كركوك والتوطين!!

2-3

في ختام ما مضى من التعليق, كان السؤال, الملح من السؤال, أين سيجري بالتحديد توطين الفلسطينيين, ولا حقا الملايين من العرب في العراق؟!

للإجابة على هذا الملح من السؤال, دعونا ومن جديد, نعود إلى بعض ما تسرب من المعلومات والتفاصيل, عن الصفقة السياسية, بين الطاغية صدام,مع إدارة كلينتون, وبالتأكيد بموافقة ومباركة حكام إسرائيل, أقصد صفقة توطين الفلسطينيين في العراق, مقابل إلغاء الحصار الاقتصادي, والذي كان يعني عمليا, تخلي واشنطن عن إسقاط صدام , وهي الصفقة التي أسرع نظام العفالقة, التأكيد بالفعل على استعداده لتنفيذها عمليا, يوم أصدر ما يسمى مجلس قيادة الثورة في شباط عام 2000 قرارا رسميا, يقضي منح الفلسطينيين من مهجري عام 1948 حق الحصول على الإقامة والتملك ....الخ ما ورد من التفصيل, في سياق الماضي من التعليق*

و....وفقا لما سمي يوم ذاك, خريطة توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق, كان من المفروض أن يجري التوطين في مدن كركوك خانقين, مندلي, جلولاء, طوزخورماتو, التي تقطنها كما هو معروف, أكثرية من الكورد والتركمان, وباشر نظام العفالقة الأوباش, عمليا العمل على تعريبها** تدريجيا بزعم تطويرها إداريا, خلال السنوات التي أعقبت اتفاق الحادي عشر من آذار عام 1970ومن ثم على نطاق واسع وعلنا ولاحقا, بعد اختلال موازين القوى سياسيا وعسكريا, وعلى نحو حاسم, لصالح نظام العفالقة الأنجاس في 1975 نتيجة عار عقد صفقة بيع شط العرب, لنظام الشاه, والذي كان يوم ذاك, يمارس دور العصا الأمريكية الغليظة, في منطقة الخليج*** 

إما ما يتعلق بمناطق الوسط والجنوب, فقد كان من المفروض, ووفقا لما تسرب من المعلومات, عن تلك الخريطة, خريطة توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق, أن تجري عملية التوطين من حيث الأساس, في نطاق المنطقة الممتدة, ما بين محافظة العمارة ومحافظة الكوت, وتحديدا المناطق المحاذية لنهر دجلة أولا , وثانيا في المناطق الممتدة بين محافظة السماوة ومحافظة النجف, وتحديدا المناطق المحاذية للفرات!****

و....ما تقدم كان يعني وبوضوح, أن طاغية العراق, لم يعقد في عام 2000 صفقة توطين الفلسطينيين, بهدف الخلاص من العقوبات الاقتصادية وحسب, وإنما كان يريد المضي قدما, في تنفيذ المزيد من بشع الفعل, على صعيد تغيير التركيبة السكانية في العراق, وبالتحديد خارج حدود القلاع التقليدية للعفالقة في مناطق الغرب, وذلك من خلال تحويل هذا الذي حدث, في إطار جريمة التعريب في كركوك  وسواها من المدن الكوردستانية الأخرى, باتجاه مناطق الوسط من العراق, والمحاذية للحدود الإيرانية, إلى أمر واقع, وبحيث يتحول الكورد والتركمان, وخصوصا في كركوك, إلى أقلية وسط عرب الحويجة, ومن جرى توطينهم في المدينة من عرب الوسط والجنوب, وبعد ترحيل مئات الألوف من أبناءها, وتحويل الكورد والتركمان في المناطق التي جرى فصلها إداريا عن كركوك بدورهم إلى مجرد أقلية وسط أكثرية من العرب, وكل ذلك جرى, وكما هو معروف, بالترافق مع توطين ما يزيد على الثلاثة ملايين مصري, ومن جنسيات أخرى خلال عقد الثمانينيات, وبشكل خاص في أرياف ديالى والكوت وبغداد, قبل أن يمتد هذا الوجود, والذي كان بمثابة الخنجر بيد العفالقة الأنجاس,إلى القلب من بغداد والبصرة, والعديد من مراكز المدن الأخرى, وذلك لتعويض عمل وجهد, من كان يجري سوقهم من أهل العراق, للموت في محرقة عار القاسية, وللاستفادة من مطلق ولاء, من جرى توطينهم لسيدهم صدام, بهدف تعزيز الهمجي من قبضة السلطة المركزية, سلطة القمع والاستغلال والحروب ***** 

