عن المواقع العراقية على شبكة الانترنيت

 

هل تراني بحاجة لتكرار ما بات معروفا حتى للأطفال في البلدان المتحضرة, عن عالم الانترنيت, الرائع والمذهل, وخاصة على صعيد إشاعة المعلومات و نشر الأفكار والمعارف, وعلى نحو يتجاوز فعالية وسرعة جميع وسائل الاتصال والأجهزة الإعلامية الأخرى؟!

كيف يجري التعامل عراقيا, وأتحدث بالطبع عن من هم خارج العراق, مع هذا العالم الرائع والمذهل؟!

حين نشرت في هذا الموقع (الحقيقة), قبل أكثر من سبعة أعوام, دعوة للمثقفين العراقيين في الدول الاسكندنافية , للاستفادة من الانترنيت, من هذه الوسيلة العصرية المتطورة, وتوظيفها للتواصل والعمل معا  من أجل إقامة مشغل للثقافة الديمقراطية, كان عدد المثقفين العراقيين ممن يستخدمون الانترنيت, محدودا للغاية بكل معنى الكلمة, وكان عدد المواقع العراقية أساسا على شبكة الانترنيت, لا يزيد كفيلكم الله, عن عدد أصابع اليدين, وربما أكثر شوية, وتتركز بشكل خاص في أمريكا وأستراليا.*

عشية سقوط صدام أو في الواقع منذ عام 2000 تزايد وبشكل يبعث حقا على الفرح, عدد المواقع العراقية على شبكة الانترنيت, وأتحدث قطعا عن المواقع المعادية للعفالقة الأنجاس, بعد أن بادر عدد من ولد الحلال فعلا وحقا, إلى اقتحام هذا العالم, بدافع من الشعور بالمسؤولية, والقناعة بأهمية استخدام هذه الوسيلة العصرية المتطورة ( الانترنيت) في خدمة معركة الكفاح ضد نظام العفالقة الهمج, مما ساهم عمليا, وتلك مأثرة تسجل في تاريخ من بادر, في رفع معدلات عدد من يستخدمون الانترنيت, بين صفوف العراقيين في الخارج, وبشكل يتصاعد يوما بعد أخر, وخاصة بعد سقوط صدام, وحيث باتت ترتفع حتى داخل العراق معدلات من يستخدمون هذه الوسيلة العصرية المتطورة, وشخصيا أتوقع أن عدد, من سوف يستخدمون الانترنيت, في حال عودة الأمن والاستقرار وتأمين عمل شبكات الاتصال والكهرباء ...الخ سوف يتجاوز بتقديري, أرقاما قياسية, تفوق جميع التوقعات, وذلك ارتباطا بانخفاض معدلات الأمية في العراق, بالمقارنة مع معظم الدول العربية.   

لماذا هذا الحديث عن الدخول العراقي لعالم الانترنيت وفي هذا الوقت بالذات؟!

نتيجة عوامل عديدة, لست راهنا, في معرض التوقف عندها بالتفصيل, معظم (ولا أقول جميع) المواقع العراقية على شبكة الانترنيت, وأتحدث عن المواقع العامة, وليس المواقع الشخصية, بما في ذلك, مواقع العديد من الأحزاب والقوى السياسية, يتولى إدارتها للأسف الشديد, من يفتقرون تماما إلى الحد من القدرة صحفيا, ولا يملكون من الخبرة في ميدان العمل الإعلامي, سوى أقل من القليل, وعمليا تكاد قدرتهم, لا تتعدى, عن إمكانية العمل فنيا على إدارة الموقع, من حيث تلقي المواد, وإعدادها فنيا ( فنيا وليس صحفيا) للنشر على صفحات الموقع, بغض النظر تماما, عما إذا كانت تستوفي شروط النشر, أو كانت تفتقر حتى إلى الحد الأدنى من شروط النشر!

