إيده نظيفة ومو عضو متقدم ......يعني شنو ؟!

 

من جديد يعود السؤال : لماذا تم حل الجيش العراقي بعد سقوط صدام, دون أن يشارك هذا الجيش في مقاومة الهجوم الأمريكي والبريطاني, حتى ولو  بمستوى مقاومة فرقة للكشافة في مدرسة ابتدائية ؟!

كان من السهل للغاية,وبالاعتماد على العدد الكبير, من الكوادر العسكرية, التي انشقت عن النظام, ومن مختلف الصنوف, ممارسة المطلوب من الدور في مواقع القيادة الميدانية وفي المختلف من المرافق العسكرية, وبما يكفل عمليا، الاستفادة والى أبعد الحدود، من دور الجيش تحديدا في ضمان الأمن والاستقرار في عراق ما بعد صدام العفالقة، أقصد كان من الممكن تماما وعمليا ومن خلال زج عشرة من الضباط الذين انشقوا عن النظام في أي وحدة عسكرية,  كفيل بدوام عمل الجيش كالمعتاد, وبالاستناد على نظام الطاعة الحديدي بين المراتب, السائد في الجيش العراقي, وسواه من الجيوش في الشرق الأوسط وأنحاء عديدة أخرى من العالم, كما أن ذلك, ومن خلال العمل الميداني, كان سيضمن توفير فرصة حقيقية وواقعية, للمباشرة وتدريجيا بالعمل على تطهير صفوف الجيش من الضباط والمراتب الذين تلطخت أياديهم بدماء العراقيين!    

لماذا إذن تم حل الجيش؟!

هذا سؤال لا يتعلق صدقوني ومن حيث الأساس, بمناقشة ما مضى, وإنما بآلاتي راهنا وفي المنظور من المستقبل, وذلك ارتباطا بدعوة وزارة دفاع شعلان, الضباط العراقيين من  رتبة مقدم واقل  للعودة إلى الجيش بشرط أن لا تكون أياديهم ملطخة بدماء العراقيين, ومن ضمنهم أيضا أعضاء في الحرس الجمهوري السابق شريطة أن لا يكون عضوا متقدما في حزب البعث العراقي!*

ترى كيف يمكن ترجمة هذه الدعوة عمليا أو دعونا نتساءل وبالعراقي الفصيح: يعني شنو؟!

بعيدا عن مناقشة خلفيات صدور مثل هذه الدعوة, وبالتحديد, بعد اللقاءات المكثفة التي جرت في عمان بين علاوي وشعلان مع الكثير من حثالات صدام وقيادته السياسية والعسكرية, وبعيدا عن مناقشة دوافع إصدار هذه الدعوة ومباشرة بعد نجاح انقلاب صناديق الاقتراع    الديمقراطي, في فرض معادلات جديدة على صعيد موازين القوى سياسيا في عراق ما بعد صدام, داعيكم حاول جاهدا وعصر ما تبقى من مخه, بدل المرة عشرين, في سبيل أن يفتهم, شنو القضية, بمعنى هل هناك بالفعل وحقا يوجد بين ضباط جيش صدام العقائدي, من نجح في أن تظل ( إيده) نظيفة, ولم تتلطخ يداه بالدماء، دماء العراقيين؟!

هل ترى أن مهمة هولاء الضباط, وطوال سنوات عملهم في جيش العفالقة, كانت لا تتعدى ما هو أكثر من ممارسة صيد السمك, ولعب الجعاب ومتابعة برامج الهجع والمجع...الخ باعتبار أن معسكراتهم كانت تتوزع على الساحل السويسري أو الفرنسي, وليس في العراق, وفي ظل نظام همجي يقوده سفاح كان لا يرتوي من دماء ضحايا حروبه العدوانية ضد الشعوب المجاورة, وإنما كان يقود جيشه العقائدي من حرب إلى أخرى ضد الشعب الكوردي وشيعة علي وكل من كانوا في موقع الضحية في ظل نظام العفالقة الهمج.

دعونا نفترض , مجرد افتراض, أن هناك ضباط لم تتلطخ أياديهم مباشرة بدماء العراقيين, ترى هل من المعقول أو المنطقي, عدم وجود ولو حالة هروب واحدة, بين صفوف جنود الوحدات العسكرية, التي كان يقودها هولاء الضباط ؟!

هل ترى أن هولاء الضباط المطلوب اليوم, أن نتقشمر بأن  أياديهم لم تتلطخ بدماء العراقيين, تجاهلوا إصدار أوامر إعدام جنودهم, ممن هربوا  من الجيش, تعبيرا عن  رفضهم المشاركة في حروب صدام العدوانية خارج حدود العراق, وحروب الإبادة داخل حدود العراق؟! 

