لماذا تنكأ جراحات الماضي؟!

 

العبد لله وكما تعرفون, اعتاد أن لا يتوقف بالتعقيب, على الرسائل التي لا تحمل الصريح من التوقيع, خاصة بعد التأكيد المرة تلو الأخرى, على أن من حق كاتب الرسالة, طلب عدم التأشير على أسمه الصريح, في حال الرد على الرسالة علنا, وعلى النحو  الذي أفعل بين الحين والأخر, مع بعض الرسائل التي أعتقدها تستحق التوقف عندها, في سياق التعليق بالعراقي الفصيح, ولكن ....وكما قال ما أدري منو ...للضرورة إحكام, وبالتالي وجدت من الضروري بالفعل, التوقف بالتعقيب وبشكل يتجاوز التكثيف, عند ما ورد في رسالة, أو بالأحرى مطالعة دفاع, عن الصحفيين الذين  (شاء حظهم العاثر البقاء في العراق والعمل في الأجهزة الإعلامية للنظام السابق) على حد تعبير من كتب للعبد لله, تعقيبا على ما ورد في سياق التعليق الأخير, بالعراقي الفصيح, وكان تحت عنوان: ثكلتكم أمهاتكم ....على ماذا تراكم تفاخرون؟!

وصدقا, كان ولا يزال بودي, أن أنشر النص الحرفي, لهذا التعقيب,* أولا لان في مضمون وسياق التعقيب, العديد من المعطيات, التي تشير وبوضوح كلش, إلى احتمال أن الكاتب ( أو الكاتبة) لا يزال يعيش في العراق, وذلك يضفي بتقديري أهمية استثنائية على هذه المعطيات, وثانيا لان نص الرسالة, مكتوب ليس من منطلق, الدفاع عن العمل في أجهزة الدعاية العفلقية, وإنما لتبرير عدم إمكانية تقديم المطلوب من الشهادات, عن تلك المرحلة الكالحة من تاريخ العراق, وثالثا وذلك مهم عندي, ومو شلون ما جان, ضرورة إشراك المتلقي, بما في ذلك المثقفين المعادين حقا لثقافة الزيتوني والمسدس العفلقية, في مناقشة هذه الموضوعة, المهمة للغاية بتقديري, مهمة تحديد الموقف, ليس فقط  من خلال تكرار المعروف من عبارات الاحتقار, بحق الأوغاد, الذين كانوا في عداد فيلق العفالقة الأنجاس, لتخريب العقول والنفوس, وشاركوا بوعي وحماس, في جريمة تخريب الوعي العام في العراق, وإنما تحديد الموقف من صمت المثقفين الذين كانوا, ومن موقع الغصب, شهودا على ما جرى من البشاعات, في إطار هذه الجريمة,جريمة تمجيد الطاغية, وحروب الطاغية, وإشاعة ثقافة الزيتوني والمسدس! 

و.........باختصار شديد يمكن تلخيص فحوى هذا التعقيب, مع إيراد بعض فقرات النص حرفيا, داخل قوسين باللون الاحمر, بالتالي من السطور:  أن عزوف العديد, ممن عملوا في أجهزة دعاية النظام ومنذ أواخر السبعينيات, على كتابة شهاداتهم, عن ماضي عملهم في تلك الأجهزة, يعود للخشية من أن  ذلك سيجعلهم في موضع ( الانتهازيين) الذين يمارسون  فعل الهجوم, على ما كان سائدا في الماضي, وهم الذين كانوا, من بين من شاركوا في تمجيد (الرئيس السابق وصار معظمهم هذه الأيام يتلقبون بالموسوي....أو المناسب لهذا الزمان من الألقاب والعشائر) كما أن هذا البعض, ممن يتمنون الكشف عن ما جرى في مرحلة ( تأليه صدام والدفاع عن القادسية وحروب صدام الأخرى) يخشون أن يجري توظيف كتاباتهم, كما لو كانت تزكية للاحتلال, الذي ( يرفضون وجوده بقوة) كما أن مجرد الكشف, وحتى من موقع الإدانة لماضي عملهم في أجهزة دعاية صدام, قد يؤدي للتهلكة بكل معنى الكلمة, في ظل تصاعد الإرهاب الفلتان الأمني, و........( لماذا تدعونا للقيام بما لا نستطع اليوم, حتى وأن كنا نريد ذلك)  في حين أن هناك خارج العراق, من يستطيعون تقديم, ما تريد من الشهادات عن طبيعة عمل (مختلف الأجهزة الإعلامية في ظل النظام السابق) خصوصا بين صفوف (من انقلبوا على أعقابهم بعد سقوط  النظام السابق) وصاروا  من بين الذين  ( يشتمون اليوم النظام السابق, ويمارسون دور الأبطال..) وكانوا سابقا من بين الأكثر حماسا (في التطبيل والتزمير) للقائد وفارس الأمة**.... و...يختم الرسالة بالقول: ( يا عزيزي لا تنكأ  اليوم جراحات الماضي, ولا يوجد هناك ما يدعوك للعجلة, ولابد وأن يأتي الوقت المناسب, للكشف عن كل ما جرى في ظل النظام السابق).

