عن السمك ومصير مجرمي الأنفال!!


صحفيا يفترض مراعاة أن الكتابة عند هذه القضية أو تلك، سالفة متروك وبالمطلق تقديرها   للعبد لله وسائر من يمارسون مهمة مناقشة الشأن السياسي عراقيا, ومن موقع التطوع, وبعيدا تماما عن منطق القسر, والسخيف من الإلحاح, وحد تعمد الاستفزاز, ومن قبيل ذلك التالي من السطور : لماذا تتجاهل الكتابة عن قضية عدم تنفيذ حكم الإعدام بمجرمي الأنفال, وبشرفك لو كان موقف الكورد* غير شكل, هل تراك كنت تلتزم الصمت عن هذه القضية الخطيرة؟!!

ما تقدم من السؤال, والمضحك من التأويل, يعكس وكفيلكم الله وعباده, وبتكثيف شديد, الفحوى  العام والمشترك للعديد من الرسائل, ومن بينها وللأسف الشديد, رسائل من بعض الزملاء, وتحديدا من لا يزالون خطيه يعتقدون, ومن سياق ما يكتبون من النص, أن ولاة الأمر, في عراق ما بعد صدام العفالقة, يملكون بالفعل وحقا, الإمكانية عمليا, على ممارسة فعل اتخاذ وتنفيذ, ما يريدون من القرار, باعتبارهم يمثلون أهل الأكثرية, ويحكم  عملهم من حيث الأساس, الوارد في بنود الدستور, وقبل هذا وذاك, يستندون في وجودهم في السلطة, على سلطان برلمان صناديق الاقتراع  ...الخ ما يفترض, أقول ما يفترض, أن يكون عمليا وبالفعل واقع الحال في العراق....و.... لكن؟!

هذا المفروض منطقيا, ووفقا للظاهر العام, على سطح العملية السياسية, لا يزال عمليا, وعلى أرض الواقع, مجرد ضرب من الوهم, في طور التمني, لعوامل وأسباب مختلفة, وفي المقدمة من ذلك, بحكم أن سلطان الاحتلال تحديدا, لا يزال وحتى أشعار أخر, يمارس وأحيانا بمنتهى الصفاقة, دورا حاسما, في تحديد ما يمكن, أو لا يمكن تنفيذه, من قرارات القائم شرعيا من السلطة, بما في ذلك, ما يندرج ضمن عمل السلطات القضائية المستقلة, هذا على الرغم, من أن الوجود الأمريكي, بات يخضع رسميا للقائم من السلطة الشريعة, بالاستناد على قرار مجلس الأمن الدولي,الذي نص وبالإجماع, وقبل أكثر من ثلاث سنوات, على إنهاء حكم سلطات الاحتلال, وتسليم مقاليد الأمور للعراقيين, بما في ذلك حق وسلطة التعامل مع القوات الأجنبية في العراق, باعتبارها قوات متعددة الجنسيات, مهمتها الأساس, تقديم كل المطلوب من العون, للحكومة العراقية, وعلى أن يخضع حتى أمر تجديد بقاء هذا القوات أو خلافه, لموافقة وقرارات السلطات التشريعية والتنفيذية في العراق!

السؤال : هل أن ما تقدم, بحكم سلطان صناديق الاقتراع والشرعية الدولية, يمثل ويجسد بالفعل وعمليا, واقع الحال اليوم في العراق, وبعبارة أخرى لا تحتمل الغلط من الـتأويل:  هل ترى أن جميع ولاة الأمر, في عراق ما بعد صدام العفالقة, وبدون استثناء, أكرر وبدون استثناء, بمقدورهم عمليا, اتخاذ وتنفيذ ما يريدون من القرارات, بمعزل عن التشاور أولا مع جناب حضرة سلطان الاحتلال, حتى لا أقول, بدون الحصول أولا على موافقة سلطان الاحتلال؟! وإذا كانوا يملكون بالفعل وحقا, كامل الحق, في ممارسة فعل اتخاذ ما يريدون من القرار, ولا تعوزهم القدرة على تنفيذه عمليا, ترى لماذا إذن, لا يزال مجرمي الأنفال, ولغاية الساعة في عهدة قوات الاحتلال, عفوا أقصد القوات المتعددة الجنسيات ؟!

إذا كان الأمر يعود وفقط لا غير, لتضارب المواقف, بين رئاسة الحكومة ومجلس الرئاسة, بصدد تنفيذ حكم الإعدام بمجرمي الأنفال, وفقا لذريعة وزعم مولانا السفير الأمريكي في عراق ما بعد صدام العفالقة, ترى وبديهيا ألا يفترض السؤال : وشنو علاقة سلطان الاحتلال, بقضية قانونية, تندرج في صلب عمل السلطات القضائية المستقلة في العراق؟!