كما كان من الواضح كلش, أن مشروع توطين الفلسطينيين وسواهم من العرب, في بعض المختار بمنتهى الخبث طائفيا, من مناطق الوسط  والجنوب, وبالتحديد المحاذية للفرات ودجلة, كان يستهدف تحقيق ضرب من التوازن المذهبي, أو وضع عازل طائفي بين المختلف من مناطق انتشار أتباع المذهب الجعفري في العراق!....و...خارج إطار ما تقدم من دنيء الهدف, هدف تحويل جريمة التعريب إلى أمر واقع, وفرض عازل مذهبي في الوسط والجنوب, كان طاغية العراق يروم تحويل صفقة توطين الفلسطينيين وفي هذه المناطق بالذات, إلى ما يضمن عرقلة أو حتى القضاء نهائيا, على أن تكون هذه المناطق, ومرة أخرى منطلقا للتحرك, وعلى نطاق واسع, ضد نظام العفالقة الأوباش, وبالشكل الذي حدث خلال الشهور الأولى من عام 1991 وكاد بالفعل وعمليا, النجاح من الإطاحة بحكم الطاغية وتخليص أهل العراق من العفالقة الأنجاس والى الأبد, لولا أن السافل من الأوغاد في المجمع الصناعي العسكري الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية, قرروا وبمنتهى الدناءة, ليس فقط حماية حكم الطاغية, وإنما منحه العار من الضوء الأخضر, ليزرع مدن الفرات والجنوب, بالمقابر الجماعية والدمار, وليشمل التخريب حتى المقدس من المراقد الدينية, وعلى النحو الذي جرى أيام اجتياح الهمج من الوهابيين لمدن الفرات قبل أكثر من قرن من الزمن!

السؤال الذي لابد ويتبادر للذهن, لماذا العودة للحديث, عن تفاصيل صفقة لم يجري تنفيذها عمليا, وتحديدا بعد أن صار طاغية العراق, فطيسة في خبر كان؟!

و...الجواب كلش بسيط, أن هذه الصفقة, صفقة طاغية العراق مع الإدارة الأمريكية عام 2000, ما كانت المنطلق والمبتدأ, من مشروع توطين الفلسطينيين في العراق, هذا المشروع الذي يعود , وكما جرى توضيح ذلك في الماضي من التعليق,إلى بداية القرن الماضي, وبعقود عديدة سبقت حتى قيام الدولة العبرية, كما أن مشروع التوطين, بات وأكثر مما مضى من الزمن, في طريق التحقق عمليا, بعد أن تخلت السلطة الفلسطينية, عن حق العودة, عودة ما يزيد على الثلاثة ملايين من مهجري عام 1948 إلى مدنهم الواقعة ضمن حدود إسرائيل, وهو ما جرى تعميده بتقديري, في قمة حكام بني القعقاع الأخيرة في الرياض, إلا إذا كان هناك من يعتقد أن هولاء الحكام, يملكون الحد الأدنى من القدرة, على منع تحويل ما يرددون من مزعوم الرفض إلى العكس تماما, وعلى النحو الذي فضحه لسان حالهم في عمان, يوم صرح علنا, بضرورة القبول بحق التعويض عوضا عن حق العودة, وما أعقب ذلك من متوقع النفي, بعد أن جرى تمرير المطلوب من الرسالة إعلاميا, وعلى النحو الذي بات والله وبفعل الممجوج من  التكرار ( التصريح ثم النفي) لا ينطلي إلا على الأغبياء من الناس, ومن يعتقدون أن التصريح بحق التعويض, كان مجرد غلط غير مقصود, أو زلة لسان من الملك, أو ما أدري شنو بعد من سخيف التبرير, إنما والله يؤكدون مدى جهلهم حتى قي التميز ما بين الجك من البك في ميدان الكتابة عن الشأن السياسي!         