و..............ما تقدم وبإيجاز شديد كلش, عرض للفحوى العام, لما ورد في سياق التعقيب, على التعليق الأخير للعبد لله, و.......ما عندي من القول سوى أن  الماضي من التعليق, كان يتمحور أولا وقبل كل شيء, عن الدافع وراء فضيحة المجاهرة, بعار العمل في فيلق دعاية العفالقة, لتخريب الوعي العام في العراق, وعلى هامش هذا المحور, كان السؤال وبالعراقي الفصيح: لماذا وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على سقوط السفاح, لا تزال تلك المرحلة الكالحة من تاريخ العراق, مرحلة إشاعة ثقافة الزيتوني والمسدس, مرحلة تخريب العقول والنفوس, تكاد أن تكون مجهولة, ولا يجري التوقف بالملموس عند وقائعها وتفاصيلها البشعة, من قبل المئات من مثقوبي العفالقة ثقافيا, والذين  عملوا في مختلف أجهزة الدعاية العفلقية, وخصوصا من قبل الذين تمكنوا في عقد التسعينيات من مغادرة العراق للخارج, وبشكل خاص واستثنائي, الذين انتقلوا ( أو هكذا ما يجري ترديده) للعمل ضد نظام العفالقة, عشية سقوط السفاح, ولكن فقط على مستوى, ترديد العام والجهاز والمطلوب من العبارة,  وليس بتقديم الملموس من الوقائع والمعطيات, التي تفضح وتكشف, بشاعة ما جرى في ظل حكم العفالقة الأنجاس, وخصوصا جريمة نحر الوعي العام, وإشاعة ثقافة الزيتوني والمسدس؟!

إذا كان الأوغاد, ممن شاركوا بوعي وحماس,في هذه الجريمة, يتعاملون مع دورهم القذر, دون الحد الأدنى من الشعور بالذنب, ويواصلون بعد سقوط سيدهم السفاح, عار الدفاع عن ماضي الزمان, بالتحريض على نحر الحاضر, وإذا كان البعض من هولاء الأوغاد, لا يجدون حرجا, من المجاهرة بعار عملهم في مستنقعات تخريب الوعي, وتمجيد الطاغية وحروب الطاغية, ولا يعرفون من وضيع المهام, غير العمل, على إعادة تسويق بعضهم للبعض, لفرض سطوتهم من جديد, على الوسط الثقافي والإعلامي, على النحو الذي يجري دائما بشكل مكشوف في مستنقع كتابات, وبشكل غير مباشر في العديد من المواقع الأخرى***  يظل هناك السؤال وبالعراقي الفصيح: ترى ما هو عذر ومبرر, من يرددون المزاعم تلو المزاعم عن بطولاتهم, أيام معارضتهم لنظام العفالقة من جوه إبط أجهزة قمع العفالقة؟!    

ذلك كان ولا يزال, وسيظل, هو السؤال, ليس بهدف نكأ جراح الماضي, كما تصور كاتب التعقيب, وإنما لان هذه الشهادات, وتعميق ثقافة نقد الذات, هي المنطلق والسبيل لمواجهة كل هذا الخراب الثقافي في الحاضر, ولان ذلك هو الأساس باعتقادي, للمباشرة وبشكل حقيقي, من أجل تحرير الوعي العام, من وساخات ثقافة الزيتوني والمسدس العفلقية, وبالتالي تسهيل مهمة إشاعة الوعي الديمقراطي البديل !