ومع ذلك, دعونا نواصل لعبة الافتراض حتى النهاية, ونفترض وجود مثل هولاء الضباط ,الذين لم يشاركوا, في قتل الضحايا الأبرياء, سواء خلال اجتياح إيران أو الكويت, ولا حتى في حروب الإبادة ضد العراقيين, كما لم يشاركوا, في إصدار أوامر إعدام, رافضي الحرب من جنود وحداتهم العسكرية, ترى كيف يمكن التحقق, من أن هولاء الضباط المطلوب اليوم, أن نتقشمر بأن  أياديهم لم تتلطخ بدماء العراقيين, خلال سنوات خدمتهم في جيش صدام العقائدي, ظلت أياديهم نظيفة ولم تتلطخ بدماء العراقيين, حتى بعد سقوط صدام؟!

من جديد لا نملك سوى الافتراض, أن هولاء الضباط, الذي تربوا زين على الوداعة والحب في جيش السفاح صدام، وبحكم ما اكتسبوه من الوعي الحضاري ومو شلون ما جان, خلال سنوات خدمتهم الطويلة في تنفيذ تعليمات قائدهم الهمام العقائدي، تعاملوا بروح رياضية أو لوبرالية مع قرار حرمانهم وبجرة قلم. من امتيازاتهم ومصدر رزقهم ونفوذهم...و...لكن؟!

هذا الافتراض, يتطلب أن نمارس الضحك على ما تبقى من المخ في عقولنا, وبحيث نصدق ونقتنع أن جميع العمليات الإجرامية للعصابات الإرهابية, التي حصدت ولا تزال, أرواح عشرات الألوف من الضحايا, هي من فعل أبو رجل المكطوعة الزرقاوي, وجم واحد مخربط من المطايا المجاهرين بالقتل , وبالتالي هولاء الضباط المطلوب اليوم, أن نتقشمر, بأن  أياديهم لم تتلطخ بدماء العراقيين, لم يشاركوا لا من قريب ولا من بعيد, في عمليات القتل والتخريب , وعلى العكس من ذلك, هولاء الضباط  (عندهم يا بعد جبدي) موكف سلبي من المكاومة, لا يختلف  عن موكف هيئة الضاري للقتل والتخريب, هذه الأيام, بعد أن تحقق أو كاد, المطلوب من مكاومتهم الإجرامية, وحان أوان حصد المكاسب والمغانم السياسية, بدعم صاحب الأمر المطاع, ممن يشتمونه في العلن, وفي السر, لا يعرفون غير استقباله بالصمت المطبق, والمفتوح من اليسقان والأحضان, وإذا اقتضى الأمر, استداروا , وهم يرفعون الثياب عن مؤخراتهم العارية!                 

و.......رغم كل ذلك, دعونا وكما يريد فرسان وفاق البعث الأمريكي, أن نقشمر عقولنا جماعيا, بوجود مثل هولاء الضباط فعلا وحقا, ترى ما هي الضمانة لعودة هولاء الضباط فقط لا غير (على افتراض وجودهم!) دون سواهم ممن تلطخت أياديهم بدماء العراقيين، سواء في ظل نظام العفالقة الهمج أو بعد سقوط الزفر صدام ؟! 

ترى من يملك صلاحية, اتخاذ القرار,حول أن المقدم فلان الفلاني, وطوال سنوات خدمته في صفوف جيش صدام العفلقي, وبعد سقوط صدام, نجح وبالدليل القاطع والبرهان الساطع على أن تظل ( إيده) نظيفة من دماء العراقيين؟!

ما هو قوم هذه اللجنة, التي تملك مثل هذه الصلاحية الخطيرة في اتخاذ القرار, حول عودة الضباط العراقيين, من  رتبة مقدم واقل, إلى الجيش بشرط أن لا تكون أياديهم ملطخة بدماء العراقيين؟! ما هي خلفيات أعضاء هذه اللجنة سياسيا؟! باعتبار أن هذه القضية,  قضية سياسية أولا وأخيرا, ولا تتعلق قطعا, باتخاذ القرار بصدد مخالفات تتعارض مع  قواعد وشروط العمل في الجيش, وبحيث يجري حسمها في أروقة وزارة الدفاع, هذا حتى لو كان وزير الدفاع, مو الافندي شعلان, وإنما شخص أخر لم يكن في يوم من الأيام, من عفالقة صدام ولا هو اليوم من عفالقة ماما أمريكا!

باختصار شديد, هناك اختلاف كبير وجذري, بين العمل من أجل تطهير الجيش, من الضباط الذين أياديهم ملطخة بدماء العراقيين, دون حل الجيش,  وبين حل الجيش ومن ثم دعوة الضباط العراقيين من  رتبة مقدم واقل  للعودة إلى الجيش بشرط أن لا تكون أياديهم ملطخة بدماء العراقيين!

هل هناك حقا بعد قرار حل الجيش, يوجد ضباط, وبالتحديد ممن ينحدرون من المناطق التي تعد بمثابة قلاع تقليدية للعفالقة, ممن لم يتعاونوا بهذا القدر أو ذاك, مع القوى الإرهابية على تنفيذ جرائمهم البشعة ومنذ سقوط سيدهم صدام؟!