هذا الواقع, الذي أكاد أن أقول, واقع شاذ, من بين أبرز أسبابه بتقديري,غلبة الدافع السياسي على الثقافي, وبالتالي الإعلامي, في الدخول عراقيا إلى عالم الانترنيت, وذلك حسب اعتقادي, معروف تماما, للكثير من المثقفين, ممن يحرصون على نشر نتاجاتهم على شبكة الانترنيت, من خلال صفحات هذا الموقع أو ذاك من المواقع العراقية.

السؤال: إذا كان من الصعب للغاية في البداية, وحيث كان الهم السياسي هو الأساس, ترى  لماذا تستمر هذه الحالة الشاذة, وبشكل خاص, تردي المستوى العام صحفيا, للمواقع العراقية على شبكة الانترنيت, بعد سقوط صدام وزيادة أعداد المثقفين العراقيين, ممن ينشرون نتاجاتهم في هذه المواقع, ومن بينهم عدد غير قليل, ممن يحترفون مهنة العمل الصحفي, وبالتالي تتوفر لديهم خبرة طويلة في ميدان العمل الإعلامي؟!

ومن جديد لا نملك سوى العودة للأخت ( للأسف الشديد) عند التأشير على حقيقة أن الغالبية العظمى من هولاء المثقفين, ولدواعي صحية أو الافتقار للخبرة الفنية ...الخ يفتقرون إلى روح المبادرة للقيام بدورهم المطلوب, سواء في نشر مواقع عامة, يتولون مباشرة, تحرير صفحاتها وإعداد موادها, وفقا لشروط وقواعد النشر المعروفة, أو  على الأقل تقديم العون اللازم صحفيا, للمواقع الموجودة راهنا, استجابة إلى إلحاح العديد من المشرفين على إدارة هذه المواقع, بطلب العون والمساعدة على هذا الصعيد, خاصة مع تصاعد النقد, وحتى الشكوى وبشكل متزايد, لما يجري نشره من المواد التي تفتقر حتى للحد الأدنى من الصلاحية, ولا تصلح حتى للنشر في باب بريد القراء!  

ما العمل؟!

من جهة هناك مواقع عامة, يشرف في الغالب على إدارتها,من يفتقرون لمتطلبات العمل الصحفي, ولا يملكون أساسا, من الخبرة في ميدان العمل الإعلامي, سوى أقل من القليل, ومعظمهم يعترف بذلك, ومن الجهة الأخرى, من يملكون القدرة صحافيا ويتوفر عندهم المناسب من الخبرة الإعلامية,في الوسط الثقافي, يفتقرون لروح المبادرة للقيام بدورهم المطلوب لتطوير الموجود راهنا من المواقع!

في الواقع هذا الرهط من المثقفين, دورهم في الغالب العام, لا يتعدى ما هو أكثر, من مجرد الاستفادة من صفحات هذه المواقع لنشر كتاباتهم, بغض النظر عن تحول العديد من هذه المواقع, إلى نشرات مدرسية, من حيث المستوى العام صحفيا, وبشكل أتوقع أن يؤدي تدريجيا, إلى عزوف المزيد من المثقفين, عن الاستمرار في نشر موادهم في هذه المواقع, والانتقال إلى المواقع العربية, المتطورة إعلاميا وفنيا, حتى وأن كانت في وجهتها العامة, لا تعبر ولا تجسد الوجع العراقي بالشكل الذي يغلب على المنشور من المواد في المواقع العراقية على شبكة الانترنيت.            

الجانب الثالث من صورة, هذا المأزق, الذي يواجه عمل معظم المواقع العامة العراقية, يتجسد بوجود أعداد متزايدة ومن مختلف الأعمار, تستهويهم مهنة ممارسة فعل الكتابة, على صفحات المواقع العامة العراقية على شبكة الانترنيت, للتعبير عن مواقفهم وقناعاتهم الفكرية والسياسية, بعد أن ظلوا يعانون الحرمان طويلا, نتيجة إرهاب وقمع نظام العفالقة, من حقهم المشروع والطبيعي, في التعبير بحرية عن مواقفهم بدون خوف أو تردد!** 