و.......من جديد أعيد القول: إذا كان الخوف والخشية, من صدام الكامن, في أعماق من عملوا طويلا في فيلق دعاية العفالقة,رغم وجود الكثير منهم في الخارج, ومنذ سنوات عديدة, وحتى بعد أن تحول السفاح إلى جريدي, يحول بينهم وبين كتابة شهاداتهم المطلوبة, حتى بالمستعار من الأسماء, عن ما عاشوه وعن قرب, من وقائع وبشاعات تلك المرحلة الكالحة من تاريخ العراقيين, مرحلة تخريب العقول والنفوس, مرحلة تمجيد الطاغية وإشاعة ثقافة الزيتوني والمسدس, ترى لماذا إذن يواصلون ترديد مزاعم ( البطولة) وأفلام ( كفاحهم العنجوكّي) من ( جوه إبط أجهزة قمع صدام) وبعضهم لا يخجل, حتى من ممارسة, دور الواعظ والناصح, والحديث بمنتهى الكّباحة, عن  (الصح والغلط) وما هو ( المناسب والمطلوب) اعتماده عند الكتابة, كما لو كانوا يتقمصون دور  (الاستاد عدي) الذي كان, وهو الأرعن والزعطوط, يعلمهم أصول الكتابة والنطق, يوم كانوا يقفون بحضوره, بكل خشوع ورهبة, خوفا من أن يكون نصيبهم, الضرب بالعصى بعد البصاق!**** 

بالعراقي الفصيح:..وباختصار شديد, ماكان يدور في خلدي, مطالبة من لا يزالون في العراق, كتابة شهاداتهم عن تلك المرحلة, وأتفهم تماما, تردد الصادق منهم, وتحديدا من واصل العمل, في أجهزة دعاية العفالقة, من موقع الغصب, تقديم شهاداتهم في الوقت الحاضر, خشية من أن يجري تصوير ذلك, كما لو كان ضربا من الانتهازية, أو إضفاء الشرعية على الاحتلال, وعلى طيحان السائد من الوضع, بعد سقوط السفاح, أو أن يجري تصنيفهم في عداد ( الشوادي) الذين كانوا من بين أكثر الضفادع نقيقا, بتمجيد الطاغية الأهوج, وباتوا يمارسون ذات الفعل, من خلال المبالغة لحد القرف, في تمجيد الجديد بين بعض ولاة الأمر...وبعضهم, أقصد بعض الجديد من ولاة الأمر, وكفيلكم الله وعباده ...لا يختلف في مضمار التفاهة وحب الزعامة, والجوع للتمجيد والإشادة,عن السفاح صدام, سوى بالاسم, وأن كان بينهم, من ورث عن الطاغية, العديد من أسماءه التسع والتسعين, وهناك من تجاوزه, وبات يتحدث حتى بلسان رب العباد !   

سمير سالم داود   12 حزيران 2006

alhkeka@hotmail.com

*صدقا كان بودي أن أنشر النص الحرفي, لهذا التعقيب, ولا زلت على استعداد دون الكشف علنا عن أسم الكاتب, في حال أن بادر من كتب, الكشف عن الصريح من الاسم, لكي أستطيع تحديد ما إذا كان الهدف, ينطلق من الحرص حقا, على المساهمة في الكشف عن بشاعات تلك المرحلة الكالحة من التاريخ, أو أن الهدف مجرد الإساءة, وبشكل خاص, لبعض المثقفين, ممن عملوا ولبعض الوقت ومن موقع الغصب, في الدعاية للعفالقة, وباتوا ومنذ نجاحهم من مغادرة العراق, يمارسون النقيض من الفعل, ضد العفالقة الأنجاس, وبشكل يبعث فعلا على الاعتزاز والتقدير.

** تعمدت عدم ذكر العديد من الأسماء, التي أوردها كاتب التعليق, على سبيل المثال, وبعضها مع نماذج من النصوص, مع التركيز على بشكل خاص على أسماء من صنفهم باعتبارهم ( من جماعتك المعادين للبعث) على حد تعبير كاتب التعقيب وبالحرف الواحد!