و....صدقوني, بمقدوري أن أحشر في سياق هذه السطور, الكثير من التصريحات والمؤشرات التي تدور وتتعلق, بشكل مباشر أو بالتلميح, بموضوع توطين الفلسطينيين ولاحقا العرب في العراق, وخصوصا في ظل المتزايد من الحديث أمريكيا وعروبجيا, عن حاجة العراق للكوادر وفي مختلف الاختصاصات, وأهمية تأمين فرص الاستثمار إمام الشركات العربية والأمريكية ...الخ ما يندرج في فتح الباب على مصراعيه أمام اليد العاملة وبالخصوص من مصر وسواها من الدول الفقيرة, وبحيث يتحقق عمليا المطلوب من الهدف, على صعيد تغير الواقع السكاني في العراق, وتحديدا في ذات المناطق التي جرى تحديدها بمنتهى الخبث والعناية, في ما سمي خارطة توزيع الفلسطينيين, والعرب لاحقا, ضمن صفقة طاغية العراق مع الأمريكان عام 2000  ....ولكن ؟!

عوضا عن الدخول, في معمعة البحث عن صواب أو عدم صواب ما تقدم من التوقعات, أو البحث عن المزيد من المعطيات, التي تؤكد وبالملموس, احتمالات توطين الفلسطينيين والعرب لاحقا في العراق, دعونا نتوقف عند ما هو أهم من ذلك بتقديري, أقصد هل توجد هناك, في ظل الراهن من موازين القوى عراقيا, إمكانية واقعية وعملية, لتنفيذ ما تقدم من الاحتمال؟! وهل أن هذا الاحتمال ( توطين الفلسطينيين والعرب لاحقا) يتوافق عمليا ولا يتعارض, مع السائد راهنا من  الاتجاهات على صعيد الرأي العام في العراق؟! 

ذلك ما يستحق بتقديري التوقف عنده بالمناقشة, بوضوح يتجاوز ترديد العام من العبارة, لان مشروع التوطين, وفرض عودة سطوة السلطة المركزية, سوف يرسم, حدود القادم من شكل المستقبل في العراق, ولعقود طويلة من الزمن!  

سمير سالم داود 8  أيار 2007

alhkeka@hotmail.com

* طالع نص الماضي من التعليق في العنوان التالي:  www.alhakeka.org/564.html

** من الضروري التأكيد أن جريمة التعريب, ما كانت تعني فقط تهجير أبناء هذه المناطق من الكورد والتركمان والكلدوآشورين, وتوطين العرب من أبناء الوسط والجنوب في هذه المناطق وحسب, وإنما كانت تعني كذلك, إرغام الذين لم يجري ترحيلهم على تغيير هويتهم القومية إلى العربية, لضمان استمرار حصولهم على البطاقة التموينية, الخاصة بالمواد الغذائية, وغير ذلك من المنافع, والتي كان بدونها, تغدو حياتهم وحياة أطفالهم, إلى ضرب من الكابوس يوميا.    

***من يدري, ربما في حال أن تمخض هذا الوعيد والتصعيد, بين طهران وواشنطن إلى المطلوب من المساومة تاريخيا,  قد يعود الحال إلى سالف الأيام, وبحيث يقرر الجناح المتخلف والمتشدد في إيران, العودة لممارسة دور الشرطي الأمريكي في الخليج, ولكن أكيد ليس قبل عقد زواج متعة مع الشيطان الأكبر, ...و....منو العريس ومن العروس, تلك صدقوني مو مشكلة عويصة, ومتروك حسمها للسيد السرير, الذي أن نطق, لفضح ومو شلون ما جان, جميع من يرتدون عباءة الإسلام نفاقا, كما قال نابليون ههههههههههههههههه