هذا العدد المتزايد ممن تستهويهم ممارسة فعل الكتابة, يمكن في حال التعامل مع موادهم, من قبل من يملكون الخبرة الصحفية, فرز ما هو مناسب فعلا للنشر, ووفقا للقواعد العامة والمعروفة على هذا الصعيد, حتى وأن اقتضى الأمر القيام بتصحيح هذه المواد لغويا وإملائيا ...الخ  وبحيث تتوفر بالتالي فرص واقعية, للكشف عن مواهب جديدة في ميدان الكتابة, تؤمن الحاجة الملحة, لرفد العمل الإعلامي. بالمزيد من الأقلام, التي يمكن  من خلال الممارسة والمتابعة, أن تتطور وبشكل يعزز من عمل المثقفين, المهم والضروري للغاية, على صعيد المساهمة في تحرير الوعي العام في العراق, من وساخات ثقافة القمع والاستبداد العفلقية, وتدعيم العمل من أجل إشاعة المفاهيم والقيم الديمقراطية في المجتمع.

و....ما تقدم يعكس بتقديري الخاص, وبتكثيف شديد, ما أعتقده بعضا من الجوانب الأساسية, للمأزق الذي يحاصر عمل معظم المواقع العامة العراقية على شبكة الانترنيت, وبالتالي يغدو من الطبيعي العودة للتساؤل من جديد: ما العمل؟!

بمعنى كيف السبيل للخروج من هذا المأزق, وقبل أن تسود المواقع العراقية, على صعيد المحتوى والوجهة العامة, عقلية القطيع ومنطق ( عبرت الشط علمودك) وأن كان بإخراج فني, لا تعوزه الجاذبية في بعض الأحيان؟!***     

سمير سالم داود 9  آذار 2005  

alhkeka@hotmail.com

 

* أدناه نص دعوتي الانترنيتية التي أعتقد هناك إمكانية واقعية ألان لترجمتها عمليا في حال وجود من هو جديرا حقا فكريا وعنده قدرة وحيل ومزاج لمتابعة التنفيذ, بعيدا عن إقحام العبد لله في هذا الأمر, خارج إطار الاستشارة فقط لا غير ! مشغل الشرق للثقافة الديمقراطية  

** هذا لا يشمل مطلقا, من كانوا يمارسون وبحماس التعبير عن مواقفهم, في ظل نظام العفالقة الهمج, أيام التصفيق لصدام سابقا واليوم لبوش! ولا من يمارسون الشخبطة بدافع من البحث عن الشهرة, دون توفر الموهبة والقدرة على الكتابة أساسا, وبهدف حشر أنفسهم بالقوة في الوسط الثقافي! 

*** لا بد من الاعتراف أن من بين الأسباب التي دعتني, للتعجيل بتناول هذا الموضوع, التخلص من الإحراج الشديد, نتيجة تزايد عدد الزملاء الذين يرسلون موادهم للنشر, في موقعي الخاص الحقيقة, على الرغم من معرفة العديد, منهم بظروفي الصحية, وعدم قدرتي حتى على ضمان نشر تعليقاتي وفي موقعي الخاص بانتظام! 

هامش : من الضروري التوضيح, أن العبد لله, يرتبط ولله الحمد بعلاقات وثيقة مع معظم أصحاب  المواقع العراقية المعادية للعفالقة الهمج, هذا على الرغم مما هو معروف, عن مدى بخل داعيكم على صعيد النشر, خارج إطار موقعه الخاص ( الحقيقة) , وصدقا ومن خلال التجربة, وهذا ما يلمسه العديد من الزملاء, أن أصحاب هذه المواقع, وفي إطار المراسلات الخاصة معهم, يتقبلون وبمنتهى الود والتواضع الملاحظات والانتقادات, بما في ذلك الحادة أحيانا, سواء تلك التي تتعلق بحدوث بعض الخلل على صعيد وجهة مواقعهم العامة, أو على صعيد ما ينشر أحينا من السخافات, على صفحات هذه المواقع, وبحيث كثيرا ما يجري, وبعد الملاحظة, حذف هذه المادة أو تلك, ولكن دون تقديم ما يفيد من الإيضاح للمتلقي!