*** لابد من الاعتراف أن البعض من هولاء الأوغاد الذين شاركوا في جريمة تخريب العقول والنفوس, أيام تمجيد الطاغية وإشاعة ثقافة الزيتوني والمسدس ...تمكنوا وبمنتهى الدناءة, من  اختراق العديد من المواقع المعادية, في وجهتها العامة للعفالقة, وذلك بهدف تمرير ما هو أكثر سفالة, من المعتاد نشره , من وساخات الشوفينين والطائفيين, في مستنقع كتابات وكادر الدعارة ...الخ المستنقعات العفلقية, لان ذلك يحقق عمليا, الدنيء من هدفهم, وعلى نحو أخطر بكثير, مما هو ممكن التحقيق, في مستنقعاتهم التي باتت مكشوفة ومحاصرة بالعار ...و......ذلك ما يستحق التوقف عنده بالتعليق, وبالمقسوم من نعال الكلمات!

**** هذا إذا كانوا سعداء الحظ طبعا, ولم يجري إرسال كبيرهم قبل صغيرهم, للنوم في تابوت التعذيب, في مبنى اللجنة الأولمبية, حيث أعتاد هذا السافل, إرسال ضحاياه من مرتزقة العفالقة, بهدف تعليمهم المفروض والمطلوب من العمل في ميدان الصحافة والثقافة أو الرياضة أو حتى الغناء....الخ ماكان مشعول الصفحة أبن الطاغية يتحكم في مساراته كما يريد وكما يشتهي باعتباره مطي من العوجه ويفتهم كلش ههههههههه   

هامش : للصديق الذي تساءل عن سبب عدم الإشارة في تعليقي الأخير,لكتاب ( سنوات مع الخوف العراقي) للكاتبة والصحفية اللبنانية هاديا سعيد, والذي يعد بحق شهادة مهمة للغاية, عن سنوات عملها الصحفي في العراق, بين عامي 72 و 78 وتحديدا ما رافق تلك المرحلة الخطيرة من تاريخ العراق, بالاعتماد على الكثير من الوقائع والمعطيات, التي تكشف وبالملموس, الأساليب القذرة التي اعتمدها العفالقة, لشراء الذمم, بما في ذلك في الوسط الثقافي, وسبل  إشاعة الخوف, حتى قبل المباشرة, وعلى نطاق واسع عام 1978 في تنفيذ جريمة تبعيث المجتمع العراقي, و........الجواب أن العبد لله لم يتوقف عند هذه الشهادة ولا سواها من الشهادات الكثيرة, التي أخذت طريقها للنشر, وخصوصا في صحافة الحزب الشيوعي العراقي, في السنوات الأولى التي أعقبت انتقال الشيوعيين للعمل في المعارضة في عام 1979, لان التعليق كان يدور من حيث الأساس, حول المطلوب, من شهادات أهل الدار, أقصد شهادات, من كانوا في عداد فيلق العفالقة, سواء من ظلوا يمارسون العمل في أجهزة دعاية العفالقة من موقع الغصب, أقصد ممن تعذر عليهم الخروج مبكرا من الجحيم, أو أولئك الذين لم يبخلوا, بجهدهم على صعيد المشاركة في إشاعة ثقافة الزيتوني والمسدس, ويرفضون حتى بعد انتقالهم للعمل في الموقع الضد ( كما يزعمون) تقديم ما يفيد الكشف عن بشاعة ما جرى على صعيد جريمة تخريب العقول والنفوس في ظل حكم العفالقة الأنجاس! ..و......للوقوف على المزيد من التفاصيل عن كتاب ( سنوات مع الخوف العراقي) الذي يفضح وبالملموس من المعطيات ( كيف تحولت الصحافة العراقية إلى "بوق" للنظام، وكيف صار شعراء وكتاب وأدباء" كبار" مجرد موظفين فى دوائر أجهزة المخابرات يشون ببعضهم البعض، وكيف أفرغت الثقافة من محتواها واستخدمت كـ"بروباغندا" مهمتها دعم "القائد") وفقا لما ورد في عرض الكتاب, أو المشاركة في مناقشة المحتوى العام للكتاب, يمكن زيارة موقع الزميلة هاديا سعيد في العنوان التالي : http://hadiasaid.com/index.php