**** هذه التفاصيل والعديد من الملاحظات , في سياق هذا النص عن صفقة التوطين, كانت وكفيلكم الله وعباده, ضمن مشروع تعليق للنشر في مطبوع الحقيقية, ويعود تاريخه إلى نيسان عام 2000 وصدقوني لا أتذكر ألان, لماذا لم يجري إنجاز كتابة هذا التعليق,  والاسوء من ذلك, عدم وجود ما يفيد من الإشارة, لتسهيل العودة اليوم, إلى ما جرى نشره في ذلك الوقت, من تقارير وكالات الأنباء والتعليقات عن هذه الصفقة, والتي أتمنى أن يعمد من كانوا يتواجدون في لندن خلال تلك الفترة, إلى نشر تفاصيلها اليوم, وأقول لندن بالتحديد, حيث كانت من أهم مراكز قوى المعارضة, وحيث أتذكر تماما, صدور بيان أو رسالة موجهة إلى جامعة الدول العربية والسلطة الفلسطينية, يتضمن تأكيد رفض هذه الصفقة, ويحذر من مخاطرها, ويفضح دوافع عقدها من فبل طاغية العراق!

***** صدقوني ذلك كان من حيث الأساس والجوهر,هو الدنيء من الهدف, في ظل زمان العفالقة الأوباش, ولا يزال ذات الدنيء من الهدف, يشكل عمليا, منطلق جميع من يعملون وبمنتهى الدناءة, في عراق ما بعد صدام العفالقة, على إعادة فرض سطوة السلطة المركزية من جديد على أهل العراق, وبحيث تراهم لا يجاهرون بعدائهم ضد القائم من التجربة الفيدرالية في إقليم كوردستان, ويضعون فقط  المختلف من العراقيل أمام قيام الفيدرالية في الوسط والجنوب, وإنما يتعاملون من موقع الرفض, مع كفاح جميع من كانوا في موقع الضحية وسط شيعة علي والكورد, والهادف من استعادة المسلوب من حقوقهم, باعتباره يشكل خطرا على عودة المقدس من عار سلطتهم المركزية, سلطة القمع والاستغلال والحروب! 

هامش: من المهم الـتأكيد أن العبد لله لا ينطلق في رفض مشروع توطين الفلسطينيين والعرب في العراق, من منطلقات التعصب الوطنجي المقيت, أو من خلال سخيف الأيمان بضرورة الحفاظ على نقاوة الدم العراقي ...الخ هذا النمط الوضيع من الأفكار, التي يجري العمل على إشاعتها, من خلال ترديد سوالف ( أني عراقي) التي يرددها بالذات ومخصوص, أصحاب الماضي المعطوب عفلقيا, بهدف تضيع المسافات والحدود, ما بين من كانوا في موقع الجلاد, مع من كانوا في موقع الضحية, أو من قبل من يعمدون وبمنتهى الصفاقة, شتم الفلسطينيين وسائر العرب, بالمقذع من العبارة, كما لو أن ذلك هو الصائب من السبيل لمواجهة جرائم المطايا المجاهرين بالقتل من العرب, ...و...العبد لله لا يعارض أن يجري استيراد الكوادر واليد العاملة العربية بما في ذلك الفلسطينية أو حتى من سائر دول العالم, ولكن شريطة أن لا يجري ذلك, بهدف تغيير الطابع السكاني في العراق, وليس قطعا قبل أن يعم الأمن الاستقرار, ويجري عمليا تلبية الحقوق والاحتياجات الأساسية لسكان العراق أولا وقبل كل شيء, وفي المقدمة من ذلك, حق العمل والتعليم والضمان الصحي, وجميع المطلوب من الخدمات الأساسية في المجتمع, خصوصا وأن المختلف من المناطق في العراق تعوم على بحيرات من الثروات والخيرات, التي تكفي كلش ومو شلون ما جان, تحويل حياة العراقيين, إلى مصاف واقع حال الناس في المتقدم من دول العالم!