وبالعراقي الفصيح: لماذا ومن حيث الأساس, (يا كل من لا يزال عندكم شوية عقل بالراس)  لا يزال سلطان الاحتلال, يملك سلطة احتجاز, ليس فقط مجرمي الأنفال, وإنما سائر من جرى اعتقالهم, من حثالات نظام العفالقة, فضلا عن الألوف من همج الإرهابيين, ممن يجري وعلى قدم وساق أمريكيا, إطلاق سراحهم, طمعا في كسب ولاء ( عشائرهم المسلحة) حتى لا أقول تنفيذا, لمطالب الرفيق عزة الدوري, وهو الذي لا يزال رسميا, عراقيا وعلى صعيد ورق القمار الأمريكي, مطلوب للمثول أمام القضاء, بجريرة دوره القذر, على صعيد جميع ما جرى تنفيذه من الجرائم والبشاعات في ظل حكم العفالقة الأنجاس؟!

و...منعا لسوء الفهم, أو تعمد السيئ من التأويل, صدقوني لا أقصد فيما تقدم من صارخ التساؤلات , المشاركة بدوري في هذا المثير للسخرية من الجدل, عن  أسباب عدم تنفيذ حكم القضاء المتعلق بجرائم الأنفال, وإنما للتأكيد على أن هذا السجال, لا يختلف عندي وكفيلكم الله وعباده, عن سالفة من اعتادوا ليس فقط شراء السمك, وهو لا يزال يلبط بنص الشط, وإنما حتى المهامش والمكافش, حول  طريقة إعداد السمك : مسكّوف لو بالطاوة, أو مطبكّ مع التمن, هذا بالطبع في حال توافقهم أولا, على تجاوز الانتماء المذهبي للسمكة, لضمان عدم خوض الهمجي من الصراع, في زمن حكم العشائر والطوائف!

وحتى لا يبادر جم واحد بطران كلش, للسؤال عن العلاقة بين السمك بالشط, و تنفيذ حكم الإعدام بمجرمي الأنفال ما عندي غير السؤال:  لماذا كل هذا الجدل وتضارب المواقف, عن وحول قضية تعطيل حكم القضاء المتعلق بجرائم الأنفال, في حين أن ذلك متروك تقديره لسلطان الاحتلال وبدليل أن هذا السافل من الناس, وحتى بعد انتهاء محاكمتهم, وصدور القرار بالحكم عليهم بالإعدام, وهو أقل من القليل, لا يزالون كما كانوا ومنذ سنوات أربع ولغاية الساعة, يمارسون المعتاد من الحياة, في الباذخ للغاية من الفندق الأمريكي, وفي عهدة من يفترض (يفترض) أن وجودهم, يخضع ورسميا, لسلطان من يملكون سلطة القرار في العراق؟!  

و...بالصريح من العبارة، العبد لله الذي لا يملك, ولله الحمد, لا مليشيا ولا عشيرة صحوة, ولا حزب من أحزاب المحاصصة, يتحدى, أكرر يتحدى, علنا وعلى المكشوف, جميع ولاة الأمر في عراق ما بعد صدام العفالقة, أن أعتمد أحدهم ولغاية الساعة, أكرر لغاية الساعة, خطوة عملية واحدة , تستهدف اقتياد هذا السافل من الناس, من محل إقامتهم في الفندق الأمريكي, إلى حيث يجري حشرهم في مرحاض شرقي عمومي, تمهيدا لتنفيذ حكم الإعدام بحقهم, وخصوصا بعد أن باتوا الجميع, وبدون استثناء, موضع التصنيف والسخرية, نتيجة استمرارهم في المهامش والمكافش على تقرير مصير, السمج بالشط, عفوا أقصد مصير, مجرمي الأنفال, والذين لا يزالون ومن على شرفات فندقهم الأمريكي, يضحكون ملء الجايف من أشداقهم, على أوهام ولاة الأمر, وبالذات وتحديدا, على من يعتقدون خطيه, أنهم يملكون سلطان القرار, وبمقدورهم بالفعل وحقا, تنفيذ ما لا يريده سلطان الاحتلال!