ترى ما هي الضمانات, التي تحول دون قيام هولاء الضباط, بالعمل المشترك على تدعيم تنظيماتهم السرية, وتوسيع نطاقها, بما يساعدهم في ظروف مناسبة, على الوثوب إلى السلطة من جديد, أو على الأقل في البداية, تنظيم عمليات الاغتيالات ضد قيادات وكوادر القوى والأحزاب, التي تعارض مشروعهم السياسي, وهذا بتقديري ما سيجري اعتماده, كلما تراجع حجم ونطاق عمليات المطايا المجاهرين بالقتل؟!  

بالعراقي الفصيح: طالما أن القضية, من حيث الأساس والجوهر, قضية سياسية, يغدو من المفروض ومنطقيا, مناقشة هذا الموضوع أولا, من قبل الذين جرى انتخابهم من العراقيين ديمقراطيا,  عند مناقشة وتحديد الأسس والضوابط الواجب اعتمادها, في إعادة بناء الجيش وسائر المؤسسات العسكرية الأخرى, وبالشكل الذي يضمن عمليا تدعيم التحول الديمقراطي في المجتمع من جهة, ويكفل من جهة أخرى, القضاء ونهائيا, على النزوع للانقلاب داخل الجيش, بهدف العودة من جديد إلى حكم العفالقة الأنجاس, بالاستناد إلى البيان رقم واحد المدعوم بعدد من الدبابات وجم مخربط, لا يعرفون حتى تشطيف مؤخراتهم مثل البشر!  

و.......يظل السؤال كما كان ومنذ البداية, لماذا جرى حل الجيش, ولماذا يجري اليوم العمل على دعوة ضباطه للعودة للعمل بمن فيهم ضباط حرس صدام الجمهوري؟! هل كان هناك من يجهل أن قرار حل الجيش, سوف يلحق فادح الضرر اقتصاديا, بالعسكريين وعوائلهم, يعني عمليا يمس وعلى نحو سلبي حياة الملايين من الناس, أو ما يقرب عمليا, من ربع عدد العراقيين ؟! هل ترى كان المطلوب توفير الأرضية المناسبة لفقدان الأمن والاستقرار في عراق ما بعد صدام؟! وهل هناك اليوم, من بمقدوره أن يجادل أو ينفي, أن غياب الأمن والاستقرار بالذات وبالتحديد, جعل من الوجود الأمريكي, قرض فرض لازم عين, وعلى الجميع القبول بهذا الوجود إلى أن يعود الأمن والاستقرار إلى العراق من جديد؟!      

تساؤلات لا تحتاج عناء التفكير طويلا, بحثا عن المناسب من الردود, لان جميع الذين ناضلوا وشاركوا في الكفاح ضد نظام العفالقة, جميع الحالمين بعراق ديمقراطي فيدرالي بلا عفالقة ولا احتلال, يعرفون تماما الجواب, وما عداهم وبالذات وبالتحديد عفالقة ماما أمريكا, يتجنبون مناقشة مثل هذه التساؤلات العويصة, تاركين هذه المهمة, للفرسان من اللوبراليون, ممن يتسابقون على عرض جماليات فكرهم اللوبرالي, للتأكيد وبمنتهى الحماس, على أن مامتهم أمريكا, صارت شكل تاني, وفي الواقع, صارت ناعمة وطرية مثل نوال الزعبي, على صعيد هز الجتف والأرداف, و.....المطلوب بالتالي أن نردد معا : ولك هلو بوبي, ومن ثم وبعد ذلك, نغني الله يخللي الريس... الله يطول عمره، والمقصود طبعا بوش, مو (فارع الطول صدام) على حد تعبير واحد حشه كدركم لوبرالي ومو شلون ما جان وبالحرف الواحد! 

سمير سالم داود 12 شباط 2005

 * سالفة إعادة الضباط ممن كانوا في الحرس الجمهوري السابق شريطة أن لا يكونوا أعضاء متقدمين في حزب البعث العراقي, سالفة لا تستحق حتى النقاش, باعتباره ضربا من الكفر, لان جميع العراقيين, يعرفون تماما, أن حرس صدام الجمهوري, كان جيشا خاصا بالنخبة من العسكريين, ولا يضم في صفوفه في الغالب العام, سوى أبناء عشيرة صدام  وسواها من العشائر المجاورة, ممن جرى اختيارهم وبمنتهى العناية, بما يضمن ليس فقط الاستعداد للدفاع عن صدام وحكم العشيرة, وإنما اعتماد منتهى أساليب القسوة والهمجية, ضد كل من يهدد النظام العفلقي بالخطر, يعني باختصار شديد, جميع مراتب حرس صدام الجمهوري, سواء كانوا في موقع القائد أو المراسل, كانوا الأساس والقوة الضاربة التي يعتمد عليها نظام صدام لفرض وجوده بالقوة على العراقيين, وهذا ما كانت ماما أمريكا تعرفه سلفا من خلال علاوي وغيره, لذلك عملت كل ما في وسعها, على كسب ولاء عدد من قيادات هذه النخبة بالتحديد, قبل المباشرة في الهجوم, ومن ثم مباشرة بعد التقدم صوب بغداد.