الحليف الاستراتيجي, وبما يفيد ومن حيث الأساس, ضمان عدم عودة, أبناء الوسط والجنوب وإقليم كوردستان للعبش, في موقع الضحية, وكما كان الحال منذ إقامة المصطنع من الكيان العراقي, وخصوصا حيث بات يجري اليوم وعلنا, العمل على رد الاعتبار للعفالقة الأنجاس تمهيد للعودة  ومن جديد, لممارسة المعهود من قذر  دورهم, تحت سمع وبصر وضغط سلطان الاحتلال, وبفعل عار المطلق من دعم السافل من حكام أنظمة بني القعقاع ؟!

هل هذا هو المطلوب ؟!

الجواب بالتأكيد وحتما هو المطلق من النفي, وشخصيا لا أعتقد وحد الجزم, يمكن أن يوجد هناك بين الصادق من دعاة الإسلام السياسي وسط أتباع المذهب الجعفري, والمبدئي من أهل العلمانية, من يريد أو يتمنى عودة العفالقة الأنجاس, ولكن مع ذلك ورغم ذلك, يواصل هذا البعض إضفاء الطابع السياسي, على الجنائي من جرائم التعريب والتطهير العرقي, منطلقا للحديث أو الكتابة وبدون حرج, بمنطق الربح والخسارة, دون أدارك الفادح والبالغ من الضرر,   من التعامل بهذا العيب من المنطق والمنطلق, عن مصالح وحقوق ضحايا هذا البشع والهمجي من الجرائم, .....و..... مع ذلك ورغم ذلك, دعونا نجاري هذا الرهط ممن يقسمون أغلظ الإيمان, على أن موقفهم من إلغاء نتائج جرائم التعريب والتطهير العرقي, لا ينطلق من دوافع شوفينية, لسؤالهم ومن موقع الاضطرار وبهدف الإفادة: ترى من هم وعمليا كانوا ولا يزالون, في موقع الخاسر , ويدفعون وأكثر من سواهم, تبعات هذا الدنيء من الفعل, فعل تحويل الموقف من جرائم التعريب والتطهير العرقي, لقضية صراع ومساومات, بين المختلف من القوى السياسية في عراق ما بعد صدام العفالقة؟! 

سمير سالم داود 27  كانون أول 2007

alhakeca@gmail.com

* للعلم هذا المرض , مرض إضفاء الطابع القومجي عنصريا, على الإسلام, أنتقل للأقوام الأخرى من أهل الإسلام, بعد سقوط بغداد, عاصمة إمبراطورية العرب الإسلامية, وبشكل خاص وسط الفرس والترك, ممن باتوا يزعمون بدورهم, أنهم الأكثر حضارة وجدارة من ( بدو وبعران) بني القعقاع, لقيادة من يدينون بدين محمد, وصولا لخوض الصراع ودمويا, وعلى مدار قرون من الزمن, لتأكيد حق كل طرف, على ممارسة زعامة أهل الإسلام, بضرب القنادر, وتحت ذات الراية, راية الرسول والقرآن, والمضمون سلفا من التكليف الرباني.....وتماما على النحو, الذي أعتمده الفرنج والإنكليز وسواهم من أقوام أوربا, في حروب عارهم الصليبية, لفرض المسيحية واحتلال الأمصار في الشرق بحد السيف, قبل أن يجري في القرن الماضي من الزمن, وتحت راية اليهودية ارتكاب البشع من الجريمة, جريمة إقامة وطن الميعاد, بعد نحر وطن, كان يدعى في سالف الزمان ...فلسطين !

**  عمليا موقف المتشدد من القوى الإسلامية السلفية من حقوق وطموحات الأقوام الأخرى, وبشكل خاص, تلك التي تعيش ضمن إطار القائم من الدول العربية والإسلامية, لا يختلف عمليا عن موقف العفالقة وسواهم من القوى القومجية عنصريا, وبحيث تراهم يتعاملون مع الكورد أو سواهم من الشعوب الأخرى, باعتبارهم لا يملكون من الحق والحقوق, غير البقاء في موقع الملحق والتابع, وذلك بزعم أن الإسلام يوحد صفوفنا, وهو المناسب من الحل لجميع المشاكل ....الخ المضلل من الشعارات, التي جرى يجري في ظلها, ارتكاب كل الجرائم والبشاعات, لمصادرة حق الأقوام الأخر من غير العرب أو الفرس أو الترك, في تقرير المصير, حتى وأن كان, في إطار الحر من الاختيار, للبقاء طوعا ضمن القائم من راهنا, من الدول العربية والإسلامية!

*** طالع المزيد في سياق الماضي من التعليق : www.alhakeka.org/608.html