و....بالمناسبة, من يكتبون أو يتحدثون, المرة بعد الأخرى, عن الخلاف بين ولاة الأمر على مصير مجرمي الأنفال, والذي يعتمده سلطان الاحتلال, ذريعة لعدم تسليم من جرى الحكم عليهم بالإعدام, لماذا يتعمدون عدم التأشير وبوضوح, على أن هذا الخلاف, لا يتعلق أساسا, لا بالموقف من جريمة الأنفال, ولا حتى بالموقف من مصير علي الكمياوي وصاحبه التكريتي, خصوصا بعد أن صار زمن جمهورية العوجة  في خبر كان, وإنما يدور أولا وأخيرا عن شكل التعامل مع مصير المجرم سلطان الهاشم, الذي وكما هو معروف, سلم نفسه طوعا للأمريكان وبوساطة بعض قادة الكورد, مقابل التعهد بالتعامل معه عسكريا باحترام وبعيدا عن سالفة الجيس, وهو ما جرى بالفعل ..و...من يدري, ربما كان ضمن ذلك, التعهد أمريكيا بضمان عدم إعدامه, وشخصيا أعتقد, أقول أعتقد، أن الأمريكان لا يريدون اليوم, عدم تنفيذ حكم الإعدام بوزير دفاع الطاغية وحسب, وإنما يعملون كل ما في وسعهم, بهدف إطلاق سراحه, لضمان كسب ود أهل ثالث مدن العراق, بعد أن بات هذا السفاح, يعني في حسابات زمن الطوائف والعشائر, رمزا لسكان الموصل, وذلك سوف يساعد كذلك على كسب ولاء, المزيد من ضباط الجيش, وأقصد تحديدا, من عادوا منهم للخدمة, قبل غيرهم من متقدم مراتب جيش العفالقة العقائدي...الخ ما يتوافق مع الخطوات العملية المتزايدة, الجاري اعتمادها من قبل القوات الأمريكية والحكومية وعشائر الصحوة, تمهيدا لخوض معركة كسر العظم مع عصابة القاعدة, بعد أن باتت الموصل راهنا (فضلا عن ديالى) تعد بمثابة المعقل الأساس, لتواجد الهمج من المطايا المجاهرين بالقتل, ممن جرى طردهم من الرمادي وتكريت بعد نفذوا كل المطلوب عفلقيا وعروبجيا من البشاعات تحت راية المزعوم من الجهاد!

و...سؤال أخير: هولاء السادة الذين يتفاوضون اليوم بالمايوه على ساحل البحر الميت,, مع من يمثلون السفاح عزت الدوري, وتحت شعار عفى الله عما سلف, ترى لماذا ومنطقيا, يفترض أن يوجد بينهم, من يفكر جديا وبالفعل وحقا, في تنفيذ حكم الإعدام بالسفاح سلطان هاشم, هذا على افتراض إذا كان بمقدورهم ومن حيث الأساس, تجاوز سلطان الأمر الواقع أمريكيا, حتى لا أقول إذا ما كانوا يفكرون بدورهم مثل الأمريكان, وبما يخدم أولا وقبل كل شيء, ضمان مصالحهم وتعزيز نفوذهم, بعيدا عن حكم المبادئ, والمرفوع من زاهي الشعارات, وبعيدا كلش ومو شلون ما جان, عن أحلام وتصورات جميع من كانوا في موقع الضحية في ظل العفالقة الأنجاس, وفي المقدمة من ذلك, حلم إنصافهم وضمان استعادة المسلوب من حقوقهم, وتحقيق حكم العدالة, بحق جميع من شاركوا, في تحويل حياتهم, وطوال عقود مريرة من الزمن, لضرب من جحيم العيش على حافة القبر! 

سمير سالم داود 20  تشرين الثاني 2007


* من غير حثالات الشوفينين الذين اعتادوا شتم الكورد, من على صفحات مستنقع كتابات وسواه من مستنقعات العفالقة الأنجاس, هناك عدد غير قليل, وسط من يمارسون فعل الكتابة, في المواقع المعادية للعفالقة, وبالخصوص بين من يكتبون من منطلق التعبير عن مواقف أبناء الوسط والجنوب, يتصورون وبمنتهى السذاجة, في بعض الأحيان, أن مواقف مام جلال أو كاكا مسعود, تمثل أو تعبر دائما, عن توجهات الرأي العام الكوردستاني, والأمر والعباس أبو فاضل, ليس كذلك دائما وبالمطلق, واختلاف الموقف من قضية إعدام مجرمي الأنفال, وشكل التعاطي مع قضية كركوك, أو التعامل مع الجحوش, أو الموقف من التهديدات التركية, مجرد أمثلة سريعة, على هذا التضارب, الحاد في بعض الأحيان, في إطار الصراع فكريا وسياسيا, بين المطلوب اعتماده من حازم المواقف, على صعيد الرأي العام الكوردستاني, وبين شكل تعاطي قيادة التحالف الكوردستاني, سياسيا وعلى الصعيد الرسمي, مع هذا الموقف أو ذاك, وعلى ضوء الصائب أو العكس, من قراءة السائد من موازين القوى محليا, بما في ذلك خصوصا, تلك المواقف التي تحسب, وأحيانا حد المبالغة, حساب من هم راهنا في عداد الحليف للكورد!